25-09-2008, 07:49 PM | رقم المشاركة : 1 | ||
|
توارد الأفكار وتقارب الخواطر عند الشعراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ماذا نعني بتوارد الأفكار وتقارب الخواطر بين الشّعراء ؟ وما الفرق بين الإقتباس والتّضمين ؟ والسّرقة الأدبيّة؟ العقول البشريّة متقاربة إلى حد كبير , وتختلف في فروق فرديّة طفيفة من عقل إلى آخر وكذلك مكتسبات هذه العقول من المعلومات وطريقة التّفكير والتحليل والإستنتاج تتقارب بتقارب بيئة العقل . فالأشخاص الذين عاشوا في نفس المحيط والبيئة تتشابه مكتسبات عقولهم بتشابه بيئتهم كذلك . فتجد الشّخص العربي على سبيل المثال , اقرب إلى تفكير بني جلدته من العرب عن غيرهم من الشّعوب . وينطبق هذا المبدأ على اصحاب الإبداع , وبما أننا في الشّعر هنا , سننظر إلى الموضوع من هذه الزّاوية . فتتوارد افكار الشّعراء بغالبيّتِهم وتتقارب خواطرهم واستخدامهم لقوالب اللغة في بناء البيت ومنه إلى القصيدة . وكم تشابه قول الشّعراء إلى حدّ التّطابق أحياناً . فعلى سبيل المثال قال امرؤ القيس يصف جواده , مُكرٌ مفرٌ مُقبلٌ مدبرٌ معاً=كجلمود صخرٍ حطّه السّيلُ من علي حيث وصف الجواد في مصراع البيت الثّاني (العجز) بسقوط الجلمود من أعلى مع جريان السّيل . وبعد مئات السّنين جاء محسن الهزّاني واستخدم نفس الوصف في رثاءهِ للشيخ مسلط الرّعوجي حيث قال : أدلا على ركن مـن الخيـل كنـه=جلمود صخر حطه السيل من عـال قال البعض على إستحياء بأن الهزّاني سرق قول امرؤ القيس ولكن ما حاجة الهزّاني إلى ذلك وهو الشّاعر الفجل الجزل , ولماذا يُقال سرقه ولا يُقال (توارد افكار وتقارب خواطر) فكما تشابه اللفظين هنا تشابهت الفاظ الشّعراء قديماً وحديثاً ولا يُمكن بحالٍ من الأحوال إعتبارُها سرقة . ومن الأمثلةِ على هذا التّشابة والتّطابق احياناً . ما وقع في القصيدتين البائيتين لامرؤ القيس وعلقمة، وكذلك اتفاقه مع طرفة في قوله: وقوفاً بها صحبي عليّ مطيهم=يقولون لا تهلك أسى وتجلد بينما قال امرؤ القيس وقوفاً بها صحبي عليّ مطيهم=يقولون لا تهلك أسى وتجمّلِ ومن توارد الخواطر أيضاً قول ربيعة بن مقروم: لو أنها عرضت لأشمط راهبٍ=عبد الإله صرورةٍ متبتل بينما قال النابغة: لو أنها عرضت لأشمط راهبٍ=عبد الإله صرورة متعبد ويُحكى الكثير عن توارد الأفكار بين الفرزدق وجرير. من ذلك قصّة الرّجل النّجدي الذي مر رجل بالفرزدق بالمربد فقال: من أين أقبلت؟ فقال: من اليمامة. قال: فأي شيء أحدث ابن المراغة ـ يعني جريراً ـ فأنشده: هاج الهوى لفؤادك المهتاج فأجابه الفرزدق مكملاً عجز البيت: فانظر بتوضح باكر الأحداج فقال الرجل صدر البيت الثاني: هذا هوى شغف الفؤاد مبرح فأكمل الفرزدق عجزه: ونوى تقاذف غير ذات حلاج فقال الرجل: إن الغراب بما كرهت لمولع فأكمل الفرزدق: بنوى الأحبة دائم التشحاج فقال الرجل: والله هكذا قال أفسمعتها من غيري؟ قال الفرزدق: لا، ولكن هكذا ينبغي أن يقال، أما علمت أن شيطاننا واحد. وما الشّيطان هنا إلا الفكر والهاجس الشّعري , حيث نُسبت القريحة إلى (قريح)وهو من اسماء الشّيطان , ظناً من العرب قديماً أن الشّعر حالة شيطانيّة . ومن المعيب أن يستمر النظر إلى الشّعر والحالة الإبداعيّة على أنّها شيطانيّة فما عقل اعقل الجن إلا كعقلِ صبيٍّ من الأنس . وهل كرّم الله البشر إلا بالعقل واستخلفهم بهِ على الأرض . فكيف يُنسب الأبداع إلى الجن والشياطين بعد ذلك .وهُم الأدنى والإنسان خليفة الله في ارضه. لماذا تتوارد الأفكار والخواطر بهذا الشّكل ؟ لسببين : الأول أنّ اللغة واحدة (في حالتنا هذه)ومن البديهي أن يحدث هذا التّقارب في إستخدام اللغة والمفردة والثّاني البيئة التي عاش بها هاؤلاء الشّعراء ,هي نفس البيئة والإنسان بشكلٍ عام يتأثر ببيئته سلباً أو إيجاباً وبعض الإستخدامات للصّور كتشبيه شعر المحبوبة بسواد الليل مثلاً بديهيّة تِبعاً للبيئةِ نفسها . إذن مالفرق بين التوارد والتّقارب وبين السّرقة؟ نقول أنّ التّوارد قد يأتي ببيت ضمن النّص وهذا ما درج في تتبع اهل الاختصاص للمسئلة فإن زاد الأمرُ على ذلك صار محلاً للشّك .فالشّوارد تكون في بيت أو بيتين على الأكثر بالنّص , واكثر من ذلك يُتوقّفُ عنده , لندخل إلى مسئلة السّرقة الأدبيّة . (أمّا الإقتباس وهناك فرق أكيد بين السرقة وبين الاقتباس ، لكن المشكلة التي يقع فيها البعض أنه يقتبس دون الإشارة إلى المصدر الأصلي لاقتباسه هذا ، فيقترب من منحدر السرقة وان كانت المحاولة مغلفة بحسن النوايا والله أعلم بما في الصدور . والاقتباس ليس تزويراً ! فنحن أيضاً عندما نستشهد ببعض الآيات القرآنية أو الأحاديث يكون اقتباساً ولكننا نذكر اسم السورة ورقم الآية أو رقم الحديث ومصدره , ولا أرى حرجاً من أن يقوم أصحاب الفكر والأدب باقتباس كل ما هو جيد وممكن من الأفكار لإثراء الساحة الأدبية والثقافية , ولمَ لا ؟! فهناك الاقتباس من الأدب الغربي وإخراجه بروح عربية شرقية ، والعكس صحيح ، والأمثلة كثيرة . ولكن ،، الاقتباس بدون إشارة الى المقتبس منه أو ذكر المصدر ،، هي سرقة صريحة و واضحة وضوح شمس أغسطس , والسرقة سلوك مشين في حد ذاته وانتهاك لأفكار الآخرين وحقوقهم الفكرية والتعدي عليهم وهو نوع من الغش المنهي عنه .)نجوى عبد -الشّرق الأوسط فمتى ما ذكر المُقتبس موضع الإقتباس وأصله برئ من السّرقة . وأمّا التّضمين :فهو ايراد بعض الافكار والمفردات او المعانى او حتى تضمين للخيال من قصائد شعراء اخرين مع وضعها بين ( ) قوسين حتى يتضح التضمين والفرق بينه وبين الإقتباس طفيف ففي الأول يكون الأخذ غالباً بالمعنى مع تغييرهِ بعض الشّيء , كما سبق وذكرت حول الإقتباس من الأدب الغربي إلى الشّرقي مثلاً . فلا يكون مطابقاً له , ولكن من وهجه والعكس صحيح . والتّضمين يُؤخذ البيت الشّعري مثلاً كما هو تماماً ويُوضع بين قوسين لِيُعلم أنّ البيت مُضمّن دون أي تغييرٍ فيه , بغرض تقوية النّص والإستشهاد بقولٍ سابق . وهناك التلميح _ غالباً ياتى بمفرده كما قال ,أو على ماقال وما شابه من صور التّلميح انه سبق القول وليس من إبداع الشّاعر نفسه وهُناك حالةٌ اخرى وهي الإنتحال : وهو الاستحواذ وبجرئة ونسب الفكره والقصيدة والتبجح بإمتلاكها بعد التّلاعبِ بها , والإنتحال والسّرقة نفس الأمر والفرق البسيط بينهُما هو للتمييز بين حالتين إجراميتين فقط .ففي الإنتحال سرقة وغسيل عمل أدبي للسوق السّوداء في عالم الأدب والسّرقة دون أي تغيير أحياناً . -وأمّا السرقة :فهي لطش فنى وتمرير بتغيير بسيط في المفردة مع ابقاء البنيه والسبك -وهُناك التأثر السكيلوجى ( السيطره ) التّامة الإسلوبية وهو خارج عن إرادة الشّخص فتجده يحاكى ويقلد من يحبه دون وعى أن الفكره قد سُبق التطرق لها او حتى المفردة وهذا الأمر يحدث كثيراً جِداً , فتجد بعض من هم جاهزين للنّيلِ من أي شاعر أو مُبدع يقفزون عن كل ما سبق وذكرت من الحالات الأدبيّة , إلى السّرقة مباشرة (كما حدث مع ناصر الفراعنة في شاعر المليون حين أُتُّهم بالسّرقة من البعض )على الرّغم من كون إبداع ناصر لا يلتقي مع الصّنوبري إلا في القافية فقط وأقولُ فقط لا غير ولكن المُشكلة هي في الوعي العام وقلّة المُدركين لهذهِ الأمور الأدبيّة في مجتمعاتِنا. لدرجة أن البعض لا يزال يعتقد أن تشابه القّافية سرقة ولو كان إستخدامها في غرض شعري آخر وعلى بحر ٍ آخر وفي صورٍ اُخرى. هذا مالدي ومن كان لديه ِ تعقيب أو مداخلة فليتفضل . وأرجوا ممن يحضُرهُ شيء من صور التّضمين والإقتباس والإحالات في الشّعر النّبطي أن يذكرها لنا لتعم الفائدة ودمتم بخير جميعاً |
||
25-09-2008, 08:59 PM | رقم المشاركة : 2 | ||
|
رد: توارد الأفكار وتقارب الخواطر عند الش
حياك الله احي الشاعرماجد الزيد |
||
02-10-2008, 12:07 AM | رقم المشاركة : 3 | ||
|
رد: توارد الأفكار وتقارب الخواطر عند الش
كلامك سليم يا ماجد |
||
12-04-2010, 11:54 AM | رقم المشاركة : 4 | ||
|
رد: توارد الأفكار وتقارب الخواطر عند الش
|
||
29-04-2010, 07:20 PM | رقم المشاركة : 5 | ||
|
رد: توارد الأفكار وتقارب الخواطر عند الش
يعطيك العافيه يابوحمد |
||
29-04-2010, 09:10 PM | رقم المشاركة : 6 | ||
|
رد: توارد الأفكار وتقارب الخواطر عند الش مشكور والله يعطيك العافية |
||
19-05-2010, 11:22 PM | رقم المشاركة : 7 | ||
|
رد: توارد الأفكار وتقارب الخواطر عند الش كلام في محله موضوع جيد الله يوفقك اخوي تقبل ودي واحترامي |
||
19-05-2010, 11:42 PM | رقم المشاركة : 8 | ||
|
رد: توارد الأفكار وتقارب الخواطر عند الش تسلم يمينك ويعطيك العافيه |
||
08-06-2010, 03:42 PM | رقم المشاركة : 9 | ||
|
رد: توارد الأفكار وتقارب الخواطر عند الش
كلام رائع |
||
03-12-2010, 08:15 PM | رقم المشاركة : 10 | ||
|
تسلم |
||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كل ماترغب معرفته عن الشعر العربي | الطائر المهاجر | حكم وامثال | 17 | 15-12-2010 11:58 AM |
التحدي بين الشعراء وغير الشعراء | الطائر المهاجر | وسع صدرك | 44 | 20-05-2007 05:21 AM |