|
منتدى الشعر والخواطر بالفصيح يمنع نشر ماليس فصيحا هنا |
|
أدوات الموضوع |
31-08-2007, 02:36 PM | رقم المشاركة : 1 | ||
|
هكذا أبكي على الأدب .. على طلل لا أحسبه هوى !
مَه يَا ابْنَ أُمْ....
هكذَا أقولهَا وأنفثها بَوحاً من شَجى, حينَ أرَى الأدبَ قَد لبِس غَيرَ حلّتهِ واتْشَحَ بوشاحٍ غير وشَاحهِ وحادَ عن الطريقِ السويِ والنهجِ القَويم. هكذا أُخَاطِبُهُ وكأنَّنَا رضعنَا سويَّاً وسلكنَا فِجَاجَ الحياةِ عشّاقاً لا تنفَّكُّ عنا الصحبةُ ولو حلَّ الجفاءُ, فإنهَا بُرهةٌ أو هنيهة ونَعودُ كما كنَّا, تلوحُ لنا هيعَةُ العتابِ فنرمقهَا ضاحكِينَ سَاخرِين كأَنما نسخرُ من عاشقٍ هوَى أو مولهٍ ذَوَى. لكن, لا ينفَك العتابُ ولو كَانَ مُوغِلاً في الغلظةِ حينَ أرى الأدبَ قد استكانَ وخَضَع, ولانَ وهجعَ, وتنكَّبَ الجادةَ وحدَىَ به القاصِرُ عن لجَّتهِ لهوةٍ سحيقةٍ نَكادُ معها نفقدُ هَويةً طالمَا كنَّا بها ولم نكنْ بغيرِها....فعندَ ذلكَ نقولُ لهُ مهْ يا ابنَ أُمْ...ما هكَذا الموردُ والمشرب!! من بعد صبابةِ التروِي في المكتوبِ, إلى هُيامِ التعجُّلِ في المنشُورِِ, سَفَاسِفٌ قد هَوت على مَرسَى الأصَالةِ, وهمهماتُ قد أطلَّت برأسِها في دُنيا البديعِ اللفظِي والجزالةِ المرْويةِ, والعقلاءُ بينَ ذلكَ إمَّا مُتفرجٌ مهزُوم العزيمةِ, أو مُتنزِّهٌ قد أغرَتهُ الرذيلةُ حتَى رآهَا شَهوةً لم تعُد تُغَالب, ونزوةٌ لم يَعُد من المقدورِ كبحُ جماحهَا, بل هي هي الفَنُ.....فرحِمَ اللهُ الأدبَ...!! غدت سَاحةُ الأدبِ في عصرِ الحداثةِ باحةً لليلةِ أهوجٍ, أو سذاجةِ صغِيرِ عقلٍ قد دغدغهُ السّفهُ والبَلهُ, وجرَّهُ العقلُ الصَادِي للإبحَارِ في مستنقعِ الركاكةِ في المعنى والفقرِ في المحتوى, وغَدا الحب الفَاجِر العَاهرُ هو الشمَّاعةُ اللمَّاعةُ التي إنْ أردتَ أنْ يُرفعُ لكَ شَأنٌ أو تُبرَّزُ لك أشباحُ ما كتبتَ فكُنْهُ ولا تَكُن غيرهُ, وصِرهُ ولا تَكن غيرَ شخصهِ, هكذا يمضِي الأدبُ دونَ وجهةٍ لهَا قرَار, فلا أرضَ معشِبةَ, ولا شَجرةً مورقةً, بل مفازة مُقفِرة وأراضيٍ جُرد تستحيل الحياةُ فيها لموتٍ مُشاهدٍ بالعيانِ, والعُقلاءُ لا حُلَّ ولا عَقْدَ....!! ها نحنُ قد صرنَا لحالٍ يُرثَى لهُ, وصورةٍ توشَحَت بلبوسٍ غير لبوسِهَا, ومنظرُ شبحٍ قد حلَّ بالدارِ, واستحلَّ مَا هو حرامٌ عَليهِ, حلالٌ عَلى الأصالةِ الأدبيّةِ, حتَى صَعُبَ علينا أنْ نُفَرِّقَ بين اليقظَةِ والهَبَّةِ, وأضحَى جمالُ الأدبِ طَللاً بَالياً, وأثَراً بعدَ عينٍ, وداراَ شاهِدُ البلاءِ منْهَا ينْطِقُ ببؤسِ الحالِ, وشقاءِ المأوَى. كم هو جميلٌ ذلك المَاضِي...ما بينَ ترانيمِ الهَوى العذبِ إلى صبابةِ عشَّاقِ التاريخِ الخالدِ إلى حِكْمةِ الدهرِ السيَّارةِ, إلى نغماتِ الفضِيلةِ المنثورةِ....وهكَذا مابينَ منادمات الأدباءِ في المجالسِ وحتَى الترنمُ بالهوى على الأطلالِ, كلُ ذلكَ والكلمةُ عذبةٌ صادقةٌ, والمعْنَى من القوةِ في المضمونِ والمحتَوى بحيثً تسحركَ ولا تدرِي وتجرّكَ للتذوقِ وأنتَ لا تعْلم, تخرجُ بعد هذا وقد ازددتَ ولم تخسَر, وربِحتَ ولم تضْجر, ولو كان الزمانُ لا يعاقبُ من يعيشُ في كنفهِ, لما قَدِرتَ علَى أن تُفارقَ ذلك الماضِي الذِي ما تركَ شيئَا حتى وصفهُ وتغنَّى بهِ, ولم تَكُن لتقدرَ على أنْ تطويَ صفحتهُ ولا أنْ تغلِقَ بابهُ, بل تتنقلُ من تجارةِ المعْنى إلى جزالةِ اللفظِ إلى جميلِ النثرِ إلى سِعةِ الصُورةِ إلى قوةِ البيانِ إلى دُررٍ تخَالُهَا الجُمانُ حين يبهِرُ, واللؤلؤ حين يُجهرُ, وما أنْ أذكرَ ذلك الماضِي التليدَ بأدَبِهِ العتيدِ, بنثرهِ وشعرهِ, ومطبوعهِ ومصْنوعِهِ, ومحاوراتهِ ومفاخراتهِ, ومساجلاتهِ وتشبِيهاتهِ وتوْصيفاتهِ البَارِعةِ, وجزلهِ القويْمِ ورقيقِهِ البارع وهزلِهِ المطرب الذِي ينثالُ من بَينِ كتبِ القدمَاءِ حتَى أُطلقَ زفرةً تتبعُهَا آهاتٌ وأنَّات يكادُ صدرِي لحُرقتهَا يذوب كمداً, ولو كانَ حاضر الأدبِ يستلهِمُ من مَاضِيةِ مددهُ, لكانَ فتياً لاينكشُّ غِمَارهُ, ولا يَنْهَنِهُ تيَّارَهُ, ولا يَنْضَبُ مَعِينَهُ, و لأضحَى مَحطَّةَ استجمامٍ للخاطرِ المكدودِ, وأنفَى للكَللِ, وأبعدَ عن المللِ ولعشنَا منِ لذاذةِ الإمتَاعِ والصَبابةِ في الأدبِ مَا يُؤنِقُ القلوبَ والأسْماعَ, وما هُو طرياً يستساغُ ولا يُمجُ, ويستطابُ ولا يُعابُ, مسْتَعْذِبيْنَ فِيه التَعبَ, وهمْ في ذلكَ كُلِّه (أعْنِي القُدَمَاء) يسْتَقُونَ منَ القُرْءانِ والسُنةِ النبويةِ موردَ الصفاءِ ومنبعَ الأدبِ بِضَاعَتَهم البرَّاقة, ومادَّةَ أقْوالِهِمُ الفَصِيحَة التي تَمتزجُ بالنفسِ لطافةً, وبالهَواءِ رقةً, وبالمَاءِ عذوبَةً, لكِن ما الحيْلة فِي مانَحْنُ فِيهِ والقومُ غيرَ القومِ, والزمَان غيْرَ الزمان...!! وكيْفَ لا يرثُ الجَهَالةَ جاهلٌ, وكيفَ لا نَرى المُسُوخَ قد تَولَّت كِبَرَ الضَرْبِ بِيَدِ البُهْتَانِ والإفتِئَاتِ على صَفَحاتِ الأدبِ الأصيلِ وقَدْ ضَعُفُ الوعيُ والذائقةُ, والتعليمُ والتَلقي....والأخذُ والعَطَاء... وأصْبَحَ رجالُ زَمَانِنَا أو أشْبَاهُ الرجَالِ فينَا هم للتَجَانفِ عمَّا يَسُوؤهم أبعدُ حظاً وأجهلُ حالاً, وأقربُ لبَرِيقِ الشُهرةِ خُطوةً, متَجَرِّدينَ من مَعَاني الأمانةِ والهِمَّةِ والمُهِمَّةِ.... ! في الزَمانِ الغَابرِ, والمَاضِي التليدِ, كانَ الأُدَبَاءُ هم أهلُ الرَأيِ والحِكْمَةِ والمشُورةِ, بل أرْبَابُ الفَضِيلةِ الذين يُقَالُ فيُسْمَعُ لقَولِهِم, ما أنْ تندثِرُ فضيلةٌ حتَّى يُحْيُوهَا وينفُخُوا فيهَا الرُوحَ لتعودَ غضَّةً فتيةً...والآن أصْبَح المُفْلسونَ منَ الأدبِ سِوى بعضُ المهرجِينَ من مُرتَزِقي الكتَابةِ الذيْنَ أصبحَ ضَجِيْجُهم يَعلو فَوْقَ قَدْرِهِم, ونَظَرَاتُهُم لا تتعدَّى أرنبةَ أنُوفِهِم, دُخَلاءَ علَى الأدبِ وأهْلِهِ, وأصبَحَ من يتحدثُ هو الفِكْرَةُ الساذجةُ والهمةُ الباليةُ, همهُم في ذلك كلِّهِ كسْرُ الأدبِ والنزولُ به منزلةً لا ترقى بِفكرٍ, ولا تنتفضُ لمروءةٍ ولا تحيِي ما اندثر من معانيٍ سامقةٍ, وفرائدَ بهِيَّةِ الصورةِ والمعنى في ديباجةٍ جذَّابةٍ, ومسْلكٍ نقيٍ....تنظرُ فلا تجدُ اللفظَ الشريفَ ولا المعَنى اللطيفَ ولا الفِكرةَ الحسنةَ ولا حسنَ المقْصِدِ !! هكذا أبكِي عندما تنفصِمُ عروةُ الأدبِ عن محتواهِ ومُرادِهِ, ويصبح أهله تبعاً ناعقاٍ لما هو غرِيبٌ على الأدبِ وفصلِهِ, وعندما أراه كحاطِبِ ليلٍ يجمعُ نبعاً وقتاداً, وكجارفِ السيلِ يجمعُ منافعَ وأزْبَادَاً كما قال الأولون....!! لكِن ما يجعلُ من وجُود ِالأصالةِ الأدبِيَّة المصبوغَةِ بِصِبغةِ الماضِي حقيقةً قائمةَ الأركانِ على قدمٍ وساقٍ, هو أنَّ هناكَ مدداً منَ الأقلام ترفضُ الفصامَ الشاذ عن المورِدِ العَذبِ والمُسْتسقى الهنِيّ, ولا زالت تِلكَ الأقلام تقتبِسُ من ضوءِ الأصالةِ معِينَاً ومنهجَاً يجلو معرَّةَ اللُكنِ ويمحُو لحنَ الألسُنِ ويكفينَا غوائلَ التبعيَّةِ التي ما فتئتْ تزلزِلُ رُكنَ الأدبِ وعامودِه....! ولا زالت تلكَ الأقْلام تستمطِرُ من نوءِ الفضِيلةِ ما يُبصِّرنا الطريقَ في نفقِ الحداثةِ المُظلمِ, ويجلو ما علقَ من عوالقِ الشذوذِ بأذهانِ المنتمينَ للأدب ليتتلمذوا على يدِ مدرسةِ الماضِي والذين يمشُجونَه بالحاضِرِ دون أن يكُون هناك تلكؤٌ أومماحكة تبطل مفعولَه........! هكَذَا أبْكِي عَلى الأدَبِ......عَلَى طَللٍ لا أحْسَبُهُ هَوَى...! |
||
06-09-2007, 04:57 AM | رقم المشاركة : 2 | ||
|
رد: هكذا أبكي على الأدب .. على طلل لا أحسبه هوى !
هكذا أبكِي عندما تنفصِمُ عروةُ الأدبِ عن محتواهِ ومُرادِهِ, ويصبح أهله تبعاً ناعقاٍ لما هو غرِيبٌ على الأدبِ وفصلِهِ, وعندما أراه كحاطِبِ ليلٍ يجمعُ نبعاً وقتاداً, وكجارفِ السيلِ يجمعُ منافعَ وأزْبَادَاً كما قال الأولون....!! |
||
03-10-2007, 11:11 AM | رقم المشاركة : 3 | ||
|
رد على: هكذا أبكي على الأدب .. على طلل لا أحسبه هوى !
سلمتِ يالخنساء ,, |
||
27-10-2007, 12:40 PM | رقم المشاركة : 4 | ||
|
رد: هكذا أبكي على الأدب .. على طلل لا أحسبه هوى !
موضوع رااائع |
||
04-11-2007, 12:44 AM | رقم المشاركة : 5 | ||
|
رد على: هكذا أبكي على الأدب .. على طلل لا أحسبه هوى !
دنيا دانية ,, |
||
30-11-2010, 08:32 PM | رقم المشاركة : 6 | ||
|
بارك الله فيك |
||
30-11-2010, 08:56 PM | رقم المشاركة : 7 | ||
|
شكرا لك |
||
04-12-2010, 12:12 PM | رقم المشاركة : 8 | ||
|
لك الشكر |
||
04-12-2010, 12:48 PM | رقم المشاركة : 9 | ||
|
مشكور |
||
05-12-2010, 10:11 AM | رقم المشاركة : 10 | ||
|
بارك الله فيك |
||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
هكذا علمتني الحياة | الخيالة | المواضيع العامة | 15 | 16-12-2010 06:50 AM |