02-05-2009, 02:24 PM | رقم المشاركة : 1 | ||
|
أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
هذي روايه جميله جدا ً سأضعها كامله عساها تنال على رضاكم |
||
02-05-2009, 02:26 PM | رقم المشاركة : 2 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
الجزء الثانــي خرجت ياسمين مسرعة واختفت بين المباني في شوارع طبريا ...واكثر ما لفت انتباه فارس انها تسير بين الناس دون ان يكترث بها احد ، بالرغم من ملابسها الغريبة والخمار الملفت للانتباه ,فنادرا ما يرى في شوارع طبريا التي معظم سكانها من اليهود هذا اللباس الغريب ... مرت دقائق وساعات ولم تعد المرأة الغامضة وفارس ما زال ينتظر وقد جن جنونه وخرج من السيارة واخذ يبحث عنها في الشوارع حتى وصل الى احد الشوارع وكانت بجانبه مقبرة فقال في نفسه : مثل هذه المجنونة الغريبة ليس من المستبعد ان تكون في هذه المقبرة .. فقرر فارس ان يدخل المقبرة بعد ان تغلب على خوفه ، فدخل وبدأ يسير بين القبور حتى راى قبرا قديما كأنه نفس القبر الذي راه في الصحراء ... دفع الفضول فارس للاقتراب من القبر واخذ يزيل الغبار الذي تراكم عليه منذ زمن لعله يقرأ اسم صاحب القبر. وقد كتب (1790) دفن هنا ابن "........"والكلمات الاخرى قد مسحت مع الوقت وفي وسط القبر كتب بلغة عربية منقوشة على الحجر: يا زائري لا تخف وانت تنظر قبري يا زائري انا قدرك وانت قدري يا زائري انا منك وانت مني يا زائري احفر التراب ولا تتركني لوحدي يا زائري اغلق قبرك يفتح قبري يا زائري افتح القبر فانت مخلصي وما ان قرأ فارس هذه الكلمات حتى سقطت دموعه واصابته حالة من الهستيريا وبدأ برفع بلاطة القبر بكلتا يديه ...ويحاول ولكن دون جدوى ، فوزن البلاطة كان اثقل من ان يستطيع رفعها لوحده واستمر فارس في المحاولة حتى خارت قواه ودب اليأس في قلبه واخذ يدور حول "القبر" لعله يجد طريقة ما لفتح القبر ، وايقن انه بيديه المجردتين لن يستطيع فتحه وقرر فارس ان يذهب ويحضر المعدات الازمة لذلك من فأس وشواكيش ...الخ ..وعاد الى سيارته بعد ان اصبح مغطى بالتراب من رأسه الى اخمص قدميه وتحرك للبحث عن دكان لشراء المعدات اللازمة ...ولكنه لم يجد أي مكان مفتوح يستطيع من خلاله شراء المعدات اللازمة وعليه قرر ان يذهب الى مدينة مجاورة لطبريا لشراء المعدات ولم يكن فارس ليستطيع ان يفكر باي شيء الا كيف يستطيع ان يفتح القبر ويرى ما بداخله واحساس قوي جدا يسيطر عليه ان داخل هذا القبر شيء يعرفه او ان داخل هذا القبر قصة غريبة ...كانت السيارة تسير بسرعة جنونية وهو يشعر انها لا تتحرك للوصول الى اقرب مكان يستطيع شراء فأس منه ، ولكن الطريق بعيدة ، وصبر فارس بدأ ينفد ، ولمعت في راس فارس فكرة ادخلت السرور الى قلبه وفارس لا يعجز عن حل مشكله ...ادار السيارة وتوجه الى الورش القريبة من الشارع ونادى على العامل الذي يقوم بحراسة الورش وطلب منه فاسا وطورية ، ولكن العامل ارتاب في امر فارس وخاصة ان الليل قد حل دون ان يدرك فارس ذلك واخذ العامل يسال فارس. - شو بدك في الطورية في هالليل ؟ - قال فارس : شو الغريب في الموضوع ؟ - قال الحارس : لا بأس واحد مثلك كلو غبار وتراب وراكب مرسيدس وجاي في هالليل يطلب طورية وفاس يعني مش اشي غريب ....؟! - فقال فارس وهو يضحك : اسمع انا قتلت واحد وبدي اروح ادفنوا خذ (200) شيكل واعطيني اللي طلبتوا وخليني اتسهل . - فضحك الحارس أيضا وقال : لا شكلك قاتل عشرة مش واحد . - فقال فارس : يا عمي انت عامل فيها قصة بدك تبيعني فأس وطورية واذا ما بدك خلصني. - فقال الحارس : اسمع يا حبيبي لا انا عامل فيها قصة ولا بدي اعمل قصة العدة مش الي هذه لصاحب العمار روح اطلبها منو وسيبني بحالي . - نظر فارس الى الحارس نظرة اشمئزاز وسار عدة امتار باتجاه السيارة ولكنه عاد الى الحارس وقال له : شو اسمك انت ؟ - فقال الحارس : شو بدك في اسمي ؟؟ - فقال فارس : شو خايف تقوللي اسمك ؟ - فقال : اسمي محمد ... - فقال فارس : اسمع يا محمد انت باين عليك زلمة محترم وانا بدي اقلك الصحيح :انا رايح أطول كنز مدفون قريب من هون اذا بتيجي تساعدني بعطيك ربع الكنز . - فقال الحارس : شو انت بتتهبل علّي ؟ - فقال فارس : يا محمد على الحساب ما انت ذكي..يعني واحد مثلي راكب مرسيدس شو بدوا في الفأس والطورية الا علشان (الكنوز ) المدفونة ، وعلى فكرة حتى السيارة هاي انا اشتريتها من ورا الكنوز اللي بطولها في الليل ومبين انو انت كمان طاقة الفرج انفتحت لك...بدك تيجي معي ولأ اروح اشوف واحد غيرك. وادار فارس ظهره للحارس وسار ذاهبا الا ان الحارس لحق به وقال له : ساحضر معك ولكن تعطيني نصف الكنز ... ابتسم فارس وقال له : لا يا حبيبي بس الربع ...واذا انت مش حابب بشوف غيرك . وافق الحارس حتى لا يضيع فرصة العمر وعاد الى الورشة واحضر معدات كثيرة وضعها في السيارة واخذ عهدا من فارس ان لا يغدر به بعد اخراج الكنز . سارت السيارة حتى وصلت الى جانب المقبرة واخذ فارس يتحين الفرصة المناسبة حتى يدخل المقبرة دون ان يراه احد ، وقفز فارس والحارس مع المعدات الى داخل المقبرة وكان باديا على وجه الحارس الخوف من رهبة المكان ولكن حلمه في الكنز المنتظر كان اقوى من الخوف واخذ فارس يسير وخلفه يسير الحارس بين القبور يبحثان عن القبر الغريب ولم يكن من السهل ايجاد القبر في عتمة الليل وخاصة ان القبر قديم، وعن بعد استطاع ان يجد القبر من بين عشرات القبور المحيطة به وسار باتجاه القبر لكن الحارس لم يتحرك من مكانه .. - التفت فارس الى الحارس وقال له : هيا يا محمد تحرك يا حبيبي وتعال نفتح القبر ونطلع الكنز ، بلكي ربنا فتحها عليك مثل ما هو فاتحها عليّ . ولكن الحارس لم يتكلم كلمة واحدة ولم يتحرك من مكانه واستمر فارس في حديثه وقد وجدها فرصة للانتقام واشفاء غليله من الحارس وما فعله به . وقال له : يالله يا محمد ليش خايف هو انت لسه شفت اشي من اللي انا شفتوا ، ما انا قلتلك اعطني الفاس والطورية وما تعملهاش قصة بس انت باين امك داعيالك ... ورمق الحارس فارس بنظرة مرعوبة والقى بالعدة التي يحملها على الارض وقال :مبروك عليك الفأس ومبروك عليك الطورية والكنز.. وكمان ما بدي توصلني انا وراي أولاد وبدي اعيشهم . واخذ الحارس يركض هاربا مرعوبا ورغم عتمة الليل الموحشة ورائحة الموت المنتشرة بين القبور ورهبة المكان اخذ فارس يضحك من تصرفات الحارس ضحكة خرجت من اعماق نفسه وما ان تلاشى صداها في سكون الليل بين الاموات ، حتى عاد الخوف والذعر الى قلبه بعد ان وجد نفسه وحيدا ومع كل خرفشة ورقة او صوت آت من بعيد او قريب تخيل له عشرات الصور ..فتارة يخيل له ان القبور ستفتح وسيخرج الاموات من قبورهم كما يحدث في افلام الرعب ... استجمع فارس شجاعته وحمل المعدات واقترب من القبر اكثر فاكثر .. ليرى جمجمة صغيرة اخرى وضعت على القبر .. استجمع قوته ووآسى نفسه فقد اعتاد على رؤيتها. ونظر الى الكتابة الموجودة على القبر وشعر ان هناك شيئا قد تغير ...اشعل ولاعة السجائر ليرى على نارها ان الكتابة المنقوشة والتي قرأها قبل عدة ساعات قد تغيرت وان الكتابة الجديدة ايضا منقوشة على الحجر وقد حلت مكانها واخذ بقراءتها : اظلمت الدنيا ومخلصي عاد ولم يعد حكم علي ان ابقى وحدي لايام جدد حلمي في مخلصي كان على غير ما اعتقد كنت اظن ان مخلصي قبل الغروب سيعد لم تعد اقدام فارس تقوى على حمله حتى جلس على حافة قبر اخر ينظر الى القبر مشدوها لا يقوى على الحراك ولا يدري ماذا يفعل او لماذا هو موجود في هذا المكان ، وشعور قوي ينتابه بانه تأخر وقد فات الاوان على فتح القبر وهو لا يعلم لماذا اراد فتح القبر وما شعر فارس الا بايدي الاموات تمسك به من الخلف ليتجمد من الخوف ويكاد يغشى عليه من الاموات الذين احاطوا به من كل جانب واخذ قلبه يدق بسرعة معلنا ان يوم القيامة قد قام وان الاموات امسكوا به ، وان عزرائيل سياخذ روحه ... لم يستطع فارس الصراخ او التحدث بل اغلق عينيه مستسلما للموت والاموات الذين يحيطون به . وفي هذه اللحظات شعر فارس بان احدهم قد سكب الماء على وجهه وفتح عينيه ليرى ضوءا موجها الى وجهه ويسمع صوتا يقول له بلغة عبرية : ماذا تفعل هنا ؟ لم يستطع فارس النطق من هول الصدمة وبدأ فارس يستعيد وعيه شيئا فشيئا ليجد نفسه يجلس على كرسي في مركز "شرطة طبريا " وان الاموات الذين تخيلهم ما هم الا شرطة . يقترب احد ضباط الشرطة من فارس ، وهو يحمل بيده كوبا من القهوة ويناولها لفارس ويجلس بجانبه ويقول له :اشرب القهوة ...استيقظ يا ... ويشعر فارس براحه كبيرة حينما راى ان الضابط هو "ابن عمته " سعيد العامل في شرطة طبريا . يحتسي فارس القهوة ، ويبدأ الحديث مع سعيد ليقاطعه ويقول له : ممنوع عليّ الحديث الان معك ..سنتحدث بعد ان يتم التحقيق معك من قبل الضابط المسؤول ... وتم التحقيق مع فارس لعدة ساعات واخذت افادته . ليحضر بعد ذلك سعيد ويجلسهويقول له فارس : لماذا كل هذه القصة ، هل القانون يمنع الجلوس في المقابر... - فقال سعيد : فارس حينما قبضت عليك الشرطة ، واغمي عليك كانوا يظنون انك احد (مدمني المخدرات) ولكن بعد ان رأوا ملابسك المتسخة بالغبار والمعدات التي بحوزتك اصبح الامر اخطر من ذلك ، فانت الان تواجه مشكلة كبيرة سيتم فحص المقبرة في الصباح وان وجدوا أي تخريب ستكون المتهم الوحيد وان لم يجدوا ستتهم بمحاولة تدنيس وتخريب مقبرة يهودية ، وهذه عقوبتها ليست بسيطة ...ذهل فارس من كلام سعيد ، ومن الورطة الكبيرة التي وقع فيها .. - فقال لسعيد : هل تستطيع ان تخرجني بكفالة...؟ - ربت سعيد على كتف فارس وقال له : دعنا نرى ما سيحدث غدا وعلى العموم لقد بلغت اهلك انك متواجد عندي في البيت في حيفا حتى لا يقلقوا عليك . مرت (48) ساعة ووجهت لفارس تهمة محاولة تدنيس وتخريب مقبرة وتم اخراجه من الحجز بكفالة مالية لحين المحكمة ، وعاد فارس الى البيت وهو يفكر في هذا القدر الغريب الذي تقوده اليه هذه المرأة الغامضة التي تسكن القبور وتلعب بالجماجم . مرت الساعات وحل المساء وفارس في حالة شرود وذهول ، يفكر فيما حدث معه ويفكر في (ياسمين الغامضة )ولم يخرجه من ذهوله الا صوت رنين الجرس المتقطع على الباب الخارجي للبيت وتوجه "علاء" الاخ الاصغر لفارس باتجاه الباب وفتحه ... لحظات وعاد الى فارس وقال له بلهجة ساخرة : - فارس في "نينجا" في الخارج بدها اياك ...! - فرمقه فارس بنظرة تعجب وقال لعلاء : ماذا تقصد ؟ - فرد علاء : في الخارج امرأة مقنعة غامضة تسأل عنك..... للقصــة بقيــة ...
|
||
02-05-2009, 02:28 PM | رقم المشاركة : 3 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
الجزء الثالث ددق قلب فارس بقوة حينما رأها واراد ان يمطرها بعشرات الاسئلة لولا انه ادرك ان اخاه الاصغر علاء قريب منه فتمالك اعصابه وحاول ان يخفي ارتباكه وقال : تفضلي سارت المرأة المقنعة ياسمين الى داخل البيت وعلاء يراقب المنظر بفضول فهو لم يعتد على رؤية امرأة مقنعة بهذا الشكل ...جلست ياسمين على الكنبة وطلب فارس من علاء ان يذهب ويطلب من الوالدة تحضير القهوة وباشارة واضحة ان يتركهما لوحدهما...جلس فارس واخذ ينظر بتمعن الى ياسمين من راسها الى اخمص قدميها وقال بصوت هادىء ومرهق :كيف حالك يا ياسمين ؟ - فقالت : انا جيدة ، كيف حالك انت يا فارس ..؟ اين اختفيت منذ يومين ؟ - ابتسم فارس ورمق ياسمين بنظرة حادة وقال : كنت في رحلة الى جزر القمر ..! - فقالت : وين هاي جزر القمر ؟ - فقال : في حجز شرطة طبريا يا ياسمين ... - فقالت: وماذا كنت تفعل هناك ؟ - فقال: اسألي نفسك ماذا كنت افعل ؟ - قالت: وما دخلي انا.. وكيف بدي اعرف شو كنت تعمل؟ - فقال: مسكينة انت ما دخلك بشي ، لا بالقبور ولا بالجماجم وحتى الاشعار المنقوشة على القبور لا دخل لك بها ...! - فقالت مستفزة : شو يا فارس ارجعنا نحكي على القبور والكلام الفاضي ؟ - فقال : بسببك كدت ان ادخل السجن لسنوات طويلة والله اعلم ماذا سيحدث معي . - فقالت غاضبة : وما دخلي انا ، أهذا لاني تاخرت عليك ، لم يكن الامر بيدي والا لما تاخرت. - فقال فارس :حسب الكلام المنقوش على القبر انا الذي تاخرت ولست انت ... - فقالت: فارس لماذا تصر على ان تحدثني عن القبور ما دخلي انا بهذا ؟ - فقال : ما دخلك انت ؟ اليس هذا المكان الذي تسكنينه ؟ الم تذهبي الى هناك وتتركيني انتظرك ساعات حتى اضطررت ان اجن وادخل المقبرة ...ولحسن حظي اني وصلت متاخرا والا لفتحت القبر ، وقبض علي وسجنت لعدة سنوات. - فقالت ياسمين : ماذا تقصد ، هل انت مجنون ، مادخلي انا بهذا الجنون الذي تتحدث عنه ...انا حينما تركتك ذهبت الى طبيب نساء وتأخرت عنك رغما عني ، وان واصلت حديثك بهذه الطريقة المجنونة فنصيحتي لك ان تذهب الى طبيب نفسي ليعالجك ، لانك تحلم اكثر من اللازم وترى اشياء لا وجود لها الا في خيالك ...أكل هذا لانني ارتدي الخمار ..؟ ساخلع الخمار يا فارس ...ساخلع الخمار ان كان هذا سيخرجك من جنونك ... - فقال فارس : هيا افعلي هذا .. - فقالت : أمصر .... - فقال: ها انا انتظر...! - فقالت : ولكن ان فعلت هذا فلن تراني الى الابد .. - فقال : ان لا اراك خيرا من ان اراك وانا لا اراك . - قاطعته قائلة : يا فارس انا جميلة لدرجة لا توصف وجمالي ليس من هذا الزمان ...وان رأيتني الآن ستندم طوال عمرك ...انصحك للمرة الاخيرة ان تصبر حتى يحين الوقت . - فقال : لا يهمني هيا نفذي ما قلت يا ياسمين .. - فقالت : اآه لو علمت عدد السنوات التي انتظرت قدومك بها لغيرت رأيك . - فقال : لا اريد ان اعلم شيئا فقط اريد ان أراك وانهي هذه اللعبة . - فقالت وبنبرة حزينة : آه يا مخلصي لو كنت تعلم ما تخفيه لك الايام لما عجلت بنهايتي ونهايتك . - فقال فارس : اسمعي يا شاعرة القبور والجماجم لن تؤثري عليّ بكلامك ...الان اما ان تخلعي هذا الخمار واما ... - فقالت : واما ماذا ؟ - فقال : سامزقه بيدي ,واخرجك منه بالقوة ... - فضحكت ياسمين مستفزة فارس : ان كنت تستطيع فلم لم تفعل هذا بالسابق ...هيا افعل هذا الان ووفر الوقت علي وعلى نفسك ...هيا هل انت خائف ..تحرك يا فارس لا تخف ...نفذ كلامك ... استفز فارس وغضب ووقف واقترب من ياسمين ومد يداه ليمزق الخمار....وصوت ضحكات ياسمين تستفزه اكثر واكثر وكأنها تدفعه ان يفعل ويمزق فارس الخمار بقوة ليرى ماذا يخفي هذا الخمار وما ان ينهي حتى يعود الى الوراء عدة خطوات وعيونه متسمرة باتجاه ياسمين التي ما زالت تضحك ويجلس مسترخيا على الكنبة شارد الذهن لا يقوى على الحراك وما زالت عيونه متسمرة باتجاه ياسمين ويصحو على صوت اخاه الاصغر" علاء" الذي يناديه .. يناديه: فارس ..فارس..سلامة عقلك خذ واشرب القهوة ..بس وين صاحبتك "النينجا" راحت.؟ شقشق فارس عينيه وجال فيها انحاء الغرفة وفركها وسأل اخوه علاء عن ياسمين" وين راحت وين اختفت" .."كيف طلعت ومن وين طلعت..؟!" فرد علاء كيف طلعت اكيد طلعت من الباب ..... نهض فارس مسرعا دون ان يأبه بعلاء الذي ما زال يحدثه واستقل السيارة وانطلق بها يشتم ويلعن ياسمين بكل الشتائم التي عرفها في حياته..دار بالشوارع حتى هدأ من غضبه واخذ يستعيد احداث الصالون من لحظة دخولها الى لحظة وقوفه وتمزيق الخمار ولكن لم يستطيع ان يتذكر ماذا رأى خلف الخمار واخذ يتمنى ان يرى ياسمين ولو للحظة واحدة فقط ليقول لها اذهبي الى جهنم واياك ان اراك او اسمع صوتك ..ولا اريد ان اعرفك ولا يهمني من انت ..فانت مجرد مريضة..مجنونة تعشق القبور والجماجم ..تختفي خلف قناع اسود لتخفي خلفه قباحة لا مثيل لها..او انت مصابة بمرض الجدري..مقرفة لدرجة تثير الاشمئزاز ..او انت ممسوخة على شكل خنزير بري.. واخذ فارس يتخيل فعلا لو انها على شكل خنزير واثار هذا المنظر الضحك في نفس فارس وهدأ من روعه واتجه الي الناصرة الى مكتبه ودخل واخبر السكرتيرة ان سأل عنه اي شخص فلتخبره انه لم يأت وان لا تحول له اية مكالمة مهما كانت مهمة.. وردت السكرتيرة بكلمات"حاضر يا استاذ فارس" ولكن هناك امرأة في الداخل تنتظرك منذ وقت نظر اليها فارس وقال من هي ..؟ فابتسمت السكرتيرة واشارت بيديها بما معناه انها لا تعرف فشعر فارس من اسلوب السكرتيرة الساخر بانها تتحدث عن ياسمين " المقنعه " ودخل فارس بهدوء حتى لا يثير الارتياب ..وما ان دخل حتى رأي ياسمين تجلس على مكتبه وتقرأ اوراقه وكأنها صاحبة المكتب وكأنه هو الضيف بحيث لا تأبه بوجوده فجلس فارس على الكنبة واخذ ينظر الى ياسمين وتبسم ..فرفعت ياسمين رأسها وقالت بهدوء : كيفك يا فارس..ليش متأخر لهلأ . - فقال لها فارس: والله يا ست ياسمين لو بعرف انو حضرتك موجودة ما كنت تأخرت. - فقالت: طيب مرة ثانية ما تتأخر. - فابتسم فارس وعادت ياسمين تقرأ الاوراق ومن ثم - قالت : فارس قديش معك فلوس ؟ - ضحك فارس وقال : ليش بتسألي ؟ - فقالت: جاوبني اول ؟ - فقال فارس: الحمد لله من يوم ما شفتك وانا شايف الخير ..اساليني قديش انا مديون على شأن اقدر اجاوبك. - فقالت: انا بعرف انك مديون بس قديش بتقدر تدبر فلوس.؟ - فقال: مليح اذا بقدر ادبر بنزين سيارة. ام الجماجم وحب في المقابر دق قلب فارس بقوة حينما رأها واراد ان يمطرها بعشرات الاسئلة لولا انه ادرك ان اخاه الاصغر علاء قريب منه فتمالك اعصابه وحاول ان يخفي ارتباكه وقال : تفضلي سارت المرأة المقنعة ياسمين الى داخل البيت وعلاء يراقب المنظر بفضول فهو لم يعتد على رؤية امرأة مقنعة بهذا الشكل ...جلست ياسمين على الكنبة وطلب فارس من علاء ان يذهب ويطلب من الوالدة تحضير القهوة وباشارة واضحة ان يتركهما لوحدهما...جلس فارس واخذ ينظر بتمعن الى ياسمين من راسها الى اخمص قدميها وقال بصوت هادىء ومرهق :كيف حالك يا ياسمين ؟ - فقالت : انا جيدة ، كيف حالك انت يا فارس ..؟ اين اختفيت منذ يومين ؟ - ابتسم فارس ورمق ياسمين بنظرة حادة وقال : كنت في رحلة الى جزر القمر ..! - فقالت : وين هاي جزر القمر ؟ - فقال : في حجز شرطة طبريا يا ياسمين ... - فقالت: وماذا كنت تفعل هناك ؟ - فقال: اسألي نفسك ماذا كنت افعل ؟ - قالت: وما دخلي انا.. وكيف بدي اعرف شو كنت تعمل؟ - فقال: مسكينة انت ما دخلك بشي ، لا بالقبور ولا بالجماجم وحتى الاشعار المنقوشة على القبور لا دخل لك بها ...! - فقالت مستفزة : شو يا فارس ارجعنا نحكي على القبور والكلام الفاضي ؟ - فقال : بسببك كدت ان ادخل السجن لسنوات طويلة والله اعلم ماذا سيحدث معي . - فقالت غاضبة : وما دخلي انا ، أهذا لاني تاخرت عليك ، لم يكن الامر بيدي والا لما تاخرت. - فقال فارس :حسب الكلام المنقوش على القبر انا الذي تاخرت ولست انت ... - فقالت: فارس لماذا تصر على ان تحدثني عن القبور ما دخلي انا بهذا ؟ - فقال : ما دخلك انت ؟ اليس هذا المكان الذي تسكنينه ؟ الم تذهبي الى هناك وتتركيني انتظرك ساعات حتى اضطررت ان اجن وادخل المقبرة ...ولحسن حظي اني وصلت متاخرا والا لفتحت القبر ، وقبض علي وسجنت لعدة سنوات. - فقالت ياسمين : ماذا تقصد ، هل انت مجنون ، مادخلي انا بهذا الجنون الذي تتحدث عنه ...انا حينما تركتك ذهبت الى طبيب نساء وتأخرت عنك رغما عني ، وان واصلت حديثك بهذه الطريقة المجنونة فنصيحتي لك ان تذهب الى طبيب نفسي ليعالجك ، لانك تحلم اكثر من اللازم وترى اشياء لا وجود لها الا في خيالك ...أكل هذا لانني ارتدي الخمار ..؟ ساخلع الخمار يا فارس ...ساخلع الخمار ان كان هذا سيخرجك من جنونك ... - فقال فارس : هيا افعلي هذا .. - فقالت : أمصر .... - فقال: ها انا انتظر...! - فقالت : ولكن ان فعلت هذا فلن تراني الى الابد .. - فقال : ان لا اراك خيرا من ان اراك وانا لا اراك . - قاطعته قائلة : يا فارس انا جميلة لدرجة لا توصف وجمالي ليس من هذا الزمان ...وان رأيتني الآن ستندم طوال عمرك ...انصحك للمرة الاخيرة ان تصبر حتى يحين الوقت . - فقال : لا يهمني هيا نفذي ما قلت يا ياسمين .. - فقالت : اآه لو علمت عدد السنوات التي انتظرت قدومك بها لغيرت رأيك . - فقال : لا اريد ان اعلم شيئا فقط اريد ان أراك وانهي هذه اللعبة . - فقالت وبنبرة حزينة : آه يا مخلصي لو كنت تعلم ما تخفيه لك الايام لما عجلت بنهايتي ونهايتك . - فقال فارس : اسمعي يا شاعرة القبور والجماجم لن تؤثري عليّ بكلامك ...الان اما ان تخلعي هذا الخمار واما ... - فقالت : واما ماذا ؟ - فقال : سامزقه بيدي ,واخرجك منه بالقوة ... - فضحكت ياسمين مستفزة فارس : ان كنت تستطيع فلم لم تفعل هذا بالسابق ...هيا افعل هذا الان ووفر الوقت علي وعلى نفسك ...هيا هل انت خائف ..تحرك يا فارس لا تخف ...نفذ كلامك ... استفز فارس وغضب ووقف واقترب من ياسمين ومد يداه ليمزق الخمار....وصوت ضحكات ياسمين تستفزه اكثر واكثر وكأنها تدفعه ان يفعل ويمزق فارس الخمار بقوة ليرى ماذا يخفي هذا الخمار وما ان ينهي حتى يعود الى الوراء عدة خطوات وعيونه متسمرة باتجاه ياسمين التي ما زالت تضحك ويجلس مسترخيا على الكنبة شارد الذهن لا يقوى على الحراك وما زالت عيونه متسمرة باتجاه ياسمين ويصحو على صوت اخاه الاصغر" علاء" الذي يناديه .. يناديه: فارس ..فارس..سلامة عقلك خذ واشرب القهوة ..بس وين صاحبتك "النينجا" راحت.؟ شقشق فارس عينيه وجال فيها انحاء الغرفة وفركها وسأل اخوه علاء عن ياسمين" وين راحت وين اختفت" .."كيف طلعت ومن وين طلعت..؟!" فرد علاء كيف طلعت اكيد طلعت من الباب ..... نهض فارس مسرعا دون ان يأبه بعلاء الذي ما زال يحدثه واستقل السيارة وانطلق بها يشتم ويلعن ياسمين بكل الشتائم التي عرفها في حياته..دار بالشوارع حتى هدأ من غضبه واخذ يستعيد احداث الصالون من لحظة دخولها الى لحظة وقوفه وتمزيق الخمار ولكن لم يستطيع ان يتذكر ماذا رأى خلف الخمار واخذ يتمنى ان يرى ياسمين ولو للحظة واحدة فقط ليقول لها اذهبي الى جهنم واياك ان اراك او اسمع صوتك ..ولا اريد ان اعرفك ولا يهمني من انت ..فانت مجرد مريضة..مجنونة تعشق القبور والجماجم ..تختفي خلف قناع اسود لتخفي خلفه قباحة لا مثيل لها..او انت مصابة بمرض الجدري..مقرفة لدرجة تثير الاشمئزاز ..او انت ممسوخة على شكل خنزير بري.. واخذ فارس يتخيل فعلا لو انها على شكل خنزير واثار هذا المنظر الضحك في نفس فارس وهدأ من روعه واتجه الي الناصرة الى مكتبه ودخل واخبر السكرتيرة ان سأل عنه اي شخص فلتخبره انه لم يأت وان لا تحول له اية مكالمة مهما كانت مهمة.. وردت السكرتيرة بكلمات"حاضر يا استاذ فارس" ولكن هناك امرأة في الداخل تنتظرك منذ وقت نظر اليها فارس وقال من هي ..؟ فابتسمت السكرتيرة واشارت بيديها بما معناه انها لا تعرف فشعر فارس من اسلوب السكرتيرة الساخر بانها تتحدث عن ياسمين " المقنعه " ودخل فارس بهدوء حتى لا يثير الارتياب ..وما ان دخل حتى رأي ياسمين تجلس على مكتبه وتقرأ اوراقه وكأنها صاحبة المكتب وكأنه هو الضيف بحيث لا تأبه بوجوده فجلس فارس على الكنبة واخذ ينظر الى ياسمين وتبسم ..فرفعت ياسمين رأسها وقالت بهدوء : كيفك يا فارس..ليش متأخر لهلأ . - فقال لها فارس: والله يا ست ياسمين لو بعرف انو حضرتك موجودة ما كنت تأخرت. - فقالت: طيب مرة ثانية ما تتأخر. - فابتسم فارس وعادت ياسمين تقرأ الاوراق ومن ثم - قالت : فارس قديش معك فلوس ؟ - ضحك فارس وقال : ليش بتسألي ؟ - فقالت: جاوبني اول ؟ - فقال فارس: الحمد لله من يوم ما شفتك وانا شايف الخير ..اساليني قديش انا مديون على شأن اقدر اجاوبك. - فقالت: انا بعرف انك مديون بس قديش بتقدر تدبر فلوس.؟ - فقال: مليح اذا بقدر ادبر بنزين سيارة. - فقالت: لا انت بتقدر تدبر "520 الف شيكل". - فضحك فارس وقال .... - فقالت: لا انت بتقدر تدبر "520 الف شيكل". - فضحك فارس وقال .... - فضحك فارس وقال يا سلام بسهولة. - فقالت: بيع السيارة وبيع بيتكم القديم لانوا هيك هيك مش عم تستغلوه وفي مع امك عشرين الف شيكل ومع علاء اخوك خمسة وثلاثون الف شيكل وسوارة الذهب اللي مخبيها في الخزانة يتجيب ثلاثة الاف شيكل والبنت اللي قاعدة برة وبتحبك كثير راح تدبرلك كمان سبعة الاف شيكل وفي على سامي ابن عمك الف وخمسمائة شيكل والاثاث اللي في المكتب بعد ما تخسر فيه يجيب "5" الاف شيكل وانت ناسي في بنطلونك القديم ثلاثمائة شيكل بصير المبلغ "520 الف شيكل" بالضبط مش ناقصين ولا اغورة وحدة ..اذا بديت اليوم بعد 48 ساعة بكون معك كل المبلغ بتروح بتدفع مبلغ العشرين الف شيكل اللي عليك دين للبنك وبتحط بقية المبلغ في البنك وبتقدم قرض وعلاقتك مع البنك مليحة ممكن تؤخذ كمان "200 الف شيكل" وهيك بصير معك مبلغ "430 الف شيكل" . اندهش فارس وذهل لمعرفة "ياسمين " بكل هذه التفاصيل الدقيقة التي هو نفسه لا يعرفها.. - وقال : ياسمين انت كيف بتعرفي كل هذه المعلومات؟ - فقالت: انا بعرف كل شيء بدي اعرفو المهم انت تحرك واجمع المبلغ. - فضحك فارس وقال ساخرا من كلام ياسمين : حاضر يا ياسمين كلامك والله مقنع بس في مشكلة وحدة انا لما ابيع السيارة كيف راح اقدر اوصلك على المقابر..؟! واخذ فارس يضحك بصوت عال .. - وبهدوء قالت ياسمين باسمة : بسيطة بتستأجر سيارة يا شاطر.. - فقال: طيب وبعد ان اجمع هذا المبلغ هل سنتصور بجانبه صورة تذكارية انا وانت "عفوا فارس والشبح الاسود" وضحك فارس ... - واجابت ياسمين بهدوء " لا يا حبيبي انت حتجمع المبلغ وانا حقلك عن قطعة ارض بتروح بتشتريها بكل المبلغ وبعدين بقلك كيف تبيعها فيا بنخرب بيتك وبتشحد او بتغير كل احوالك .. وجد فارس حديث ياسمين ممتعا وايضا فرصة للسخرية منها - وقال : طيب يا حبيبتي مش لما اشوف وجهك الحلو اول علشأن انجن بجمالك واخرب بيتي بايدي. - فقالت: ماذا حدث لك يا فارس انسيت بهذه السرعة الم نجلس معا منذ ساعات في بيتك ام نسيت وقاحتك في مد يدك وتمزيق الخمار عن وجهي لتراه " نعم لا استغرب انك نسيت بهذه السرعة فانت حينما رأيتني فقدت قدرتك على التركيز.. سلامة عقلك يا حبيبي ". - فقال فارس: هذا صحيح انا مزقت الخمار حتى ارى وجهك ولكني لا اذكر ماذا حدث بعدها ولا اذكر اني رايتك ولا اذكر ماذا كان تحت الخمار ..لا بد انك سحرتني. - فقالت: انت يا مجنون يا أهبل وانا شو خصني اذا انت ما بتّذكر شيء بعد ساعة...واذا انا سحرتك فيا حبيبي جمالي بسحر وبوخذ العقل علشأن هيك دير بالك على عقلك وعلشان اذكرك انك شفت وجهي اللي حلو كثير وعيوني الواسعة وشعري الناعم اللي زي الحرير . - قاطعها فارس وقال: بعرف حفظت كل الكلام اللي بدك تحكيه واكثر من هيك انا ما بدي اشوفك ولا اشوف جمالك. - فقالت: لا مش صحيح انت حاب تشوفني كثير. - فقال: لا انا ما بدي اشوفك.. - فقالت: يا حبيبي انت مش راح تعرف تنام الليل الا لما تشوفني مليح لا تضحك على نفسك. - فقال: كان زمان يا شاطرة انت اليوم بالنسبة الي مجرد وحده لابسه اسود بأسود مش مهم عندي اذا انت حلوة او مش حلوة انا مش فاضي اتسلى مع وحده مثلك ..شكرا يا روحي الوقت خلص شوفي واحد ثاني عندو فضول اكثر مني علشأن يطارد وراك في المقابر يا شاعرة القبور يا أم الجماجم . - فقالت ياسمين ذات الخمار بلهجة حزينة .. ولا بد ان بعض الدموع قد رافقتها من تحت الخمار الله يسامحك يا فارس ..الله يسامحك..انا يا فارس ما بتسلى انا حبيتك فعلا وانت الوحيد اللي حبيتك وما بدي يصير فيك اشي ..انت غير عنهم كلهم فارس انت ما بتعرف قصتي ولا قصتك انت يا فارس..اسمع كلامي علشأن اقدر اساعدك واساعد نفسي لا تحرجني اكثر من هيك يا فارس صدقني انا حبيتك وما بدي الا اخلص واخلصك معي ..فارس انا ما بدي تشوفني علشأنك انت وعلشأن تكون مخلصي.. ارجوك يا فارس اعمل اللي بقلك عليه ارجوك ولا تسأل كثير ارجوك بلاش تفكر تشوفني هلأ وخليني انا اساعدك علشأن تشوفني ارجوك ...ارجوك واخذت ياسمين تبكي وبرغم ان الدموع يخيفيها الخمار الا انه بدأ واضحا لفارس انها تبكي بصدق صمت فارس للحظات واخذ يستعيد في ذكرياته المأسي والمصائب التي واجهته منذ ان ظهرت ياسمين المقنعة في حياته واخذ يمر في مخيلته صور القبور الغريبة والجماجم وحار بين قرارين اما ان يطردها فورا من حياته برغم من انه يشعر بانه يحبها بجنون واما ان يسير خلفها نحو المجهول الذي لا يعلمه ... اثارت غضب شديد في اعماق فارس .. واخذ يصرخ بها قائلا : يا هلأ بشوفك وبعرف مين انت .. يا اطلعي من حياتي وما بدي اشوفك . - فقاطعته ياسمين بصوت هاديء ..ارجوك يا فارس والله انا جميلة اصبر قليلا اصبر بعض الوقت - فقال فارس" هلأ..هلأ..او روحي" . - فقاطعته ياسمين :ولكن بحذرك يا فارس ..انت ما بتعرف اشي..! - فصرخ فارس في وجه ياسمين وقال: ما بدي اعرف شيء وما يهمني حلوة انت ولا مش حلوة ..شغلة وحدة بس.. انا بدي تنقلعي من مكتبي من غير رجعة . وامسك فارس بيد ياسمين وسحبها بالقوة وهو يصرخ : انصرفي من هون..انصرفي من هون.. - وبحركة سريعة دفعت ياسمين فارس لتلقيه على الارض وتقف امامه بثقة وبلهجة مليئة بالغضب والثقة وقالت: لقد حذرتك يا فارس .. والان انظر الى مصيرك الملعون ..!!! واخذت ياسمين تخلع الخمار والرداء والكفوف حتى الحذاء ولم يبق على جسدها الا قميص ازرق قصير ناعم شفاف علق بخيطين رفيعين بكتفيها وبالكاد يخفي ولا يخفي جسدها .. وعيني فارس متسمرة مذهولة مما يرى ياسمين تنظر الى فارس وتحثه على ان ينظر اليها وهي تقول: " انظر الى مصيرك الملعون يا فارس" .. ان كان الله قد خلق علي الارض جميلة فهي " انا " اتريد ان تعرف من اكون ؟؟!! لقد حذرتك ان لا تعرف .. ولكني ساقول لك من انا .... للقصة بقيــة
|
||
02-05-2009, 02:30 PM | رقم المشاركة : 4 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
الجزء الرابــع لقد حذرتك ان لا تعرف .. ولكني ساقول لك من انا .... انا لعنة ابوك وابو ابوك واجدادك.. انا لعنة حتطاردك وتطارد اولاد اولادك دموعي وحسرتي انا وامي وام امي حتذوقها ومن قبلك اجدادك ومثل ما حكمتم على كل انثى فينا تولد وتعيش بقبر حنفتح لكل بكر في عيلتكم قبر.. حنفتح لكل بكر في عيلتكم قبر.. وهلأ الدور عليك انت يا فارس انت بكر عيلتكم ...انا حاولت انقذك من مصيرك المشؤوم وانهي مشكلتك ومشكلتي بس انت ، مثل اجدادك لو ما شفتني يا فارس كان في امل انك تعيش تحت الشمس مثل كل الناس وكان ممكن تخلصني انا من ظلمة القبور وكان ممكن تكون نور المستقبل بس انت من دمهم وطباعك من طباعهم ...وهلق يا فارس حدور من قبر لقبر وان ربك رحمك حتلاقي القبر اللي بناسبك اللي ما راح تعرف فيه ليلك من نهارك . وارتدت ياسمين عباءتها ورمقت فارس بنظرة حادة استمرت لحظات خيل لفارس انها الدهر ، وغطت وجهها بالخمار وفتحت الباب وخرجت وفارس ما زال يجلس على الارض مذهولا مما راى ومما سمع وادرك انه امام مازق كبير جدا اكثر مما كان يتصور وان في الامر سر كبير كان مخفيا تحت ذلك الخمار وان الامر لم يعد كما كان يتصور مجرد تسلية لفتاة تختفي تحت الخمار واخذ يتساءل .. ترى ما هو السر الذي يجعل فتاة مثل ياسمين تتصرف على هذا النحو ، هل هي مجنونة ..؟ واخذ فارس يتذكر لقاءه الاول مع ياسمين والصدف الغريبة التي حدثت والتي لم يأبه ولم يعرها أي انتباه وتذكر الكلمات المنقوشة على القبور ، وكيف كانت تتغير من كتابة الى اخرى والتفاصيل التي تعرفها عنه هذه المرأة الغريبة والتي هو يجهلها ..وجد فارس نفسه امام لغز معقد يعجز عن حله خرج فارس من غرفة مكتبه الى الردهة ، حيث تجلس السكرتيرة ليجدها تغط بنوم عميق على المكتب وبين يديها جمجمة صغيرة كتلك التي يراها دائما مع المرأة المقنعة ياسمين. سحب فارس الجمجمة الصغيرة من يد السكرتيرة بهدوء حتى لا تستيقظ وتراها ، ووضعها في جرار مكتبه ثم عاد وايقظ السكرتيرة من نومها . لتفتح السكرتيرة عينيها وتنظر الى فارس وتبدأ بالضحك !!! - ويسألها فارس : على ماذا تضحكين ؟ - فتقول السكرتيرة : لا ادري كيف غلبني النوم ولكني حلمت بك حلما مضحكا..!!! - فقال : وما هو هذا الحلم المضحك ؟ - فقالت : لقد حلمت اننا تزوجنا واصبح لدينا ولد وبنت ، وسمينا الولد قبرا والبنت جمجمة. اقشعر بدن فارس لهذا الكلام ولكنه تظاهر بانه يبتسم ، واخذت السكرتيرة تلتفت حولها وتفتح الجوارير وتفتش على الرفوف. - سألها فارس : عما تبحثين ؟ - فقالت : ابحث عن الجمجمة ...!! دهش فارس وقال : عن أي جمجمة تتحدثين ..؟ - فقالت : جمجمة كانت معي اين ذهبت ؟ ونظرت السكرتيرة الى فارس واخذت تصرخ فيه : انت اخذتها ...اعدها اليّ ، هيا اعدها انها لي ، لن تسرقها اعدها . امسك فارس بيدها واخذ يهدىء من غضبها وهو قد ادرك ان في الامر شيئا غريبا. ولكن غضب السكرتيرة زاد وصراخها قد ارتفع وليتجنب فارس الفضائح دخل الى مكتبه واعاد اليها الجمجمة ، امسكتها السكرتيرة وكأن روحها قد عادت اليها ، وهدأت وهي تضحك وتقبل الجمجمة وفارس ينظر اليها وهو على يقين بان ياسمين هي التي تقف وراء ما يحدث ... - وقال فارس لها : من اين حصلت على هذه الجمجمة ...؟! - فقالت : انها من صديقتي ، انها تجلب الاحلام السعيدة وتحقق الاماني فقط كل ما علي ان امسكها وانظر في عيونها واتمنى أي شيء ليحدث فورا ...الا تصدقني انظر ماذا سافعل الان ساتمنى ..ماذا اتمنى ، ساتمنى ان تتصل امي بي ... الان انظر ...وباقل من لحظة رن جرس الهاتف ... - فقالت : ارفع السماعة يا فارس لتتاكد انها امي ،انا تمنيت ذلك ,ارفع السماعة لتتأكد انها امي فما اتمناه يحدث فورا رفع فارس السماعة ووضعها على اذنه ليرد عليه الطرف الاخر قائلا : صدقها يا حبيبي كل اللي حتتمناه حيصير ...! - فقال : ياسمين مين انت.. وايش بدك يا ياسمين ؟ - فقالت : انا حلمك القديم يا حبيبي ، واغلقت الخط . ونظرت السكرتيرة الى فارس وقالت :اصدقت الان انها امي اليس كذلك ، انها امي انا تمنيت ذلك وها هو قد حدث ، اتريد ان اتمنى لك شيئا ، اطلب ماذا تريد ..هل تريد ان اوصلك الى البيت ..هيا لاوصلك . اصطحبها فارس معه بسيارته واثناء الطريق خطف فارس الجمجمة من بين يديها والقاها من نافذة السيارة وقال لها :كفاك امنيات لهذا اليوم ، واخذت السكرتيرة تبكي وترجوه ان يقف لتستعيد الجمجمة. ولكن فارس لم يأبه لرجائها وسار بسرعة وهي ما زالت ترجوه وتبكي حتى فقدت الامل ، وهدأت وكأن شيئا لم يكن ..وصل فارس وتوقف امام منزلها فخرجت من السيارة باتجاه البيت وسارت عدة خطوات ولكنها عادت الى نافذة السيارة وقالت : فارس انا اسفة على اللي صار وعلى فكرة انا مش زعلانه انك رميت الجمجمة بتعرف ليش !! - فابتسم فارس وقال: ليش ؟ - فقالت : علشان انا معي وحدة ثانية واخرجت من جيبها جمجمة صغيرة اخرى , - وقالت : باي فارس باي ...! فوجيء فارس وقال : يا الهي أي سحر هذا الذي تملكه ياسمين لتسيطر على الناس بهذه الطريقة ..وسار فارس بسيارته بسرعة جنونية باتجاه البيت حتى وصل ، وقفز من السيارة ودخل البيت واخذ يبحث عن امه، حتى وجدها.. - وقال لها : امي احكيلي عن ابي كيف مات ..؟! فنظرت ام فارس اليه مستغربة...وقالت : ما بك ولم تسأل الان ؟؟؟ - قال لها : اريد ان اعرف كيف مات ؟؟ - فقالت : مثل ما كل الناس بتموت ، عادي ... - فقال : اليس بموته أي شيء غريب ؟!!! - فقالت : كلا يا ولدي وليس هناك أي شيء غريب ... - فقال : وجدّي كيف مات ؟ - فقالت : ما بك يا فارس؟ ماذا حدث لك ...؟ - فقال : أمي ارجوك احكيلي كل اللي بتعرفيه عن عائلتي هذا مهم جدا ،احكيلي أي شيء تذكرينه ارجوك يا امي. - وتحت الحاح فارس : جلست والدته واخذت تروي له حكاية أبوه وكيف مات ..لم يجد فارس فيها أي شيء غريب . واخذ فارس يتذكر كلام ياسمين ..." انا لعنة ابوك وابو ابوك واجدادك وراح نفتح لكل بكر في عيلتكم قبر " وقال لامه : انا اكبر ولد في العيلة ، يعني بكر العيلة ..مزبوط .. طيب مين بكر سيدي من اعمامي مين اكبر واحد..؟! - فقالت : يا عمك نبيل يا عمك سامي . - فقال : طيب احكي لي عن اعمامي ؟ - فقالت : عمك نبيل كان في دول الخليج منذ زمان وعمك سامي مسافر في امريكا واخذ فارس يسال وامه تجيب ولكنه لم يحصل على أي شيء يستطيع من خلاله ربطه مع قصة ياسمين ، حتى يأس ، وتناسى الموضوع .. رن جرس الهاتف فقفز فارس من مكانه لشعوره القوي ان ياسمين على الطرف الاخر ورفع السماعة وصدق شعوره وكانت ياسمين على الطرف الاخر .. - وقالت : فارس اذا بدك تعرف اكثر ، انا بستناك " بكرا " في حيفا بعد غروب الشمس ..لا تتأخر . - فقال فارس : بس وين استناك ؟؟ - فقالت: انت بتعرف وين ..واغلقت الهاتف !!! وفي اليوم التالي وبعد غروب الشمس توجه فارس الى حيفا ، ليلتقي بام الجماجم ، ولم يكن فارس ليخمن اين تنتظره ، فهو يعلم انها ستكون في اقرب مقبرة ,ولم تكن لهفة فارس لمعرفة المزيد من المعلومات التي ستساعده على حل اللغز اكبر من لهفته واشتياقه الكبير لرؤية ياسمين ام الجماجم . ووصل فارس ووجد ياسمين جالسة على احد القبور وهي ترتدي الخمار . اقترب منها فارس ... وبادرته الكلام قائلة : أيوجد في الدنيا اجمل من هذا المكان ...؟ وتابعت : مش ملاحظ انك تعودت عليه وبطلت تشعر بالخوف زي الاول ...تعال اجلس بجانبي يا فارس فوق هذا القبر . انصاع فارس لطلبها وجلس كطفل صغير يتلقى الاوامر من امه ..! - وسألته قائلة : اتعلم يا فارس فوق قبر من تجلس ؟ فقام فارس عن القبر بحركة لا شعورية وسريعة !!! - فقالت له ياسمين بهدوء وثقة : لا تخاف يا حبيبي لا تخف ، الاموات ..." ما بخوفوا حد ..بس الطيبين هم اللي بخوفو ا ". - فقال فارس : ياسمين انت جنية ولأ شبح ميت ؟؟؟ - فقالت : لا يا حبيبي ، خلي عقلك كبير شوي ، وبلاش هيك افكار انا مش جنية ولا شبح ميت ، انا انسانة مثلي مثلك ...ودمي من دمك وجذوري من جذورك والفرق بيني وبينك اني انثى وانت ذكر وكل ما بدك تعرف اكثر لازم تفتح قبر وان حبيت تعرف حكايتي وحكايتك ،لا تخاف وافتح قبر ، وراح تلاقي فيه اللي يساعدك واللي يدلك ووقفت ياسمين واقتربت من فارس وهمست في أذنه وكانها لا تريد ان يسمعها احد : فارس انا بعرف انك بتحبني وانا كمان بحبك يا فارس وقدري وقدرك راح يجمعنا بقبر واحد ..لا تخاف يا فارس وافتح القبر علشان تعرف الحقيقة ، وسارت ياسمين بين القبور تاركة فارس خلفها وعن بعد التفتت الى فارس وقالت بصوت عال خيل لفارس ان الاموات ستستيقظ من قبورها .. : " ان طلعت الشمس يكون الوقت قد فات " .. واختفت ياسمين .. اخذ فارس ينظر الى القبر الذي جلست عليه ياسمين وكلما فكر ان يفتحه ينتابه شعور كبير بالخوف وتقفز الى مخيلته عشرات الصور عما قد يراه في داخل القبر ، ولكن الفضول كان اقوى من الخوف ، واقترب فارس من القبر واخذ يحرك بلاطة القبر حتى ازاحها عن مكانها ، ونظر داخل القبر فرأى غير ما كان يتوقعه ...صندوقا قديما من النحاس كان يبدو عليه انه صنع منذ مئات السنين ...اخرج فارس الصندوق من داخل القبر وفتحه ليرى ما بداخله . وفي اقل من لحظة اغمض عينيه وفتحهما ..خيل اليه انه سيجد في الصندوق قبل ان يفتحه جمجمة او يدا مبتورة او ربما اصبعا او أي شيء يبعث على الرعب والخوف ولكن فارس وجد ما لم يكن يتوقعه ...وجد " وثيقة زواج " قديمة جدا تحمل اسم (سالم قاسم الدهري وجورجيت عيسى الشامي) وخاتمي زواج من الذهب كان واضحا انهما لم يستخدما منذ عشرات السنين. كانت الوثيقة مهترئة ...والعث والعفن فعلا بها فعل الدهر في تغيير الاشياء ..كانت مؤرخة قبل 150 عاما الا انه كان من السهل قراءة المحتويات والتاريخ الذي يدل على توقيعهما قبل 150 عاما والتي يعتقد انها سجلت وكتبت في الشام. حمل فارس الصندوق وسار متعرجا بين القبور في طريقه للخروج من المقبرة وهو يتلفت يمينا ويسارا خوفا من ان يراه احد او يقبض عليه افراد من الشرطة في هذه الساعة وخاصة انه ما زال يواجه تهمة تدنيس المقابر في المحكمة بسبب ام الجماجم وما حدث في مقبرة طبريا . سار فارس بين القبور يبحث عن مخرج يخرجه من المقبرة بسلام ولكن على ما يبدو فقد ضل طريقه بين القبور فاخذ يسير من جهة الى اخرى وبحذر عسى ان يجد منفذا يفضي به الى الخارج ..بحث طويلا ولكن دون جدوى ، وكأن المقبرة لم يعد لها أي مخرج ، توقف فارس ونظر حوله في كل الاتجاهات ولم يستطع ان يتبين طريقه ، قرر ان يسير باحدى الاتجاهات حتى نهاية المقبرة ومن ثم يقفز عن سور المقبرة رغم ارتفاعه العالي سار بين القبور في اتجاه واحد وبخط مستقيم ، مشى فارس وكلما اعتقد انه قطع مئات الامتار كان يفأجا بانه قد عاد من حيث بدأ المسير وكأنه كان يمشي على كرة كلما لف لفة عاد الى مكانه ، وتوقف بعض الوقت، واخذ يحدث نفسه " انا مشيت في هاي الجهة وبخط مستقيم يعني لازم يكون في بداية وفي نهاية يبدو ان الخوف والقلق افقدني تركيزي ". كرر فارس المحاولة مرة اخرى بعد ان صمم على ان يسير بخط مستقيم واخذ في حسابه انه لن يلف حول أي قبر حتى لو قفز عنه ففعل هذا ولكنه عاد الى حيث ابتدأ. ايقن فارس انه متورط وان ما يحدث امر غير طبيعي ، وانه وقع في مصيدة ولن يخرج من هذه المقبرة حيا، تذكر كلام ياسمين حينما قالت له انها ستفتح له قبرا . دب الخوف والذعر بقلب فارس وراح يشتم نفسه " ما اغباني لقد فتحت قبري بيدي " ...!!! هل يعني هذا اني ميت ولن اخرج من هذه المقبرة ... واستمر فارس بحديثه مع نفسه ......... للقصـة بقيــة ...
|
||
02-05-2009, 02:31 PM | رقم المشاركة : 5 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
الجزء الخامـس
استمر يحدث نفسه ... يسالها ويجيب انا لن اموت ، انني لست ميتا ولهذا كلما سرت عدة امتار عدت الى نفس المكان فالاموات لا يخرجون من المقابر وانا لم اجد طريقي .. كلا ربما انا مجرد روح لميت وان ما يحدث معي يدل على ذلك ... جسدي مدفون وروحي طليقة يا الهي ساصاب بالجنون يا الهي ارحمني ، ان كنت ميتا اعلمني وان كنت حيا اخرجني من محنتي ومن هذا المازق. وسار فارس باتجاه القبر الذي فتحه وفي داخله شك رهيب وخوف قاتل من ان يجد جسده ملحودا في القبر ... اقترب من القبر ، نظر الى داخله بحذر ، تفحصه بعناية ودقة بحث في ارجائه لم يجد شيئا هز رأسه ساخرا من نفسه محدثا اياها متمتما : الحمد لله انا مش مدفون يعني انا مش ميت ، بس انا انجنيت وطار عقلي وانجنيت على كل حال "مجنون ...مجنون" .. فمجنون حي احسن من عاقل ميت " التفت فارس من جديد ليجد على بلاطة باب القبر التي ازاحها ليفتحه كتابة منقوشة بخط محفور على سطحها ولم يكن قد شاهدها من قبل .... نظف الغبار عنها وازاح بعض الطين الذي كان يواري جزءا منها وقرأ : في كل قبر سر ولكل سر قبر اذا خرج السر من القبر سار وان كشف القبر عن السر انهار فتعال في الظلمة لتكون سري او اهرب من خيط نور قادم واغلقني وما ان قرأ فارس هذه العبارات حتى تذكر كلمات ياسمين الاخيرة التي قالتها له قبل ان تغادر المقبرة " فارس ان طلعت الشمس بكون الوقت فات " اغلق فارس القبر بسرعة وحمل الصندوق واخذ يركض مسرعا وما هي الا عدة امتار فقط حتى وجد نفسه خارج المقبرة وكانت الشمس قد بدأت بالبزوغ مشرقة ... تنفس فارس الصعداء وايقن انه قد قضى ساعات طويلة داخل المقبرة وسار باتجاه سيارته ، فتحها والقى بجسده على الكرسي وادار المفتاح ليشغل المحرك. وفي لمحة عين انطلقت السيارة بسرعة جنونية ... نظر في المرآه ليرى كتلة من السواد تجثم في الكرسي الخلفي تملكه الخوف وادار راسه الى الخلف ليجد ياسمين تقول له وهي تتثاءب : صباح الخير يا فارس ... وبحركة سريعة وخفيفة انتقلت من المقعد الخلفي الى المقعد الامامي الى جانب فارس ، وتكمل حديثها وهي تتثائب : ليش طولت يا فارس ، انا ظليت استناك حتى انعست ونمت بدون ما ادري عن حالي - فقال : انت عارفة ليش انا طولت ولأ ..!! - فقالت : شو مالك على هالصبح ، انا شو بعرفني مش يمكن اعجبتك القعدة علشأن هيك طولت ...!! - قال : ياسمين انت الشيطان بحالو انت الشيطان اللي بنشوفوا في الافلام الاجنبية ، والي صار معاي في المقبرة معناه عمل شياطين . - فقالت : طيب يا حبيبي بلاش تشوف افلام اجنبية كثير علشأن صحتك وعقلك ما يصير ترلّلي ,واحكيلي شو صار معك ، انا مش فاهمة اشي - فقال : ما انت عارفة شو اللي صار ، اختفت كل ابواب المقبرة ، وما كان الها نهاية ، انت بدك تجننيني خليتيني افتح القبر ، انت اكيد ساحرة انت مش انسانة مستحيل تكوني انسانة في واحدة في الدنيا كلها بتدخل مقابر في الليل وبتعمل اللي انت بتعمليه. انت شيطانة واللي بتعمليه واللي شفتو منك من يوم ما عرفتك اشي بخلي العقل يطير وما بقدر عليه انسان، شو بدك مني قولي لي وخلصيني ، وان كان هدفك تجنينيني ، فانا انجنيت وخلاص. - فقالت : يا حبيبي من ناحية انك راح تنجن ، انت راح تنجن اكيد وهذا الموضوع ما في عندي فيه أي شك ، بس لسه بكير عليك ، واذا كنت يا حبيبي بتقول عني شيطانة ، فانا احلى شيطانة في حياتك . وعلى فكرة يا حبيبي بكره حتعرف انو اذا كان في شياطين ، فتاكد انهم تعلموا الشيطنة في مدرسة اجدادك، والشياطين يا حبيبي ما بتخلف ملائكة ، وبكره حتعرف اصلك الراقي علشان تروح تنام وترتاح وتحلم احلام سعيدة وبرضوا انا تاخرت ولازم اروح هلا اتحرك وبنحكي في الطريق . حرك فارس السيارة وسار يشق طريقه مسرعا باتجاه مدينة الناصرة وعشرات الاسئلة تدور في راسه افقدته القدرة على التركيز في شيء ، ويبدوا ان ياسمين ادركت حجم الارهاق والتعب الشديد الذي الم بفارس ، وطلبت منه ان يوقف السيارة على يمين الشارع وان ينزل منها . - فقال : ليش شو في ؟ اوقف فارس السيارة ونزلت ياسمين واتجهت الى الباب الآخر وفتحته وقالت لفارس: انزل يا حبيبي لا تخاف نزل فارس من السيارة وهو حائر من طلب ياسمين ذات الخمار ولكنها طلبت منه ان يجلس في الكرسي مكانها. وركبت هي خلف المقود وامام حيرة وذهول فارس من هذا الموقف ، مع انه لم يعترض ولم يتفوه بكلمة واحدة ، انما ابتسم معجبا بالطريقة اللبقة التي تصرفت بها ياسمين. ادارت محرك السيارة وقادتها ببراعة فائقة وكانها خبيرة سياقة من عشرات السنين . - فقال فارس : ياسمين انا لا افهم كيف بتقدري تشوفي من ورا هالخمار الاسود . - فقالت : اللّي تعود على العتمة والظلام بيقدر يشوف في العتمة والظلام ، فكيف عاد من وراء هالخمار ...من ورا الخمار يا فارس بقدر اشوف الناس على حقيقتها ...!! - قال : شو وجع هالقلب وحيرة هالدماغ يا ياسمين ، انت حيرتيني معاكي ... انت حلوة ومثل فلقة القمر ومش فاهم ليش لابسه اسود كنك بتجيبي الشؤم مثل الغراب . - قالت : انا بعرف اني حلوة واحلى من القمر كمان ، بس انا ما بحب يشوفني الا جوزي وابو بناتي . - قال فارس : متفاجئا ..انت مجوزة يا ياسمين ...؟! - قالت : لا يا حبيبي انا مش متجوزة بس عن قريب ناوية اتجوزك انت علشان انخلف بنات حلوات يطلعوا لامهم ، ويكونوا احلى من القمر ... - قال : طيب ما دمت انا اللي حتتجوزيه ورايح اصير أبو بناتك واولادك ، ليش ما تشيلي خمار الشؤوم عاد... - فقاطعته وقالت : ابو بناتي مش ولادي علشان احنا ما بنحب نخلف اولاد وبعدين احنا ما تجوزنا بعد علشان اشيل الخمار ، وعلشان نتجوز لازم انت توافق تسكن معي ... - قال : انا يا حبيبتي مستعد اسكن معك وين ما بدك ، ان شاء الله في جهنم ، انت اطلبي وانا بنفذ !!! - قالت : لا يا روحي خلي جهنم لعيلتك وذكورها ، انا وانت حنسكن في قبر حلو ومرتب. - قال : ياسمين ...خليني ارتاح ، وقولي لي مين انت وشو حكايتك مع القبور ؟؟؟ - فقالت : في الصندوق اللي طلعتوا بداية الحكاية ، وفي الصندوق انكتب قدري وقدرك واللي بصير لا هو ذنبي ولا ذنبك ، علشان هيك ما تسألنيش كثير ، دور بنفسك فكل شيء انكتب ومصيرك ملعون قبل ما تنولد ولاتلومني على اللي بدو يصير ...لوم اجدادك والعنهم كل حين ... - قال : انا مش فاهم يا ياسمين كل اللي في الصندوق دبلتين ووثيقة زواج فيها اسماء ، انا شو دخلي فيها، انا لا بعرف جورجيت الشامي ولا بعرف سالم الدهري ...؟ - فقالت : اصلي واصلك من هون ابتدا ... - قال : يعني انت من عيلة الدهري ؟؟؟ - قالت ياسمين بغضب : ما بشرفنا ننحسب على عيلة الدهري وقذارتها ... - قال فارس : طيب يا ياسمين بس علشان افهم ، انت مش من عيلة الدهري ..انت من عيلة الشامي ؟!!! - قالت ياسمين : لا عيلة الدهري ولا عيلة الشامي بتشرفنا ...!! - قال فارس : معلش يا ياسمين انا عقلي صغير يا ستي ، خذيني على قد عقلي واشرحي لي شو قصدك من ورا كل هالخلبطات ، شو بتقصدي من موضوع اصلي واصلك ، وشو اصلك اذا هو مش من عيلة الدهري ولا من عيلة الشامي ، فهميني وخذيني على قد عقلي. - قالت : احنا اصلنا من جورجيت ، لا قبل جورجيت النا اصل ولا بعد جورجيت حيكون لنا اصل ولما انا راح اخلف بنت حتحمل اسم جورجيت ، علشان كل بنت من نسل جورجيت مش راح تحمل اسم ابوها ولا ابو ابوها ..حتحمل اسم امها وام امها ، وما بدنا من نسلنا ذكور ومش حنحمل اسم ذكور ، وكل بنت حتحمل معها فخر وشرف جورجيت ودموع وعذاب جورجيت ..وكل بنت حتحملها لبنتها ومن جيل لجيل مش حنشوف شمس ولا نور ما دام في ذكر من عيلة الشامي ومن عيلة الدهري بشوف النور. وبالرغم من حيرة فارس الا انه ابتسم وقال : يا لطيف على حقد النسوان ، مع اني مش فاهم لهلق شيء ,بس انا فهمت انو في قصة طويلة ، قصة ثار وانتقام من رجال عيلة الدهري والشامي ، اللي هم اصل عيلتك ...طيب انا شو خصني في هالموضوع ، انا لا من عيلة الشامي ولا من عيلة الدهري والحمد لله ,كل عيلتنا معروفة لعاشر جد وجذورها واصلنا معروف ..وهيها اذا بدك شوفيها في شجرة العيلة .... وهلق انا وعيلتي شو دخلنا في هالقصة ... - قالت ياسمين : دمك من دمهم يا فارس وريحتك من ريحتهم . وفي هذه الاثناء كانت السيارة التي تقودها ياسمين قد وصلت الى بيت فارس لتطلب منه ياسمين ان يذهب ويرتاح ,واذا اراد ان يعرف المزيد فليبحث بنفسه . نزل فارس من السيارة بعد ان رفضت ياسمين ان تعطيه اية فرصة للنقاش ، ودخل فارس البيت ليتذكر سيارته التي نسيها تماما ، والتي استمرت ياسمين بقيادتها الى جهة مجهولة . اخذ فارس يضحك بينه وبين نفسه ويتساءل : " هل ستعيد ياسمين السيارة ام ان السيارة ذهبت في خبر كان...؟! " دخل فارس البيت ليستريح لعله ينسى ما مر به أمس ، وما هي الا ساعات حتى حضرت والدة فارس وبدات بايقاظه من نومه لان على الهاتف من تصر على ان تحدثه لامر هام جدا ، قام فارس وتوجه نحو الهاتف ورد عليه ... ولم يكن يشك للحظة واحدة ان التي تريده هي ياسمين .. لم يخب ظنه وردت ياسمين وقالت له : فارس ساحضر في منتصف الليل لاصطحابك معي ، انتظرني على باب المنزل . واغلقت ياسمين الخط دون استئذان او وداع .. ومرت ساعات ثقيلة وبطيئة وفارس يفكر اين ستصطحبه هذه المجنونة في منتصف الليل وأية مقبرة سيزورانها وأية مفاجئة تنتظره ، وفجاة سمع فارس ومعه كل سكان المنطقة صوت " زامور " سيارة متقطعا ومتواصلا بطريقة مزعجة لم يعهدها سكان ذلك الشارع من قبل ، حتى ان معظمهم قد استيقظ على هذا الصوت المزعج ، ومنهم من اخرج رأسه من الشباك ليرى ما يحدث ومنهم من فتح الباب وخرج لاستطلاع الامر .. ويبدو ان حظ فارس التعس جعله الوحيد الذي لم يسمع الزامور حتى دق احد الجيران الباب على فارس .. وفتح فارس الباب وقال له الجار وهو يرمقه بنظرات مريبة : " في ناس بالسيارة بدهم اياك " ... احمر وجه فارس خجلا من الاحراج الذي وقع فيه وخاصة ان الزامور العالي المزعج المتواصل لم يتوقف.. وعيون الناس تراقبه وهو يسير باتجاه السيارة مسرعا ليوقف هذا الازعاج ..فتح باب السيارة وصرخ في ياسمين قائلا : فضحتيني ... شو انت مجنونة ؟ ردت ياسمين وهي تضحك : الحق عليك انت .. ما انا اتصلت فيك وقلتلك تستناني على الباب ، وانت ما إستنيت وعلشان هيك انا اضطريت ازمر علشان تطلع وما نتأخر... - فقال لها : يا مجنونة انت واقفة بعيد عن البيت وانا كيف بدي اعرف انك اجيتي ، وكيف بدك اسمع صوت الزامور؟ هو انت لمين بتزمري...؟! - قالت له : ما انا مريت من جنب البيت وانت ما كنت واقف علشان هيك ابتعدت عن البيت وصرت ازمر ، بلكي طل واحد عليّ ويروح ينادي عليك .. ولأ بتعرف انا حقولك بصراحة انا شفت الشارع عندكم هادىء وممل اكثر من اللازم ، وحبيت اعمل حركة واغير شوي .. وما صار اشي شوية ازعاج والسلام . - ابتسم فارس وحث ياسمين ان تتحرك من المنطقة بسرعة ليخرج بسرعة من هذا الجو المشحون بالتساؤلات. - قال فارس : ياسمين حد شافك ؟ - قالت : قول في حد ما شافني ، كل جيرانك اجو لعند السيارة وسألوني شو في ..؟! - قال فارس : وشو حضرتك جاوبتيهم ؟ - قالت : بسيطة انا فتحت الشباك وقلتلهم مساء النور ، انا اسمي ياسمين وانا خطيبة فارس ، وانا بستناه علشان نطلع نسهر سوا واتفضلوا معنا ... - قال فارس : الله يخرب بيتك ، فضحتيني وبكره راح اصير قصة المنطقة ، المهم هلق على أي مقبرة ناوية توخذيني نسهر سوا في هالمناسبة السعيدة ..؟! - قالت : اليوم انا محضرتلك مفاجئة حلوة كثير ، انا ناوية اخذك على قبر عمتك يا فارس... - قال فارس : بس عمتي ما ماتت وبعدها طيبة . - قالت ياسمين : لما نصل بنشوف مين بعرف اكثر انا ولأ انت يا فارس ال... وان كان عندك شجاعة حتفتح قبرها علشان تعرف ان كانت ميتة ولأ طيبة... اوقفت ياسمين السيارة بجانب احد جبال الجليل الاعلى ، ونزلت منها وطلبت من فارس ان ينزل ..وفعل فارس ذلك ..واشارت بيدها باتجاه الجبل وقالت : اترى ذلك الجبل يا فارس ...هناك " قبر عمتك " - فضحك فارس وقال : وهل عمتي " الله يطول عمرها " مدفونة هناك ...ولأّ انت بدك تدفنيها ؟ - فقالت ام الجماجم ياسمين : نعم هناك قبرها ، وهناك دفنت ...فاطلب لها الرحمة ... - فضحك فارس وقال : ياسمين يا روحي ... انا يا حبيبتي مليش يومين شايف عمتي ؟؟ - قالت ياسمين : اسمع يا فارس ، لقد قلت لك ان عمتك قد ماتت فهذا معناه انها ماتت .. وان اردت ان تتاكد وتعرف الحقيقة ... فتعال لنصعد لاريك قبرها . للقصـة بقيــة ... |
||
02-05-2009, 02:33 PM | رقم المشاركة : 6 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
الجزء الـســـــادس</b> للقصــة بقــيــة ...</b>
|
||
02-05-2009, 02:35 PM | رقم المشاركة : 7 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
الجزء الـســابـــع </b>
فوجئت ياسمين بجرأة فارس وثقته العالية بنزعه الخمار عن وجهها واخذت ترمقه بنظرات ثابتة سارحة لا يستطيع احد ان يفسرها ... صمت ياسمين جعل فارس يتمادى اكثر.. واقترب اكثر واخذ يداعب شعرها وعلى شفاهه ارتسمت ابتسامة خبيثة واثقة ومد يديه الى العباءة وفكها دون أي اعتراض من ياسمين وسقطت العباءة على الارض ولم يبق يغطي جسد ياسمين الفاتن الا ثوب حريري ناعم قصير ، تعلق بخيطين من كتفيها ... وياسمين واقفة بجانب السيارة كالصنم لا تتحرك وما زالت عينيها ثابتة ثاقبة تنظر الى فارس دون حراك . شعر فارس بالنصر الكبير الذي ما حلم ان يحققه ومد يديه وامسك بعنق ياسمين وشدها ليقبلها وباقل من جزء من الثانية ... رفعت ياسمين يدها اليمنى وصفعت فارس على وجهه صفعة كادت تلقيه على الارض لولا انه حافظ على توازنه في اللحظة الاخيرة قبل السقوط . رفع فارس يده ثائرا لرجولته التي اهينت .. وصفع ياسمين بيده على وجهها بقوة حركتها براكين الغضب التي كانت بداخله .. وزادتها قوة وشراسة .. لتسقط ياسمين على الارض بعد ان صرخت من الم تلك الصفعة ... لترمق فارس بنظرة مليئة بالحقد وتمسح بيدها اليسرى قطرات دم سقطت من انفها وفمها من شدة اللطمة ... وتقول لفارس وهي مازالت على الارض : فارس يا ابن الدهري ملعون القلب اللي حبك وملعونة انا ان رحمتك لازم تعرف قذارة اصلك روح اسأل امك كيف حملت فيك واسالها مين ابوك وفي أي بلاد اختك واخوك وذكرها بربيحة الملعونة ليش اختفت بليلة قمر وقلها انو القدر ما منو مفر ولعنة جورجيت حتطارد كل ذكر وعلشان تصدق شو بقول .. افتح الصندوق اللي طلعته من قبر ربيحة بايديك وشوف شو فيه ... واسرع فارس الى الصندوق ليفتحه ويرى ما بداخله وقلبه يدق وفكره يقول ان اللعبة ابتدات حيث انتهت ... فتح فارس الصندوق وذهل مما راى .. فقد وجد بداخل الصندوق حقيبة جلدية داخلها قطعة من قماش ملفوفة بعناية .... فتح فارس قطعة القماش ليجد فيها قطع ذهبية ومجوهرات من اساور وسناسيل واحجار كريمة تدل على ان صاحبها على درجة عالية من الثراء ، كما وجد مجموعة من الاوراق والصور القديمة ... نظر فارس نظرة فاحصة وسريعة الى الصور ليذهل مما رأى .. !! كانت تجمع مجموعة من الشباب والفتيات وعجوز وعجوزة ... وبشكل بديهي تبين ان الصورة جمعت في محتواها عائلة مكونة من اب وام وابناء ، وصعق فارس .. ليس من الصورة وحدها ولا المجوهرات والاحجار الكريمة وقيمتها .. انما من وجود احد الاشخاص الظاهرين في الصورة ... وهو فارس نفسه بطوله وعرضه ووجهه وعيونه وشعره وانفه حتى الندبة الظاهرة في ذقنه واضحة في الصورة وجميع الظاهرين في الصورة فيهم تشابه واضح وكبير يرى لاي ناظر بانه تشابه عائلي ، تمعن فارس بالصورة مرة ومرات وهو بحالة ذهول يتسائل عن كيفية وجوده ضمن الصورة التي تم تصويرها قبل عشرات السنين !!! كان فارس للوهلة الاولى سيشك بنفسه بانه قد تصورها مع هذه العائلة قبل سنوات ونسي ذلك مع الايام لولا ان الملابس التي يرتديها في الصورة كانت لأجيال سابقة ولا يمكن ان يكون قد ارتداها يوما ما .. تساءل بينه وبين نفسه ان هذه التشابه الكبير لا يمكن ان يكون الا لاخ توأم !! ولكن قدم الصورة والملابس وعمر فارس الحالي وعمره في الصورة يجعل الفكرة غير معقولة ... حار فارس وتساءل : لمن هذه الصورة ...؟!! لست انا وليس توأمي ؟!! ليست صورتي ولكن انا من في الصورة ؟!! لست انا !! ولكن انا هو !! ايعقل ان يخلق الله تشابها الى هذا الحد .. وصرخ فارس باعلى صوته بعد ان غلبته الحيرة : ... من انا ؟؟؟ من الذي في الصورة !!؟؟ ملتفتا الى حيث سقطت ياسمين بعد ان صفعها .. ولكن اين ياسمين...! استدار وبحث عنها حوله اختفت ياسمين ولم يعد لها اثر وكأن الارض انشقت وابتلعتها او انها قد استغلت انشغال فارس بمحتويات الصندوق وذهبت لتتركه في حيرته .. كلمات ياسمين الاخيرة اخذت تدور في رأس فارس وترن بأذنيه بشكل متلاحق .. روح اسال امك كيف حملت فيك ؟ روح اسال امك كيف حملت فيك ؟ واسألها مين ابوك وفي أي بلاد اختك واخوك ؟ ركض فارس باتجاه السيارة وفتح الباب وجلس خلف المقود وانطلق وهو يتمنى لو ان السيارة تطير وتوصله سريعا الى امه لعله يجد عندها بعض التفسيرات.. اخذ فارس يشق طريقه بسرعة وكأنه يسابق الوقت او يهرب من كلمات ياسمين ليطرد من مخيلته أي فكرة تقوده للشك بوالدته التي هي اغلى واعز الناس على قلبه .. ولكن هيهات ان ينجح في ايجاد فكرة معقولة ومقبولة تبعد امه عن هذه القصة الغريبة .. اقترب فارس بعد وقت من البيت وما زالت تدور في داخله خواطر مجنونة يجيب عليها ويسألها ويرفضها ويؤكد وينفي .. اوقف فارس السيارة بجانب البيت وحمل الصندوق ودخل مسرعا الى البيت ، اسرع الى غرفته ووضع الصندوق الذي بيده على سريره وخرج يبحث عن والدته في ارجاء البيت ولكن لا اثر لها ... غيابها زاد من قلقه واشعل النار بداخله .. النار التي لن يطفئها غير أمه بجوابها ..!!؟اسئلة تحاصر مخيلة فارس عن سر غيابها عن البيت !!! لا بد انها ذهبت الى السوق او ربما عند الجيران.. ربما.. وربما جلس فارس واستسلم لأمر واحد فليس بيده ما يعمله سوى ان ينتظرها الى ان تعود .. مرت دقائق كانها سنوات لم يستطع خلالها الصبر فقفز مسرعا الى الجيران لعله يجدها هناك ولكن حظه لم يسعفه اذ انها لم تكن هناك واقنع نفسه مجددا بالانتظار حتى تعود .. مرت الدقائق ببطء وانتهت الساعة والنصف وفارس يجلس شارد الذهن ينظم ويرتب افكاره .. كيف سيسأل امه وكيف ستكون طريقة الحوار ... ؟ خرخشة مفاتيح تقترب من الباب الرئيسي ترافقها خطوات متلاحقة وصرير الباب سبق دخول امه الى البيت انتفض مسرعا باتجاه الباب لاستقبالها .. كانت الام تحمل في يدها مجموعة من الاكياس المليئة ساعدها فارس وحمل عنها الاكياس وتوجه بها الى المطبخ ، جلس فارس على الكرسي وطلب من امه ان تجلس ليحدثها ... ولكنها قالت له : ان يتكلم على راحته حيث ستقوم هي بترتيب الاغراض ، فقام وساعدها وهو يعلم انها لن تصغي اليه ما دامت تشعر بأن هناك شيئا ليس في مكانه .. وبعد الانتهاء من الترتيب جلست وقالت :خير شو قصتك .. وشو اللي ذكرك انه ألك ام تعطيها من وقتك ؟ - امسك فارس يدها بكلتا يديه .....وقال : امي حبيبتي.. فهميني انا شاعر انه في سر كبير في حياتك ؛ في قصة ؛ في اشي ؟ احكيلي عنه ؟ - وبنظرة دافئة من عينيها قالت : سر شو يمّا اللي بتحكي عنه...؟ - فرد متلعثما : سر بيتعلق فيّ انا ؟!! - فقالت : يمّا شو هالكلام مالك انت الله يهديك ؟ - حار فارس اكثر ولم يملك الشجاعة ليتحدث بصراحه ، صمت قليلا ليفكر وبسرعة قال : اسمعت قبل هالمرة بأسم الدهري ؟ لم تجب عن السؤال وبدت على وجهها علامات الاضطراب والقلق والارتباك .. اعاد فارس السؤال مرة اخرى فاجابته متلعثمة : لا ما سمعت في ها الاسم شو فّي ؟ شو القصة ؟ مين هذا وانت شو خصك فيهم ؟ انا ما بعرفهم ولا عمري اسمعت عنهم ، ومين حكالك عنهم ؟ واحنا شو خصنا فيهم وليش بتسأل عن ناس ما بنعرفهم ؟!! بلاش كلام فاضي وبكفي اني متحمليتك ومتحملة عمايلك يوم بتناملي في الدار وعشرة ما حدا بعرف الك طريق بكفي لهان بكفيك انا مش راح اظل ساكته .. بقي فارس صامتا وقد اتكأ على الطاولة منتظرا ان تفرغ امه من كلامها .. وما ان انهت كلامها حتى قال لها فارس بهدوء : انت ليش معصبة يمّا .. انا بس سألتك ان كنت اسمعتي قبل هالمرة في اسم الدهري انا ما حكيت اشي .. شو القصة يمّا شو فيّ .. ردت امه غاضبة : ارجعنا لنفس الموضوع انا قلتلك ما في اشي وما بعرفهم واذا بتحكي كمان مرة في هالموضوع ما راح احكي معك طول عمري ... وبحركة لا شعورية مد فارس يده الى جيبه واخرج الصورة والقاها على الطاولة امام والدته دون ان يتكلم بكلمة واحدة .. امسكت امه بالصورة ويداها ترتجفان وقد اصفر وجهها واغرورقت عيناها بالدموع .. اشفق فارس على حالها فهي اغلى الناس على قلبه ولا تستحق ان تذرف دمعة واحدة من عينيها فانتقل الى جانبها وضمها اليه وقال : شو القصة يمّا ؟ احكيلي من شأن الله احكي وريحيني. وزاد بكاء ام فارس واخذت تقول : ما بدي تضيع مني .. انا خايفة عليك ، خايفة عليك يمّا - هدأ فارس من روعها وقال : لا تخافي يمّا لا تخافي. - فقالت باكية : كيف ما اخاف كيف ..؟ انا شو عملت يا ربي تيصير فّي كل هذا يا ريتني مت وارتحت . - فقال فارس : بعيد الشر .. لا تخافي واحكي شو الموضوع ؟ - ردت غاضبة : شو احكيلك هو في اشي بينحكى انت من وين جبت هالصورة ومين اللّي اعطاك اياها. - فقال : مش مهم مين اعطاني اياها المهم شو قصتها...؟ - فقالت : لا هلأ بدك تقول لي مين اعطاك اياها ومن وين جبتها ؟ - فقال : طيب اذا مهم عندك انك تعرفي راح اقولك اعطتني اياهم وحدة حلوة زي القمر - اخذت ام فارس تلطم على وجهها وتبكي وتصرخ وتقول: يا خراب بيتي .. يا ويلي عليك يمّا هي لحقتك لهون وين بدي اهرب فيك وين بدي اخبيك وبتقول يما حلوة مثل القمر..؟! ضعت مني يا فارس وانت قدامي والله قلبي كان حاسس راح ييجي اليوم الّلي يوخذنك مني. عبثا حاول فارس ان يهديء من روعها حتى انه شعر بندم كبير لتهوره بفتح هذا الموضوع معها وادخلها في هذه المتاهة ونبش لها ماضيا كان واضحا انه انتهى بالنسبة لها ولكن حدث ما حدث ولم يكن امام فارس فرصة للتراجع ، ويجب ان يفهم ما حدث وما يحدث لعله يجد مخرجا وخاصة ان شعوره قد تأكد بأن الذي يواجهه لم يعد مجرد لعبة او تسلية .. ومغامرة ... وان خلف ياسمين ام الجماجم قصة حقيقية عمل فارس كل جهده ليهدىء من روع وخوف امه.. ضحك ومزح وابتسم واظهر لها انه لا يوجد هناك ما يستحق ، ولكن كان من العبث ان يعيد الاطمئنان الى قلب امه بعد ان فجر بداخلها خوف المستقبل وألم الماضي معا .. وبلهجة صارمة قال فارس : اسمعي يمّا ما بصير الا اللّي الله كاتبه والبكا مش راح يفيد .. انا بعرف في القصة واذا انت بدك تساعديني بلاش تظلي تبكي وتندبي حظك احكيلي عن القصة . - قالت امه : يمّا القصة طويلة وشو بدي احكيلك تحكيلك !! - قال : احكي يمّا انا بدي اسمع وبدي افهم احكي لي مين اللي في الصورة ومين عيلة الدهري . - قالت : اللي في الصورة يمّا ابوك واعمامك وعماتك وجدتك وجدك وهذه الصورة قبل ما انت تخلق على الدنيا بكثير وهي يمّا عيلة الدهري الي بتسأل انت عنهم . - فقال : يعني المرحوم ابوي اللي رباني مش ابوي . - فقالت : لا يمّا ابوك الحقيقي من عيلة الدهري واللي رباك الله يرحمه مش ابوك . - فقال : كيف يمّا .. كيف اشرحي لي ... كيف وانا عايش اكثر من ثلاثين سنة ولا عمري حسيت انو ابوي وعمامي وكل هالعيلة انهم مش عيلتي الاصلية - فقالت : ما حدا يمّا بعرف انك ابن الدهري وكلهم بفكروا انك منهم وابنهم . - فقال : شو افهم من هالحكي انو المرحوم كمان ما بعرف اني مش ابنو..!؟ - فقالت : لا يمّا لا تفكر غلط المرحوم رباك وهو بعرف انك مش ابنوا .. هو الوحيد اللي بعرف قصتك .. المرحوم اتجوزني لما كان مسافر ولما رجع وجابني معه قال لهم انك ابنو - فقال فارس : وابن الدهري اللي هو ابوي .. كيف يمّا..؟ - فقالت : لا يمّا لا تفكر غلط كان جوزي على سنة الله ورسوله .. وبدا الارتياح على وجه فارس وكانه منذ البداية كان يريد ان يحصل على هذه الاجابة بانه ابن شرعي ولم يأت بطريقة اخرى . - وقال : طيب شو قصة اللعنة اللي بتطارد هالعيلة "عيلة الدهري والشامي" ومين هاي "جورجيت" وما ان سمعت ام فارس بأسم جورجيت حتى تغير لونها واخذت تردد : باسم الله.. بسم الله.. الله يحفظنا الله يحفظنا لا تحكي اسمها يمّا وصمتت قليلا وقالت جورجيت يمّا احلى بنات الشام لا احلى بنات الدنيا كلها ظلموها ودفنوها وهي حبلى جوى قبر وهي .. وهي .. وتلعثمت ام فارس واخذت تستعيذ بالله .. وفارس يلح عليها ان تكمل حديثها ويصر على ذلك .. وتجيبه : يمه والله انا ماني متذكرة .. هاي قصة صارت زمان قبل ما انخلق على وجه الدنيا .. وما صارت على جيلي وسمعت فيها ، وكانوا يحكو ... - فقال فارس : احكي يمّه القصة اللي انتِ بتعرفيها .. احكيلي قصة جورجيت ولعنتها ..وكيف تعرفتي على ابوي وتجوزتيه.. احكيلي . وتحت ضغط فارس والحاحه على والدته وفشلها بالتهرب من الحديث في هذا الموضوع .. الا انها رضخت لطلبه واخذت تروي قصتها منذ البداية , وقالت : حينما تعرفت على ابوك "منير الدهري" كان يعمل في التجارة ويتنقل بين المدن وكان كريماً الى ابعد الحدود .. ربطته بوالدي علاقة وثيقة بحكم عملهم في نفس المجال .. تقدم ابوك وطلب يدي من والدي وكان عمري وقتها 17 عاما ... وافق والدي على زواجي منه ولم يكن بحاجة للأخذ برأيي وانا لم استطع ان اعارض .. تزوجت والدك وانتقلت للسكن معه في "الشام"... وفر لي كل سبل العيش والراحة وكان لطيفاً معي الى ابعد الحدود بل انه كان زوجاً مثالياً .. كان يرفض دائماً ان يعرفني على عائلته "عائلة الدهري" بحجة ان هناك خلافات قائمة بينهما وكنت اعلم بأن ما يقوله غير صحيح وكان هو يعرف ان كلامه غير مقنع لي ولكن لم يكن امامي ما افعله سوى ان ارضى بالامر الواقع وابقى في عزلتي التي وضعوني بها . سارت الامور طبيعية حتى جاء ذلك اليوم الذي انتظرت فيه عودته الى البيت لأبشره بأنني حامل وانه سيرزق بطفل... لكن الخبر وقع عليه كأنه مصيبة فبدلاً من ان يفرح .. حزن حزناً شديداً.. ومنذ تلك اللحظة تحولت حياتنا الى قلق وتعاسة ولم اكن افهم وقتها لماذا كل هذا واكثر ما كان يحزنني انه كان دائماً يردد : مصيبة اذا جبتِ ولد .. واخذ الغموض الذي يحيط بوالدك يزداد يوماً بعد يوم وهذا الغموض حول حياتي الى جحيم وقررت وقتها ان اتمرد على والدك واخرج من سجني وعزلتي .. سألت عن عائلة ابوك وتوجهت اليهم وعرفتهم بنفسي وبأني زوجة ابنهم وعلمت وقتها بأن والدك كان متزوجاً من امرأة اخرى وقد انجب منها " طفلة " وبعدها جن جنون ابوك وبدأ يعاملني اسوأ معاملة .. نقلني للعيش وسط عائلة الدهري .. اثرى عائلات الشام في ذلك الوقت .. وبالرغم من انني زوجة ابنهم الا ان الغموض كان يحيط بكل تصرفاتهم فهم لا يثقون بأحد ولا يحبون احداً .. لست انا لوحدي وايضاً زوجة والدك وكذلك زوجات اعمامك وحتى عماتك لم يكونوا يعاملوهن معاملة حسنة .. فجدك كان مستبداً وقاسيا بشكل كبير وكذلك والدك ... وبعد ذلك قام بتطليقي واراد ان اعود الى اهلي ... ولكن جدك رفض ان يسمح لي بالرحيل وقد خيرني .. ان اردت العودة الى اهلي ان اعود لوحدي .. واتركك .. او ان ابقى وسط العائلة واقوم بتربيتك .. فلم يكن امامي الا ان ابقى معك .. وجدك هو الذي سماك " فارس " وقد كان يحبك كثيراً .. وكان جدك كبير العائلة ... واعمامك كانوا يتعاملون مع الجميع بإحتقار وكان الناس يخافون منهم ولا يحبواهم ولم يكونوا يسمحوا لنا بالاختلاط بأي شخص غريب من خارج العائلة ... وحينما انجبتك وعلم والدك بأني وضعت " ذكرا " اخذ يشتمني ويلعنني .. ولم تكن عائلة الدهري صغيرة وبالرغم من كبرها الا انها كانت متماسكة وكان جدك يتحكم بالصغيرة والكبيرة من شؤون العائلة ... لم يكن اي من اعمامك او اعمام ابوك يستطيع القيام بشيء دون اذن من جدك .. وكون جدك احبك فهذا يعني انك تميزت وسط هذه العائلة .. وللحقيقة بالرغم من قسوة جدك الا انه كان يعاملنا معاملة خاصة مقارنة بباقي نساء عائلة الدهري ، الا انه كان يغضب لو اني قمت بالسؤال عن اي شيء من الامور الغريبة اللي كانوا يقيمونها في الليل بسرية تامة .. والخوف الدائم الذي يعيشون به . مرت اشهر واصبح عمرك يقارب السنة وانا لا افهم ماذا يحدث حتى اختفى احد اعمامك ولميعد الى البيت ، فخيم على العائلة جو من الحزن والقلق واكثرهم حزناً على غيابه كانت عمتك " ربيحة " التي ربطتني بها علاقة مميزة وقوية .. كنت اهدىء من روعها واخفف من حزنها واحاول ان اطمأنها بأنه سيعود بمشيئة الله .. وان الغائب حجته معاه .. ولا داعي للخوف .. فأجابتني وهي تبكي : انت مش عارفة يا ام فارس اشي .. هو في مرة " ابن الدهري " اختفى ورجع .. ولاد الدهري مصيرهم معروف .. الله يحميلك فارس وما يجيه الدور. اقشعر بدني من كلام عمتك " ربيحة " وضممتك الى صدري وانتابني شعور بالخوف عليك واستحلفتها ان تخبرني بالقصة... في البداية رفضت ان تخبرني بشيء ولكنها زادت من فضولي وخوفي .. بقولها .. بقتلوني لو حكيت.. انتِ ما بتعرفيهم .. والله بقتلوني وما برحموني .. لأنهم ما بعرفو الله وقلوبهم ما فيها رحمة. وخوفي عليك يا فارس ..جعلني الح واتحايل عليها بكل الطرق وليتني لم افعل ذلك .. - بدأت ربيحة تروي لي القصة التي تقشعر لها الابدان قصة "جورجيت" التي اقسمت ... على ان تنتقم من كل " ذكر " يحمل دم عائلة الدهري .. وروت لي كيف ان ابناء عائلة الدهري يختفون الواحد تلو الآخر منذ عشرات السنين .. وكيف ان ستة من اعمامها .. منذ كانت صغيرة .. اختفوا الواحد تلو الآخر وان هذا ثالث اخ يختفي ولا يعود وانهم قد وجدوا واحداً منهم بالصدفة داخل احد القبور ... وكل الجهود التي بذلوها وبالرغم من استعانتهم بعشرات الشيوخ والسحرة من مختلف البلدان لم يستطيعوا ان يمنعوا جورجيت من الانتقام ومطاردتهم في كل مكان.. وروت لي كيف انها رأت وهي صغيرة جدك واعمامها يقتلون زوجة عمها ويدفنونها عقاباً لأنها اخبرت شخصا بهذا الموضوع الذي يعتبرونه سراً ممنوع البوح به على اعتبار انه يشكل " اهانة كبيرة " لعائلة الدهري وخاصة ان عدوها مجرد " امرأة ". وبعد سماعي لما روته ربيحة انتابني خوف شديد عليك وعلى نفسي من جورجيت ومن هذه العائلة واقسمت لعمتك ربيحة ان لا اخبر احداً بما عرفت وان لا اتصرف بأية طريقة تشير بأني عرفت شيئاً وفعلاً هكذا تصرفت .. ومرت الايام واصبح عمرك سنة بالتمام .. وفي يوم عيد ميلادك الاول وانا في البيت دخلت بيتي امرأة ترتدي الخمار وكلمتني بإسمي وكأنها تعرفني منذ مدة طويلة .. رفعت الخمار عن وجهها ليهل من خلفه " البدر " بجماله وقالت : لو انك خلفتي بنت كنت ارتحتي .. بس انتِ خلفتي " دهري جديد " وعيلة الدهري حتنقص ومش حتزيد .. والقدر ما منو مفر .. ولعنة جورجيت حتطارد كل ذكر .. غطت وجهها بالخمار .. ولا اذكر ما حدث .. فقد اغمي عليّ وحينما صحوت كان جدك واعمامك يحيطون بي . سألني جدك عما حدث .. لم استطع وقتها النطق بكلمة وكان جدك واعمامك ينظرون اليّ بنظرة غريبة تثير الخوف . تركوني وشأني وذهبوا .. اخذت صحتي تتدهور وتسوء مع الوقت ولم اكن اتكلم مع احد .. حبست نفسي في البيت وكنت ارفض الخروج ... وجاءت بعد ايام زوجة والدك لزيارتي وكانت حامل .. وحينما رأيتها وبطريقة تلقائية ودون تفكير .. قلت : يا ربي تخلفي بنت وما تخلفي ولد .. ولم انتبه لوجود جدك معها ولم اعرف ان كان جدك قد سمعني .. ام لم يسمعني ... فهو لم يعلق على شيء ... الا انه طلب مني ان اخرج من البيت وان لا اعزل نفسي عن العائلة وانني ان لم افعل ذلك فسيغضب ... خوفي من جدك جعلني افعل ذلك واعود من جديد الى سابق عهدي للاختلاط بالعائلة وبزوجات اعمامك واقاربك من عائلة الدهري ... وزادت مصيبتي اكثر حينما اختفت عمتك " ربيحة " ليجن جنون جدك ويقوم بالتحقيق مع معظم نساء العائلة ان كان هناك من يعرف اين ذهبت ولكن دون جدوى ... خرج جدك واعمامك ووالدك يبحثون عنها واختفوا عدة ايام ثم عادوا من جديد وكانوا يغضبون لو ان احدنا سأل او نطق بإسم " ربيحة " وشعرت بإن مكروهاً ما قد اصاب عمتك " ربيحة " ودب الخوف بقلبي وعلمت بأن الدور سيأتي عليّ لا محالة وقررت الهرب متى سنحت لي الفرصة . هربت الى والدي في حلب ورويت له القصة بالكامل .. وكان والدي ينوي السفر الى الاردن لغرض التجارة فأصطحبني معه واقمت معه هناك .وفي الاردن اكتملت مصيبتي حينما توفي والدي بحادث سير في الاردن ومرت اسوأ واصعب ايام حياتي بعدها حتى تعرفت على شاب من فلسطين وتزوجته وقد كانت طبيعة عمله تجعله ينتقل من بلد الى آخر .. سافرت معه الى المغرب ومن ثم الى اليمن وبعدها الى مصر واستمر تنقلنا اربع سنوات .. حتى عدنا الى فلسطين واستقر بنا المطاف في الجليل .. وقد اخبر اهله والجميع بأنك ابنه ولم يكن ليشك احد بذلك فقد احبك اكثر من اي شيء آخر .. حتى بعد ان انجبت اخاك " علاء " كان يحبك انت يا فارس اكثر منه .. ومع مرور السنوات نسيت عائلة الدهري وجورجيت وكل هذه القصة ، حتى انها لم تعد تخطر على بالي منذ سنوات ... وهذه هي قصتي مع عائلة الدهري ، التي طواها الزمن قد فُتحت من جديد .. - كان فارس يصغي بتأثر شديد لقصة والدته المأساوية وما تحملته من عذاب شديد والم .. وقال لها وهو يمسك بيدها : يمّه يا حبيبتي .. انا آسف اللي ذكرتك ورجّعتِك للماضي .. لو كنت بعرف ما فتحت الموضوع .. سامحيني يمه.- فردت عليه : الذنب مش ذنبك يمّه .. هيك القدر بدو .. والله يستر من الايام الجاية عليك .. وهي بعد ثلاثين سنة الدور اجاك يا فارس . - فقال فارس: انا فهمت يمّه قصتك وقصة ابوي وعمتي ربيحة .. بس لهلأ .. ما فهمت قصة " جورجيت " ولعنة الانتقام اللي عندها .. وقصة جورجيت اذا كانت على زمن جد جدي .. يعني الها اكثر من " مية سنة " وانا مش فاهم جورجيت طيبة ولا ميتة ؟ - فقالت : يمّه .. يا فارس جورجيت ماتت وما ماتت ، جورجيت بتقدر تكون موجودة من خلال بنتها . - فقال فارس: مش فاهم يمّه شو بتقصدي ؟ - فقالت : جورجيت يمّه كانت حامل لما دفنوها .. وخلفت بنت " جوا " القبر وبنتها كبرت و... يمّه من شأن الله ما بدي احكي بسيرة جورجيت ..، والله سنين وانا ما بعرف انام وما صدقت وانا انساها .. بترجاك سكّر على الموضوع . - فقال فارس: انا بعرف انو صعب عليك تحكي في هالموضوع ، بس يمّة لازم نواجه الامور ، مش نهرب منها .. علشان هيك يمّه لازم تتحملي وتفهميني سيرة هالمجنونة جورجيت .. - فقالت: لا يمّه .. لا ياحبيبي .. لاتحكي هيك ! جورجيت مش مجنونة .. جورجيت مظلومة .. لا تحكي يمّه مثل عيلة الدهري. - فقال : والله يمّه هالقصة قصة مجانين ، ما الها اول من اخر .. لا انا قادر اصدقها ، ولا انا قادر اكذبها .. بسمع كلام ما بصدقه مجنون ، وشفت اشي اللّي ما بدخل العقل .. قصة بدايتها جنون وما بتنتهي إلا بجنون . - فقالت ام فارس والدموع في عينيها متوسلة : بترجاك يمّه ما تجيب سيرة جورجيت .. روح يمّه سافر لبعيد ، بلكي الله نجاك .. جورجيت اقسمت ومش راح تتراجع عن قسمها . - فقال فارس بإستغراب : وانت شو اللي بخليك متأكدة القصة ما صارت على زمنكو انتِ سمعتِ فيها مثل غيرك وما بتقدري تعرفي اذا كانت صحيحة ولا مش صحيحة . - فقالت : يمّه مشان الله ما بدي اكذب عليك ولا تخليني احكي اشي ما بدي احكيه ولا تفكر حالك انت الوحيد اللي بتفهم .. يمّه انت بعدك صغير .. اسمع كلامي وروح سافر.. - فقال فارس : انا مش حسافر ومش حروح ولازم افهم كل شي واذا بدك تساعديني لازم تحكيلي اللي ما حكتيه .. ولازم تفهمي انو الزمن تغير واليوم مش مثل زمان والخرافات اللي بتخوفكم ما بتخوفنا .. ومش راح اهرب من شان خرافة وهبل جورجيت. - فقالت : صحيح يمّه انو اصل الانسان بردَّ ..انت ما عرفت عيلة الدهري وما تربيت عندهم .. بس تصرفاتك وطباعك دهري... - اسمع يمّه : انا قعدت سنين وانا بضوي شمع يوم .. يوم على روح جورجيت وبترجاها تبعد عنك وما تجيك لما تكبر وبقلها انك عمرك ما راح تحمل اسم الدهري ... افهم يمّه كل نسوان وبنات الدهري واللي حملوا اسم الدهري بعرفوا قصة جورجيت وضوّوا الشمع على روحها وبكوا على قصتها ، علشان هيك عيلة الدهري كانت بتشوف في كل النسوان عدو الها ... ويا ويل اللي كانت تغلط .. كانوا يقتلوها وما يرحموها .. عيلة الدهري كانوا بشوفوا في كل مرة " جورجيت "... جورجيت يمّه كانت تطلع لكل واحدة من عيلة الدهري متزوجة او بنت .. ان كانت بنت عيلة الدهري كانت تقولها : لا تتجوزي حدا من عيلتك علشان ما تخلفي ابن يحمل دم الدهري علشان راح يصله الدور ومن قبله ابوه .. وكانت تشرح قصتها وكيف ظلموها ... وان كانت مثلي مش من عيلة الدهري ومتجوزة مع حدا من عيلة الدهري كانت تقولها : ان خلفت بنت حنحبها وربنا يحميها .. وان خلفتي ولد وحمل دم الدهري ..مصيره مصير ابوه وجده .. حيجي اليوم اللي نوخذه .. لا تلوميني وسامحيني. - لا تسألني يمّه كيف كانت تطلع وتحكي معنا .. كيف كانت تيجي وتروح ان كانت ميتة ولا طيبة .. الله وحده بعلم .. بس كلنا شفناها وحكينا معها ... الله يرحمك يا جورجيت والله يسامحك على اللي بتسويه فينا .. اسمع يا فارس : والله العظيم والله العظيم ان فتحت سيرة جورجيت مرة ثانية ، لا انت ابني ولا بعرفك.وخرجت ام فارس تاركة فارس خلفها حائراً مذهولاً لا يدري ماذا يفعل .. لا يدري ايصدق ام يكذب. وجد نفسه انه سيصبح ضحية لقصة حدثت قبل اكثر من مائة عام بكثير .. لا يدري ماهي تفاصيلها .. كانت امه فرصته الاخيرة ليفهم القصة ولكن امه اقسمت... للقصـة بقيـــــة ......</b> |
||
02-05-2009, 02:36 PM | رقم المشاركة : 8 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
الجزء الثامـــن </b>
ولكن امه اقسمت اليمين واغلقت الطريق امامه وهو لا يجرؤ على ان يفتح الموضوع معها من جديد ... لمعت في رأس فارس فكرة بأنه لو وجد ام الجماجم " ياسمين " فسيدفعها لتحكي له هذه القصة الغريبة ولكن اين يجد ياسمين وهو لايعرف لها عنوانا. فكر ان يذهب ويبحث عنها في المقابر حيث كانت تصطحبه .. لم يتردد فارس في ان ينفذ ما دار برأسه .. بدأ رحلة البحث عن ياسمين ام الجماجم في المقابر .. ايام مرت وهو يبحث في مقابر حيفا وطبريا وبئر السبع لم يترك مقبرة الا ودخلها .. كان يدخلها كالمجنون وينادي بأعلى صوته : يا ياسمين .. يا ام الجماجم .. اين انت ؟ كل محاولات فارس باءت بالفشل حتى يأس وعاد الى البيت وهو على يقين من انها ستظهر في ساعة ما .. او في يوم ما ، حتماً ستظهر ... وفي طريق عودته الى البيت توقف امام احد مطاعم الناصرة ودخل لتناول الطعام الذي لم يذقه منذ ايام .. جلس وطلب الطعام وما هي الا لحظات حتى رأى ذات الخمار الاسود التي لايرى منها اصبعا ولا عينا تقترب حيث كان يجلس وتسحب احد الكراسي وتجلس امام فارس وتقول له : بلاش تطلع مثل الاهبل وتلفت نظر الناس الموجودين في المطعم .. ابتسم وخليك طبيعي .. شو هذه اول مرة بتشوفني فيها ..؟ - تصرف فارس بشكل طبيعي وابتسم وبصوت منخفض حتي لايسمعه احد قال : بصراحة ما توقعت اشوفك هون يا ياسمين .. انا هلكت وانا بدور عليك . - فقالت : ما حدا قلك دوّر في المقابر .. كان ممكن تيجي على بيتي وهناك بتلقاني .. - فقال : وين بيتك هذا يا ياسمين ؟ - فقالت : اذا انت ما بتعرف ، بكرة حتعرف .. في هذه اللحظات اقترب من الطاولة حيث يجلس فارس وياسمين ذات الخمار شابان من اصدقاء فارس .. احمر وجه فارس وتمنى لو انهم لم يروه ويبتعدوا عنه حتي لا يسألوه عن علاقته بهذه المقنعة .. ولكن حدث العكس وجلسا على الطاولة الملاصقة لطاولة فارس وقال احدهم : مرحبا يا فارس .. وين مش مبين .. وين غاطس يا فارس وما حدا بشوفك ، وادار وجهه ناحية ياسمين وابتسم وقال مرحبا .." يا شيخة ". - تدخل فارس على الفور وهو يبتسم ابتسامة مصطنعة واشار بيده الى ياسمين وقال : ياسمين..! واشار بيده نحوهم وقال : اصدقاء لي من حيفا...! هزت ياسمين رأسها وقالت : تشرفنا يا اصدقاء فارس .. وعلى فكرة انا مش شيخة .. بس شو اعمل فارس بدو البس هيك علشان بغار كثير وانا ما برضى ازعّله .. خطيبي وحبيبي وما برفضلو طلب. احمر وجه فارس اكثر واكثر لهذا الاحراج الذي وضعته فيه ياسمين امام اصدقائه وفضل الصمت على ان يعلق على كلامها وبحركة سريعة وظريفة ارادت ياسمين ان تخرجه من هذه الورطة او قصدت ان لا تعطيه المجال ليرد على اي سؤال .. وقفت وامسكت بيد فارس وقالت : فارس يالله .. تأخرنا كثير عن الحفلة وسحبته بقوة وسارت .. والتفتت الى اصدقائه واشارت بيدها قائلة : باي باي يا اصدقاء خطيبي ... ولا تنسوا تدفعوا الحساب عنا علشان فارس مش حامل فلوس ..باي . وسحبت فارس من يده وقبل ان تخرج من باب المطعم التفتت الى الجرسون وقالت له : الحساب عند الشباب الحلوين على الطاولة..باي. وخرجت الي الشارع وفارس وكل من في المطعم مذهول ويبتسم لظرافة ياسمين .. ركبت ياسمين بجانب فارس في السيارة واخذت تضحك وقالت : كيف وانا اوفر عليك الحساب .. سار فارس وهو لايدري ايضحك ام يغضب ولكن ما حصل اضحك فارس. اخذت ياسمين ترشد فارس كعادتها الى اين يذهب من هنا وهناك ثم طلبت منه ان يتوقف بجانب الطريق السريع ما بين شفاعمرو والناصرة .. اوقف فارس السيارة وابتسم وقال لياسمين : انتِ بتعرفي من ورا هالمقلب اللي عملتيه شو حيصير ، راح اصحابي .. قاطعته ياسمين ولم تتركه يكمل حديثه وبلهجة جادة قالت : بلاش كلام فاضي يافارس .. لا انت ولا اصحابك بتهموني وفش عندي وقت للكلام الفاضي انت بدك تعرف قصة جورجيت اللي امك ما رضت تحكيلك اياها بالرغم من انها تعرفها مليح مليح ... وقبل ما اجيب اجلك وافتحلك قبر .. راح احكيلك اياها يا ابن الدهري علشان تفهمها مليح مليح .. القصة بدت من زمان قبل ( مية وخمس سنين ) .. جورجيت كان عمرها 14 سنة وحيدة امها وابوها .. والدها " عيسى الشامي " كان فقيراً في وسط عائلة فاحشة الثراء كان يعمل لدى عمه سائساً للخيل وفي احد الايام واثناء قيامه بالاعتناء بالخيل تعرض لرفسة من احد الخيول الجامحة .. لم تكن الضربة بسيطة بل ادت الى اصابته بشلل تام وعدم قدرته على تلقي العلاج اللازم ساعد في زيادة الشلل عنده ... عاشت اسرة جورجيت في ظروف مأساوية وصلت الى حد انهم لم يجدوا ما يأكلونه .. اخوة عيسى الشامي " والد جورجيت " واقاربه لم يكترثوا للوضع السيء الذي تمر به عائلة عيسى الشامي وخاصة ان اقرباءه كانوا من اثرياء الشام وما كانوا يبذرونه ويصرفونه على خيولهم كان يكفي ليسد حاجة عائلة عيسى الشامي لعام كامل ... اصرت والدة جورجيت على ان تعمل خادمة في بيوت اقارب زوجها .. تحملت شتى الاهانات لتعيل اسرتها وتعالج زوجها وكانت وبسبب جمالها المميز وعجز زوجها تتعرض لمضايقات لا حدود لها وتنتهي بإهانات تمس بكرامتها .. كان كبرياء والدة جورجيت لا يسمح لها بقبول صدقة او احسان من احد ... ازداد الوضع الصحي لوالد جورجيت سوءاً مما تطلب توفير مبالغ كبيرة من المال لعلاجه ... ابنتة جورجيت لم تحتمل الوضع والحت على والدتها ان تخرج من البيت للعمل لمساعدتها من اجل توفير المال الكافي للعلاج ولكن والدة جورجيت رفضت وبشدة خروج جورجيت من البيت للعمل تحت اي ظرف من الظروف وكانت حجتها ان جورجيت يجب ان تبقى في البيت للاعتناء بوالدها .. لم تكن هذه الحجة هي السبب الحقيقي وراء رفض والدة جورجيت السماح لها بالخروج وانما السبب الحقيقي كان يكمن بإدراك والدة جورجيت ان خروجها من البيت سيسبب مشاكل لا اول لها ولا اخر ... وسيعرض جورجيت للخطر وذلك كون جمالها من الجمال النادر الوجود الذي لا تتمتع به اية فتاة اخرى في زمنها ، وكانت والدة جورجيت حريصة على ان تبعد جورجيت عن الانظار وساعدها في ذلك انزواء العائلة حتى ان والدة جورجيت كانت تعمل على اظهارها كأية فتاة اخرى من خلال انتقاء اسوأ الملابس وتسريح شعرها بطريقة غريبة وبالرغم من كل هذا لم يكن ليخفى جمال جورجيت الاسطوري .... جورجيت ابنة الرابعة عشرة لم تدرك لجهلها ان جمالها نقمة وسيحول حياتها الى جحيم .. جهلها هذا دفعها الى الخروج من البيت دون علم والدتها وبطفولة وبراءة بدأت تبحث عن عمل .. فرآها احد الاشخاص وذُهل لجمالها وسألها : ابنة من انتِ ؟ - فقالت : ابنة عيسى الشامي .. - فصُعق وقال : لا يمكن لسايس الخيل ان ينجب مثلك. لم تفهم جورجيت ماذا قصد وماذا حدث ولكن بأسرع من البرق انتشر الخبر ودفع الفضول الكثير لرؤية ابنة سايس الخيل وأولهم اقاربها واعمامها وابناؤهم. انتشر الخبر واصبح اسم جورجيت حكاية الشام كلها وانتقل الخبر من مكان الى آخر ووالدة جورجيت ادركت الخطر وتوافد الى بيتها العشرات من العرسان واستعد الكثير لعلاج عيسى الشامي ولكن والدة جورجيت رفضت بشدة ان تقبل اي شيء من اي واحد منهم وهي تعلم ان الثمن المطلوب بالمقابل هو ابنتها جورجيت .. وهنا ازدادت الامور سوءاً .. فبدأت تُرسَم الخطط لاذلال والدة جورجيت .. لم تعد تستطيع الخروج من البيت للعمل حتى لا تترك جورجيت في البيت لوحدها خوفاً عليها .. ولم تكن تستطيع الرحيل لظروف عجز زوجها .. جورجيت ابنتها اصبحت حكاية البلاد باسرها ووصلت الامور الى حد التهديدات من قبل اقاربها بأنهم سيأخذون جورجيت بالقوة اذ لم يكن بالتفاهم . وفي هذه الاجواء العاصفة التي تحمل قصة جورجيت من اذن الى اخرى .. هبت عاصفة اخرى لتنسي الناس قصة جورجيت وجمالها .. ولينشغلوا بمصيبة كبيرة وقعت على عائلة الشامي بالذات حينما قام احد ابناء عائلة الشامي بقتل احد ابناء عائلة الدهري التي خرجت للثأر من عائلة الشامي وتدخل الوجهاء ليمنعوا حرباً كبرى بين كبرى عائلات الشام في ذلك الوقت والتي ان حدثت ستحصد ارواح الكثيرين من كلا العائلتين عرضت عائلة الشامي اموالاً طائلة واراض واملاك على عائلة الدهري ( دية ) لمقتل ابنهم .. فرفضت عائلة الدهري ( الدية ) واقسمت ان يكون مقابل حياة ابنهم خيرة شباب عائلة الشامي واستمرت المفاوضات وقال سالم الدهري اخ القتيل انه سيقبل ( بالدية ) ولكن سيكون اضافة اليها ان تُحمل " جورجيت الشامي " وتعطى له . فوجدت عائلة الشامي نفسها في موقف محرج ومهين امام العائلات الاخري فجورجيت تحمل اسم الشامي وان اعطوها لدهري فهم بذلك لن يسلموها فقط بل يطلبو منها ان تتحول من ديانة الشامي الى ديانة الدهري. اجتمعت عائلة الشامي بكبارها وصغارها ودار الحديث بينهم .. على انه لا مفر فإما ان يسلموا قاتل ابن الدهري او ان يقوم الدهري بقتل احد شباب الشامي ثأراً لابنهم ... ولا احد على استعداد ان يضحي بإبنه والنتيجة ان الحرب لن تنتهي الا بمقتل الكثيرين من كلا العائلتين فأتفق الجميع بدون معارضة على ان جورجيت ابنة سايس الخيل ارخص ما يقدم لدهري .. ولنعلن اننا كنا قد تبرأنا من عيسى الشامي منذ زمن بعيد وان جورجيت لا تعتبر من عائلة الشامي ولا يهم ان تزوجها ابن الدهري او غيره . نقل الوجهاء لعائلة الدهري ان سالم يستطيع ان يتزوج جورجيت متى شاء وان هذا الامر لايعني عائلة الشامي بشيء ... فردت عائلة الدهري وقالت : ومن قال ان " سالم " سيتزوجها .. اننا طلبنا جورجيت كجارية نفعل بها ما نشاء وليست كزوجة لإبننا . فوجىء الوجهاء والوسطاء برد عائلة الدهري وفوجئوا اكثر حينما ردت عائلة الشامي بأن هذا الامر لا يعنيهم بشيء .. فجورجيت لا تعني عائلة الشامي بشيء . الوسطاء والوجهاء من العائلات الاخرى اعتبروا ان احضار جورجيت مع الجاهة ستكون اهانة للوجهاء اذا لم تكن زوجة. استمرت المفاوضات اياما اخرى واستطاع احد الوجهاء ان يقنع سالم الدهري بعمل عقد زواج مجرد كلام على ورق للخروج من هذا المأزق ووافق الدهري على ذلك وحُدد موعد الصلحة بين عائلتي الشامي والدهري . ووصل الخبر الى ام جورجيت التي كاد ان يطير عقلها .. وبدأت تفكر اين تهرب لتخبىء ابنتها ولكن لم يكن هناك وقت للتفكير فقد حضر شبان وكبار عائلة الشامي لأخذ جورجيت وارسالها الى عائلة الدهري .. امسكت ام جورجيت بإبنتها .. واخذت تبكي وتبكي معها ابنتها .. امسكوا ام جورجيت من شعرها والقوها ارضاً وهي تصرخ وسحبوا جورجيت معهم وهي تصرخ وهم يشتموا والدتها وينعتوها بالداعرة وان ابنتها ابنة حرام . تعالى صوت الصراخ والبكاء والنحيب وتلقت ام جورجيت وجورجيت عشرات الصفعات والركلات . فسقطت ام جورجيت على الارض مغشياً عليها ليتبين فيما بعد انها ماتت بنوبة قلبية من القهر والغيظ وحُملت جورجيت واُرسلت الى عائلة الدهري وهي لم تبلغ الخامسة عشرة من العمر . وتم الصلح بين العائلتين وعادت المياه الى مجاريها وكأن شيئا لم يحدث. جورجيت التي ما زالت تبكي وهي لاتدري ماذا يحدث حولها .. لماذا وكيف وماذا فعلت ؟.. لم تعلم انها وعائلتها كبش الفداء للشامي والدهري .. ارُسلت جورجيت الى بيت سالم الدهري حيث تسكن زوجته الثانية وطلب منها ان تُبقي جورجيت عندها حتى يفرغ سالم الدهري من العزاء في اخيه وحتى تلك اللحظة لم يرى سالم الدهري جورجيت بل سمع عنها مثله مثل الآخرين. جورجيت امضت ايام في بيت زوجة سالم الثانية وكانت تبكي ليل نهار وترجو زوجة سالم ان تعيدها الى امها قائلة : " منشان الله يا خالتي رجعيني علي امي .. انا ما عملت اشي .. مشان الله انا لازم اروح واطعم ابوي علشان ما بقدر يوكل لوحدو" .. ولم يكن بيد زوجة سالم شيء لتفعله لهذه المسكينة سوى ان تحضنها وتبكي لبكائها وتقول : يا ريت يا بنتي بايدي شيء اعمله .. ويا ريت بقدر ارجعك لاهلك .. انت اليوم زوجة سالم الدهري الثالثة وعلى ذمته ، وين ما حتروحي راح يلحقك ويجيبك ... وفي ساعات ما بعد منتصف الليل وبعد ان انتهى سالم الدهري من اخذ العزاء بأخيه الذي قُتل وودع ضيوفه عاد الى البيت وما ان فتح الباب حتى رأى ما لم يصدقه عقله.. ووقف مذهولا ، جمال جورجيت الاخاذ اذهل سالم الدهري وهو الذي سمع بها ولم يراها من قبل لم يصدق سالم الدهري ولم يكن ليصل خياله وتصوره بأن على هذه الارض مثل هذا الجمال ... وقف كالصنم وعيونه تتفحص جورجيت من اخمص قدمها الى رأسها وقال لها : لقد كذبوا جميعا في وصفك فأنت اجمل مئات المرات من الوصف الذي ذكروه . جورجيت جالسة في زاوية الغرفة بعد ان انهكها التعب والارهاق وما زالت اثار الدموع في عينيها ، لم تفهم ما قصده سالم الدهري ولم تعرف من يكون هذا الشخص الغريب ... اقترب سالم من جورجيت وجلس بجانبها واخذ يتحسس جدائل شعرها الطويل واتقدت في عينيه نار الشهوة كذئب جائع استفرد بحمل وديع وبأصابعه اخذ يفك الجدائل وبكل عفوية وبراءه سحبت جورجيت جدائل شعرها من يد سالم وقالت : لا تفكها يا عمو ... ماما بتزعل مني بعدين ، ابتسم سالم الدهري ابتسامة صفراء خبيثة ممزوجة بالشهوة ... وقال : لا تخافي ماما مش راح تزعل وانت كبرت على الجدايل ولازم تفردي شعرك علشأن تصيري عروسه . - فقالت : لا انا ما بدي ماما بتزعل مني الله يخليك عمو رجعني عند ماما . - فقال سالم وهو يكتم غيظه : خليكي شاطره واسمعي الكلام وبكره بوخذك على الماما صمتت جورجيت واحنت رأسها واطرقت بعينيها الى الارض وضمت يدها على الاخرى ظنا منها انها بهذه الطريقة ترضي سالم وتكون " شاطرة " ليعيدها الى امها ولم يكن سالم الدهري من الانسانية ليشعر انه امام فتاة بريئة لا تفقه من امور الحياة شيئا وانها عاشت حياتها منذ ولادتها معزولة عن الدنيا بحكم ظروفعائلتها ولم تعرف الا والدتها ووالدها اللذين كانا مشغولين عنها ليلا ونهارا في العمل الشاق من اجل توفير لقمة العيش لهم .. ولم يكن لها اخ او اخت ولا صديق او صديقة ولم تكن تسنح لها الفرصة الا كل عدة اشهر لساعات معدودة للعب مع مجموعة من الاطفال القادمين مع عائلاتهم لتتنزه بالقرب من المزرعة التي سكنتها مع عائلتها وهذه الظروف جعلت من جورجيت تبدو في تصرفاتها كطفلة لم تبلغ العاشرة من العمر بالرغم من انها بلغت الخامسة عشرة ذات جسد ممشوق وجمال يبهر الابصار ... استمر سالم الدهري يفك جدائل شعرها .. ولم يكن ليستطيع ان يتمالك نفسه ويجمح نار الشهوة المشتعلة بداخله والتي كانت تزيد التهابا كلما لامست يداه كتفي جورجيت وهو يفك جدائلها وبشراسة حيوان مفترس مزق فستانها البالي بكلتا يديه ؛ وبعنف وبدون رحمه وجورجيت تصرخ من الالم وتقفز من جانبه مشدوهه مذهولة ؛ مصدومة لا تدري ماذا يحدث .. وتصرخ " حرام تضربني يا عمو منشأن الله انا ما عملت شيء " وتبكي ويلاحقها سالم الدهري ويطاردها في ارجاء الغرفة ويشدها من شعرها ويمزق ما تبقى عليها من ثياب ..... تسقط جورجيت على الارض ويلقي بجسده الثقيل عليها ، يغشى على جورجيت لتصحو بعد عدة ساعات ... تفتح عيونها ومن اثر الصدمة لا تدري ان كان ما حدث كابوسا ام حقيقة .. ترى امام عينيها زوجة سالم الثانية والدموع في عينيها ... تضمد جروحها وتحاول ان تحرك جسدها لكنها لم تستطيع من شدة الألم تحرك رأسها ولو قليلا فقد كانت تشعر بألم وجروح على رقبتها وكتفيها وصدرها ... وتعي فورا انها لم تكن في حلم ولا في كابوس ، تبكي بحرارة وتقول لزوجة سالم الثانية التي ما زالت تضمد جروحها " ليش يا خالتو انا شو عملت .. ليش يا خالتو " اخذت زوجة سالم رأس جورجيت ووضعتها في حضنها بحنان ولم تتمالك نفسها بأن تعتقل دمعتها التي خرت على خدها من جراء ما حصل لهذه المسكينة وقالت لها : " معلش يا بنتي بكره بتنسي " .. واخذت جورجيت وهي تبكي تسأل زوجة سالم اسئلة كثيرة واحتارت زوجة سالم كيف ترد عليها وهي تدرك ان براءه جورجيت لن تستوعب ما حدث ... مرت ايام وجورجيت ما زالت طريحة الفراش تعتني بها زوجة سالم ليل نهار ورغم الحظر الكبير الذي فرضه سالم الدهري بمنع أي من كان من رؤية جورجيت الا ان بعض النساء والصبايا من عائلة الدهري حضرن خلسة لزيارة جورجيت ومواساتها والعناية بها ... وكان لذلك الاثر الكبير في ان تحسن حالة جورجيت وتستعيد قوتها من جديد. وبعد مرور عشرة ايام وفي ساعات الليل دخل سالم الدهري الى الغرفة حيث ترقد جورجيت وبجانبها زوجته الثانية دون سابق انذار وطلب من زوجته الثانية ان تخرج وتغلق الباب خلفها واخذت جورجيت تصرخ وتبكي وتمسك برداء زوجته وتتوسل اليها بأن تأخذها معها ولا تتركها معه ، الا ان سالم صرخ بها ان تخرج فورا وتوسلت له ان يتركها فهي ما زالت مريضة ولكن سالم شدها من شعرها والقاها خارج الباب واغلقه وجورجيت نائمة على السرير تبكي وتغطي وجهها بكلتا كفيها .... لم تقاوم هذه المرة ولم تدافع عن نفسها بل اكتفت بأغماض عينيها واخفاء وجهها بيديها . مرت الاسابيع والاشهر وجورجيت حبيسة الغرفة لا يسمح لها بالخروج او لقاء احد واعتادت جورجيت على الشر الذي لا بد منه بأن يزورها سالم كل عدة ايام لتغمض عينيها وتغطي وجهها. توقفت جورجيت عن البكاء وبدأت تفهم ما يدور حولها .... ومر عام كامل على هذا الحال وهي لم تر الشمس لمرة واحدة خلال كل هذه المده وما تعلمته خلال هذا العام كان اكثر مما كان يمكن ان تتعلمه خلال عشرات الاعوام ... فزوجة سالم كانت بمثابة الام الحنون لجورجيت ، الا ان جورجيت كانت دائمة السؤال عن والدها ووالدتها فكانت الاجابة تأتيها دائما من زوجة سالم الاولى انهم بخير . وفي احدى الزيارات السرية ..!! وفي احدى الزيارات السرية التي كانت تقوم بها نساء وصبايا عائلة الدهري لجورجيت لتسليتها والحديث معها واطلاعها على اخر القصص والاحداث ... سألت جورجيت ان كان هناك اخبار جديدة عن ابيها وامها .... فاجابتها احدى النسوة : بأن اخر الاخبار التي وصلتهن بأنهما بخير وقد بعثا بسلاماتهم الحارة مع احد النسوة لك ووعدا بانهما حينما تسمح الظروف سيأتيان لزيارتك . احدى الصبايا الجالسات والتي كانت تستمع للحديث لم تتمالك اعصابها واخذت تبكي لتخرجها احدى النسوة بطريقة اثارت الشكوك عند جورجيت . تغير لون جورجيت وقالت بنبرة حزينة والدموع تترقرق في عينيها " كل مرة بسألكن عن اخبار اهلي بتقولن لي انهم بخير ، وعيونكن بتقول غير هيك ... انا مش مصدقة اللي بتحكوه قولن الحقيقة وما تخافنش انا كبرت كثير وراح اتحمل أي خبر .. ما تخلوني اتعذب .. ريحوني واحكن لي شو اللي صار " كلام جورجيت جعل كل الجالسات معها يبكين ولم يعد هناك جدوى من اخفاء الحقيقة عنها اكثر من ذلك وبدأت احداهن تروي الحقيقة وقالت : ان والدتك قد ماتت في نفس اليوم الذي احضروك فيه الى هنا ولم ينتبه لموتها احد وبقيت ملقاة على الارض لعدة ايام فتوفي والدك بعد ايام ... ليلحق بوالدتك ، لم تستطع المرأة ان تكمل حديثها واخذت تبكي وجورجيت فاجأت الجميع بأنها لم تسقط من عينيها دمعه واحدة وكأن الدمع قد جف من عيونها وبهدوء وثقة وحزم وجبروت قالت " لا تبكي اللي مات ..... مات بس قولن لي مين دفنهم ... ووين دفنوهم "ونظرة النسوة باستغراب لتماسك جورجيت واهتمامها بمكان دفنهما وقالت احداهن : لقد سمعنا انه لم ينتبه لموتهما احد لعدة ايام حتى مر احد الاشخاص بالصدفة من جانب المزرعة وعلم بموتهما وذهب واخبر الناس وتطوع بعض الاشخاص وقاموا بدفنهم .. - وقالت جورجيت : وين دفنوهم بالضبط ..هل دفنوهم بمقبرة عائلة الشامي ؟ خيم جو من الصمت على المكان لسؤال جورجيت واهتمامها بمكان دفنهما ... فقطعت احداهن الصمت الذي خيم على المكان وقالت : كلا لقد تم دفنهما بجوار المزرعة ولم يدفنا بمقبرة الشامي . وقالت احدى الجالسات : الله كبير يا بنتي ... ادعيلهم الله يرحمهم . - ابتسمت جورجيت وقالت : الله هو الله وينو .. اللي مات ... مات ، خلينا نسكر على هالموضوع . وقالت اخرى : البقية في حياتك يا جورجيت والله يرحمهم . ابتسمت جورجيت من جديد وقالت مرة اخرى : اللي مات ... مات سكروا على هالموضوع. وقالت احدى الصبايا غاضبة ... : الله ينتقم من اللي كان السبب وراح ندعي معك ليل نهار انه الله ينتقم منهم. ابتسمت جورجيت ووضعت يدها على كتف الصبية وقالت مرة اخرى : اللي مات ... مات وخلينا نحكي بموضوع ثاني . وقالت زوجة سالم يا جورجيت لا تحشري بقلبك .. : ابكي يا بنتي ابكي وخلي ايمانك بالله كبير . صمتت جورجيت لبرهة ثم قالت : يا خالتي بكفي .. اللي مات .. مات وسكروا على هالموضوع . وقالت احدى الصبايا والتي عمرها من عمر جورجيت والدموع تنهمر من عينيها : والله يا جورجيت لو بدهم يذبحوني الا اروح وادور على قبر امك وابوك واضوي عليهم الشمع ... وامسكتها جورجيت وحضنتها واخذت تمسح دموعها عن خدها وتقول لها : لا تبكي يا حبيبتي ولا تغلبي حالك .. اللي مات .. مات . ارادت اخرى ان تتحدث ولكن جورجيت قاطعتها قائلة : ارجوكم بكفي حكي في هالموضوع اللي مات ... مات. خيم على المكان بعد كلمات جورجيت جو من الحزن والكآبة والوجوه المكفهرة ... والمفاجئة والذهول والاستغراب من تماسك جورجيت واللامبالاة التي ابدتها حيال الموضوع ... وما هي الى لحظات معدودة حتى انقلب الجو الى خوف وذعر ... انتشر بين النسوة والصبايا الجالسات ترافق مع سماعهن...!!!! اصواتا اتية من خارج البيت .... لحظات ويظهر سالم الدهري مع مجموعة من رجال العائلة حاملين بايديهم العصي والسياط وينهالون بالضرب على كل النساء ، وهم يشتمون وسالم الدهري انهال على زوجته بالسوط وهو يصرخ بها : يا كلبة يا زانية ... حذرتك الف مرة انو محدش يحكي مع جورجيت وانت لامه كل النسوان عندها. امسك بشعرها وركلها بقوة .. سقطت على الارض والدماء تنزف من وجهها بغزارة ، واخذ يضرب بالسوط جورجيت على جميع انحاء جسدها ....حتى تعبت يداه وجورجيت واقفة لا تصد الضرب ولا تحني راسها ولا تصرخ ولا تبكي ، وكانها فقدت الاحساس بالالم. هربت النسوة من البيت ولم يبق في البيت الا سالم الدهري وزوجته الملقاه على الارض ، وجورجيت الواقفة على قدميها وضربات السوط قد مزقت ملابسها وتركت ندوباً وعلامات على وجهها وجسدها .... انحنت جورجيت واقتربت من زوجة سالم لترفعها عن الارض ، فصرخ بها اتركيها تموت مثل الكلبة .... لم تكترث جورجيت ورفعت زوجته .. فركلها سالم ببطنها ركله القت بها لعدة امتار .. زحفت جورجيت مرة ثانية لتسعف زوجة سالم الا انه بدأ بركلها بقدميه على وجهها وجسدها حتى اغمى عليها من شدة الضرب ..... افاقت بعد عدة ساعات لتجد نفسها مقيدة في حظيرة الاغنام ، لياتي سالم وهو يضحك ويقول لها : هذا مكانك الصحيح الذي يجب ان تكوني فيه ، ولا تنسي انك ثمن دم اخي !!! منظر جورجيت المقيدة والملقاه على الارض .. وثيابها التي مزقها السوط كاشفة عن الجزء الاكبر من جسدها اثار في سالم نار الشهوة فهجم عليها بسادية لا مثيل لها . مزق ملابسها وفك قيودها حتى لا يبقى ما يمنعه من اشباع شهوته الحيوانية .. وما ان انتهى حتى اخذ يضحك بهستيريا .. وبحركة سريعة لا شعورية امسكت جورجيت بوتد كان بجانبها خصص لربط الابقار وضربت سالم ضربة على وجهه تسببت في فقء عينه اليمنى . صرخ سالم من الآلم وخرج من غير وعي والدم ينزف من وجهه حتى انه لم يصحو على نفسه عندما خرج من الحظيرة عاريا ... مرت ساعات طويلة على جورجيت وكانها الدهر وهي تنتظر عودة سالم الدهري لينتقم منها ، حتى حدث هذا وعاد سالم مضمداً وجهه وعينه ... وقال لجورجيت : عيني راحت يا جورجيت وانا شايفك بعين واحدة مش ثنتين , وانا لو اخذت روحك بدل عيني مش حرتاح وحترتاحي انت ... انت ... للقصـــة بقيــــة ..</b> |
||
02-05-2009, 02:38 PM | رقم المشاركة : 9 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
الجزء التــــاســـع </b> وحترتاحي انت ...انت حلوة كثير يا جورجيت ، والله ما خلق احلى منك ، وانا قررت اني ما اكون اناني واخبيك عن عيون الناس...وضحك بأعلى صوته واخذ ينادي باسماء اشخاص موجودين خارج الحظيرة ...دخلت مجموعة من رجال الدهري الذي تمنوا ان يروا حتى ولو من بعيد جورجيت صاحبة الجمال الخارق ...قال لهم سالم :خذوا نصيبكم منها ، انها مجرد جارية ولم يكن هؤلاء اقل قذارة من سالم ، واخذوا يعتدون عليها الواحد تلو الاخر وهي صامته خائرة القوى ، لا تقوى على ابداء أي نوع من المقاومة . توالت الايام وسالم في كل يوم يحضر معه مجموعة جديدة من اقاربه ، ويجد متعته وهو يراقب كيف يعتدون عليها الواحد تلو الاخر !!! وكان يجبرها على ان تاكل من الفضلات التي وضعت للخرفان في الحظيرة ...لم يكتف سالم بهذا بل اتاها يوما وقال : انت اجمل مره على وجه الارض والله لخليك ابشع مره ، كل رجل اتمناك حتى ولو لحظة ليشوف جمالك ، راح اخليه لما يشوفك يشمئز ....ويتمنى لو انه ما شافك.. قيد يديها وقدميها ، ولم يكن بحاجة لذلك ، فهي لم تعد تقوى على الحراك وامسك بشعرها وقال :ان هذا الشعر الجميل لم يعد يناسبك يا جورجيت ..واخذ مقصا وبدأ يقصه بجنون ومتعه حتى أتى عليه جميعه ...ابتعد عنها لعدة خطوات ونظر اليها وقال :ما زلت جميلة يا جورجيت واخذ سكين وبدأ يشوه وجهها وجسدها بوحشية... ولم يتوقف الا حين ظن انها ماتت بين يديه.. ليهزها بيديه وهو يصرخ : ما تموتيش !!! انا ما بدي تموتي .. وحينما شعر انها ما زالت تتنفس القاها على الارض وخرج ...وفي اليوم التالي عاد ومعه مجموعة اخرى من الرجال ، وقال لهم سالم :ها هي جورجيت الجميلة ..من يريدها منكم فليأخذها !!! اشاح معظمهم بوجوههم عنها تفاديا لرؤيتها ..حتى ان احدهم قد تقيأ من المنظر التي اصبحت عليه ..وهنا ضحك سالم وقال :يا جورجيت الكل اشتهاك وتمناك ..والان لا احد يريد حتى النظر اليك ، كنت اجمل مخلوقة في الوجود واصبحت اقبح من في الوجود ...فاختاري ان تمضي حياتك بين الخراف او اخرجي ليراك الناس واكون قد صنعت لهم مثلا بالقباحة ..ليقولوا اقبح من جورجيت ان ارادوا وصف احد في القبح ...خرج سالم وتركها ولم يهتم حتى باغلاق باب الحظيرة .... ومرت الايام وجورجيت تشارك الاغنام الطعام والشراب وفي احدى الليالي سمعت صوتاً يناديها همسا ...جورجيت جورجيت التفتت الى مصدر الصوت واذ بها صديقتها الصغيرة ..وقد أتت خلسة لرؤيتها ...اختبات جورجيت خلف الاغنام وقالت لها :ارجوك لا تنظري الي !! فبكت الصبية وقالت لها :لا يا جورجيت لا تتخبي ..واقتربت منها الصبية وحضنتها وقالت لها:شو ما عملوا فيك حتظلك احلى بنت في الدنيا كلها ... ومرت ايام اخرى وبدأت جورجيت تعتاد على شكلها الجديد ، واحضرن لها صديقاتها من بنات عائلة الدهري واللواتي كن يحضرن ليلا لزيارتها خشية ان يراهن احد عباءة وخمارا وكفوفا لتخفي جسدها المشوه ...وبعد ان ارتدتها جورجيت واخفت جسدها بالكامل ليصبح من المستحيل ان يرى من وجهها او اي جزء من جسدها قررت الخروج من الحظيرة التي امضت اشهراً فيها ، ولكن مصائب جورجيت لم تتوقف عند هذا الحد بل اكتشف انها (حامل) ووصل الخبر مسامع سالم الدهري والذي كان قد بدأ ينسى امرها.. جن جنونه وجمع اقاربه من عائلة الدهري وقال لهم :ان تلك العاهرة حامل والذي تحمله في بطنها ابن احدنا ، وأتفق الجميع بانه من المحال معرفة ابن من سيكون وعليه فقد قرروا ان يدفنوها ويريحوا انفسهم من هذه القضية ...فحملوها وخرجوا بها الى احدى المقابر ، وفتحوا احد القبور ووضعوها فيه ..وتركوها لتموت داخل القبر هي والجنين الذي تحمله في احشائها وعادوا الى بيوتهم سعداء بعد ان تخلصوا من هذه القضية التي اقضت مضاجعهم . وفي داخل القبر الضيق المظلم والذي تفوح منه رائحة الاموات والعفن ..ايقنت جورجيت انها ستموت لا محالة ...ان لم تكن قد ماتت . اغمضت عينيها مستسلمة للموت الذي تنتظره ...ومن عتمة القبر المغلق ....سمعت صوتاً خافتاً بالكاد يكون همسا ..يناديها : جورجيت جورجيت ...جورجيت .... ارتجفت اوصالها ...وايقنت ان هذا الصوت ما هو الا صوت ملاك الموت الذي سمعت عنه...وقد جاء ليقبض روحها والصوت الهامس ما زال يناديها : جورجيت ...لا تخافي يا جورجيت ...لا تخافي.. في عتمة القبر الضيق حاولت جورجيت ان ترى من اين يأتي الصوت ...ولكنهالم تستطع ان ترى شيئا ...عاد الصوت يناديها من جديد ...: جورجيت لاتخافي ...انا اناديك من تحت القبر ...ادفعي بقدمك اليمنى الحجر وسيفتح لك باب ...فتعالي عندي ...واخذت جورجيت تدفع بقدمها اليمنى الحجر حتى سقط ...ليكشف عن فتحة صغيرة جدا بالكاد تستطيع ان تمر منها زحفا. فزحفت جورجيت على بطنها حتى أخرجت جسدها من الفتحة الضيقة ....وسقطت في مغارة كبيرة جدا ومظلمة تقع تحت القبر ... عاد الصوت الهامس يناديها من جديد ...: جورجيت ....جورجيت ...سيري نحو الامام ولا تتوقفي حتى اقول لك . سارت جورجيت في العتمة عشرات الامتار ليعود الصوت الهامس ويقول لها :جورجيت ...جورجيت ...ادخلي على يمينك يا جورجيت ... ففعلت جورجيت هذا، ووجدت نفسها في مغارة مضاءة بضوء خافت مصدره شمعة مشتعلة من بعيد ، وفي داخل المغارة أسرَّة ...وملابس ...واشياء كثيرة... عاد الصوت الهامس من جديد يناديها : جورجيت ...جورجيت ...لا تخافي انت في امان ، اجعلي من هذا منزلك ، استحمي واستريحي وكلي وافعلي ما شئت ..فستجدين كل ما ينقصك وكل ما تريدين ..ولكن لا تخرجي من هنا ولا تفكري في الخروج حتى تنجبي طفلك ... التفتت جورجيت الى مصدر الصوت ولكنها لم ترى شيئا بسبب العتمة.. وقالت جورجيت للصوت الهامس:اين انا ...ومن يكلمني ؟؟ فرد الصوت الهامس : انت في امان ، انت في بيتك يا جورجيت ...وانا لن تريني حتى تنجبي طفلك .. فقالت جورجيت للصوت الهامس :هل انا حية ام ميتة ؟؟ فرد الصوت الهامس :لا يا جورجيت انت حية ولم تموتي ...والان يا جورجيت ارتاحي ولا تفكري بشيء..وان احتجت شيئا ولم تجديه ...فقط اطلبيه وسيحضر لك بالحال ...واختفى الصوت الهامس ..وتلاشى الخوف وحلت مكانه الطمأنينة في قلب جورجيت وتكيفت مع الحياه في داخل هذا المكان المظلم ، المضاء بنور خافت ، وكانت جورجيت كلما احتاجت شيئا تتكلم وتطلبه لتجده بعد وقت قصير في مدخل المغارة وكأن احدا يذهب ويحضره بسرعة. مرت الايام والاشهر واكتمل حمل جورجيت...وحان موعد ولادتها وانجبت بعد عناء وآلم وتعب ...طفلة كأنها البدر في بهائها ...ومع مولدها ازداد النور في المكان ليصبح كل شيء يرى بوضوح اكثر وكأن القمر اطل على المكان ...احتفالاً بميلادها غسلتها وارضعتها ...ولفتها ...وضمتها الى صدرها وبعد ثلاثة ايام عاد الصوت الهامس ليقول من جديد : جورجيت ...جورجيت ..مبارك ما جئت به يا جورجيت ... ابتسمت جورجيت لعودة الصوت الهامس وهي التي الفته ...وقالت : لقد وعدتني بأنني ساراك بعد ان انجب!!! -فقال الصوت الهامس :نعم سيحدث هذا ولكن اصبري حتى تكتمل الايام السبعة لمولودك وسترينني يا جورجيت . اختفى الصوت الهامس من جديد ...ومرت الايام السبعة وجورجيت تعتني بابنتها ...وقد انستها ابنتها كل الذي حدث معها ...وفي اليوم الثامن عاد الصوت الهامس من جديد واخذ ينادي على جورجيت: - جورجيت ...جورجيت ..ها قد عدت يا جورجيت وسترينني الآن ... ومن حيث مصدر الصوت الآتي من العتمة ، بدأت جورجيت ترى شخصاً يشق الظلام ويتقدم نحوها ..يرتدي الابيض بالابيض ...اقترب منها وامعنت النظر ووجدت امامها امرأة عجوز شعرها ابيض ...وعلى شفتيها ابتسامة وبعيونها حنان ام لابنتها ...شعرت جورجيت بالطمانينة ...وتمنت لو تقفز وتحضنها....اقتربت منها العجوز صاحبة الصوت الهامس ....وحضنتها وقبلتها -وقالت لها :كيفك يا بنتي ..!؟ وابتسمت جورجيت وبدا السرور والفرح على وجهها ...وخاصة ان صاحبة الصوت الهامس ..امرأة فهذا زاد من اطمانينتها وراحتها ..... وقالت جورجيت لها :من تكونين يا خالة ؟؟؟ -فردت العجوز عليها :ستعلمين يا جورجيت ستعلمين ...!! -فقالت جورجيت :متى استطيع الخروج من هنا يا خالة ..؟ -فردت العجوز في أي وقت تريديه يا جورجيت تستطيعين ان تخرجي !!! -فسالت جورجيت :اين انا الان يا خالة ؟؟ -فردت العجوز :انت يا ابنتي في مكان تحت القبور ، الخروج منه من القبور والدخول اليه من القبور وقالت لها :ولكن لماذا تخفي وجهك يا جورجيت ..!؟ اخلعي الخمار ..فهنا لن يراك احد ... -فقالت جورجيت :ما بدي تقرفي مني يا خالة .. -فردت العجوز :لا تخافي يا جورجيت .. ربما الدهري استطاع ان ياخذ جمال جسدك ..ولكن جمال روحك لا احد يستطيع ان يأخذه ..لا تخافي يا جورجيت وايضا بامكانك ان تعودي جميلة كما كنت يا جورجيت .. -فقالت جورجيت :كيف يا خالة كيف ، ما ظل شيء فيّ ممكن يرجع مثل اول . -فقالت العجوز :كل اشي ممكن يا بنتي كل اشي ممكن ... -فقالت جورجيت :يا خالة انا طيبة ولا ميتة ..انا بذكر انهم دفنوني وما بدفنو الأ اللي بموت . -فقالت العجوز :لا يا ابنتي فالقبور مليئة بالاحياء الذين لم يموتوا ، وليس كل من يدفن يكون قد مات ، وانت لم تموتي يا جورجيت ، ولكن الظروف قد حكمت عليك ان تبقي ميتة وانت حية ....والان يا جورجيت يجب ان تعاهديني عهد لا فكاك منه ... -فقالت جورجيت :اعاهدك يا خالة اعاهدك ... -فقالت العجوز :ساحكي لك ما هو العهد وعلى ماذا ستعاهديني . واخذت العجوز تعلم جورجيت وتشرح لها عن العهد واسبابه ...مرت اشهر وكانت عائلة الدهري قد نسيت قصة جورجيت ولم يبق يذكرها احد ...وفي ليلة شتاء عاصفة ومعتمة كان يجلس سالم الدهري في بيته ...وسمع طرقا على الباب تكرر الصوت ...وقام سالم الدهري وفتح الباب ...ليرى امرأة مقنعة بالاسود من اخمص قدمها الى راسها ...وفي ثوان ...ودون استئذان ..دخلت المرأة البيت ...وقف سالم الدهري ينظر اليها مستغربا وقال : - من انت وماذا تريدين ؟؟؟ -قالت المقنعة :لهلأ ما عرفتني يا سالم ؟! فرد سالم الدهري الذي ما كان ليخاف او يرتعش من شيء فقلبه اقسى من الحجر: - الصوت بذكرني بواحدة بشعة كثير ، ماتت من زمان ، شو انت شبحها ولأ انت طيبة وما مت.. يالله شيلي هالخمار علشأن اشوف ابشع مخلوقة صنعها الدهري ... -فقالت :سالم يا دهري... انا ما مت ولا راح اموت ، ما دام كلب من دم الدهري فوق الارض . رفع سالم الدهري يده ليضربها كما اعتاد بالسابق ، الا انها امسكت يده وادارتها بسرعة البرق ليصرخ سالم من الم كسر العظم ...ويصرخ بذهول :انت لست جورجيت ...من تكوني ...؟؟؟؟ -وضحكت وقالت :انا لعنتك يا سالم ، انا لعنة الدهري والشامي ، من دمكم ولحمكم ، خلفت بنت مين ابوها يا سالم ، انت ولأ اخوك ولأ عمك ولأ خالك ، ولأ ولادهم مين ابوها من رجال الدهري يا سالم ..؟ بنتي حتخلف بنت وبنتها حتخلف بنت وكل بنت حتخلف بنت وانا وبناتي حنظل لعنة حتطاردكم وتطارد كل ذكر من دمكم... وبدل القبر اللي دفنتوني فيه ، حنفتحلكم الف قبر وقبر. وبحركة سريعة من يدها ازاحت الخمار عن وجهها والعباءة عن جسدها ليطل من خلف العباءة والخمار ..اجمل جسد ووجه في الدنيا......ظهرت علامات الذهول والصدمة على وجه سالم الدهري فجورجيت عادت اجمل مما كانت عليه بعشرات المرات وقالت جورجيت :- يا سالم يا ابن الدهري ,انا جورجيت احلى بنات الشام واحلى بنات الدنيا كلها وكل بنت حتحمل دمي،حتكون احلى بنات الدنيا ومش حيكون احلى من بنات جورجيت في الدنيا كلها ...وكل ذكر حيشوف وجه جورجيت او بنت من بناتها .حينفتحلو قبر وحيفتح قبر وحيعيش بقبر . وخرجت جورجيت تاركه سالم الدهري مذهولا لا يصدق ما حدث امامه ... صدمة قوية اصابت سالم الدهري ... لف يده وخرج وجمع اقاربه وتوجهوا معاً رغم الجو العاصف والامطار التي كانت تنهمر بغزارة الى المقبرة التي دفنت فيها جورجيت. احتاروا واختلفوا مع بعضهم حول القبر الذي دفنوها فيه...واستقروا اخيراً على احد القبور، وبدأوا برفع التراب عن القبر ليفتحوه ويروا ان كانت جورجيت حية ام ميتة ، وحينما فتحوا القبر شاهدوا شموعاً مضاءة ، ورائحة زكية تنبعث من داخل القبر .. أخذ رجال الدهري ينظرون بوجوه بعضهم البعض ونفس السؤال يدور في رؤسهم جميعا ... اين اختفت جثة جورجيت ؟ من فتح القبر واضاء الشموع ..؟ كيف يمكن للشموع ان تبقى مشتعلة داخل قبر مغلق ... وبدأ سالم الدهري يصرخ بمن حوله قائلا : هل انتم متأكدون بأن هذا القبر هو القبر الذي دفناها فيه ...؟! اكد بعضهم وشكك آخرون .. واصر سالم ان يقوموا بفتح عدة قبور اخرى لقطع الشك باليقين وقام اقارب سالم بفتح عدة قبور اخرى مرغمين تحت الحاح سالم وكل منهم يحاول اخفاء الخوف الذي اعتراه عن اعين البقية... وقال احدهم لسالم والجمع الموجود : هيا نعود الى بيوتنا .. لا يوجد شيء يستحق ان نضيع من وقتنا لأجله ..فأن كانت جورجيت حيه فهي ليست الا امرأة ولن تستطيع ان تضرنا بشيء وان كانت ميته فمن المخجل ان نبدأ بالخوف من اشباح الاموات. ايده الاخرون بما قال وقد لاموا سالم الدهري على اهتمامه بهذا الموضوع وبدأوا بالخروج من المقبرة لتستوقفهم ضحكة امرأة ... التفتوا الى مصدر الصوت ولم يستطيعوا ان يحددوا المكان الصادر منه .. تكررت الضحكة كلما هموا بالخروج من المقبرة وتتوقف كلما توقفوا . ويقول لهم سالم : انها ضحكة جورجيت .. هيا لنبحث عنها .. ؟!! لم يوافقه احد على هذا الرأي واجمعوا بأنهم يجب ان يعودوا ولا يأبهون بما يحدث .. ولكن الصوت هذه المرة يناديهم قائلا :وين يا اولاد الدهري ، وين رايحين ؟!! انا "مره" يا اولاد الدهري... و"مره" ما بتخوفكم، بنتكم بتستناكم وبدها تعرف مين ابوها والقبر الّي فتحتوه لازم واحد فيكم يسكن فيه ؛ مين فيكم حيسكن فيه يا اولاد الدهري .. مين فيكم حيسكن فيه ...؟!! انا جورجيت الّلي خلقت منكم لعنة وابوها كل رجال الدهري .. انا جورجيت "المره" اللي ما حتخلي في عيلتكم الا كل "مره" .. واللي بدوا لعنتي ما تصيبوا يعلن عن نفسه "مره"... واخذت جورجيت تضحك بصوت عالٍ ومتواصل ...وسارعوا الخطى وابتعدوا عن المقبرة حتى تلاشى صوت جورجيت ، واخذ كل واحد منهم يتساءل بينه وبين نفسه هل هذا معقول ؟ هل تملك جورجيت القوة لتحقق ما قالته ..!! هل هي ميته ام حيه..؟!! واخذوا في سرهم يلعنون سالم الدهري على هذه الورطة التي اوقعهم بها .. وبعد ذلك دار بينهم حوار حول ما حدث وكل واحد منهم يقوي عزيمة الاخر ويظهر بأنه ليس خائفاً ... سالم الوحيد من بينهم الذي لم يتكلم وصمت طوال الطريق وهو اكثرهم قناعة بأن جورجيت قادره على تنفيذ ما قالته وخاصة انه جربها حينما كسرت له يده في اقل من لحظة ... سالم لم يحكي لاقربائه عما فعلت به جورجيت بأنها هي التي كسرت له يده .. مرت تلك الليلة ثقيلة وطويلة على رجال الدهري لم يذوقوا خلالها النوم ، ومرت ثلاثة ايام اخرى واختفى ابن عم سالم الدهري وبدأوا بالبحث عنه ولكن عبثا كان بحثهم ... مر اسبوع على اختفائه وجميعهم شكوا بينهم وبين انفسهم بان جورجيت ربما تقف خلف اختفائه ..ولكن لم يجرؤ احد ان يذكر ذلك امام الآخرين ، حتى تجرأ احدهم وذكر ذلك ، وذكرّهم بأن جورجيت قد وعدت بأن تدخل "احدنا" القبر الذي تم فتحه ... ويجب علينا ان نذهب لنتأكد ان كان هذا صحيحاً .. في البداية ترددوا في التوجه الى قبر جورجيت ولكن بعد ذلك ذهبوا الى القبر .. ليجدوه مغلقا ، وقد نقشت عليه كلمات تقول ...: هنا يسكن الميت الحي ان كان حيا اخرجوه وان كان ميتا دعوه اذهبوا والقبر لا تفتحوه ان فعلتم فلا بد ان تسكنوه فتحوا القبر ولم يجدوا بداخله الا الشموع المضاءة ، وخيل لبعضهم انهم سمعوا بكاء طفله ، ورأوا بداخل القبر كتابة منقوشة على حجر " لقد فتحتم قبراً جديداً ترى من فيكم سيسكنه لا تحيروني ..وتحتاروا، ان لم تختاروا سأختار منكم ابـاً لابنتي يؤنس وحدتها .. وقف رجال الدهري محتارون .. منهم من يصدق ومنهم من يكذب ، وحل على العائلة كابوس اسمه جورجيت ومر شهر واختفى شخص جديد من عائلة الدهري ، وشهر اخر واختفى اخر وهكذا كلما مرت عدة شهور يختفي احدهم ولا يعود ..واجتمعت عائلة الدهري في جو من الخوف والغضب يتشاورون فيما بينهم عن طريقة للخلاص من هذه الورطه ومرت الأشهر وعائلة الدهري تحفر القبور بحثا عن جورجيت وعن ابنائهم الذين اختفوا ولكن دون جدوى فلا اثر لجورجيت ولا للذين اختفوا ، ولم يجدوا الا كتابات جديدة تزيدهم حيرة وتثير جنونهم اكثر واكثر.. بدأوا يشكون في كل شيء، حتى انهم بدأوا يشكون في بعضهم البعض ووصل شكهم الى عائلة الشامي عائلة جورجيت فربما هي التي تساعد جورجيت في خطف ابناء الدهري ، وارسلوا وفدا الى عائلة الشامي للبحث عن طرف خيط يساعدهم في الخلاص ومعرفة الحقيقة فلا يمكن ان تكون جورجيت لوحدها تقف وراء كل ما يحدث وكانت المفاجأة حينما علموا بأن عائلة الشامي هي ايضا تحفر القبور بحثا عن ابنائها وان لعنة جورجيت قد اصابتهم هم ايضا وعاد الوفد وابلغ عائلة الدهري بما حدث لعائلة الشامي وانقسمت عائلة الدهري الى قسمين منهم من ايد البحث عن طريقة لاصلاح جورجيت وارضائها ومنهم من اعلن رفضه لهذه الفكرة وانه يجب البحث عنها وقتلها بدلاً من الاعتذار لها فما هي الا امرأة ...ومرت سنوات وعائلة الدهري تحيا كابوسا اسمه جورجيت وفي كل فترة يختفي شخص جديد حتى ان عائلة الدهري اعتادت على هذا الوضع ولم يعد رجال الدهري يجرؤون على الخروج ليلاً خوفا من لعنة جورجيت . ورغم كل ذلك استطاعت عائلة الدهري ان تخفي عن الجميع ما حدث لها وتبقى الامر سرا فمن العار ان يعلم احد بان امرأه فعلت بهم كل هذا والويل كل الويل ان علمت احدى نساء او بنات الدهري بهذا الموضوع وتحدثت به مع اي كان ولكن معظم نساء الدهري وبناتها ...علمن في الموضوع من خلال تصنتهن على اجتماعات رجال الدهري المغلقة . |
||
02-05-2009, 02:40 PM | رقم المشاركة : 10 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
الجزء العــاشـــر </b> |
||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|