العودة   منتديات الفطاحله > منتديات الأدب العربي/يمنع الفيديو > منقول الأدب العربي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 26-01-2006, 01:31 AM   رقم المشاركة : 1
ذيب السنافي




معلومات إضافية
  النقاط :
  الحالة :

 

Post شجاعة الرجال فى الدفاع عن الشرف


شجاعة الرجال فى الدفاع عن الشرف
صراع مع الشـر



محمود البدوى


كانت الحرب دائرة بين الألمان والإنجليز فى الصحراء الغربية .. وكان الإنجليز وحلفاؤهم يفرون مذعورين كالجرزان أمام ضربات روميل القاصمة .

وأخذوا يحرقون أوراقهم فى القاهرة ويعدون العدة لنسف الكبارى والمنشآت العامة وتدمير المدن المصرية على أهلها الوادعين .. كانوا ينسحبون انسحابا عاما .. ويعودون من الميدان شاعرين بمرارة الهزيمة ، فيرتكبون فى العاصمة ابشع الجرائم .

وكانوا وهم يتراجعون فى ذعر يرسلون قوافلهم عـبر الصـحراء تحمل ما تبقى لهم من الرجال والعتاد .

وخرجت سيارة من هذه السيارات من معسكر العباسية متجهة إلى الميدان وكان بها خمسة من الإنجليز وسائق العربة ، وكانت قد مرت من النفق وهى تمضى سريعا ، فلما صعدت المنحدر واستوت فى أول شارع الهرم تمهلت قليلا .

وكانت توحيـدة ورفيقتها انشراح عـائدتين الى البيت .. وكانتا تسرعان قبل الغروب وقبل ظلام الحرب .

مرت بجانبهما السيارة وبعد أن تجاوزتهما قليلا توقفت فجأة ونزل منها جندى بريطانى فى قفزة سريعة وأمسك بتوحيدة .. وهربت رفيقتها مذعورة بين المزارع وهى تولول وتصيح بأعلى صوتها .

وتجمع الناس فى الشارع ، ولكن الجنود الانجليز كانوا قد حملوا توحيدة إلى السيارة وانطلقوا بها فى سرعة المجنون .

ونظر الناس بعضهم إلى بعض وكانوا يعلمون أنه ليست هناك قوة يمكن أن تحميهم من هذا العدوان المسلح ، أو تجعلهم يقابلونه بمثله .. فاصفرت وجوههم .

أما إنشراح فقد جرت إلى منـزل توحيدة وأخبرت زوجها بما حدث فخرج يعدو كالمجنون إلى شارع الهرم .. وهناك طالعه الظلام والسكون فلم يكن هناك أثر لسيارة أو ظلها فوقف يدير عينيه حائرا كالمخبول .. ثم انطلق فى عرض الشارع وقد شرد ذهنه وشلته الفاجعة المباغته عن أى عمل .. وعندما اقترب من النفق رأى جماعة يقفون على واجهة حانوت بقال ويقصون الحادث .. فنظر اليهم فى غيظ

وقال لنفسه :
ـ هذا ما تصلحون له ايها الجبناء .. تتجمعون وتتحدثون كالنساء ..

وكان قد فكر فى أن يذهب إلى مركز البوليس .. ثم عدل عن هذه الفكرة وهو يقول لنفسه :
ـ وما الذى سيفعله لى البوليس .. ؟
لاشىء..

***

وارتد عائدا إلى منـزله .. واستلقى بكامل ملابسه على السـرير دون أن يشعل النور .. وقد رأى أن يترك البيت كله فى الظلام حتى لا يزعجه المتطفلون والمواسون باسئلتهم السخيفة .. فيزيدونه تعاسة على تعاسه ..

وكان يدخن والظلام على أشده ونافذة الغرفة مفتوحة .. وألسنة الأنوار الكاشفة تضىء السماء .. ولم يكن فى البيت أحد سواه .. وكان قد تزوج توحيدة منذ خمسة شهور فقط ..

كانت فقيرة مثله .. ولكنه كان سعيدا بفقرها .. وكان يحبها حبا جما .. كانت كل شىء له فى الحياة .. وكل أمانيه وكل أحلامه .. واستقرت آماله كلها عليها وتجمعت فيها ..

وكان يعمل فى شركة من شركات الدخان الكبيرة فى منطقة الجيزة .. ولذلك أجر لها هذا المسكن قريبا من الشركة .. ليخرج من عمله طائرا إليها مرتميا فى أحضانها .. فقد كانت تنسيه همومه ومتاعبه ومشاغل النهار كله وما يلقاه فى الحياة والمصنع من عنت واجهاد ..

وكان يحمل إليها كل شىء بنفسه من السوق حتى لاتخرج من البيت فقد كانت جميلة باسمة كورد الربيع ..

وكان يغار عليها حتى من شعاع الشمس الساقط على وجهها ..

ولكنها خرجت اليوم هى وجارتها انشراح لزيارة أمها وذهبت من غير رجعة .. اختطفها الأنذال ..

***

وقبل منتصف الليل سمع الباب الخارجى يفتح .. ودخلت توحيدة .. ولم يتحرك من مكانه ولم يبادلها كلمة ..

وكانت قد اشعـلت نور الردهـة ثم ارتمت على كنبـة ملاصقة للباب .. ولو لم تكن الكنبة مكانها لارتمت على الأرض ، فقد كانت فى حالة من الإعياء التام .. وكان وجهها مصفرا وشعرها منفوشا وملابســها ممزقة فى أكثر من موضع من جسمها .

وكان من يراها وهى متكورة على الكنبة وقد دفنت رأسها فى الوسادة وقوست ظهرها ووضعت ساقيها تحت فخذيها وتركت ضفائر شعرها محلولة تغطى عنقها وتمتد إلى ظهرها يتصور انها ضربت عارية بالسياط حتى أدمت وحتى تقطعت أنفاسها .
وكانت قد أدركت بحسها بعد أن دخلت وألقت بنفسها على الكنبة .. أن زوجها سعيد راقد هناك فى الغرفة الأخرى متيقظ .. وقلق .. وتنهش رأسه الخواطر المروعة التى دمرته تدميرا .. وشلت جسمه ومنعته من الحركة ..

وبقيت فى مكانها الى الصباح .. ومع خيوط الشـمس تحركت ودخلت غرفته .. وكان لايزال على حاله منطرحا بكامل ملابسه على السرير .. وأعقاب السجائر ملقاة فى كل مكان من الغرفة .. وكان وجهه محتنقا وعيناه حمراوين فى لون الدم .. والدم ينفر من عروق جبهته ، وسحنته سحنة ذئب أغبر حيل بينه وبين فريسته ..

وقالت له بصوت خافت وهى تتناول قميصا لها من فوق المشجب :
ـ مش رايح الشغل يا سعيد ..؟
فلم يرد عليها وأغمض عينيه حتى لايراها .. ورأت وجهه يتقلص على صدره .. وغيرت ملابسها الممزقه وخرجت إلى المطبخ وأعدت له فنجان الشاى الذى تعده له كل صباح ووضعته بجانبه .. وخرجت .. وبعد قليل عادت فوجدت الفنجان لم يمس .. فلم تقل شيئا ..

وانتابتها نوبة صرع .. وأخذت تنشج وتتمتم بكلام لا معنى له .. كانت تود أن تقول له أن أحدا لم يمسها وأنها قاومتهم وأعملت فيهم أظافرها وأسنانها ولما يئسوا منها ألقوها فى العراء ..
كانت تود أن تقول له هذا .. ولكنها لم تستطع ..

ولم يدر بماذا تتمتم .. ولم يسمع شيئا .. كانت نار مشتعلة فى جسمه .. وكان لهب أحمر يشتعل هناك فى رأسه .. وثورة عاتية قد اجتاحته ..

كان لايفكر فيها ولا يحس بوجودها .. وانما يفكر فى هؤلاء الأنذال الذين دنسوا شرفه ويتصور ما حدث كله على بشاعته .. يتصورهم وهم يضعون أيديهم الدنسة على جسمها ويقضقض ويصر بأسنانه من الغيظ ويود أن يحطم كل ما حوله تحطيما ..

ورآها تخرج ملابسها من الدولاب وتضعها فى حقيبتها .. ثم سمعها تقول :
ـ أنا ماشية يا سعيد ..
ولم يقل لها كلمة .. ولم يتحرك من سريره وسمعها تفتح الباب وتخرج ..

***

وفى الليلة التالية خرج سعيد فى فحمة الليل .. وكمن فى طريق السيارات الإنجليزية الذاهبة إلى الميدان ، ورأى سيارة تخفف من سرعتها ورأى على ظهرها ثلاثة أو أربعة جنود ، واقترب كالثعلب حتى احتمى فى جذع شجرة وأطلق الرصاص وسمع صرخة مفزعة .. ثم أخذ يعدو بكل قوته ..

وكانت النيران الحامية تطلق فى أثره .. والأنوار الكاشفة تسلط عليه .. وأصيب فى فخذه ومع ذلك ظل يجرى حتى بلغ منزله.

وكانت ملابسه قد تلطخت بالدم النازف من جرحه .. وبلغ منه الاعياء مبلغه ومع ذلك شعر براحة نفسية وبفرحة كبرى لأنه انتقم لعرضه وشعر بحنين إلى زوجته وود لها لو أنها كانت معه الآن ليعانقها ..

وكانت أعصابه قد هدأت وشعر بحنين إلى النوم .. فنام .. واستيقظ فجأة على حركة شديدة على السلم وتسمع وعرف أنهم تقصوا أثره وعرفوا مكانه ..

واشتد قرع الباب وسمع صياحا بالعربية والإنجليزية وحركة نعال ضخمة تهز الباب .. وأمسك مسدسه وأطلق على نفسه الرصاصة الأخيرة (*) ..

***

وعنــدما حطمــوا البـاب وجــدوه هنـاك ملطخــا بالـدم .. وعلى فمــه ابتســامة النصـــر..

===========================

نشرت القصة بمجموعة " العذراء والليل " لمحمود البدوى 1956

----------------------------
(*) تنبيه : لا يجوز للمسلم قتل نفسه .. قال تعالى "وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً"


منقووووووووووووووووووووووووول







توقيع ذيب السنافي
 
  رد مع اقتباس
قديم 27-01-2006, 09:52 PM   رقم المشاركة : 2
حسام الشعر
(خليل المطيري)شاعر





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :حسام الشعر غير متواجد حالياً

 

افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم

ذيب السنافي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الف الف شكر على هذه المشااااااااااااااااااااااركه
والله يعطيك الصحه على ما نقلت لنا
بارك الله فيك وفي جهودك


اخوك
حسام الشعر






توقيع حسام الشعر
 
  رد مع اقتباس
قديم 27-01-2006, 09:58 PM   رقم المشاركة : 3
ثار التميميه
V.I.P مؤسس
 الصورة الرمزية ثار التميميه





معلومات إضافية
  النقاط : 20
  الحالة :ثار التميميه غير متواجد حالياً

 

افتراضي


قصه رائعه جدا

شكرا لك على النقل الرائع







توقيع ثار التميميه
 
  رد مع اقتباس
قديم 28-01-2006, 02:54 PM   رقم المشاركة : 4
ذيب السنافي




معلومات إضافية
  النقاط :
  الحالة :

 

افتراضي


الاخ حسام

والاخت ثار

شكراً لكم

على
المرور

شكرا







توقيع ذيب السنافي
 
  رد مع اقتباس
قديم 01-02-2006, 01:13 AM   رقم المشاركة : 5
الخنساء
عضو شرف
 الصورة الرمزية الخنساء





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :الخنساء غير متواجد حالياً

 

افتراضي


شكرا اخوي ذيب القصة رااائعة لاهنت بانتظار المزيد ونحن متابعين تحياتي







توقيع الخنساء
 
  رد مع اقتباس
قديم 02-02-2006, 03:37 AM   رقم المشاركة : 6
أم ريما
عضو شرف
 الصورة الرمزية أم ريما





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :أم ريما غير متواجد حالياً

 

افتراضي


قصه جميله


مشكور اخوي ذيب على النقل يعطيك العافيه يارب


تحياتي لك







توقيع أم ريما
 
  رد مع اقتباس
قديم 02-02-2006, 03:37 PM   رقم المشاركة : 7
الريم
وردة الفطاحله/عضو شرف
 الصورة الرمزية الريم







معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :الريم غير متواجد حالياً

 

افتراضي


قصه راائعه بالفعل

مشكور ذيب على الاختيار المميز,,يعطيك العافيه







توقيع الريم
 
  رد مع اقتباس
قديم 02-02-2006, 07:42 PM   رقم المشاركة : 8
ذيب السنافي




معلومات إضافية
  النقاط :
  الحالة :

 

افتراضي


اقتباس:
شكرا اخوي ذيب القصة رااائعة لاهنت بانتظار المزيد ونحن متابعين تحياتي
شكراً أختي الخنساء

شكراً على مرورك

اقتباس:
قصه جميله


مشكور اخوي ذيب على النقل يعطيك العافيه يارب


تحياتي لك
شكراً أم فيصل

على مرورك

وشكراً على ردك والله يبلغك شوفة فيصل معرس

اقتباس:
قصه راائعه بالفعل

مشكور ذيب على الاختيار المميز,,يعطيك العافيه
هلابك أوخيتي ريم

مشكورة على المرور

وشكراً على الرد






توقيع ذيب السنافي
 
آخر تعديل ذيب السنافي يوم 02-02-2006 في 07:48 PM.
  رد مع اقتباس
قديم 04-09-2006, 11:51 PM   رقم المشاركة : 9
عالي مستواها
عضو شرف
 الصورة الرمزية عالي مستواها





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :عالي مستواها غير متواجد حالياً

 

افتراضي


مشكور أخ ذيب على هالقصه الرائعه

وان شاء الله ان اخوانا يكونون مثله بس دون قتل وقتيل

يعطيك العافيه







توقيع عالي مستواها
 

،،لاإله إلا الله ..أجمل العبارات إن ضاقت الكربات ،،و زادت الآهات واشتدت الأزمات ،،
فاللهم ارزقنا نطقها عند الحاجات ونجنا بها بعد الممات
  رد مع اقتباس
قديم 03-12-2010, 08:15 PM   رقم المشاركة : 10
القعود
ضيف





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  الحالة :القعود غير متواجد حالياً

 

افتراضي


كتبت فاجزلت
جزيت خيراً
تحياتي







توقيع القعود
 
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:35 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات الفطاحلة