02-05-2009, 02:42 PM | رقم المشاركة : 11 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
الجزء الحادي عشـر</b> |
||
02-05-2009, 02:44 PM | رقم المشاركة : 12 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
الجزء الثاني عشـــر امي واختي وبعيشوا مثل كل الناس..
ذهل فارس مما قالته ياسمين وكاد ان يصرخ لولا انه تنبه الى انه في مكان عام والكثير ينظر اليه ..صك على اسنانه وابتسم ابتسامة صفراء وقال بهدوء كتم به غضبه: "ياسمين انت بتمزحي اكيد..اكيد بتمزحي ..انت فاهمة شو عم بتحكي ...هذا كلام بدخل برأس واحد عاقل ..هذا اللي انا بقدر عليه..في بني ادم بقدر على هيك اشي وهذا الأشي اللي اسهل من السكن بالقبور ..لا يا حبيبتي يكثر خير خالتك العجوز على هيك تسهيلات ..انا مش عارف كيف اشكرها اللي ما طلبت اني اجيب فرقة موسيقية على المقبرة ولا انها ما طلبت احطونا بتابوت ويرقصوا فينا ..من شان الله يا ياسمين هذا كلام بدخل العقل؟ انت خايفة عليّ انجن بس يا حبيبتي بها الطريقة مش انا بس راح انجن ..كل العيلة معي راح ينجنو ..يسعد لي العجوز تاعتك وافكارها ..ما بدها اكتب على كرت العرس تفضلوا لحضور حفل الزفاف في المقبرة الفلانية وابدا الف اوزع الكروت على الناس علشان اجيبلها معازيم بس انا لازم اكتب على الكرت : "الرجاء عدم اصطحاب من هم دون سن السادسة عشرة ونحن غير مسؤولين عن "عقول" الحضور" ..يا ياسمين خافي الله والله لحكي هالحكي لمجانين لصاروا يضحكوا عليّ.. "حبيبتي انا موافق اني اسكن القبر وموافق اعيش معاك تحت القبور ارحم من شروط العجوز... قرصت ياسمين فارس بيده وقالت له: اطلع حواليك وبلفتة عين ادرك فارس بأن حركاته لفتت انظار الجميع اليه بطريقة غريبة واعتدل في جلسته على الكرسي وحاول ان يبتسم ..وقالت ياسمين: "اول اشيء اذا مرة ثانية بتحكي معي بهالطريقة بحمل حالي وبمشي ومش حخليك تشوف وجهي من مرة ..شو انت انجنيت ..اسمع انا عارفه اني لازم اتعامل معاك مثل الولاد الصغار وعلى فكرة انا فاهمه شو بحكي مليح وكل اللي حكيته انت ولا شيء مقابل انك تنام ليلة وحدة داخل قبر علشان هيك لا تحكم على الامور بسرعة وهاي الفرصة الوحيدة اللي عندنا واذا انا مش راح اهتم فيها علشانك انت فأنا عندي اسباب ثانية اللي هي امي واختي اللي ما بدي يظلوا طول عمرهم تحت القبور وبدي يطلعو يعيشو مثل الناس... فقال فارس :"طيب يا ياسمين مش انت حكيتي انو انا ممكن اتجوزك واعيش معك تحت القبور لحد ما تخلفي بنت وبعدين هيك بتخلص اللعنة ويطلعو للنور؟ ..انا موافق هاي طريقة اسهل من شروط العجوز" ...ابتسمت ياسمين وقالت: يا فارس افهمني بهالطريقة مافي امل انت مش عارف شو بتحكي ..وانا بحبك وما بدي تنجن يا فارس اللي عايش بالنور ما بقدر يعيش بالعتمة...صدقني يا فارس يوم واحد ما بتقدر ..انا بعرف اكثر منك لا تدفعني اشرحلك اكثر من هيك واحسن الك ما تعرف ..صدقني ، شروط العجوز اسهل بكثير والأشي الصعب ممكن اساعدك انا على انو يصير سهل... فقال فارس: "طيب يا ياسمين تعالي نحكي بالعقل 09 يوم ما اشوف وجهك وانت عايشه معاي سهله وفش مشكلة كمان ما يشوف وجهك اي انسان لحد ما تخلفي بنت ..كمان سهلة وفش مشكلة اني اتجوزك على طريقة العجوز كمان هاي ممكن تصير ..نعمل عرس وما حدا يشوف وجهك كمان هاي ما بتدخل العقل بس كمان ممكن تصير. يكون العرس في المقبرة وبالليل كمان هاي لألي انا لوحدي فش مشكلة ..بس كل قوة الدنيا ممكن تخليني اقدر اقنع واحد بحضر معي على مقبرة بالليل وكمان علشان شو ؟ علشان عرسي.. انا أي فهميني كيف ممكن؟ ..ضحكت ياسمين وقالت: شايف كل المشاكل انحلت وما ظل قدامك الا مشكلة وحده كيف بدك تعزم الناس علشان يحضرو عرسك؟ فقال فارس مغتاظا: "اتفضلي انت واعزميهم اشوف شطارتك" فقالت: انا بالنسبة الي هاي مسألة بسيطة كثير"..وبحركة سريعة اشارت بيدها للجرسون في المطعم وعندما حضر ابتسمت وقالت له: " ممكن اطلب منك خدمة صغيرة؟..شوف.. عرس فارس الأسبوع الجاي يا ريت تعزم كل القاعدين في المطعم وتقلهم يتفضلو عنا وطبعا بس قلهم انو العرس حيكون في مقبرة؟ فرد الجرسون محاولا ان يستوضح ..فقد ظن انه سمع الكلمة الاخيرة خطأ.. - عفوا مش فاهم وين العرس؟ فقالت ياسمين: في المقبرة ..المقبرة اللي بدفنو فيها الناس والتفتت الى فارس وقالت: اي مقبرة يا فارس حيكون العرس؟ ابتسم الجرسون واصطنع فارس الابتسامة وقال: - هاي بتحكي عن قاعة افراح زي الزفت بتصلح تكون مقبرة مش قاعة افراح. ذهب الجرسون وقالت ياسمين: هيك شاطر وبتعرف تغير الموضوع من جد لمزح...فقال:"اتعلمت منك!!" فقالت: طيب خلينا نشوف شطارتك وكيف بدك تعزم الناس على عرسك؟ فقال فارس: انت مقتنعة اني ممكن انضرب بعقلي وافكر مجرد التفكير في هالموضوع. فقالت:آه مقتنعة؟؟ فقال:اذن انت غلطانه.. فقالت:اذن انت ما بتحبني.. فقال : لأ بحبك بس لو اعمل هيك بكون مجنون والمجانين ما بتعرف تحب... فقالت: "مش صحيح فش احلى من حب المجانين..ضحك فارس وقال: "ياسمين انت متخايله الموقف ..ممكن احكي مع حد بهالموضوع وما يفكرني مجنون ؟ طيب مش مهم خليهم يحكوا عني اني مجنون ممكن يمشو ورا مجنون؟ فقالت: "جرب وبعدين بتحكم على الامور...صدقني يا فارس انها سهلة كثير وان صممت راح تقدر تقنعهم" ..ضحك فارس وقال: "طيب اذا هاي سهلة ممكن تحكيلي شو الصعبة..؟" هزت ياسمين رأسها وقالت : "الصعبة يا فارس انهم يقتنعوا بعدها ما يشوفو وجهي وما يحاولو يعرفوا مين أنا ، وما تطلع انت هلا وراك .. لم تكمل ياسمين الجملة حتى التفت فارس ليرى ما يوجد خلفه..!تلفت فارس ليرى ما يوجد خلفه متناسيا طلب ياسمين منه ان لا ينظر الى الخلف ...ولكنه لم ير خلفه أي شيء.. فقال لياسمين: ما في اشي وراي ليش قلتي لي ما اطلع وراي، شو كان في!!؟ فقالت ياسمين:لا شيء لم يكن هناك شيء في المرة القادمة حينما اطلب منك ان لا تنظر الى الخلف فأرجوك ان لا تنظر، لقد قلت لك ان من اصعب الأمور ان تقنعهم ان لا يروا وجهي وان لا تنظر انت الى الخلف ،ولكن في اقل من ثانية نظرت خلفك فكيف يمكن ان تقنع عائلتك واقاربك ان لا يروا وجه زوجة ابنهم..؟!! فقال فارس: هذه ليست مشكلتنا ان اقتنعوا فليكن وان لم يقتنعوا فهي مشكلتهم هم. فقالت ياسمين:ولكن انت مشكلتي فان طلبت منك ان لا تنظر خلفك فهل ستقبل؟! فقال فارس: نعم اعدك بأن لا انظر خلفي ابدا حينما تطلبي مني ذلك...ولكن ما دخل ذلك بما نحن فيه الان ؟! فقالت: ستعرف قريبا والآن هيا تحرك وابدأ بأقناع تسعة اشخاص ليحضروا حفل زفافنا.. فقال فارس: ولكنك قلت لي انك ستساعديني بأقناعهم .. فقالت :سافعل ذلك يا فارس ولم انس وارجو منك ان لا تنسى وعدك لي بأن لا تنظر خلفك ان طلبت منك ذلك.. خرج فارس وياسمين من المطعم واستقلا السيارة وسارا بأتجاه الناصرة ودار بينهما حوار طويل حول الزفاف وشروطه...وسأل فارس ياسمين الى اين تريد ان يوصلها..فطلبت منه ان ينزلها في أقرب مكان من جبل الطور ...غير فارس اتجاهه حتى وصل بالقرب من جبل الطور..وهناك طلبت منه ياسمين ان ينزلها ويكمل طريقه الى البيت فسألها فارس:الى اين ستذهبين يا ياسمين..؟ فقالت له: لا تسأل ،وارجوك ان تسير الى الامام وان لا تنظر خلفك حتى ولو بمرآة السيارة... سار فارس وتركها بجانب الطريق وتجنب النظر الى الخلف حتى ابتعد عنها...واخذ يفكر طوال الطريق كيف يستطيع ان يقنع عائلته بحضور زفافه داخل مقبرة وماذا سيقول لهم ؟. وصل فارس الى البيت وجلس يفكر قليلا وقرر ان يحدث امه بهذا الموضوع خاصة وان امه هي الوحيدة التي تعرف بـ "لعنة جورجيت"احتار فارس كيف يبدأ معها الحديث ولم ينس بعد ما حدث لها حينما تحدث معها بهذا الموضوع وانه وعدها بأن لا يتحدث بشأنه امامها.. قرر فارس انه لا بد من ذلك وتوجه الى حيث تقعد امه وقال لها...:"يا امي بدي احكي معك بموضوع انا وعدتك وبعرف انك ما بتحبي تسمعيه ..!!!" احتدت ام فارس وقالت له:"بدك تحكي بموضوع "جورجيت" انا ما عندي اشي احكيلك اياه انا حكيتلك كل اللي بعرفو وانت عمرك ما تراح تصدق ..انت راسك ناشف وحترجع تقل لي هاي قصص عواجيز ما بتخوف...انتو يا اولاد المدارس ما بتصدقوا انو في اشياء كثيرة ممكن تصير وبتفكروا حالكم انتم بس اللي بتفهموا .." ربت فارس على كتف امه وقال لها:يا امي انا مصدق كل اشي عن قصة جورجيت ..وانت ما كذبت علّي وكل كلامك مزبوط.. نظرت اليه وقالت: "طيب يا امي ما دمت مصدق اعمل زي ما قلتلك وسافر لبعيد ولا تخلي جورجيت تعرف محلك بلك الله نجاك منها" ..امسك فارس بيد امه وقال :"لا تخافي يا امي ، جورجيت ماتت واللعنة حتخلص قريب كثير". قاطعته امه قائلة :"ارجعت تحكي لي جورجيت ماتت والبنت الحلوة اللي حكيت لي انها اعطتك صورة ابوك وجدك ما هاي هي جورجيت ،ليش ما بتصدق ؟ قلتلك جورجيت ما بتموت...! فقال فارس: لا يا امي فش حدا ما بموت، وكمان مش معقول بعد مية سنة جورجيت تكون لسه عايشة ،والبنت الحلوة اللي حكيتلك عنها هاي مش جورجيت هاي اسمها ياسمين ..وجورجيت بتكون ستها.. فقاطعته امه وقالت:لا يمه لا تصدق هاي جورجيت .. فرد فارس:يا امي انا صرت بعرف بالقصة اكثر منك هاي بنت بنتها وانا بحبها وراح اتجوزها. فقالت الام وهي تبكي:بدك تتجوزها يمه ..هاي جاي تنتقم منك لانك من ولاد الدهري لا تصدقها يمه ..!! فقال فارس:صدقيني يمه لو بدها تعمل فّي اشي كان عملت زمان وما في حد منعها ..افهميني الله يخليكي يا امي بعد ما اتجوز ياسمين راح تنتهي اللعنة كلها ..وفي اشياء كثيرة ما بتعرفيها انت بس انت اطمئني ولا تخافي. صمتت ام فارس وهي لا تدري ماذا تقول او تفعل وايمانها كبير بأن ما سيرسمه القدر لا يمكن ان تغيره..وشرد فارس بخياله هو ايضا فهو لا يدري كيف سيشرح لامه بأن زواجه من ياسمين لا يتم الا بشروط واحداها ان الزواج سيكون في احد المقابر وفي ساعات الليل. وتجرأ فارس وبدأ يشرح لامه محاولا اقناعها بطريقة الزواج الغريبة ولكنه فوجيء بأن امه اخذت تصرخ وكاد ان يغمي عليها فور سماعها لما قاله وعبثا حاول فارس ان يهدئها ..وبالرغم انه قال لها انه بيمزح لا اكثر ولا اقل ولكن امه ظلت تصرخ وتبكي بصوت عال واستسلم فارس وتركها لتهدأ لوحدها ،وفي هذه الاجواء المشحونة بالبكاء والصراخ دخل علاء الاخ الاصغر لفارس الغرفة ليستوضح سبب بكاء امه وصراخها...!! وقبل ان يسأل قالت امه :شايف يا علاء اخوك فارس انجن وبدو يجننا معاه ...بدو يتجوز في المقابر ..اخوك هذا بدو مستشفى مجانين.. "جورجيت" طيرت مخو من راسه.. اخذ علاء يهدىء من روع امه وهو يزم على شفتيه محاولا حبس ضحكته مما سمعه منها ...هدأت امه واصطحبها الى شرفة المنزل لتستنشق قليلا من الهواء وعاد الى فارس ليسأله عما يحدث....فأجابه فارس:لا شيء يا علاء لا شيء ..فأصر علاء ان يعرف القصة والسبب الذي دفع امه لتصاب بهذه الهستيريا..فقال له فارس بانه لا توجد اية قصة وان كل ما فّي الموضوع انه يحب فتاة ويريد ان يتزوجها واشترطت هذه الفتاة ان يتم الزفاف في احدى المقابر.. حاول علاء ان لا يضحك ولكنه لم يستطع واستفز فارس من ضحك علاء وهم بمغادرة البيت الا ان علاء امسك بيده وقال له: "لا تزعل يا فارس ولا تلومني مهو يا بضحك يا بصير اصرخ وألطم على وجهي زي امك"..الطريقة التي تحدث بها علاء جعلت فارس يضحك هو ايضا وجلس وقال لعلاء:معك حق تضحك بس افرض اني انا بمشكلة كبيرة وهالمشكلة هاي ما بحلها الا اني اتجوز في المقبرة ...انت بتساعدني وبتيجي معي ولا لأ..؟!! صمت علاء قليلا وبداخله اعتقد ان اخاه فارس يمزح لا اكثر ولا اقل وفكر ان لم يكن فارس يمزح فهو فعلا قد جن وقال لفارس: "طبعا انا معك وانا جاهز اروح معك وين ما بدك". لم يخف على فارس ما فكر به علاء وابتسم وقال له:"انا بمزح يا علاء بمزح" وخرج فارس وركب سيارته واخذ يتجول من شارع الى اخر وهو يفكر ماذا يستطيع ان يفعل وقد اغلقت امامه كل الابواب فهو لم يستطع ان يقنع امه واخاه وهما اقرب الناس ...وتذكر فارس غضب امه وعاد الى البيت مسرعا خشية ان تحكي امه قصة جورجيت لعلاء ، خاصة ان علاء لا يعرف عن هذا الموضوع شيئا. توجه فارس لامه فوجدها لا تزال تبكي وهي تجلس مع علاء ..فاقترب فارس منهما وهو يدعو الله ان لا تكون امه قد قالت شيئآً لاخيه ..فجلس معهم واكتشف ان امه لم تحك لعلاء سوى ان فارس "بحب بنت غريبة وراح تجننه" ...وشاركهما فارس الحديث واطمئن حينما شعر بأن امه حريصه اكثر منه ان لا يعرف علاء ان فارس من عائلة اخرى غير عائلته...خرج فارس مره اخرى وسار بالسيارة لساعات وبعد ذلك اوقف السيارة واخذ يسير على قدميه حتى ساعات متأخرة من الليل وهو شارد الذهن يسير الى حيث تأخذه قدماه ..ولم يقطع شروده وسرحانه الا صوت مفاجيء جاءه من الخلف :"فارس لا تطلع وراك" ،وفور سماع صوت ياسمين الذي ميزه فارس بسرعة تلفت خلفه ليراها تسير بعيدة عنه عدة اقدام...اقتربت ياسمين من فارس وسارت بجانبه وطلبت منه ان يستمر في سيره ..وقالت له غاضبة: انت وعدتني لما اطلب منك ما تطلع وراك مش راح تطلع ليش اطلعت وراك ليش ما حافظت على وعدك انا كيف بدي اثق فيك واركن عليك ولسه ما مر يوم على وعدك وانسيتو... قاطعها فارس وقال لها: "ما صار شيء يستحق كل هالزعل انسيت وطلعت شو صار.. طارت الدنيا". فقالت ياسمين:"يا فارس لا تستهتر بالامور انا طلبت منك اشي .. سويه وبس..." فقال فارس محاولا ان يحسم الموضوع: "حاضر والله العظيم ما راح اتطلع وراي واعتبريها اخر مرة .."! فقالت ياسمين: طيب يا فارس بس بحب احكيلك اني انا ما بعرف شو حيصير في وحده من المرات اللي بطلب منك فيها ما تّطلع وراك وتنسى انت وتطلع لا تستغرب ان قلتلك انو ممكن يصير اشي كثير مش مليح علشأنك وعلشاني.. فقال فارس: حاضر حاضر مش راح انسى. فقالت ياسمين وهي تضحك: "المهم حكيت مع حماتي على العرس؟...اكيد انبسطت كثير." فقال فارس :انبسطت كثير كثير ومن الفرحة كان راح يغمى عليها. فقالت ياسمين: بعرف قديش فرحت هي وكمان اخوك علاء ما في داعي تحكيلي المهم انت بعد فشلك الكبير مع امك واخوك شو راح تسوي ...؟ فقال فارس مستغربا: اول شيء انا بدي اعرف هلأ كيف انت بتعرفي شو صار بيني وبين امي واخوي وانا تاركك جنب جبل الطور؟ فهزت ياسمين رأسها وقالت ..انا ما بعرف اعتبرني خمنت مش اكثر ، المهم شو راح تسوي .. فقال: فش امل مستحيل ، هاي فكرة مجنونة ولازم اول ينجنو علشان يوافقو... ! ضحكت ياسمين وقالت: طيب بسيطه خليهم ينجنو وهيك انحلت المشكلة واذا بدك بساعدك.."! فقال فارس: انك تجننيهم ما عنديش شك انه بطلع بايدك وزيادة يا ياسمين ..لازم انسى هالموضوع ، ما بدي يصير بأمي اشي بسببي .."... فقالت ياسمين: سلامتها حماتي وانا كمان ما بدي يصير فيها اشي واكثر من هيك انا كمان حساعدك وحخليلك امك تنسى كل اشي بتعرفو عن هالموضوع من اولو لاخره ومن اول يوم عرفت فيه ابن الدهري لليوم ..هذا واكثر من هيك.. كمان ما في داعي انها تيجي وتحضر عرسك بالمقبرة ..شرط العجوز انو يحضروا تسع انفار من طرفك ..ومش ضروري امك تكون بينهم...فكر فارس قليلا وقال: "ولا اخوي علاء .." فقالت ياسمين :وكمان علاء ما في داعي ييجي... فقال فارس: طيب ما بنفع اكون انا لوحدي وتخلص هالمشكلة"!؟ فقالت ياسمين: لو هالموضوع بأيدي بينفع بس الشرط شرط تسع انفار من طرفك لازم يحضرو مش مهم شو يكونو ..اقاربك او معارفك او اصحابك .. انت حر اختار اللي يناسبك. لمعت برأس فارس فكرة ان يقوم بأستئجار تسعة اشخاص ما دام لا يهم من يكونوا بالنسبة له مقابل النقود وليس من المستحيل ان يقنع تسعة اشخاص او عشرة ولكن فرحته تلاشت حينما فكر بانه يحتاج الى مبلغ كبير ليستطيع اغراء الاشخاص بحضور حفل زفافه داخل المقبرة خاصة وان ظروفه المالية في الآونة الاخيرة سيئة جدا. فشرح لياسمين فكرته وقال لها انه سيضطر لبيع سيارته ليوفر مبلغا قد يكون كافيا .. فقالت ياسمين: اذا المشكلة مشكلة فلوس انا بقدر اساعدك واكملت مازحة : انا كنت اوفر المصروف اللي بوخذو من امي لهيك يوم.. فضحك فارس وقال: على هيك انت موفرة مبلغ كبير ...يعني ممكن الاقي معك مية دولار.. فاخذت ياسمين تحسس على اصابعها وهي تضحك ممكن اكثر شوي...! فقال فارس: اكثر بقديش يعني؟...ممكن يكفو لعشا في مطعم على مستوى..؟ فقالت ياسمين: اه بيكفو نتعشى في مطعم واذا بدك كمان بتقدر غير ثمن العشاء ..تشتري كل مدينة الناصرة وحيفا كمان... فضحك فارس لكلام ياسمين وقد ظن انها تمزح...فقالت له بجدية: "على فكرة انا ما بمزح "..اذا كان الموضوع موضوع فلوس انا واختي عندنا ذهب بشتري الناصرة وحيفا واكثر من هيك وعمرو ما كان له قيمة ..وعمرنا ما فكرنا انو بسوى يوم واحد نعيشو بالنور مثل الناس..لا تبيع السيارة ولما تروح على البيت حتلقى المشكلة محلولة ...بس لا تنسى انو الاشخاص اللي بدك تستأجرهم علشان يحضرو عرسك لازم يعرفو بالاول انهم جايين على عرس فيه عريس وفيه عروس ومش على مزحه ولا على لعبه ولو انسحب واحد منهم بارادتو حيفشل كل اشي يا فارس" ...استمر فارس وياسمين بالسير وتوقفت ياسمين فجأة وسار فارس عدة خطوات واراد ان يتلفت الى الخلف ليرى لماذا توقفت ولكنها قالت له قبل ان يتلفت ...فارس لا تتطلع وراك..! شد الفضول فارس لينظر الى الخلف ولكنه تذكر تحذيرها له واستمر بالسير وهي تسير خلفه دون ان يراها وتحدثه ويتحدث معها..حتى توقف الحديث فجأة ووقف فارس دون ان يتلفت الى الخلف لعدة دقائق وهو يقول :ياسمين.. ان كنتي لساتك وراي احكي "..فلم يتلق فارس أي جواب واستمر بالسير الى الامام دون ان يلتفت الى الخلف وسار بشكل دائري حتى وصل الى سيارته وركبها وعاد الى البيت ووجد ان امه واخاه نائمان.... فدخل لينام ففوجيء بانه رأى على سريره مجموعة من القطع الذهبية القديمة.. وللحظة لم يعلم كيف وصلت الى غرفته وهم بأن يذهب ويسأل امه واخاه ولكنه تذكر ان ياسمين "ام الجماجم" قالت له انه حينما يصل الى البيت سيجد ان مشكلة الفلوس قد حلت . لم يستغرب فارس قيام ياسمين بإحضار قطع الذهب ولكن ما اثار دهشته هي كيف استطاعت ادخالها الى غرفته وهو قد تركها خلفه؟ ..تحسس فارس القطع الذهبية بأصابعه...وفكر كثيرا وقال لنفسه: لو ان ياسمين "ام الجماجم" صادقة في ما قالته فسيصبح اغنى رجل في البلاد...في صباح اليوم التالي توجه فارس الى احد محلات المجوهرات في مدينة االناصرة واطلع صاحبها على احدى القطع وبعد ان تفحصها صاحب المحل قال لفارس انه يعتقد انها تساوي الكثير وعرض على فارس مبلغا من المال مقابلها الا ان فارس وجد المبلغ تافها وتوجه الى آخر فدفع له مبلغا اكبر فباعه جميع القطع التي معه بمبلغ يزيد عن العشرة الاف دولار ..سار فارس وقرر ان يتوجه الى احد اصدقائه السابقين ليساعده في جلب التسعة اشخاص لحضور زفافه في المقبرة مقابل المال حيث التقى صديقه ذا العلاقات الاجتماعية العديدة وطلب منه المساعدة ..صديق فارس استعد لأن يقوم بمساعدته شريطة ان يقنعه فارس اولا بالسبب الحقيقي ..حاول فارس ان يقنع صديقه بأن الموضوع هو زفاف فقط اشترط ان يتم في مقبرة ويجب ان يكون هناك من طرفه تسعة اشخاص.. ولكن صديق فارس لم يقتنع ولم يضحك فقد ظن ان الامر اكبر من هذا بكثير وبعد جدل طويل بين فارس وصديقه اتفق الاثنان على ان يتم الامر وان يقوم صديق فارس بالبحث عن الاشخاص الملائمين لهذه المهمة واعطاه فارس الف دولار تحت الحساب...وتركه على ان يعود اليه في الغد. وفي اليوم التالي حضر صديق فارس الى بيته واخبر فارس وهو يضحك بانه استحال عليه اقناع أي شخص بهذه الفكرة وقال لفارس : ولكن الطريقة الوحيدة التي استطيع بها اقناع هؤلاء هو ان تحضر "كاميرا فيديو" لتقول لهم بأننا سنصور مقطعا من فيلم او ما شابه ...اقتنع فارس بالفكرة وقال لصديقه: ليكن ذلك ثم غادر صديق فارس ليكمل المهمة..وجلس فارس في حديقة المنزل ينتظر امه لتحضر له فنجان القهوة وفي الشارع المحاذي للحديقة توقفت سيارة تكسي وترجلت منها ياسمين ذات الخمار وتوجهت الى حيث يجلس فارس في الحديقة التي لا تبعد عن الشارع سوى عدة اقدام.. رآها فارس واخذ يتلفت حوله خشية ان تكون امه قد رأتها.. اقتربت ياسمين من فارس وقالت له: شو قصتك ليش بتتلفت حواليك ؟ فوقف فارس وقال لها: هيا لندخل الى غرفتي بسرعة قبل ان تراك امي..لم تأبه ياسمين بطلب فارس وجلست في الحديقة وقالت له: انت بتعرف مليح انو شكلي حلو وما بخوف ولا بعيب كمان علشان تخبيني عن اهلك وجيرانك يا فارس.. فرد فارس :"انت عارفه اني ما بقصد هيك..وانت فاهمة انا شو بقصد.. امي بتعرف انت مين وما بدي اياها تخاف .. فقالت ياسمين: انا ما بخوف يا فارس فقال فارس: طيب على راحتك اقعدي وين ما بدك وانا داخل اجيبلك القهوة فقالت :لا تغلب حالك خليك قاعد ..امك هلأ بتطلع وبتجيبها الا اذا كان قصدك تدخل علشان امك ما تطلع بره. حك فارس رأسه بيده ففعلا هذا ما قصده وعاد وجلس بجوار ياسمين وهو يفكر ماذا سيحدث الان حينما تخرج امه وترى ياسمين ذات الخمار ...قالت له ياسمين: لا تفكر كثير يا فارس بس بعتقد انو بكفي ولازم تواجه الامور شوي .. فقال فارس :هاي امي يا ياسمين وما بدي... فقاطعته ياسمين : ما بدك شو يا فارس ؟..ما بدك تشوفني بس اول على اخر راح تشوفني ولا بدك تظل مخبيني طول عمرك..؟ فقال فارس:لو ما بتعرف في القصة مش مشكلة ..صحيح يا ياسمين انت وعدتيني انك حتنسي امي كل قصة الدهري وجورجيت وحتنسي كل شيء ..فقالت ياسمين:انا ما وعدتك يا فارس انا قلتلك حساعدك اني اخلي امك تنسى قصة الدهري من اولها لاخرها ..بس اسم جورجيت احنا بنذكر الناس فيه مش بنسيهم اياه ...انا حساعدك بس مش مستعدة اشعر انو امك احسن من امي واول اشي لازم تتعرف عليّ على حقيقتي ..ياسمين بنت لعنة بنت جورجيت وانو هاي اللي راح يتجوزها ابنها فارس علشان يا فارس انا فخورة بأهلي وما بدي اشعر في المستقبل وبعد سنين انو اقرب الناس لألك ما كان يعرف مين انا ..انا موافقة اني اتجوزك بدون ما حد يحضر من اهلك بس لازم حد من اهلك يتعرف على اللي حتصير زوجة ابنهم بعد هيك انا حساعدك انها تنسى كل اشي ولما نخلف بنتنا الامورة ونسميها "جورجيت".. امك حتكون ستها وان كانت ناسية حتذكر اول ما تشوف بنتنا الصغيرة الامورة جورجيت. صمت فارس قليلا ثم وقف وقال لياسمين: "معك حق يا ياسمين انا لازم اواجه الموقف ولازم اعرف امي عليكي..دخل فارس الى البيت ووجد امه قد وضعت فنجان القهوة على الطاولة وجلست تضع يدها على خدها كئيبة حزينة .. اقترب منها فارس وقال لها :مالك "يما" ليش هيك قاعدة حزينة انا عندي برة ضيوف وبدي اعرفك عليهم.. هزت ام فارس رأسها :"شفتها يمه ..شفتها من الشباك لما اجيت بدي اطلعلك القهوة الله يستر من اللي حيصير. فقال فارس:لا يما لا تخافي ولازم اعرفك عليها هاي ياسمين وراح اتجوزها الاسبوع هادا ودار حوار بين فارس وامه التي يتملكها شعور بأن ابنها ذاهب الى الهلاك ..امسك فارس بيد امه وخرج معها الى الحديقة حيث تجلس ياسمين اقترب منها وقال: "هاي امي يا ياسمين وهاي ياسمين يمه..." ابتسمت ام فارس وهزت برأسها وقالت اهلا وسهلا وابتسمت ياسمين وهزت برأسها هي الاخرى مقلده ام فارس وقالت اهلا فيكي ..واخذ فارس يعرف الواحدة على الاخرى ويمهد الاجواء لتتحدث الواحدة مع الاخرى.. وقالت ام فارس ببساطة ومن منطلق خوفها على فارس والله فارس بحبك كثير وفارس كان صغير وما لو دخل في اللي عملوا سيدو سالم معك.. قاطع فارس امه بسرعة وقال :"يمه انا قلتلك هاي ياسمين بنت بنت جورجيت ومش جورجيت "...فقالت ياسمين موجهة كلامها لام فارس : "انا بعرف انو فارس بحبني وكمان انا بحبو علشان هيك بدنا نتجوز ...فقالت ام فارس :والله هالصوت اسمعتو قبل هالمرة والله هالصوت اجاني وانا نايمة وانا صاحية ومش ممكن انساه هادا صوت جورجيت.. اراد فارس ان يتكلم ولكن ياسمين سبقته وقالت انا الي الفخر انو صوتي يشبه صوت ستي جورجيت وحكون سعيدة اكثر اذا كان صوت بنتنا انا وفارس بطلع مثل صوت ستي جورجيت..! فقالت ام فارس :حرام فارس ما الو ذنب في اللي صار.. ردت ياسمين ثانية:وشو شايفيتني بدي اوكلو. تدخل فارس بسرعة حتى لا يحتد النقاش اكثر بين امه التي لا تريد ان تقتنع بأن التي تراها هي حفيدة جورجيت وليست جورجيت ..وبين ياسمين ..وانتهى النقاش في اجواء متوترة..ودخلت ام فارس الى البيت تاركة خلفها ياسمين وفارس في جو مضطرب. فقال فارس محاولا تهدئة ياسمين:انت مش لازم تزعلي من امي.. القصة كلها مخربطة حياتها وبلهجة كان واضحا منها ان الدموع قد انهمرت من عينيها رغم ان الخمار كان يخفي كل شيء .. قالت ياسمين : انا كمان انسانة ومش مجبورة افهم الناس وما يفهموني.. انت شفت امك كيف بتطلع عليّ شو انا مش انسانة؟.. لم يكترث فارس او نسي انه يجلس في الحديقة واقترب من ياسمين وضمها اليه محاولا ان يخفف عنها ويهدئها ..كان واضحا ان ما قام به فارس ساعد على تهدئة ياسمين ثم اخذ يمازحها لدقائق طويلة حتى استطاع ان يدفعها لتطلق ضحكة اعادت الاجواء الى طبيعتها ، وقالت مازحة: فارس امك بتتخايلك جاجة وبتفكر اني راح اوكلك..ضحك فارس وضحكت ياسمين ومن ثم اخرجت من عبائتها "قلادة" غلب عليها اللون الازرق مع الفضة وناولتها لفارس وقالت له :..خذ هاي القلادة وحطها في البيت وما دامت في البيت ..امك مش راح تتذكر أي شيء يخص هالقصة ومش راح تتذكرني حتى لو شافتني مرة تانية ..راح ترجع تتذكر بس نخلف بنتنا. اخذ فارس القلادة ودخل وخبأها في البيت وخرج الى ياسمين وقال لها :انت متأكدة انها مش راح تتذكر أي شيء ؟ ..فقالت ياسمين بتحب تجرب جرب وروح ناديها بس انا بنصحك بلاش ...فقال فارس: "راح اناديها" شو بدو يصير اكثر من اللي صار ودخل الى البيت بسرعة واصطحب امه معه الى حيث ياسمين ووقف ينظر الى امه ليرى ماذا سيحدث ..نظرت ام فارس الى ياسمين بأستغراب وكأنها تراها للمرة الاولى..ونظرت الى فارس وعيونها تتساءلان من هي؟.. فرح فارس لأن امه لا تتذكر وقال لها بسرعة: "هاي ياسمين يمه" ..فقالت الام :اهلا وسهلا يا بنتي ليش قاعدين بره؟..تفضلوا ادخلوا" ف_قالت ياسمين متعمدة..معلش يا حماتي احنا مستعجلين بكره برجع عندك" ..استغربت ام فارس من كلمة"حماتي" وقبل ان تستوضح ،سبقتها ياسمين وقالت : مالك يا حماتي؟.. شو فارس ما حكالك انوا احنا مخطوبين وراح نتجوز الاسبوع الجاي واحتمال نسكن عندك في البيت ..مش معقول انو فارس نسي يحكيلك..يا الله يا فارس احكيلها..واحكيلها كمان انك حلفت علي بالطلاق انو ما حد يشوف مني شيء حتى عيوني وأولهم امك..معقول يا فارس امك "حماتي" ما تشوفني؟ بلكي انا لوقة ولا حوله كيف بدها تعرف؟.. طيب انا راح استناك في السيارة احكي لامك ولا تتأخر عليّ..! توجهت ياسمين الى السيارة ووقف فارس امام امه وهو لا يدري كيف يخرج من هذه الورطة الكبيرة ..بقيت عيون ام فارس تراقب ياسمين حتى أطمانت الى انها ابتعدت ونظرت الى فارس غاضبة وقالت:شو اللي بتقولوا هاي المجنونة يا فارس؟ ضحك فارس وقال:"هاي بتمزح هلأ بوصلها بسرعة وبرجع احكيلك.." واسرع فارس بإتجاه السيارة حتى لا يعطي امه فرصة لتتحدث ..ركب السيارة وقادها فقالت له ياسمين :"انا نصحتك وانت ما سمعت ..!". فقال لها:ولا يهمك لازم اتعود على افلامك .. فقالت ياسمين :طيب خلينا في المهم..العرس يوم الثلاثاء الساعة (03،11 ) بالليل يعني بعد اربعة ايام..في مقبرة الارقام..جاهز يا فارس؟ فأخبرها فارس بانه جاهز وان الاشخاص المطلوبين لهذه المهمة ايضا جاهزون ...فقالت ياسمين : "فارس.. في شغله مهمة لازم تتذكرها مليح ..الاشخاص اللي انت جايبهم جايين على عرس مش على تصوير فيلم وانا بحذرك هاي فرصتنا الاخيرة لا تستهتر فيها..وهلأ وقف السيارة وامشي ولا تتطلع وراك.". ..اوقف فارس السيارة وترجلت ياسمين وتوجه فارس الى صديقه وابلغه بأن الاشخاص يجب ان يعرفوا بأنهم ذاهبون الى حفل زفاف وان فارس يجب ان يلتقي بهم ليبلغهم هذا بنفسه...فرد عليه صديقه بأن هذا مستحيل ..ووجد فارس نفسه بأنه لا بد ان يستعين بصديق اخر له من احدى المدن الفلسطينية فتوجه اليه بسرعة وبعد حوار وجدال ومحاولات كثيرة استمرت ليومين اشرف عليها فارس بنفسه..حتى لا يكون هناك مجال للفهم الخطأ استطاع فارس ان يقنع تسعة اشخاص باغرائهم بمبالغ مالية كبيرة وصلت الى ثلاثة الاف دولار للشخص الواحد وحتى يضمن فارس حضورهم دفع لهم جزءاً من المبلغ والباقي اشترط ان يدفع بعد حفل الزفاف.. عاد فارس بعد ان اتفق معهم على الموعد المحدد للقائهم ...وفي الطريق اخذ فارس يفكر بالمبلغ الذي معه وبانه لا يكفي لاتمام المهمة فخطر بباله انه لو يرى ياسمين ويطلب منها المزيد من القطع الذهبية وما كاد ان يصل الى البيت حتى لمح ياسمين تقف على ناصية الشارع وكأنها تنتظره بناء على موعد توقف فارس بجانبها فاقتربت من الشباك ولم تصعد الى السيارة وقالت له : "كيفك يا فارس اشتقت لك ". فقال لها:وانا كمان.. اركبي... فقالت :لا معلش عندي شيء لازم اعملو .. فقال لها: شو بدك تعملي في حارتنا ؟ فقالت :مش مهم تعرف شو صار معك انت..؟ فقال: كل شيء تمام بس...؟ |
||
02-05-2009, 02:46 PM | رقم المشاركة : 13 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
الجزء الثالث عــشــر قاطعته:الفلوس ما كفو ؟.. طيب مش مشكلة لما تروح على الدار حتلاقي المشكلة محلولة .. وهلأ امشي ولا تتطلع وراك ومش حتشوفني الا في موعد الزفاف"! سار فارس بالسيارة عدة امتار وسمع صوت ياسمين من الخلف يقول له.. - :"فارس لا تطلع وراك ولا تخلي الناس يضحكو عليك.." ابتسم فارس وعاد الى البيت ..لاقته امه على الباب واخذت تنظر اليه نظرات غريبة ..ضحك فارس وعلم انه الان في ورطة ويجب ان يجيب على اسئلة امه حول ياسمين ذات الخمار ...امسكت ام فارس بإبنها وسحبته الى الداخل وهو يضحك وقالت له : "وهلأ بدك تحكيلي قصة الشيخة المجنونة ..ولّي بتحكيه..وعلى فكرة المجنونة اجت على البيت وتركتلك هاي "القطعة " ..وقالت لي اقلك لا تخلي الناس يضحكو عليك.." امسك فارس بالقطعة الذهبية التي تركتها ياسمين له وهي من نفس نوعية القطع السابقة ووضعها في جيبه واستفسر من امه ان كانت قد تركت له شيئا اخر فردت امه بأنها لم تترك له شيئا اخر..وانها جاءت مسرعة وذهبت مسرعة حتى انها رفضت الدخول..وحاول فارس ان يتهرب من امه بالاجابة عن موضوع الشيخة المجنونة ولكن امه امسكت به لعدة ساعات وهي تستجوبه حتى ملت ..وفي صباح اليوم التالي توجه فارس لبيع القطعة لعلها تغطي جزءاً من المبلغ المطلوب ..دخل فارس الى نفس المحل وناول صاحبه القطعة..اخذ صاحب المحل يتفحصها ليرى اذا كانت حقيقية كالسابقات ..ففوجىء فارس وصاحب المحل حينما دخلت ياسمين وسحبت القطعة من يد صاحب المحل وناولتها لفارس وقالت له بصوت مرتفع .. :"بتعرف شو يعني حمار ..لا تطلع وراك".. وخرجت ياسمين من المحل ونظر صاحب المحل الى فارس وسأله عن من تكون هذه المقنعة..؟ فقال له فارس: بحكيلك مين هي بس بتقدر تقلي شو قصدها اني حمار..!؟". فقال له:"اسألها ..وهات القطعة .." فقال فارس :بطلت ابيع لحد ما افهم ليش انا حمار..! وبعد حوار طويل وجولة طويلة في عدة مناطق اكتشف فارس بأن سعر القطعة هو عشرة اضعاف مما كان ينوي بيعها ... وفي صباح يوم الثلاثاء استعد فارس لليوم المشهود وبدأ يشعر بالقلق والخوف والساعات تقترب من الموعد وكان اكثر ما يخيفه هو مفاجآت قد تطرأ وتقلب الأمور راسا على عقب ...... وفي الساعة الثامنة مساء توجه الى مكان اللقاء بالاشخاص التسعة الذين احضرهم صديقه وكان واضحا على وجوههم انهم قلقون اكثر منه وان الخوف قد اعتراهم وبالرغم من المبالغ المدفوعة التي لم تستطع ازالة الخوف والقلق ..من حدوث شيء غريب وقناعتهم بأن الموضوع اكثر من مجرد زفاف فمن وجهة نظرهم لا يوجد مجنون على الارض يفكر في اجراء زفافه داخل مقبرة ..فأي مجنون هذا يدفع ايضا للحضور اجرهم..؟..جلس فارس معهم وحاول ان يطمأنهم وقال لهم: بانهم لن يخسروا شيئاً من وقوفهم لعدة دقائق.. ولتشجيعهم اكثر اخرج فارس النقود من جيبه واراهم اياها وقال لهم :"بعد ان ينتهي الحفل ساقوم باعطائكم هذه النقود فورا" ...ولكنه حذرهم ان هذا مشروط ببقائهم جميعا وان انسحب احدهم يعتبر العقد لاغيا ...فبادره احدهم وقال : شو بتفكرنا يا زلمة ...بدك كمان نحفر القبور بنحفرها انت لسه مش عارف مين احنا ؟! فقال فارس: "ما بدي تحفرو قبور بدي اياكم توقفو وتتصرفو طبيعي وما تخافو ..لا اكثر ولا اقل..". اقتربت الساعة من العاشرة وتحرك فارس واصدقاؤه باتجاه المقبرة قبل الوقت المحدد تحسبا لحدوث أي خلل طاريء على الطريق قد يؤخرهم وفي تمام الساعة الحادية عشرة تسلل فارس واصدقاؤه الى داخل المقبرة بهدوء حذرين من اثارة اية شكوك حول دخولهم هذا المكان في هذه الساعة المتأخرة من الليل ..اصبح الجميع داخل المقبرة ولم يبق على موعد الزفاف المتفق عليه سوى عشرون دقيقة.... اقتربت الساعة من الحادية عشرة والنصف وفارس يتلفت يمينا وشمالا مترقبا حضور ياسمين ، بناءا على الموعد واخذ فارس يفكر ويتذكر ويراجع نفسه ليتأكد انه لم يخطيء بالموعد والمكان ...وتوصل لنتيجة ان المكان هو المكان الذي فيه والوقت ايضا وياسمين تأخرت عن الموعد عشر دقائق اما الاشخاص التسعة فكل منهم يغتنم التفات فارس الى الاتجاه الاخر ليهمس في اذن الاقرب اليه..ولا يختلف واحد مع الاخر بأن فارس مجنون.. وبدت الابتسامة والراحة على وجوههم بأن لا شيء مما قاله فارس سيحدث ولكن سرعان ما تلاشت هذه الابتسامة مع ظهور امرأة مقنعة بالاسود من بين القبور ليدب الخوف في قلوبهم ،حتى ان البعض بدأ يرتجف وعلى العكس ابتسم فارس..واقترب من المرأة المقنعة ،واقترب منها وقال: ياسمين ليش تأخرتي..؟ فكرتك مش راح تيجي ..وانو اللي عم بصير واحد من افلامك...؟ خلصينا بسرعة بلاش الشباب اللي معاي يهربوا...استمر فارس بحديثه بسرعة وقد اخفض من صوته ولكنه شعر بيد من الخلف تمسك به وتسحبه لعدة اقدام ليدب الرعب والخوف في قلب فارس حينما تلفت ورأى امرأة مقنعة هي الأخرى بالأسود ..وبنفس حجم الاولى..وتقول له :هاي مش انا يا مجنون هاي امي..!! شعر فارس بقليل من الراحة جعلته يقوى على شد اعصابه قليلا بعد ان سمع صوت ياسمين وشعر بالاحراج حينما علم ان التي كلمها هي ام ياسمين ...اراد فارس ان يكلم ياسمين ولكنها قاطعته بلكزة بطرف يدها هامسة مش هلأ بعدين ارجع عند جماعتك لحد ما اناديلك: عاد فارس الى حيث يقف الاشخاص شهود الزفاف ورأى ان وجوههم مصفرة ومكفهرة ...اقترب منهم وارادوا ان يسألوه ولكنه اشار اليهم بأصبعه ان يبقوا صامتين ...اصر احدهم على ان يتكلم ولم يستطع فارس منعه ...وقال لفارس:اسمع انت ما حكيتلنا انك بدك تجيبنا عند الجن ..مثل ما دخلتنا اطلعنا. شعر فارس بأنه سيواجه مشكلة لم يحسب حسابها وان اصحابه يفكرون بالانسحاب بعد ان اعتراهم الخوف..واخذ فارس يهدئهم ويقسم لهم بأن اللواتي رأونهن هن انسيات ومن البشر ولا علاقة لهن بالجن...وساعده صديقه بتشجيع الشباب وكاد ان ينجح باقناعهم ..لولا ان احدهم تجمد مكانه من الخوف وهو يشير بأصبعه باتجاه ياسمين وامها..لتظهر بجانبهم مقنعة اخرى بالاسود..واخذ كل منهم ينظر بوجه الآخر..وفارس يقول لهم:لا تخافوا والله هذولا انسيات وانا حكيتلكم هذا ...عرس يا جماعة ومش بس احنا اللي راح نيجي عليه ..الله يخليكم خليكم زلام ولا تخربو عليّ الخطة...! فقال احدهم متحديا : فارس اسمع يا حبيبي الله يرضى عليك خلينا نروح ونملص بجلدنا هذا انا شايف كل شوي بتطلع وحده جديدة.. فقال له فارس:عادي شو القصة هذولا قريبات العروس ..اقترب صديق فارس وهمس بأذنه ..قل لي دخلك هن من وين بطلعن؟ ..فلكزه فارس بأن يصمت.. واصدقاء صديق فارس يتلفتون حولهم وهم على قناعة بأن القبور ستفتح وستمتلىء المقبرة بالمقنعات..وكل منهم يفكر بالهرب وفارس وصديقه يبذلان جهدهما لاقناعهم بأن الأمر سينتهي خلال دقائق لا أكثر... وعلى بعد امتار من فارس واصدقائه تقف المقنعات الثلاثة يتهامسن وتحيط بهن القبور من كل جانب لتظهر من طرف المقبرة عجوز بيضاء ليست مقنعة وتقترب منهن وحيث يقف فارس قال احد الشباب بعد ان رأى العجوز من حيث يقف :السلام عليكم هاي ليلة مش راح تخلص..واخذ يركض هاربا مبتعدا. لم يتوقف الامر عند هذا الحد بل بدأ الآخرون يتبعونه بالهرب بسرعة وبطريقة هستيرية..وبسرعة دفعتهم ليتعثروا بالقبور وببعضهم البعض..لم يبق بجانب فارس الا صديقه الذي زاد الرعب بقلبه طريقة هروب الشباب ولكنه بقي بجانب فارس مذهولاً مما يحدث حوله. جلس فارس على احد القبور حزينا صامتا يفكر بالاحراج الذي وقع فيه وبالفشل الكبير الذي حدث وكيف سيواجه ياسمين وهي التي حذرته كل الوقت ليحرص من وقوع أي خطأ... صديق فارس الواقف الى جانبه يدفع بفارس ليتلفت باتجاه اليمين ليحذره من أن المرأة العجوز البيضاء لا تبعد عنه سوى عدة اقدام ... تقترب منه العجوز وتمسك بيده وتسحبه مبتعدة عن صديقه وتقترب من المقنعات الثلاثة...وهي تمسك بيد فارس وتمسك بيد احدى المقنعات اللواتي يصعب ان تميز الواحدة منهن عن الاخرى..وتبتعد عدة امتار مصطحبة معها المقنعة تاركة خلفها المقنعتين..تتوقف بعد ان ابتعدت عن الجميع وتقول : يا فارس ويا ياسمين ..احد الشروط التي اتفقنا عليها ليتم زواجكما اليوم قد أخل به وكلامي لكما الاثنين ..ان لم تستطيعا القيام بأبسط الامور فكيف ستواجها ما هو اعقد ؟ اطرقت ياسمين برأسها الى الارض وكذلك فعل فارس ولم يردا على كلام العجوز ..فوجهت العجوز كلامها لياسمين قائلة:يا ياسمين اما زلت مصرة على المضي في هذا الطريق بعد كل ما حدث ...؟! فقالت ياسمين وهي مطرقة برأسهاالى الارض ...اللي تشوفيه يا خالتو..!؟ فقالت العجوز بلهجة أمر :ياسمين هل ما زلت مصره..؟ لم تجب ياسمين ولم تنبس بحرف وبقيت مطرقة برأسهاالى الارض.. فقالت العجوز :"لا ادري الى اين سيوصلك عنادك هذا ..لا اشعر بأن زواجك من فارس سينجح ..ولكن من حقك ان تحصلي على فرصة لانجاح هذا الزواج..وبرغم عدم قناعتي الا اني سأتمم هذا الزواج..وسأكتفي بصديق فارس الذي لم يهرب ليكون شاهدا عليه "..ونظرت العجوز لفارس ..وقالت له:لا افعل هذا من اجلك بل من اجلها ولا اتمنى لكما الفشل في حياتكما ..ايضا من اجلها..واتمنى بأن لا يكون مصيرك كمصير اقربائك.. عاد الامل والحياة الى فارس بعد ان سمع كلمات العجوز ..برغم انه يشعر بأن العجوز لا تحبه.. وفجأة هز المقبرة صوت قوي قادم من خلف فارس اثار بداخله الرعب وقبل ان يتلفت صرخت فيه ياسمين قائلة له:لا تطلع وراك..! قاوم فارس الفضول والخوف مما يحدث خلفه ولم يتلفت استجابة لتحذير ياسمين له وحرصا على وعده لها بأن لا ينظر الى الخلف كلما طلبت منه ذلك... العجوز لم تكترث للصوت الصادر وقالت لفارس ..والان سأتمم زفافكما بناء على شروطي ..على امل ان لا يخرق أي منها وان حدث ذلك فسيبطل كل شيء ...والشرط الذي لن يستوفى سيتم استبداله بشرط اخر وسينفذ الليلة ..ان وافقت عليه سيتم الزفاف وان لم توافق سيلغى كل شيء ...شرطي هو :قاطعتها ياسمين وقالت :لا يا خالتو بلاش ...!! نهرتها العجوز وقالت بغضب: ياسمين.. اطرقت ياسمين برأسها الى الارض وقالت :اسفة يا خالتو..! واكملت العجوز ..شرطي هو ان تقضي الليلة في داخل قبر مغلق تخرج منه قبل شروق الشمس ومعك للخروج من دقيقة الى13 دقيقة ..ان خرجت قبلها تبقى اللعنة تطاردك كما طاردت اجدادك وان سبقتك الشمس ولم تخرج لن تستطيع الخروج قبل مضي سبعة ايام ..ومن كل قلبي اتمنى لك التوفيق واتمنى ان لا تسبق الشمس بكثير ولا تجعلها تسبقك ولكن ان حدث ان سبقتك الشمس فحبك لياسمين ان كان صادقا سينير لك القبر خلال السبعة ايام التي ستمضيها فيه فحافظ على عقلك ان حدث هذا وسأتركك الان لعدة دقائق لتفكر فالخيار خيارك انت..وامسكت العجوز بيد ياسمين وسارت معها باتجاه المقنعتين الآخريين وحينما وصلن قالت ياسمين للعجوز : ارجوكي يا خالتو بلاش مش راح يقدر..! فقالت العجوز: هاي مشكلتو ومش مشكلتنا..بلاش تخلي قلبك يحكمك وهاي مش لعبة علشان تمشي كيف بدك...! وتكلمت احدى المقنعات وهي ام ياسمين وقالت لياسمين: يا بنتي انا بنصحك تنسي هالموضوع عمر الجواز من ابن عيلة الدهري ما راح يمشي ..اسمعي كلام امك .. ولاد الدهري واحد ...الفرصة بأيدك يا ياسمين بلاش تضيعيها في كلام فاضي وبلاش يصير لك اللي صار لي مع ابوكي..صمتت ياسمين ولم تجب وعلقت العجوز وقالت:انا نصحتها ومن حقها توخذ فرصتها...خرجت ياسمين من صمتها وقالت سأخذ فرصتي وسأبذل جهودي لانجاحها..مهما كلفني ذلك من ثمن...فقالت لها العجوز اصبري لنرى ان كان فارس قد وافق على شرطي الاول..فقالت ياسمين انا واثقة انه موافق واتمنى ان يصمد هزت العجوز رأسها وقالت لأم ياسمين...لا ارى أي مانع من اعلان زواجهما تمنى لابنتك التوفيق فقالت "لعنة" ام ياسمين ..بنبرة حزينة اتمنى لها ان تحافظ على العهد...اشارت العجوز لفارس بيدها فتقدم فارس نحوهما وسألته العجوز اوافقت على شرطي..فأجاب فارس نعم انا موافق فقالت العجوز اذن سأعلن الان زفافكما وسأسجله في احد القبور فأبذل جهودك لانجاح كل الشروط المطلوبة حتى لا اراك من جديد لان رؤيتك لي مرة اخرى بعد اعلان زواجكما لن يجلب لك السرور سيشهد على زواجكما انت وياسمين ..صديقك واخت ياسمين ورده وامها "لعنة" ولتعلم انت وياسمين ان زواجكما ما كان ليتم الا بموافقة جورجيت ..هيا يا فارس نادي على شاهدك ...توجه فارس الى حيث يقف صديقه مشدوها خائفا يرقب ما يجري حوله ولا يجرؤ على القيام بأية حركة قال له فارس: ستقترب معي لتكون شاهدا على زواجي وبعد ذلك بامكانك الذهاب ولكن بعد ذلك ارجوك ان تحضر الى منزلي في الغد فان لم تجدني فأبلغهم اني قد سافرت في عمل وساعود بعد سبعة ايام وافحص بعد سبعة ايام فان لم تجدني قد عدت فحاول ان تبلغهم بطريقتك بأني قد سافرت بعيدا ولا اعلم متى اعود صديق فارس الذي كان يحبه كثيرا ..تجهم وجهه وقال لفارس بانه لن يتركه هناك ولن يخرج الا وهو في صحبته مهما كان الثمن فأن كان سيحدث شيء فليحدث لهم الاثنين معا ...شد فارس على يده وقال له ما فعلته اليوم معي لن انساه لك ابد الدهر فلولاك لكان الله وحده يعلم ما كان قد يحدث ولكن ارجوك ان تثق بي فانا اعرف ما افعله ولا تخف فلن يحدث لي أي شيء ولكن هذه امور افعلها بمحض ارادتي ولا استطيع الان ان اخبرك عنها فافعل ما قلته لك واطمئن بأنه لن يحدث الا الخير ...لم يكن امام صديق فارس ما يفعله سوى تنفيذ ما طلبه فارس ...سار الاثنان الى حيث العجوز ورأت العجوز ان صديق فارس يكاد ان يغمى عليه من الخوف فقالت مبتسمة ..لا تخف يا بني فلن يؤذيك احد انت اليوم شاهد على زفاف اخ لك وثبت لنا ان امره يعنيك قولا وفعلا وعليه فقد وافقنا على ان تكون شاهده... وبعدها وجهت العجوز كلامها لفارس وقالت تستطيع ان تصرف شاهدك يا فارس الا ان احببت ان يبقى فاقترب فارس من صديقه وصافحه وودعه وسار صديق فارس بطريقه خارج المقبرة وقالت العجوز : والان يا فارس قبل ان نودعك واشارت بيدها باتجاه احدى المقنعتين وقالت ..هذه وردة اخت ياسمين ...مد فارس يده وصافحها..واشارت العجوز مرة اخرى بيدها وقالت وهذه لعنة ام ياسمين مد فارس يده ليصافحها الا ان ام ياسمين لم تمد يدها رافضة ان تصافحه ...شعر فارس بالحرج واعاد يده..وقالت ام ياسمين لفارس: اتمنى من كل قلبي ان اكون مخطئة من اجل ياسمين واتمنى ان يأتي يوم واسلم عليك وتستطيع ان تسّلم عليّ ولكن ليس الان يا أبن الدهري . فقال فارس اعدك ان هذا اليوم سيأتي ..فقالت العجوز والان يا فارس سأودعك واتمنى لك ان تلتقي بأم ياسمين واختها قريبا واتمنى ان لا تراني مرة اخرى...وسارت النسوة الأربعة بالاتجاه المعاكس لفارس وحينما مرت ياسمين من جانب فارس لكزنه بيدها وقالت لا "لا تطلع وراك" وقف فارس مذهولا وقال بصوت عال ...طيب شو اسوي هلا شو اعمل وين اروح يا عجوز انت ما حكيتيلي ولكن لا حياة لمن تنادي فلا احد يرد على فارس وقف فارس وهو لا يدري ماذا يفعل وايضا لا يستطيع التلفت للخلف ولا يدري ان كانت العجوز والنسوة خلفه ام انهن قد اختفين ولم يقل له احد ماذا يجب ان يفعل والعجوز قبل الزفاف اشترطت عليه ان يدخل قبرا ويخرج قبل شروق الشمس من دقيقة الى 13 دقيقة ولكنها لم تقل له أي قبر وفكر فارس هل العجوز نسيت ان تقول له ام انها تحدته حتى يفشل وان كانت العجوز قد نسيت فلماذا ياسمين لم تقل له وما هذا الزواج كلام والسلام اغتاظ فارس اكثر واخذ يحدث نفسه بصوت عال وهو لا يجرؤ على التلفت الى الخلف واخذ يسخر من نفسه ومما يحدث ويقول بصوت عال ...فارس ادخل قبر ولا تطلع منو فارس لا تطلع وراك فارس اصحى الشمس تسبقك.. يلعن فارس وابو فارس.. تمالك فارس اعصابه وبدأ يستعيدها بهدوء وهو يعلم ان الوقت ليس لصالحه ...وسار بين القبور دون التلفت الى الخلف لعله يهتدي الى شيء ما يساعده على ماذا يجب ان يفعل وحصل ذلك فعلا فقد رأى فارس قبرا قديما تذكره فورا وتذكر ان هذا القبر قد رأه في منطقة بئر السبع في المرة الاولى التي رأى فيها ياسمين واقترب فارس منه ليتأكد ...فوجد فارس ان على بلاطة القبر نفس الكتابة التي رأها في المرة الاولى ...افتح القبر فلا مكان للحب والشك معا..فأعتزم فارس ان يفتح القبر ليدخله فلا بد انه القبر المقصود الذي يجب ان يمضي فيه ليلته بناء على شرط العجوز ولكن عيني فارس لمحتا قبرا اخر بجانبه وتذكره هو ايضا فقد رأه في مقبرة طبريا فاقترب منه فوجد عليه نفس الكتابة التي كانت في المرة الاولى ... يا زائري لا تخف وانت تنظر قبري .. يا زائري انا قدرك وانت قدري يا زائري اغلق قبرك يفتح قبري...الخ احتار فارس وزادت حيرته حينما رأى قبرا ثالثا كان قد رأه في السابق في حيفا اقترب منه ورأى ان نفس الكتابة عليه في كل قبر سر ولكل سر قبر اذا خرج السر من القبر سار وان كشف القبر عن السر انهار ...فتعال في الظلمة لتكون سري او اهرب من خيط نور قادم واغلقني فتبين فارس ان هذا القبر المقصود فالعبارات التي عليه تشير الى نصيحة العجوز وخاصة مقطع "اهرب من خيط نور قادم" وقال فارس في نفسه ولكن هذا القبر رأيته في السابق في بداية عهدي بياسمين فلماذا يكون هو..وبدأ فارس بالبحث بين القبور ورأى ايضا قبر عمته ربيحة الذي اخرج منه الصندوق وقد كتب عليه...هنا دفنت الحقيقة ومن هنا يجب ان تخرج ...ايقن فارس بان كل قبر قد فتحه بالسابق انتقل الى هنا ..احتار كيف انتقلت هذه القبور من مناطق مختلفة ومتباعدة واجتمعت في مكان واحد ام انها نسخة عن القبور السابقة؟.. لم يستطع فارس ان يحسم امره حول أي قبر يجب ان يختار فكل العبارات التي على القبور تشير إلى ان القبر هو المقصود.. عاد فارس وقرأ كل ما كتب على القبور وبدأ بالقبر الاول الذي فتحه الى القبر الاخير الذي ضمه ...واخذ يحلل ما كتب على كل قبر ووجد ان لكل قبر قصة لم يفهمها في حينه وتذكر انه كلما دخل مقبرة كان يقوم بفتح قبر جديد وايقن فورا ان هذه المقبرة يدخلها لاول مرة وان قبرا اخر يجب ان يكون فبحث بين كل القبور التي على يمينه وعلى شماله فلم يجد قبرا مناسبا للقصة التي حدثت فكلها قبور عادية وهنا فكر في انه ربما القبر المقصود سيكون خلفه ولكن كيف سيتلفت الى الخلف وياسمين حذرته ان لا ينظر خلفه كلما طلبت منه ذلك فقرر ان لا يتلفت الى الخلف وبدأ بالسير الى الامام بشكل دائري لعدة دقائق حتى اصبح النصف الثاني للمقبرة امامه وحينما نظر نحو القبور فوجيء بانه يرى عشرات القبور المتشابهة والتي لا يختلف الواحد عنها عن الاخر ...وبدأ يتنقل من قبر الى آخر ويقرأ عليه اسماء كلها لأبناء الدهري وبين القبور فوجىء فارس باحد القبور.. وقد كتب عليه... هنا سكن فارس الدهري رفع فارس البلاطة فوجد انها ثقيلة جدا حتى انه بذل مجهودا كبيرا لكي يستطيع دفعها.. دخل القبر واخذ يغلق البلاطة عليه حتى احكم اغلاقها ولم يعد قادرا على رؤية اصبعه من الظلام ..واخذ فارس يفكر كيف سيعرف متى يرفع البلاطة ويخرج من القبر قبل شروق الشمس من دقيقة الى 31 دقيقة واخذ يحسب الوقت من لحظة حضوره الى المقبرة الى لحظة مغادرة العجوز والوقت الذي امضاه في البحث ولكن كان من المستحيل ان يستطيع ان يتوصل الى نتيجة.. فكر فارس لماذا لا ينظر الى الساعة التي على يده فوجد ذلك ايضا مستحيلا للظلمة داخل القبر وتذكر ان في احد جيوبه ولاعة فأخرجها وحاول ان يشعلها وكلما نجح في ذلك عادت لتنطفىء قبل ان يرى عقارب الساعة وخاصة ان القبر ضيق ولا يسمح له بالحركة كثيرا ...فكر فارس في ان عدم اشتعال شعلة الولاعة يدل على ان القبر لا يوجد فيه اكسجين هذه الفكرة دفعت فارس لأن يشعر بأنه لو بقي في هذا القبر عدة دقائق اخرى فانه حتما سيموت ...دب الرعب في قلب فارس وبدأ يتخيل عشرات الصور ويجن جنونه حينما يفكر بأنه ان لم يخرج من القبر في المدة المحددة فهو مضطر لأن يمضي فيه سبعة ايام كاملة ويتساءل فارس بينه وبين نفسه عن الدافع الذي يدفعه للقيام بهذا الجنون ويتذكر ياسمين ويعود ويقول انه من اجلها يجب ان يصمد ويبدأ بالعد لعله يستطيع ان يحسب الوقت ولكن بعد ذلك وجد انها فكرة سخيفة جدا فخروجه مستحيل في الوقت المحدد ويقول لنفسه : هذه العجوز الخبيثة تعلم انه لن يخرج ...تغزو الاوهام رأس فارس ويقرر الخروج من القبر وليحدث ما يحدث ولكنه يتراجع ويقرر الصمود وتارة يستعيد هدوءه وتارة اخرى يغضب ويعاتب نفسه :ما الذي يستحق ان يدفن نفسه حيا بين الاموات من اجله ؟ ولم يستطع فارس ان يحتمل فكرة انه سيبقى في هذا القبر لمدة سبعة ايام خاصة وانه مقتنع بانه لن يخرج في الوقت المناسب ويقول لنفسه أي مجنون انا ما الذي افعله ويرفع بقدميه بلاطة القبر ويقرر الخروج وبداخله يلعن كل من حوله ويخرج فارس من القبر ويتجه الى خارج المقبرة لا يأبه لشيء وحتى لياسمين فهو فقط يفكر بالخروج من هذا الجنون ...يسير باتجاه السيارة ولكنه لا يراها ويتذكر انه طلب من صديقه ان يأخذها معه حتى لا تثير الشكوك ويسير بمحاذاة الشارع ويرى ان الشمس قد بدأت بالشروق يقف متسائلاً ربما قد خرجت في الوقت المناسب ونجح ...! ولكنه يتذكر انه خرج بعد ان تخلى عن كل شيء ...ويعود ويقول : "وما دخل ما نويت فالشرط ان اخرج في الوقت المناسب" ...وقد نفذت الشرط وبدأ يحسب في الوقت ويدعو الله ان يكون قد خرج في الوقت المناسب... يسير فارس بمحاذاة الشارع لاكثر من ساعتين ليجد من يقله الى منطقة قريبة من مدينة الناصرة ومنها يسير عائدا الى بيته وفي الطريق تتوقف بجانبه سيارة اوبل بيضاء بطريقة مفاجئة ..ينظر فارس الى داخل السيارة ويرى ياسمين تقودها ...يستقل فارس السيارة بجانبها وهو خائف من غضبها ويفاجأ ان ياسمين فرحة ويسألها من وين انت جاية....فتجيب ياسمين بلهجة مرحه ...انا طول الليل وانا على اعصابي وما ارتحت الا لما عرفت انك طلعت بالوقت المناسب فلحقتك بسرعة...فرح فارس حينما تأكد انه نجح ولكنه لم يجرؤ على النظر الى ياسمين خوفا من ان تكون قد علمت بانه خرج في الوقت المناسب من القبر لانه لم يحتمل اكثر وليس من اجل أي شيء اخر وقال لها :ياسمين انا انسان وانا في القبر فكرت وتخيلت اشياء كثيرة غصبن عني ...قاطعته ياسمين وقالت: خلص يا فارس انا ما بدي اسمع سيرة القبور ولا اللي صار انت نجحت وخلص تعال نحكي في اشي ثاني ونفذ بقية شروط"خالتوا" علشان نقدر نعيش مثل كل الناس انت مش متصور يا فارس قديش انا فرحانه وسعيدة ابتسم فارس ابتسامة خبيثة وقال في سره انجحت وما حد الو شو فكرت وياسمين شو بدوا يعرفها في اللي انا فكرت فيه وكمان انا انسان ومن حقي افكر في اشياء كثيرة ويمكن الله كتب لي افكر هيك علشان اطلع في الوقت المناسب وسأل ياسمين ...حبيبتي ممكن افهم لمين هاي السيارة؟ ضحكت ياسمين وقالت احسنلك بلاش تعرف ... فقال فارس:لا يا روحي صرتي مرتي ولازم اعرف كل اشي .. فقالت ياسمين وهي تضحك:اول اشي يا استاذ فارس انا مش مرتك لأنا هلأ حنعيش فوق القبور وهذا يعني الشرط الثاني من شروط خالتو العجوز ...حعيش معك بس ممنوع تلمسني ولا تشوف وجهي لمدة تسعين يوم وبعدها بنتجوز على طريقتك يا حبيبي وهيك بصير مرتك انا مش وحده لامها من الشارع انا حفيدة جورجيت ولازم تتجوزني قدام كل الناس هيك الشرط. فقال فارس :شو يعني افهم انو كل اللي سوناه ولسه لازم اتجوز مرة ثانية ؟... فقالت ياسمين:آه يا حبيبي احنا تجوزنا على طريقة العجوز وهلأ انت بتقدر تعتبرني "خطيبتك" وبعد 90 يوم بتتجوزني مثل كل البنات الا اذا كانوا احسن مني ...فقال فارس :فش في الدنيا كلها حد احسن منك وهلأ شو بدنا نسوي...!!؟ فقالت ياسمين: ما بعرف انا هلأ راح اعيش معك ومش راح اروح ولا على محل انت مسؤول عني هلأ وانا مسؤولة منك لازم تطعمني وتلبسني وتسكني وتشممني الهوا مثل كل البنات هلأ انا فاضية لألك. فكر فارس قليلا وقال :طيب اول شيء بنعملوا هلأ بنستأجر غرفة في فندق علشان تستقري في مكان واحد ونبدأ نخطط حياتنا..وما ان نطق فارس بهذه الكلمات حتى كاد رأسه يخرج من الزجاج الامامي للسيارة حينما فرملت ياسمين السيارة واوقفتها في منتصف الشارع متسببه بأزمة وابواق السيارات التي خلفها تحثها على السير حتى لا تعطل حركة المرور...وقالت لفارس الذي فوجيء بما حدث ..ايش يا فارس من اولها بدك اسكن في فندق ما في عندكم بيت اسكن فيه ولا عندك اهل اعيش معهم شو انت بتفكرني ..؟!بدل ما تفتخر فيّ قدام اهلك ...؟ صف طويل من السيارات يقف خلف سيارة الاوبل التي تقودها ياسمين وقد اطلق السائقون ابواق سياراتهم واخذوا يصرخون وياسمين لا تكترث وما زالت توقف السيارة في منتصف الطريق وفارس يرجوها ان تبعد السيارة عن الطريق لتعطي للاخرين امكانية المرور. وياسمين تقول ببرود :هاي مش مشكلتي يزمروا لما ينسطحوا ما حد حكالهم ييجوا من هاي الطريق اللي انا فيها...هلأ احكيلي وين حنسكن يا فارس ...فقال فارس :وين ما بدك رايحين نسكن انا هعمل اللي برضيك بس ابعدي السيارة هلأ عن الطريق اقترب احد السائقين من السيارة الاوبل غاضبا وقال لفارس :يا فتاح يا عليم يا اخي ابعدوا هالسيارة عن الطريق بدنا نروح على شغلنا ..نظرت اليه ياسمين وقالت بأستهزاء: آه ممكن ...بس ممكن حضرتك تدفع السيارة شوي علشان السيارة مش راضية تشتغل وجوزي رجلوا مكسورة ما بقدر يدفع.. وقال الشخص: امرنا لله وبدأ بدفع السيارة وتعاون معه مجموعة من السائقين على دفعها واثناء ذلك داست ياسمين على دواسة البزين بقوة وانطلقت ليسقط احدهم على الشارع واخذت ياسمين تضحك وفارس ينظر خلفه غاضبا على ما فعلت ياسمين وقال لها:من شأن الله يا ياسمين بطلي هالحركات ... فقالت له بدلع :حاضر بس انت لا تزعلني ...ابتسم فارس وعاد وسألها من جديد ياسمين: انت لسه ما حكتيلي هاي السيارة لمين ؟. فقالت ياسمين: وانا شو عرفني...!! فقال فارس: شو يعني شو عرفك انت من وين جبتيها...؟! فقالت:كانت صافة بالشارع اركبتها وشغلتها واجيتك ... فقال فارس:شو الامور بهذه البساطة... فقالت:طيب كيف كنت بقدر الحقك.. بدك اياني امشي على رجلي ... فقال فارس ساخرا:لا اسرقي أي سيارة وتعالي ... فقالت:ما انا هيك عملت يا حبيبي.. فتنهد فارس وقال بهدوء: طيب يا ياسمين انت بتعرفي انو هلأ ممكن الشرطة تمسكنا وممكن نقع في مشكلة كبيرة ... فقالت ساخرة...ليش يا حبيبي هو ممنوع سرقة السيارات؟ استفز فارس وقال لها:هاي مش مزحة تعالي نصف السيارة ونوخذ تاكسي. وبعد جدال بين ياسمين وفارس اقتنعت ياسمين واوقفت السيارة وقام الاثنان بركوب تكسي باتجاه الناصرة...وحينما وصلا طلب فارس من السائق ان يتوقف فسالت ياسمين فارس :ليش بدنا نوقف هون؟ فقال لها بدنا ننزل نفطر باي مطعم . فقالت ياسمين: انا آسفة حنفطر في بيتكم... لم يكن امام فارس من خيار اخر فيجب ان يتوجه الى البيت مباشرة وهكذا فعل ودخل هو وياسمين البيت ...اخذت ياسمين تتجول في البيت وفارس شارد الذهن في اعداد سيناريو لأمه لتستوعب ما يحدث ولتتفهم انه يجب ان تعيش معها في البيت انسانة لا تستطيع ان ترى وجهها او حتى اصبعها ...فتذكر فارس بأن ياسمين تتجول في البيت فخاف ان تفاجأ امه برؤيتها. فلحق بياسمين بسرعة ودخل خلفها المطبخ ليجدها جالسة مع امه فقال فارس لامه :صباح الخير ..فردت عليه وهي تصر على اسنانها وفي عينيها الف سؤال ...صباح الخير يا استاذ ...فارس صباح النور ...صباح الياسمين. ارتبك فارس ولم يدر ماذا يفعل او يقول فقالت امه..شو مالك مش على بعضك؟ فقالت ياسمين بعد ان ضربت كفا بكف :من التعب اللي تعبو يا حماتي امبارح نظرت ام فارس بطرف عينها باتجاه ياسمين وقالت: ...وشو اللي تعبو يا ستي الشيخة.؟. فقالت ياسمين مصطنعة المفاجئة :انا مش شيخة يا حماتي هو فارس ما حكالك؟ ... فقالت لا والله ما حكالي يا ريت تحكوا لي انت وياه فقالت ياسمين طيب انا هلأ بحضر الفطور لفارس علشان يفطر وبنقعد نحكي وبدأت ياسمين تفتح الخزائن وتغلقها وتخرج الاواني وتعد الافطار وام فارس تتابعها بعيونها من زاوية الى اخرى مذهولة مما ترى وتنتقل بعينيها من ياسمين الى فارس وتشير بيديها الى فارس وكأنها تسأله شو قاعد بصير وحركات ياسمين استفزتها اكثر فقالت لها مستهزئة طيب اشلحي هالجلباب والخمار علشان تعرفي تتحركي والكفوف اللي بأيدك علشان ما يتوسخوا منتي في بيتك وزيادة ..فأقتربت ياسمين وهي تحمل بيدها حبه بندوره وسكين من ام فارس واحنت ظهرها وقالت ما بصير يا حماتي مش ممكن يا ريت بقدر وبعدين لا تخافي علّي انا بدبر حالي.. وانا متعودة هيك ..قوللي يا حماتي انت بتحبي البيض عجة ولا عيون وادرك فارس ان امه ستنفجر من الغيض ان لم ينقذ الموقف بسرعة فأمسك بيدها وحاول ان يشدها لتخرج ليتحدث معها بغرفة الضيوف الا ان امه امسكت بالطاولة ورفضت فهي لا تستوعب ما يحدث وبدأت ياسمين تصف الصحون على الطاولة بسرعة مذهلة وتضع كل شيء مكانه وكأنها عاشت في هذا البيت منذ سنين وفي هذه اللحظات دخل "علاء" شقيق فارس ففاجأته ياسمين قائلة :صباح الخير يا علاء هيا الفطور جاهز ..لو ما فقتّ لوحدك كنت جاي افيقك ..وهيني اعملتلك نسكافيه زي ما بتحبها ... جلس علاء بجانب الطاولة وكاد يضحك ليس على طريقة ياسمين ولبسها بل لدى رؤية امه وهي متشنجة "مبحلقة" بعينيها اتجاه ياسمين وحينما جلس الجميع قالت ياسمين لأم فارس التي ما زالت تنظر اليها بطريقة غريبة : شو يا حماتي في اشي...؟!! وضعت ام فارس خدها على يدها وقالت لا ما فيّ اشي بس بدي اشوف كيف بدك توكلي وانت بعدك لابسه هالكفوف ولابسه هالخمار ..هو زياده دين ولا هذا شو...؟! فقالت ياسمين: انت كلي يا حماتي بالهنا والشفا ولا تخافي عليّ انا بدبر حالي هلأ بتشوفي ..واخذت ياسمين ترفع الخمار بيدها اليمنى وتأكل بيدها اليسرى وام فارس تتابعها حتى انها احيانا كانت تنحني في الوقت الذي ترفع فيه ياسمين الخمار لتر ما يوجد تحته ... تكرر الموقف اكثر من مرة وعلاء لم يحتمل ما يحدث امامه بين امه وياسمين واخذ يضحك بطريقة هستيرية جعلت فارس يضحك معه وكذلك فعلت ياسمين حتى امهم حاولت ان لا تضحك ولكنها لم تتمالك نفسها وضحكت... سقط علاء عن الكرسي من الضحك واستمرت نوبة الضحك لدقائق وكلما توقف كان علاء بطريقة لا ارادية يضحك فيضحك معه الجميع ويبدو ان اجواء الضحك قد ساعدت ان تنسى ام فارس ما يحدث في بيتها لبعض الوقت واستغل فارس الفرصة واخذ يعرفهم على بعضهم من جديد وشرح لأمه واخيه ان ياسمين هي خطيبته وهو يعرفها منذ زمن بعيد وقد طلبها من اهلها وسيتمم زواجه منهابعد فترة من الزمن .. وهناك ظروف خاصة لا يستطيع ان يشرحها الآن تمنعها من ان تخلع العباءة والخمار او ان يرى احد وجهها ...والأهم من كل هذا انها ستعيش معهم في البيت لحين موعد الزفاف . ام فارس لم تهضم الامر كثيرا واخذت تسأل ولكنها لم تكن تحصل على اجوبة تشفي غليلها...اما علاء فقد شعر بجو من المرح لم يعهده في بيتهم منذ فترة ..ام فارس طلبت من فارس ان تتحدث معه على انفراد فخرجا الى الغرفة الاخرى تاركين علاء وياسمين في المطبخ وما ان انفردت بفارس حتى امطرته بوابل من الاسئلة واطلقت التهديد والوعيد ... فرجاها فارس وتوسل اليها ان تتقبل الواقع .. فقالت له: يا فارس ..مجنون بحكي وعاقل بسمع ..كيف بدي افهم وحده جاي على بيتي بلا احم ولا دستور وبتتصرف وكأنو بيتها وزيادة .. يا سيدي اهلا وسهلا فيها ،بس مابقدر اشوف وجهها وكل اللي انا شايفتو قماش اسود بأسود لا تقنعني انها لابسه هيك من الله لا الله ...في اشي ،هاي البنت مالها اشي..وبعدين شو بدنا نقول لجيرانا ... مين هي ومين اهلها ومن وين جاية يا فارس ان كنت متورط معها بأشي قلي بس لا تخليني على نار هاي البنت تصرفاتها غريبة وبكره حتخلقنا قصة بين الجيران. امسك فارس بيد امه وترجاها من جديد...على ان تحتمل الوضع القائم لمدة يومين ليجد حلا وتحت ضغط فارس ورجائه رضخت امه لطلبه واضعة عشرات الشروط على فارس ... تنفس فارس الصعداء وعاد الى المطبخ ليجد علاء وياسمين يتبادلان النكات وكأن الواحد يعرف الآخر منذ سنين...خرج علاء وجلس فارس مع ياسمين..وقال لها: لازم نرتب امورنا يا ياسمين امي مش عم تتقبل الوضع بسهولة. |
||
02-05-2009, 02:48 PM | رقم المشاركة : 14 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
الجزء الرابع عشــر قالت ياسمين:ولا يهمك بكره بتتعود علّي. فقال: الله يخليك تبطلي مزح ولا توخذي الامور باستهزاء...! فقالت:انا ما بستهتر انا بتصرف على طبيعتي شو عملت اشي غلط... فقال :طيب هلأ انت حتصيري تستخدمي غرفتي وانا حنام في غرفة علاء وخلينا نرتاح شوي وبعدين نطلع نشتري الاغراض اللي لازمتك . فقالت:انا مش موافقة ..انا وانت بنام بنفس الغرفة . فقال لها:بس شرط العجوز اني ما اشوف وجهك لمدة 09 يوم. فقالت:طيب شو المشكلة ما انت مش راح تشوف وجهي ..! فقال لها: كيف هاي بدها تصير مش مشكلة ...بدك امي تطربق البيت على رأسي؟ فردت مستفزة:اتطربق البيت هي على راسك احسن ما اطربقو انا على راسك الشرط واضح حتعيش معي ومش رايحين انام كل واحد منا في غرفة .. استغرب فارس الطريقة التي تحدثت بها ياسمين ...ولكن زامور سيارة بالخارج دفعه ليقطع الحديث ويخرج ليرى مصدر الصوت..فوجد صديقه يقف على الباب بعد ان احضر السيارة وأتى ليتأكد ان كان فارس قد عاد بناء على طلب فارس بالليلة السابقة ...فرح صديق فارس لرؤيته ... وامطره بعشرات الاسئلة وبطريقة لبقة طلب فارس منه ان يؤجل هذه الاسئلة وان يحتفظ بكل ما حدث سرا بينهم على ان يشرح له فارس القصة بعد ايام ... وتحجج فارس بانه متعب ...ليتحاشى دعوة صديقه للدخول الى البيت حتى لا يزيد الامور تعقيدا وخاصة ان رأى ياسمين ... غادر صديق فارس دون ان يدخل المنزل ولم يكن راضيا عن استقبال فارس له ..... ...عاد فارس الى المطبخ ولم يجد ياسمين هناك ووجدها في الغرفة تقوم بترتيبها ...دخل الغرفة وطلبت منه ياسمين ان يغلق الباب. فقال لها فارس: بانه لا داعي لذلك فامه لن تتفهم اغلاق الباب وستبدأ بتفسير الامور بطرق مختلفة. امالت ياسمين برأسها وقالت: انا قلتلك سكر الباب يعني سكر الباب وشوف لا تجنني بأمك كل شوي امي ..امي ..انا مش متجوزة امك انا متجوزيتك انت...خنقتني افهم...كل شوي امي مش مستوعبة ..امي مش مستحملة ..امي بتخاف وبلاش تفسر غلط.. انا شو خصني بأمك لا تنسى انو انا كمان عندي ام مش مستوعبة ومش راضية وتركتها زعلانة مني علشانك ..امك ححطها بعيوني بس لا تخليني اشعر انها احسن من امي ..افهم امك مش احسن من امي. لم يستوعب فارس نوبات الغضب التي تمر بها ياسمين بين الحين والاخر بشكل مفاجيء ولم يعرف كيف يستطيع ان يحيا بوسط هذه التناقضات ...امه بمفاهيمها واسلوب حياتها الخاص وياسمين بغموضها ومفاهيمها الخاصة بها. اقتربت ياسمين من فارس وقالت بلهجة هادئة وكأنها تعتذر عن الاسلوب السابق ..يا فارس انا ما بكره امك بالعكس انا بحبها بس كل ما بتذكر امي واختي وعتمة القبور ما بتمالك اعصابي. لم يجب فارس بل بقي صامتا ..فقالت ياسمين:طيب يا فارس ارتاح انت ولما برجع بنحكي .. فسألها: وعلى وين رايحه... فقالت:رايحة اجيب اغراضي من بيتنا بتحب تيجي معي تعال..! فقال: لا شكرا كثير بس كيف حتروحي...؟! فقالت:بسيطة بوخذ سيارتك...يا بوخذ أي سيارة من الحارة وبروح فيها.. فقال:وحتطلعي قدام كل الجيران هيك..؟! رمقت ياسمين فارس بنظرة حادة وسحبت مفاتيح السيارة من يده وخرجت مسرعة وما هي الا ثواني حتى ملأت الحارة بزامور متواصل اخرج الجيران الى الشارع وركضت ام فارس اليه...متمتمة "شايف المجنونة هاي شو بتعمل ..طالعة بسيارتك تشحط وتزمر ويلي مش شايف يشوف..انا قلتلك هاي البنت مش طبيعية. فقال فارس:اسمعي هذا الي كاتبو الله ..هاي البنت بتجيلها حالات جنون ولازم نتحملها ...انا هلأ بدي انام اذا عرفت انام من اصلو وبعدين بنحكي وترك فارس امه وذهب للنوم وبينه وبين نفسه لم يكن مستغربا لو افاق ووجد ياسمين قد احضرت جرافة وبدأت بهدم البيت على رأسه فتصرفات ياسمين لا يمكن لاحد ان يتنباء بها.. .مرت ساعات وافاق فارس على رائحة باخور غريبة وفتح عينه ووجد ياسمين واقفة في الغرفة تقوم بترتيب مجموعة من الشموع ... وعباءات وكفوف سوداء منتشرة هنا وهناك ..فرك فارس عينيه ليتأكد مما رآه فقد رآى عدة جماجم صغيرة كتلك التي رآها مع ياسمين في المرة الاولى للقائهما لم يتمالك فارس نفسه واخذ يضحك حينما تخيل لو ان امه تدخل الى الغرفة التي حولتها ياسمين الى مقبرة وسألها: شو هذا يا ياسمين شو اليّ انت جابيته ...؟! فقالت:اغراضي.. شو انت شايف اشي غريب ..؟! فقال:ابدا هو في اشي غريب..ا قتربت ياسمين من فارس كطفلة صغيرة وقالت له هامسة اطلع شوف شو حطتلك بغرفة الضيوف اشي بجنن وبؤخذ العقل بتعرف غير منظر الصالون كلو. وما كاد فارس يسمع ما قالته ياسمين حتى تقهقه بأعلى صوته فقد تخايل ان ياسمين احضرت قبرا معها ووضعته في غرفة الضيوف .. فقالت ياسمين لفارس:شو اليّ بضحكك ..؟! فقال فارس: ابدا بس انا مبسوط .. فقالت :طيب اطلع شوف وحكيلي رايك ... خرج فارس وهو يضحك على المصيبة التي وقع فيها ...توجه فارس الى غرفة الضيوف وحينما دخلها فوجيء بما لم يكن يتوقعه ... مجموعة من القطع الاثرية النادرة والتي يظهر انها قد صنعت قبل الاف السنين..وهي روعة بالجمال ..اخذ فارس يتفحصها ويلمسها بيديه وشرد بفكره :ان القطع التي يراها لا بد انها تساوي ثروة . .دخلت ياسمين خلفه الى غرفة الضيوف وقالت له: شو رأيك مش قلتلك بو خذوا العقل... تعال اورجيلك شو جبت لامك...وسحبته من جديد الى الغرفة وارته صندوق حينما فتحه كان مليئا بقلادات فضية وذهبية متنوعة صنعت بغاية من الدقة ورسوماتها تدل على امد طويل...واشارت ياسمين الى الطاولة بيدها .. .لينظر فارس الى سيف من ذهب مرصع بالجواهر وقالت ياسمين لفارس: وهذا هدية لاخوك علاء انا شفت بغرفته معلق سيوف ..فظليت أدور حتى اخترتلو احلى سيف من عندنا.. تلعثم فارس ولم يدر ماذا يقول واخذ يتساءل هل تدرك ياسمين قيمة هذه الاشياء الحقيقية اما انها تجهل؟لا بد انها تدرك والا فكيف ادركت قيمة القطع الذهبية التي باعها في المرة الاولى...فسألها فارس :من اين احضرت هذه الاشياء يا ياسمين..؟!. .فقالت:ببساطة في بيتنا عنا كثير كثير منها لو بدنا نعدهم ما بنقدر.. .بس امي دايما كانت تقول الي ولاختي انو ممكن ييجي يوم ونستفيد من هذه الاشياء ..وما عمرنا استخدمنا الا القطع الذهبية الصغيرة.. كنا لما نطلع من القبور انا او اختي ونصدف حد نشعر انو مليح كنا نعطيه قطعة او ثنتين. فسأل فارس بطريقة لا شعورية: هو كم قطعة عندكم منها..؟! فقالت:صناديق كثيرة ما عمرنا فكرنا نعدها... فقال فارس لياسمين: انت عندك فكرة انك بتحكي عن ثروة ضخمة ؟ فقالت :بنعرف من زمان وانا قلتلك انو عندنا ذهب بشتري كل بلدكم ...بس بالنسبة النا كل هذا ما الو قيمة عندنا وما يلزمنا ولا عمرو ما راح يلزمنا. فسأل فارس: طيب امك والعجوز ما عارضو لما انت طلعت الاغراض هاي من المقابر من بيتكم من محل ما جبتيها..؟ فقالت ياسمين:لأ ليش يعارضوا هاي اشياء ما الها قيمة واذا كانت ممكن تفيدني بره القبور ليش ما استخدمها؟ واخذت ياسمين تتحدث مع فارس وتقوم بتعليق وترتيب الاغراض التي احضرتها معها في الغرفة فتضع جمجمة هنا وجمجمة هناك وتصف الشموع والبخور وبعض القطع الفريدة التي ملأت بها الغرفة وغيرت شكلها ووضعت على نوافذ الغرفة ستائر قماشية حتى لا يتسلل النور اليها وفارس تارة يبتسم وتارة يحك رأسه وهو يراقب ياسمين وما تفعله ولم يكن ليتخيل نفسه انه سيستطيع ان يقضي ليلة واحدة في وسط هذا الجو الغريب الذي صنعته ياسمين ودعا الله ان لا تقرر ياسمين تحويل البيت كله بهذه الطريقة وتكتفي فقط بغرفته وتمنى لو انه يستطيع ان يقنع ياسمين بأخفاء الجماجم الصغيرة عن الانظار حتى لا يراها احد وبالأخص امه. فقال لها محاولا ان لا يظهر اهتمامه بوجودها: بتعرفي يا ياسمين كل اشي في الغرفة هاي صار حلوبس الجماجم مش جاي في محلها ما بعرف يمكن انت شايفتيها حلوة بس شو رايك لو خبيناها في الخزانة؟ ضحكت ياسمين وقالت:انا عارف انك مش مرتاح لوجودها اول اشي انا قلتلك من زمان اذا بتذكر هاي مش جماجم هاي حجار وانا بتفاءل فيها وعلى فكرة هاي اغلى اشي عندي وهاي الوحيدة اللي الها قيمة عندي ليش انت مفكر انها جماجم؟ فقال فارس:علشان هي جماجم شكلها جماجم لونها جماجم بدك اسميها حجار وهي جماجم ؟ امسكت ياسمين بيدها احدى الجماجم وقالت : اتطلع عليها مليح عمرك شفت جمجمة بهالحجم؟ فقال فارس:ممكن تكون جمجمة لواحد راسو صغير كثير او لطفل... فقالت: شكلك مش راح تقتنع انا ما بكذب عليك هاي مش جماجم ولو كانت جماجم كنت حكيتلك واعادت ياسمين الجمجمة الى مكانها واخذت ترتب ملابسها في الخزانة وفارس يراقب لعله يرى شيئا لونه غير أسود ولكنه يفاجأ بأن ياسمين تقوم بأخراج عشرات العباءات والكفوف والخمارات ذات اللون الاسود .. .وتضع كل واحد في مكانه حيث يستحيل التمييز بين الواحد والآخر . فيقول لها:ممكن تشرحي لي شو الفرق بين العبايا هاي والعبايا هاي؟ تضحك ياسمين وتقول: الفرق كثير كثير...هاي عباية للمناسبات وهاي للبيت وهاي للنوم وكل واحدة الها استعمالها الخاص. فقال فارس: بس انا مش شايف أي فرق بين الوحدة والثانية. فقالت: ممكن انت ما بتقدر تميز بس كل وحده مصنوعة من قماش مميز وعلى فكرة الفرق بين الوحده والثانية كثير كثير. سمع فارس صوتا خارج الغرفة يناديه فخرج فوجد امه ترمقه بنظرات غريبة وقالت له تفضل انت وشيختك تعالو كلو..) نادى فارس ياسمين وتوجها الى مائدة الطعام وتناولا الطعام ولاحظ فارس ان ياسمين تأكل فقط من باب المجاملة لوالدته وبعد الانتهاء قامت ياسمين بحركة مفاجئة واعدت القهوة بسرعة وعادت بها.. .وكان الجو وديا قليلا بين ام فارس وياسمين فسألتها ام فارس: (من وين انت يا بنتي...ما بدك تحكي لي من وين اصلك ومين اهلك..؟!) صمتت ياسمين قليلا وقالت بهدوء :انا يا خالتي اصلي من الشام ابوي مات وانا صغيرة وتنقلنا في اكثر من بلاد وقبل أكم سنة اجينا على فلسطين وبعد ما مات ابوي امي نذرت اني انا واختي نلبس هيك لحد ما الوحدة منا تتجوز وتخلف واحنا بنحب امنا كثير وعلشان هيك عنا استعداد نموت وما نخالف نذرها وهذا السبب اللي بخلينا نلبس هيك. فقالت ام فارس لياسمين ولكن هذه المرة بلهجة حنونة: بس يا بنتي هذا اشي مبالغ فيه ومش معقول بتقدري تحطي على راسك منديل وبكفي بس انت مغطية اصابعك وعينيكي قدام الرجال والنسوان كيف بتقدري تعيشي هيك..؟! تنهدت ياسمين وقالت: النذر نذر يا خاله ولو بأيدي ما لبست هيك.. شعر فارس براحة للتقارب الذي حدث بين والدته وياسمين وان ياسمين قادرة على الاجابة على كل سؤال تسأله امه بطريقة ذكية ومقنعة تلائم الواقع ودون استخدامها للكذب حتى ان الحوار استمر بين الاثنتين لساعات دون ان تشعر الواحدة بملل او هذا ما خيل لفارس الذي كان يخرج ويعود ويجدهما في نفس الحديث...وما فاجأ فارس ان الحديث بين امه وياسمين لم يقتصر حول شخصية ياسمين الغامضة بل امتد الى امور شتى بدءا من البيت ووصولا للجيران. مرت الساعات وحل الليل وكل شيء يسير على ما يرام واكثر من المتوقع ولكن فارس يعلم ما سيحدث لو ان امه عرفت انه سينام في نفس الغرفة مع ياسمين او لو ان امه دخلت الى الغرفة ورأت الاجواء الغريبة التي صنعتها ياسمين من جماجم وشموع...واخذ فارس يدعو الله ان يصيب امه النعاس لتذهب الى النوم ولكن هذا لم يحدث الا بعد منتصف الليل حيث توجهت امه لتنام بعد ان سألت ياسمين ان كان ينقصها شيء وبعد ان اخبرت فارس بأنها اعدت له الفراش بغرفة اخيه علاء.. اخذ فارس يفكر باللحظات القادمة كيف ستنام ياسمين ...وهل ستبقى كما هي مرتدية الخمار والعباء التي تخفي حتى تقسيمة جسدها..وماذا سيفكر علاء وهو سيعلم حتما ان فارس امضى الليلة في غرفة ياسمين.. .لم يعد هناك وقت للتفكير فقد اشارت ياسمين لفارس بأن يذهب معها الى الغرفة ...وحينما دخلا اغلقت ياسمين باب الغرفة...وقالت لفارس انا ما بتفرق عندي اسهر للصبح بس الك انت مش مليح وهلأ لازم تنام. واخذت ياسمين تشعل الشموع وعدة اعواد من البخور وفارس يقف مكانه لا يعلم ماذا يفعل ... وكانه ينتظر اوامرها...التفتت ياسمين اليه وقالت مستغربة...:شو بدك تظل واقف غير اواعيك ونام . استجاب فارس لطلبها مرتبكا قليلا وهو يخرج بجامته من الخزانة ليرتديها امامها ..ومن ثم يتوجه الى السرير لتبقى عيناه مفتوحتين تراقبان ما تفعله ياسمين. اخرجت ياسمين احدى العباءات وخمارا ...فوجد فارس بانها فرصة ليتلصص بعيونه لعله يرى شيئا غير السواد..ولكن ياسمين خيبت ظنه وقالت لفارس: يا حبيبي ممكن تدير ظهرك علشان اعرف البس...! ادار فارس ظهره وما هي الا ثوان حتى استلقت ياسمين بجانبه وطلبت منه ان يحتضنها ...طوقها فارس بذراعيه وهو مرتبك ..وقالت له ياسمين: وهلأ تصبح على خير ونام. بقي فارس محتضنا ياسمين وعشرات الصور تدور في رأسه وتشده اليها لتدفعه احيانا ليحضنها بقوة واحيانا برقة ويفكر للحظات ان يمد يده ليرفع القماش الاسود الذي يلفها بالكامل ولكن خوفه من غضبها يجعله يتردد ويحاول النوم وطرد الصور الكثيرة ولكنه لا يستطيع..فيفكر بالخروج من الغرفة او الابتعاد عنها قليلا ولكنه يخاف ان تحرك ان يوقظها .. .يتمنى لو يستطيع حتى ان يقبلها ولو قبلة صغيرة او ان يده تلمس جزءا من جسدها دون ذلك الساتر الاسود ... ولكن هيهات فالقماش الاسود لا يترك له ثغرة حتى ولو بالصدفة.. يفتح فارس عينيه ولا يدري كيف غفا ونام..ولكنه لا يجد ياسمين بجانبه ويجول بعينيه في انحاء الغرفة ولا يراها يخرج من غرفته المعتمة فيرى الشمس قد تسللت الى البيت منذ وقت ...ويتوجه الى المطبخ ليرى ياسمين تشرب القهوة وتضحك مع والدته وبنظرة خاطفة يعرف ان الساعة التاسعة صباحا.. .يغسل وجهه ويبدل ملابسه ويتساءل ان كانت امه قد عرفت اين قضى ليلته في غرفة علاء ام مع ياسمين..ويعود الى المطبخ من جديد فتضع له ياسمين طعام الافطار وتقول له: بانها افطرت مع والدته قبل ساعات ولم تحب ان توقظه ..ينظر فارس الى عيني امه لعله يعرف ان كانت قد عرفت ام لا فالساعة التاسعة ولا بد ان امه كعادتها كل صباح تتجول في كل الغرف ... بعدها لا يدري فارس ماذا يفعل او الى اين يذهب فهو ينتظر اوامر ياسمين..فتفاجئه ياسمين وتقول له:بفكر انو هلأ لازم ترجع لشغلك ولا بدك تظل قاعد في البيت ؟يخرج فارس من البيت ويجدها فرصة للتوجه الى نابلس لرؤية صديقه الذي يدين له بالكثير ..ويصل فارس الى نابلس ويجد صديقه ويشكره ويعتذر منه عن اليوم السابق ويرجوه فارس بأن يبقي الامر وما حدث في المقبرة سرا وان يحاول ان يختلق أية قصة لهؤلاء الجبناء الذين هربوا حتى لا تتحول حكاية المقبرة الى قصة في البلاد.. فطمأنه صديقه وقال له بأنه قد فعل ذلك وقد اخبرهم بأن ما حدث في المقبرة ما هو الا محاولة لسرقة قبور والمقنعات اللواتي رأونهم وخافوا منهن ما هن الا اشخاص تخفوا حتى لا يعرف بأمرهم احد ولكن بالرغم من كل ذلك لم يكن صديق فارس ليقتنع رغم انه اختصر عشرات الاسئلة بان ما رآه ليس من الجن والعفاريت. عاد فارس في ساعات المساء الى البيت ووجد ياسمين بانتظاره فسألته: الى اين ذهب فأخبرها. وسألته:متى سيعود الى عمله ..فقال لها :انه لم يعد لديه عمل يقوم به.. فقالت له:امك حكتلي انك بطلت تشتغل وايام كثيرة ما بتنام في الدار ...فضحك فارس وقال :بس انت عارفه شو السبب . فقالت:طيب هلأ لازم ترجع على الشغل علشان نبدي نفكر بمستقبلنا. ضحك فارس لحديث ياسمين فكل الذهب والثروة التي تملكها هذه المخلوقة وتطلب منه العمل من اجل المستقبل؟ وقال: شو ممكن اشتغل ..شغلي سنة بساوي قطعة ذهبية صغيرة من اللي عندك يا ياسمين ... هزت ياسمين رأسها وقالت:بتعرف يا فارس شو خطر ببالي ؟انا عندي صناديق ذهب كثيرة واشياء بتتصورهاش ممكن تشتريلك البلد واللي فيها...هذا اللي بملكو انا واختي وامي بس كمان بعرف عن اشياء تحت الارض مخك مش راح يتصورها ..بالك ايش ممكن نعمل فيها؟ فقال فارس:اشياء كثيرة يا ياسمين ممكن نعيش مثل الملوك واكثر كمان. واخذ فارس يشرح لياسمين ما يمكن فعله وياسمين تهز رأسها وتصغي لفارس بأهتمام كثير .. .مرت اكثر من ساعتين وفارس يشرح وياسمين مهتمة بكل كلمة يقولها بدون مقاطعة او ملل بل احيانا كانت تعطيه افكارا مثل شكل القصر وموقعه ونوع الحديقة وعدد الخدم والطباخين...الخ وقفت ياسمين وبفرحة قالت:فارس لازم الليلة نحتفل امشي نطلع وانا ححكي لامك انو راح نتأخر ... خرجت ياسمين وفارس واستقلا السيارة وسارا في الطريق وطلبت ياسمين من فارس ان يتوجه الى نابلس ...فقال فارس :ياسمين لا تحكيلي انو رايحة على مقابر ..؟! ف قالت له: ابدا يا حبيبي انا حكيتلك حنحتفل بمناسبة مستقبلنا السعيد. حاول فارس ان يثنيها عن الذهاب الى نابلس متحججا بتأخر الوقت ولكنها أصرت على ذلك وحينما وصلا الى نابلس طلبت منه ان يتوجه الى صديقه الذي شهد على زفافهما... استغرب فارس الامر وعارضه بشدة محاولا ان يستوضح منها عن السبب .. فقالت له :انها تريد ان تكافئه ...فقال فارس انه فعل ذلك واعطاه الكثير من النقود .. .فقالت :انها هي ايضا تود ان تقوم بذلك بنفسها ...وامام اصرار ياسمين توجه فارس وبحث عن صديقه حتى وجده وطلب منه ان يصعد الى السيارة وما ان رأى صديقه ياسمين تجلس بجانبه حتى تجهم وجهه وخاف وتردد في الصعود الى السيارة .... في باديء الامر ومن ثم ركب في الكرسي الخلفي يتحدث بسره:>باين هالليلة سودا من اولها"...ولكن ياسمين اخرجت من تحت عباءتها مجموعة من الدولارات والشواقل وقالت له:هاي هدية صغيرة من اخوك فارس ..وطلبت منه ان يردد عدة كلمات رددها وهو سعيد وقالت له مع السلامة. وطلبت من فارس ان يعود الى الناصرة ...سألها فارس :شو الكلمات الليّ طلبت منه يرددها ..؟ فقالت :شعرت انو صاحبك بحبك كثير وحبيت اساعدو ينسى اللي صار وكمان اللي اخذو منك مش راح يتذكر انك اعطيته اياه ...صاحبك بستاهل كل خير. فسأل: والفلوس هاي من وين جبتيها...؟ فقالت:من خزانتك يا حبيبي ولا نسيت ..! فقال:واعطيتيه كل الفلوس؟ فقالت:لا يا حبيبي اعطيته شوي وخليت معاي شوي علشان نكمل احتفالنا وخليت بالخزانة شوي.. فقال فارس: الحمد لله طيب هلأ على وين..؟! فقالت: هلأ ادخل الشارع هذا فدخله فارس ...وطلبت منه ياسمين ان يسرع اكثر ففعل وقامت بفتح الشباك والقاء الدولارات هنا وهناك حتى نفد كل ما تحمله وفارس لا يدري هل يضحك ام يبكي ولكنه ضحك لانه رآها تفعل هذا بسعادة بالغة... وقالت له:بكره الناس لما بتفيق بتلاقيها وراح يكونو مبسوطين، وهلأ خلصنا الاحتفال ارجع على البيت ... عاد فارس الى البيت وطوال الطريق أخذ يفكر: أي احتفال مجنون هذا ؟وصل فارس وياسمين البيت ووجدا ان كل من في البيت نيام فتوجها الى الغرفة وحدث ما حدث في الليلة السابقة وحينما استيقظ فارس في الصباح وجد امه وياسمين في المطبخ ... وبعد ان انهى فارس فطوره قالت له ياسمين :فارس تأخرت لازم تطلع على شغلك وناولته ورقة وقالت له:يا ريت وانت مروح تجيبلنا هالاغراض هاي معك. هز فارس رأسه واستدار باتجاه الغرفة وفتح الخزانة ليخرج منها بعض النقود ولكنه فوجيء بانه لم يجد فيها سوى مبلغ مئة دولار ..بحث هنا وهناك ولم يجد شيئا فخرج من غرفته بعد ان ابتسم الى الجماجم المصفوفة ..وخرج واستقل سيارته وزار مجموعة من الاصدقاء وقام بشراء الاغراض وعاد الى البيت واستقبلته ياسمين على الباب وقالت له:ما رجعت للشغل ؟ فابتسم فارس فقالت صحيح انا انسيت... فتناولا طعام الغداء وامضيا بقية النهار بالحديث عن مخططات المستقبل. وفي صباح اليوم التالي افاق فارس مبكرا كعادته وايضا لم يجد ياسمين بجانبه وكالمعتاد توجه الى المطبخ فوجد امه وياسمين بمنتهى الانسجام يعدان معا طعام الافطار وشعر ان امه قد تعلقت بياسمين بطريقة غير عادية ولم يعتد فارس ان يرى امه سعيدة كما رآها باليومين السابقين وتساءل بينه وبين نفسه هل تعلم امه انه ينام في غرفة ياسمين ولم تهتم ام انها لا تعلم... ففارس لا يجرؤ ان يسأل ياسمين وفي نفس الوقت لا يدري كيف يعرف .. جلس وتناول معهما طعام الافطار وبعدها قالت ياسمين له امام والدته:فارس ما تأخرت عن شغلك ..؟ فرد فارس ساخرا: لا اليوم انا عندي اجازة؟ فردت له ياسمين الابتسامة بابتسامة خبيثة وطلبت منه ان يجلس ويتحدث بما انه لا يعمل... ضحك فارس وجلس مع ياسمين في برندة البيت فسألته ياسمين :فارس امك حكتلي عن جارتكم اللي مات جوزها وعن وضعها المادي لازم انت تساعدها وبعدين الفلوس ما الها قيمة واشي ثاني مهم سيارة المرسيدس هاي انا مش حابيتها ... اليوم ما بدي اشوفها هون يالله هلأ روح وما ترجع الا تتلاقيلها حل... خرج فارس وهو يضحك وارضاء لياسمين توجه الى احد المعارف وقام ببيعها له باقل من ثمنها بكثير وقام باستئجار سيارة وعاد بعد الظهر الى البيت .. استقبلته ياسمين وقالت له:رحت على الشغل اليوم!! ..وضربت يدها على رأسها وقالت:شو مالي انا صرت اتصرف زي امك..انسيت انو اليوم عندك اجازة.. فأخبرها فارس انه قام ببيع السيارة وقبض ثمنها ...ففرحت ياسمين وقبلت فارس من خلف الخمار وقال لها فارس:هاي بوسة ما بتنفع ..فضحكت ياسمين وقالت:اصبر ما ظل كثير وهلأ علشان اكون مرتاحة روح اعطي جارتكم فلوس ..حرام عندها ثلاث بنات وظروفها مش ولا بد..فأخرج فارس من المغلف بعض النقود. فاستدارت ياسمين الى الغرفة غاضبة ولحق بها فارس لا يعلم سر غضبها فقالت له:شو انت ما بتفهم بحكيلك جارتكم عندها ثلاثة بنات وانت بتعرف انو احنا قديش بنحب البنات وكل بنات الدنيا خواتي وانت بخلان عليهم بشوية فلوس ؟ضحك فارس وقال :حاضر يا حبيبتي اذا بدك بعطيهم كل الفلوس ... فضحكت ياسمين وقالت بدلال: لا مش كل الفلوس شيل 0051 دولار ورجعهم لاخوك علاء ولا انت ناسي انك اخذتهم منو زمان؟ فابتسم فارس واخرج من النقود مبلغ 0051 دولار واعاد اغلاق المغلف وهم بالخروج ولكن ياسمين استوقفته وطلبت منه ان يرسل للجارة النقود بطريقة ذكية ودون ان يشعرها بانها مساعدة ... خرج فارس واحتار بالطريقة حتى وجدها وعاد بعد ساعتين وطلبت ياسمين ان يعطي 0051 دولار لعلاء ففعل ذلك وامضيا بقية النهار ..وفي صباح اليوم التالي استيقظت ياسمين باكرا فقام وتناول طعام الافطار وقالت له :انها تنتظره بعد العودة من العمل ليذهبا ويشتريا بقية الاغراض ... خرج فارس من المنزل وهو يفكر بتصرفات ياسمين هذه وبما انه لم يعد معه أي مبلغ من المال فقد توجه الى البنك واستدان مبلغ ثلاثة الاف شيكل وعاد الى المنزل فاستقبلته ياسمين وقالت: ...شو اليوم مروح من الشغل بكير كثير ...فضحك فارس وقال لها:وبعدين يا ياسمين انت انسيت ...فضحكت ياسمين وقالت له:انا بمزح معك وخرجا معا بسيارة الاجرة الى احد الاسواق وقامت ياسمين بشراء اشياء كثيرة للبيت لم يكف المبلغ الذي يحمله فارس فاضطر الى الاستدانة من احد المحلات بناء على معرفة سابقة وعادا الى البيت في ساعات المساء .. ومرة اكثر من عشرة ايام وياسمين لا تخرج من البيت الا اذا كانت تريد ان تشتري شيئا ضروريا للبيت وليس لها ..واحبتها ام فارس والجارات والقريبات حبا لا يوصف وكانت حكاية النذر مقنعة للجميع واعتادوا على ان لا يروا وجهها بناء على وعدها لهم بانهم سيرونها قريبا بعد ان ينفك النذر وينتهي وبعد مضي عشرين يوما من مكوث ياسمين في بيت فارس وفي صباح اليوم الحادي والعشرين افاق فارس كعادته... وتناول طعام الافطار.. ورفضت ياسمين ان تاكل شيئا وخرج فارس كالمعتاد وهو يتسائل لماذا تصر ياسمين ان تكلمه بنفس الطريقة في كل صباح لدى خروجه ولدى عودته ولكنه ظن ان الامر يتعلق بوالدته .. وحينما عاد فارس استقبلته ياسمين كالعادة وسألته عن عمله فاجابها نفس الجواب فضحكت وقالت له انا بمزح...فاعدت له طعام الغذاء ورفضت ياسمين تناول الغداء وكذلك الامر مع طعام العشاء امسكت ام فارس بفارس واخذته جانبا وسالته:" ما لها ياسمين من الصبح رافضة تحط بفمها اشي..؟ فاجابها فارس انه لا يوجد شيء بل على العكس كل شيء يسير كالمعتاد...وفي اليوم التالي تكرر الامر فجلس فارس مع ياسمين وسألها:شو القصة يا ياسمين انت زعلانة من اشي؟ فضحكت ياسمين وقالت: شو يا فارس باين علّي زعلانة من اشي..هو في اشي بزعل..!؟ فقال لها: طيب ليش مش عم توكلي .. فقالت: ما في اكل في البيت شو اوكل ..!؟ فضحك فارس وقال:اذا الاكل مش عاجبك انا حطلع واجيبلك كل انواع الاكل...؟! فضحكت ياسمين وخرج فارس وقام باحضار انواع كثيرة من الطعام ..وبالرغم من كل هذا رفضت ياسمين ان تأكل شيئا..جن جنون ام _فارس وصرخت في فارس :بدك هلأ تحكيلي شو فيه ..البنت صارلها يومين مش عم توكل.. احتار فارس واقنع ياسمين ان يخرجا معا فخرجا في المساء ..توقف فارس بجانب احد المطاعم وجلسا هناك وياسمين تضحك سعيدة كعادتها ..طلب فارس الطعام ورفضت ياسمين ان تؤكل شيء فلم يأكل فارس وعاد الى السيارة وقال لياسمين: شو الموضوع انت ما كنت هيك شو صارلك..؟ فضحكت ياسمين وقالت: ولا شيء يا حبيبي انا قررت اني مش راح اوكل شيء الا اذا انت جبتوا... فأستغرب فارس وقال: انا جبت اشياء كثيرة بس مش عاجبتك..ممكن تحكيلي اشي واحد عاجبك وانا هلأ بروح اجيبوا.. فقالت:أي اشي بتقدر تجيبوا انا حيكفيني .. لم يفهم فارس ..ماذا تقصد ياسمين وشعر انها تعمل على استفزازه وقال: ياسمين شو القصة انت بدك ترجعي تجننيني زي اول. |
||
02-05-2009, 02:49 PM | رقم المشاركة : 15 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
الجزء الخامس عشر فقالت ساخرة:لا يا حبيبي سلامتك من الجنون انا ما بدي اشي كثير بس بدي اعيش مثل كل البنات بدي اشعر انو جوزي مسؤول عني وكمان بدي اشعر انو الأكل الي راح اوكلوا .. جوزي بيجيبو مش امه ولا اخوه ومش راح يستقرض من حدا فلوس علشان يعزمني على مطعم.. انا يا حبيبي ما بدي مطاعم انا لو بدي مطاعم بشتري كل مطاعم البلد وانت بتعرف مليح وكمان انا مليت واحنا كل يوم بنحكي عن القصور والسيارات والخدم وانت يا حبيبي مش عم تقدر تجيب اكل للبيت .. لما تبطل تحلم بصناديق الذهب والكنوز وتفكر كيف راح تشتغل علشان تقدر تعيش ..ولحد ما تصير تفهم بحب اقولك انا لو بموت من الجوع مش راح اوكل شيء انت مش قادر تجيبوا.. ذهل فارس من طريقة تفكير ياسمين وشعر ان كل احلامه قد انهارت في لحظات ولم يفهم لماذا تتصرف ياسمين هكذا ..ولماذا دفعته ليصرف كل ما يملك ويستدين.. وسألها :لماذا يا ياسمين ؟ فقالت له:لاني بدي انسان يحبني واحبوا وبحبوا الحقيقي حطلع من العتمة للنور وما بدي لا قصور ولا خدام فقال بهدوء :بس يا حبيبتي المنطق بحكي اذا كانت الفلوس موجودة وكثيرة ، بنقدر نستغلها وممكن نعمل فيها اشياء كثيرة . فقالت ياسمين: الفلوس ما الها قيمة عندي واللي عاش حياة مثل حياتنا بعرف معنى كلامي والاحلام والسعادة عمرها ما بتنشرى .. والقرار هلأ بايدك ويا الله رجعني على البيت عاد فارس وياسمين الى البيت وكلما حاول ان يقنعها ان تأكل تصدت له ومنعته من الحديث في هذا الموضوع وفي اليوم التالي وجد فارس نفسه في ورطة كبيرة فهو يعرف انه اذ لم يعمل بسرعة فلن تأكل ياسمين وهي عنيده ولن تتراجع.. فخرج من البيت وعاد بعد ساعات الظهر سعيدا ...استقبلته ياسمين كعادتها وسألته فأخبرها انه استطاع عقد صفقة تجارية صغيرة حصل منها على بعض النقود واحضر معه الطعام ... فرحت ياسمين وقال لها فارس :والان سنتاول الطعام معا ..اعدت ياسمين الطعام وجلس وبدأ بتناوله وياسمين جالسة تبتسم ولا تأكل... توقف فارس عن الاكل وسألها :شو القصة فابتسمت وقالت له :كل يا حبيبي بالهنا والشفا ..علم فارس انه لن يستطيع خداع ياسمين وشعر بتأنيب الضمير فترك الطعام وخرج من البيت واصر ان يعمل بأي شيء هذه الليلة حتى يحضر الطعام.. وحالفه الحظ ووجد عملا لعدة ساعات مقابل مبلغ صغير ولم يكن يتخيل فارس نفسه انه سيقوم بمثل هذه العمل ...وبعد منتصف الليل عاد ومعه الطعام فأكل هو وياسمين وفي اليوم التالي فعل الشيء نفسه واخذ فارس يصارع الوقت ويسابقه فهو مجبور على توفير الطعام لعدة ايام بأي ثمن والطريقة الوحيدة التي ترضى بها ياسمين هي من خلال عمله وفي نفس الوقت يحاول ان يكسب الوقت للعودة لعمله القديم المريح في عقد الصفقات التجارية التي تحتاج الى وقت لتثمر ثمارها .. وهكذا اخذ فارس يعمل بالليل وبالنهار يبذل جهده للعودة الى عمله السابق وايجاد طريقة للخروج من ديونه التي بدأت تلاحقه حتى وصلت البيت... وصل فارس الى درجة من الارهاق لم يعهده من قبل وكانت ياسمين تترقبه وهو عائد الى البيت لا يقوى على الحراك وتلح عليه ان يحدثها عن عمله وتضحك احيانا بصوت عالي وخاصة حينما يحدثها فارس بانه عمل في احد الاعمال التي لا تتناسب مع شخصيته وهكذا استمرت ياسمين توقظ فارس في الصباح الباكر وفارس مجبرا وليس مخيرا في الذهاب الى العمل ويتنقل فارس من عمل الى اخر وكلما كاد ينجح في عقد صفقة ما..تعب عليها لعدة ايام حتى تغنيه عن الاعمال الجسدية في المطاعم وغيرها ليتقاضى اجرا يوميا وجد ان الصفقة فشلت وضاع الامل. في احد المطاعم بالجليل حيث عمل فارس لثلاثة ايام الاخيرة وفي ساعة متأخرة من الليل لمح فارس على احدى الطاولات في زاوية المطعم امرأة ترتدي العباءة والخمار خفق قلب فارس وارتبك وهو يقترب منها ليتأكد ان كانت هذه ياسمين ام واحدة اخرى.. ومن الطريقة التي تمسك بها السيجارة ادرك فارس انها ياسمين فلا يمكن لواحدة اخرى ترتدي هذه الملابس ان تحضر الى هذا المكان في الليل لوحدها اقترب من الطاولة وحرص على ان لا يثير الاهتمام وقال :ياسمين شو بتسوي هون انت انجنيتي..؟ فقالت بلهجة الامر: اذا سمحت كاس ويسكي مع ثلج. فقال لها: ياسمين بس مزح.. فقالت: بتحب اطلب من جرسون ثاني..؟! وتجنبا للأحراج ذهب فارس واحضر كأس الويسكي وهو يعلم انه اذا لم يفعل ذلك فلن تهتم ياسمين ان طلبت ذلك من أي شخص اخر..وضع فارس كأس الويسكي امامها وقال:لا تقول لي انك حتشربيه ..فأمسكت ياسمين الكأس بيدها وشربته على دفعة واحدة وقالت:انت مش احسن مني يا حبيبي .. واخذ فارس يلتفت حوله ورأى ان كل من في المطعم ينظر بأتجاه ياسمين فقال لها: شايفة الناس كيف بتطلع.. فوقفت ياسمين وقالت له: طيب بلاش احرجك اكثر من هيك امشي نطلع من هون .. خرج فارس معها دون ان يستأذن احد وسارا لعدة امتار ... وقالت له ياسمين: تعال اوصلك بسيارتي الحلوة...فوجيء فارس حينما رأى ياسمين تستقل سيارة المرسيدس التي باعها قبل مدة...وركب بجانبها واخذت ياسمين تقود السيارة كعادتها..وطلب منها فارس ان تتمهل.. فقالت له: سيارتي وانا حرة كيف اسوقها . . فابتسم فارس وقال: بس انت قبل مدة كنت متشائمة منها..! فقالت:مش صحيح انا كنت مش مرتاحة لوجودها ومش معقول اتشائم منها....وفيها كان اول لقاء بيني وبينك ولا انسيت انك وصلتني فيها على كفركنا. فقال فارس:ولو كيف ممكن انا انسى بس ممكن اعرف كيف حضرتك رجعتيها.. فقالت: بسيطة كثير اعرفت المعرض الي انت بعتها فيه بتراب الفلوس واتصلت فيه وشتريتها منو من جديد. فقال فارس مستاءا:طيب ليش هاللفة والدورة يا ياسمين ..ماكان من الاول ممكن تخلي السيارة وما تخليني ابيعها. فقالت:انا ما قلتلك تبيعها انت بعتها لوحدك .. فقال :طب ممكن افهم ليش جايتني بهاليل ...!! فقالت: اشتقتلك كثير وحبيت اجي اشوفك...وبعدين اجيت اذكرك انو ماظل الا عشرة ايام على موعد زواجنا وحضرتك بتطلع من الصبح وبترجعلي بنصف الليل تعبان وقبل ما احكي معك بتكون نايم ايش اعمل انا قررت اني اجيك على شغلك علشان اذكرك .. فقال: طيب ممكن حضرتك تحكيلي شو اعمل علشان اعمله.. فقالت: معك حق انا انسيت انو لازم احكيلك احنا بدنا نتجوز بعد عشرة ايام وانا الي لازم احكيلك شو تسوي..انت حتصير جوزي بقى الامر بأيدك مش بأيدي الا اذا بتحب تتجوز على طريقتي انا ..ما عندي مشكلة. فقال فارس: مش مشكلة من هون لعشرة ايام بصير خير فقالت ياسمين:طيب بنشوف بس جيت اطمئن انك دبرت حالك علشان مصاريف العرس والبدلة والحفلة .. ما انت عارف هاي اشياء بتكلف ولا يا حبيبي مركن على امك تجوزك. استفز فارس واخذ يضحك ضحكة قهر وهو ينظر الى ياسمين وهو يعلم ان ياسمين ان قالت كلمة لن تتنازل عنها وان كانت تنوي على ما قالته حول الحفل فهذه ستكون نهايته وقال:يا ياسمين يا حبيبتي انت بتستمتعي في اللي بتعمليه في...ّ يا روحي ..انا بني ادم ممكن اعمل بس الي بقدر عليه حضرتك بدك اياني اشتغل أي شغل وان انا ما اشتغلت ما بترضي توكلي ... وانت اكثر وحده في الدنيا بتعرفي اني على الحديدة وبدك خلال عشرة ايام اشتغل واجيب فلوس واعمل حفلة وعرس يا حبيبتي ما انت عارفه البير وغطاه وبعدين حفلة شو هاي الي بتحكي عليها وانت ما بدك حد يشوف وجهك وبدله عرس كمان ..ممكن افهم انت بتخططي لشو وشو رايك تحكيلي من الاخر علشان انا متأكد انو الي بدك اياه انت هو الي راح يمشي والله يخليك لا تفكري انك توقفي السيارة بنص الشارع. فقالت ياسمين :اول شيء صحيح انا كنت مفكره اوقف السيارة بنص الشارع لانو كلامك استفزني بس علشان طلبت مش راح اوقفها..وبعدين ممكن افهم انا شو حكيت اشي غلط وكيف حضرتك مفكر تتجوزني. فقال فارس بهدوء خشية ان تغضب ياسمين:انا يا حبيبتي كيف بدك انت ..انا جاهز.. بدك حفلة حاضر..بدك بدلة عرس جاهز ..انا ما عندي مشكلة..بس علشان الوضع وشروط العجوز انو ما حد يشوف وجهك فكرت انو ممكن تعملي حفلة صغيرة في البيت. فاحتدت ياسمين وقالت: شو يا فارس وليش هالغلبة ممكن تعمل مثل ما عمل سيدك سالم الدهري وتكتب ورقة والسلام...ما انا من بنات جورجيت.. كمان والورقة كثيرة عليّ خليني جارية عندك احسن. فقال فارس: كلامك مش صحيح يا ياسمين انت احسن من كل بنات الدنيا وايش بدك انا جاهز . فقالت: بعرف انه انا احسن من كل بنات الدنيا ...انا بدي مثل ما بتتمناه أي بنت لنفسها... بدي حفلة كبيرة يحضروها ناس كثير وبدي اغلى واجمل فستان فرح وبدي كل شيء ممكن تحلم فيه أي عروس يوم فرحها...وكمان يا حبيبي الأهم من كل هذا حنتجوز مرتين مرة على طريقتك ومرة على طريقتي... فقال فارس:مش فاهم بس بفكر انو تجوزنا على طريقتك في المقبرة. فقالت: يا حبيبي خلي المقابر لاهل المقابر...هلأ احنا برا المقابر حتجوزك على طريقتك وحتجوزني على طريقتي ولا تنسى اني من بنات جورجيت .. شعر فارس ان الامور تتأزم وهو يعرف انه لا يملك أي خيار فالأمور يجب ان تسير كما خططت لها ياسمين ولن تتنازل ياسمين عن شيء وقال لها:ياسمين اكيد انت فكرت وخططت وعارفه شو راح يصير... ممكن اعرف كيف انا بدي ادبر كل هالمصاريف هاي خلال عشرة ايام.. فقالت:اطلب مساعدتي حساعدك. وشعر فارس بالأنفراج والأمل ..وقال: ساعديني يا حبيبتي. فقالت: شوف يا فارس انا فكرت وحسبت كيف انت ممكن تدبر فلوس لكل هالمصاريف وانت بالعافية مش قادر تصرف على حالك ..وبعد ما فكرت اجتني فكرة انك تبيع بيتكم ما هو مسجل على اسمك والك حصة كبيرة فيه وبعدين بيتكم كبير بجيب مبلغ مش بسيط ... وبعدين انت اكثر من مرة قلت لي انك مستعد تبيع الدنيا واللي فيها علشاني..انا ما بدي تبيع الدنيا علشان هي مش الك بس بيع البيت..! شبك فارس اصابعه ببعض وابتسم ابتسامة صفراء وهز راسه واغلق عيونه وشعر وكأنه بسفينة تغرق به وهو ينظر اليها ولا يستطيع فعل شيء ولم ينطق بكلمة طوال الطريق... ولم يدري كيف وصلت السيارة الى البيت وكيف استلقى ونام ..ليحلم تلك الليلة بكوابيس مزعجة افاق في الصباح يأئسا بائسا يحمل هموم الدنيا على راسه..ولم يتناول الافطار وشرب القهوة فقط . وقالت له ياسمين:ظل تسع ايام يا فارس وقامت وناولته مفاتيح السيارة وقالت ممكن تستعمل سيارتي اليوم واستغل الوقت علشان نلحق نحضر للحفلة ... خرج فارس تأئها على وجهه يدور في الشوارع ويفكر بأمه واخوه وكيف سيجرؤ على بيع البيت.. وماذا سيحدث لو عرف احد بذلك وفكر انه ربما فعلا ياسمين تفكر في تدميره انتقاما او تواصلا لحمله الانتقامات القديمة بكل ما يخص عائلة الدهري لم يستطيع فارس اتخاذ أي قرار واخذ يدور ويدور من شارع الى اخر حتى اقتنع انه لا يملك القرار وان امكانية التراجع مستحيلة فهو يعشق ياسمين ولا يتصور حياته لحظة واحدة بدونها .. توجه فارس الى احد الاقارب الذي يعمل في مجال العقارات وعرض عليه الموضوع ولم يكن قريبه هذا ليتردد للحظة بشراء بيت عائلة فارس بل عرض عليه ان ينهي الصفقة فورا وفي نفس الساعة ... فعاد فارس الى البيت واحضر الاوراق اللازمة لهذه الصفقة وتوجه لقريبه وخلال اقل من خمس ساعات تمت الصفقة وقبض فارس المبلغ وعاد في المساء والقى النقود امام ياسمين وقال لها:ما في عندي اغلى منك فقفزت ياسمين من الفرح وحضنت فارس ونام فارس تلك الليلة وهو يشعر بتأنيب الضمير لما فعله وفي صباح اليوم التالي خرج هو وياسمين بناءا على طلبها للبحث عن مكان مناسب لاقامة الحفلة فتجولا في عدة مدن للبحث عن قاعة مناسبة تتسع لأكثر من الف شخص ولم يكن من السهولة ايجاد المكان المناسب الذي يرضي ياسمين وكان من المستحيل ان تتوفر القاعة التي تبحث عنها ياسمين الا في المناطق الاسرائيلية البعيدة عن منطقة الناصرة وامام اصرار ياسمين استطاعوا الوصول الى احدى القاعات الكبيرة ورفضت ياسمين ان يقوم فارس لوحده بحجز القاعة فرافقته لرؤية القاعة بنفسها لتثير الفضول والتساؤلات حول شخصها ولباسها الغريب وقامت ياسمين وفارس ومدير القاعة بالتجول في انحاء القاعة بعد ان تأكد لهم بانهم يستطيعوا حجزها بالتاريخ الذي حددوه واخذ مدير القاعة يشرح الامكانيات التي يستطيع ان يوفرها وكان فارس يترجم لياسمين كل كلمة يقولها مدير القاعة وياسمين تهز راسها.. وبعد ان انهيا جولتهما توجها الى المكتب للاتفاق على كل الاجراءات واتفق فارس وصاحب القاعة على كل التفاصيل وحتى المبلغ الذي يجب دفعه بحضور ياسمين ودون ان تبدي أي معارضة ..تم كل شيء.. ودفع فارس العربون الى مدير القاعة واستلم وصل بالمبلغ الذي دفعه وتنفس الصعداء لانتهاء الأمر بسلام وكانت ياسمين تجلس على المقعد لا تكترث بما يحدث ولا تعارض... فنظر اليها صاحب القاعة وابتسم وقال بلغة عربية مكسرة وغير صحيحة:ان شاء الله مبسوطة انت واذا بدك اشي كمان احنا جاهزين...!! فاعتدلت ياسمين بجلستها ووضعت ساق على ساق وقالت له بلغة عبرية سليمة وبطلاقة:انا بدي شوية اشياء صغيرة تسويها اذا ممكن..ذهل مدير القاعة لطلاقة اللغة العبرية التي تحدثت بها ياسمين وخاصة انه قبل ساعة كان فارس يترجم لها.. فساورت الشكوك مدير القاعة حول الشخصية التي يخفيها الخمار فاكد لها انه جاهز لاي شيء تطلبه...؟ فردت عليه ياسمين وقالت : اول شيء اريده هو ان تقطع الكهرباء عن القاعة وعن كل شيء له علاقة بمبنى القاعة بدءا من المطبخ وانتهاءا بالحمام وان يتم ذلك يوم الحفل من لحظة غروب الشمس حتى نهاية الحفل وخروج اخر شخص من القاعة وهذا يشمل مدخل المبنى وموقف السيارات ... وثانيا :ان يتم استبدال كل الستائر في القاعة بأخرى تكون قادرة على حجب النور من خارج القاعة الى داخلها أي انه لا يسمح بانعكاس أي ضوء من خارج القاعة حتى ولو كان مجرد ضوء سيارة قادم من الخارج... ثالثا:اشعال شموع في كل انحاء القاعة ومرافقها بدءا من مدخل القاعة ...أي ان الاضاءة التي ستكون في القاعة ومرافقها يجب ان تكون اضاءة الشموع فقط.. رابعا: ان يتم تزيين القاعة بكل مرافقها بالورود مهما تطلب ذلك من كميات. خامسا:ان لا يتواجد بالقاعة تلك الليلة أيا كان وحتى على مقربة منها بمسافة عشرة امتار وهذا يعني ان يتم تحضير الحلوى والمشروبات والطعام بكافة انواعه ليكفي لألف شخص مسبقا ... استمرت ياسمين بطرح الاشياء التي تريدها من مدير القاعة ان يحضرها ..وفارس مبهور مما يحدث ..اما مدير القاعة فلا يصدق ما يحدث امامه ولم يكن ليراوده شك ان التي تتحدث معه عاقلة وانما مجنونة ولكن الطريقة التي تتحدث بها ياسمين جعلته لا يجرؤ على مقاطعتها. انهت ياسمين طلباتها ووقفت واقتربت من فارس وتناولت الحقيبة التي حملها فارس بناء على طلبها وفتحتها واخرجت منها مبلغ 70 الف دولار وضعتهم على الطاولة امام مدير القاعة ..وقالت له بالعبرية ايضا:بفكر انو المبلغ هذا بغطي المصاريف وزيادة وعلشان تؤخذ قد المبلغ هذا بعد الحفل لازم تكون حريص على توفير كل اللي انا طلبته بدون اخطاء وعلى فكرة خطأ واحد وبكون كل شيء ملغي... واتذكر مليح ان واحد فكر ان يقترب من القاعة ويتلصص من باب الفضول انت الي حتخسر... واذا انا اجيت وجربت اضوي ضو واحد وقدرت انت حتخسر... واذا فعلا انت حاب تربح نفس المبلغ هذا بعد الحفلة ابدا اشتغل من اليوم ومفش داعي تحكي هالقصة هاي لحدا علشانك انت وعلشان الضرايب وبعدين علشان ما يصير عند حدا فضول وهلأ احنا رايحين ومش محتاجين وصل ومفش داعي نسجل المبلغ.. وخرجت ياسمين وفارس يسير خلفها ومدير القاعة لم يستطيع الوقوف او التحدث فما يحصل امامه شيء اشبه بالقصص الخيالية والمبلغ الكبير جعله يظن انه بحلم او ان النقود مزورة او ان هناك كاميرا خفية تصوره . فارس بقي صامتا حتى استقلا السيارة وقال لياسمين:هل تعلمي انك دفعت نصف ثمن البيت فقط من اجل القاعة. فردت عليه ساخرة:مش كثير لو بعرف ان ظروفك المالية بتساعدك كنت طلبت منو يضوي الشارع كلوا بالشمع بس انا مقدرة وضعك المادي..ومش معقول احملك اشي اكثر من قدرتك وهلأ لازم نروح ندور على احلى فستان فرح واذا ما لقينا لازم نفصل واحد تفصيل وانت بتعرف ما فيّ وقت... فقال فارس: فستان فرح ولونه ابيض.. فقالت ياسمين:آه فستان فرح ولونه ابيض ومش اسود هو انا بدي اتجوز ولا بدي احِدْ فقال فارس واخذ يشير بيديه ليعبر عما يريد قوله: يعني فستان ،فستان زي ...يعني مش عبايا وخمار ابيض... ضحكت ياسمين وقالت : ايش يا حبيبي صحيح انت شفتني زمان مرة او مرتين بس مش معقول انك انسيت قديش انا حلوة وبؤخذ العقل كمان...وما في اشي اللي انا استحي منه علشان اخبيه ولا انت الك رأي ثاني. فقال فارس: لا ابدا ..بس انا قصدت شروط العجوز انو ما حد يشوف وجهك ..؟ فقالت: هاي مشكلة صغيرة لا تشغل حالك فيها انت بس فكر انو الفلوس اللي معك ممكن ما يكفوا ...! فقال: ليش افكر انا ..فكري انت اذا في اشي كمان بقدر ابيعه. فقالت: ما هاي هي المشكلة ما ظل عندك اشي تبيعه الا اذا في اشي وانت مخبيه عني يا فارس .. عاد فارس وياسمين الى البيت وفي اليوم التالي خرجا للبحث عن فستان زفاف وبعد بحث طويل احتارت ياسمين بنوع الفستان ولحسم الموضوع قامت بشراء عشرة فساتين لتفكر لاحقا بأختيار احداهن واستمرت ياسمين بجولتها لشراء بقية الاغراض وكلما كانت تحتار كانت تقوم بشراء عشرة من النوع الواحد بأشكال مختلفة...ولم تترك ياسمين شيئا يخص الزفاف او له علاقة به من بعيد او قريب الا وكانت تشتري اضعافه...... وطلبت من فارس ان يعد قائمة باسماء المدعويين شريطة ان لا تقل عن الف شخص ولا يهم ان زادوا وشرطها الأهم هو ان تقوم هي بدعوتهم شخصيا وان لا يقوم فارس بدعوة أي شخص لتتأكد من حضورهم..فارس لم يستوعب كيف يمكن دعوة مثل هذا العدد وفي هذا الوقت القصير وكيف يمكن لياسمين ان تدعوهم فسألها عن ذلك فأجابته بأن لديها طرقها الخاصة وان لا يتدخل هو لتسير الامور على ما يرام وطلبت ان يقوم باعداد القائمة فورا وان عجز عن توفير العدد فستقوم هي بأنجاز ذلك...بدأ فارس باعداد القائمة بأسماء المدعويين واخذ يسجل اسماء من يعرف ومن لا يعرف حتى يستطيع ان يصل الى العدد المطلوب ولولا انه بدأ بدعوات عشوائية لكان استحال تدبير نصف العدد.. ياسمين لم تكتفي بذلك بل طلبت منه ان يوفر مواصلات لنقل المدعويين الى القاعة وخاصة انها بعيدة وحتى لا يتقاعسوا وهذا يعني ان فارس يجب ان يحجز مجموعة من السيارات والباصات ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل اصرت ان يقوم بشراء هدايا بمناسبة الزفاف لعدد كبير من القريبات بناء على عادات كانت فقط متداولة منذ عشرات السنين ولم يكن امام فارس الا ان ينفذ اوامر ياسمين بدقة وحرفية . ولم يبقى على يوم الزفاف الا يوما واحدا ليجد فارس نفسه قد افلس من جديد وصرف كامل ثمن البيت في ملاحقة طلبات ياسمين اللامتناهية.. وفي ظل جو الضغوطات المتلاحقة لم يكن لدى فارس الوقت ليفكر بأي شيء مهما كان نوعه ..وكان من المتفق ان يتم عقد القران الرسمي في مساء اليوم وقد احضر فارس المأذون والشهود وبناءا على طلب ياسمين لن يحضر عقد القران الا من كان حضوره ضروريا من اجل الاوراق الرسمية.. وقبل عقد القران بساعة قالت ياسمين لفارس:فارس حبيب قلبي لا تنسي انو بوثيقة الزواج تسجل اسمك الحقيقي ..اسمك واسم ابوك واسم جدك واسم عيلتك مش الأسم اللي بالهوية يا روحي. فقال فارس محاولا ان يثنيها عن هذا القرار الذي سبب له الكثير من الاحراج..:هذا مش ممكن ايش بدك احكي قدام الناس وقدام اخوي ...احكيلهم اني انا ابن الدهري واني انا مش من عيلتهم وابوي اللي مات هذا مش ابوي وابوي الحقيقي اصلو من الشام .. ايش بدي اعمل ...فيهم ..انا والهوية والمكتوب فيها وامي اللي ما صدقت انك نسيتيها هاي القصة ..كيف يا ياسمين وبأي منطق..؟ فقالت: بمنطقي انا وكيف هاي مشكلتك والهوية بتقدر تزورها وامك اذا حاب ترجع بذكرياتها علشان ما تتفاجيء انها كانت متزوجة من منير الدهري لما خلفتك...برجعها. صمت فارس ولم يدرِ ماذا يفعل فهذا اخر ما توقعه وما كان يريده ولكن ياسمين لم تكتفي بذلك وقالت: ومش بس هيك يا حبيبي بوثيقة الزواج حيتسجل اسمي ياسمين بنت لعنة بنت جورجيت ومش حيكون فيه اسم لأي ذكر . فقال فارس: ولما المأذون يسالك شو اسم ابوك شو حتقولي له...! فردت :ححكيلو ابوي واهلي كلهم اسمهم جورجيت او مش لازم يسأل. فقال فارس: طيب شو رايك يا ياسمين تتنازلي عن هالموضوع هذا علشاني انا وعلشان مش راح يدخل عقلهم. فقالت: لا يا حبيبي كل شيء الا هذا هاي وثيقة زواج راح تربطنا ببعض الى الابد ولازم ينكتب فيها الحقيقية وما تكون مزورة ..انت اسمك فارس منير سالم الدهري وانا اسمي ياسمين لعنة جورجيت ..صحيح انا ما بلومك انك ما بدك تكتب اسم عيلتك الحقيقة لانها عيلة وسخة كثير بس انا عيلتي بفتخر فيها كثير كثير.. ووثيقة الزواج لازم تكون حقيقية مية بالمية ومش ممكن يا حبيبي الدنيا تدور وتلف وفي يوم من الايام يحبوا بناتنا يدورا على وثيقة زواجنا وعيب كثير حيكون بحقنا لما يكتشفوا انها مزورة ...ضحك فارس ضحكة المغلوب على امره وقال:قالوا يا قرد بدنا نسخطك قال بعد هالسخط ما فيّ سخط وبعد اللي صار شو بدو يصير... وفي ساعات المساء حضر الماذون وشرب القهوة وتعرف على الحضور...واخرج الاوراق مستعدا لكتابة المعلومات وبدأ بطلب هويات العريس والعروس والشهود ..اعطى الشهود هوايتهم الى الماذون ..وارتبك فارس قليلا ..ومن ثم ابتسم وتوجه الى الغرفة حيث ياسمين وقال لها:ياسمين تفضلي احكيلي شو اعمل ..؟ الماذون بدوا هويتي وهويتك ... فقالت ياسمين:هاي المشكلة مشكلتك حلها بطريقتك انت...؟! ارتبك فارس ولم يعد يدري ما يفعله ..وكيف سيطلب من الماذون ان يسجل بوثيقة الزواج المعلومات التي تريدها ياسمين .. عاد فارس الى الغرفة وجلس بجوار الماذون وقال له ان العروس ليست من هذه البلاد ولا تحمل اية وثيقة فقال له الماذون لا بأس ما دام هناك من سيعرف شخصيتها ولكن لا بد من احضار اية وثيقة حتى يتم تسجيل هذا الزواج في الدوائر الرسمية والان قل لي ما اسم العروس فقال له فارس مرتبكا اسمها ياسمين ابنة لعنة ابنة جورجيت فقال.... فقال له الماذون اريد اسم الوالد والعائلة فقال فارس هذا هو اسمها بالكامل ولا يوجد اسم اخر لاضيفه ابتسم الماذون ابتسامة ساخرة وهو ينظر بوجوه الشهود لعله يجد من يعطيه تفسيرا ولكن كان حال الشهود كحاله فقال فارس بلهجة عدم رضا وما هو اسمك انت ...؟ التفت فارس باتجاه امه واخوه وبقية الحضور وصمت قليلا ولم يدر ماذا يقول فاعاد الماذون السؤال عليه مرة اخرى فقال سجل انا اسمي فارس منير سالم الدهري ذهل الحضور مما يقوله فارس ولم يفهموا لماذا غير فارس اسم عائلته الحقيقية ومن اين اتى بهذا الاسم ..ولاحظ الماذون الذهول والاستغراب والتساءل البادىء على وجوه الحضور وشعر بان شيئا ما لا يسير على ما يرام وطلب هوية فارس فرد فارس عليه بأنه سيحضرها فيما بعد... توقف المأذون عن الكتابة وقال ساخرا :>وهل هناك عروس اقصد اين ياسمين لعنة جورجيت ..؟" فقال فار س انها بالداخل فقال المأذون وهل من الممكن رؤيتها ..فرد فارس بعفوية مستحيل فرمقه المأذون بنظره ولكن فارس ادرك ما قاله وقال نعم ولم لا سأناديها بالحال.. توجه فارس الى ياسمين وقال لها: الامور مخربطة وباين على الماذون انو مش حيرضى يكتب الكتاب وهلا تفضلي الماذون حابب يشوفك . فضحكت ياسمين وقالت بلهجة ساخرة :مالك يا حبيبي مرتبك زي اللي سارق اشي ،شو انت بتعمل اشي غلط والا انت عم تكذب. فقال فارس:ياسمين مشان الله خلي اليوم يمشي على خير لا المأذون راح يقتنع في اللي بصير ولا اهلي ولا الناس اللي بره ..لو انت شفتي وجوههم لما قلت للمأذون شو اسمي واسمك. فقاطعته ياسمين وقالت: انت ما حكيت اشي كذب والناس الي بره ما يهموني وعلى كل حال اذا مش عارف تمشي الامور اطلب مساعدتي وانا بساعدك... فابتسم فارس بمرارة وقال : ساعديني يا ست ياسمين ..؟ فقالت :طيب روح نادي السيد المأذون لهون..خرج فارس وعاد بصحبة المأذون الى الغرفة حيث تجلس ياسمين وارتبك المأذون حينما رأى ياسمين وارتبك اكثر حينما حدثته ياسمين بلهجة الامر واخذت تملي عليه ما يفعل ولم تمر دقائق حتى خرج المأذون وجلس ونادى على الشهود وطلب توقيعهم على الوثيقة وتمت الامور وصافح الجميع ..وخرج من المنزل وهو يبتسم وكأن شيئا لم يحدث .. وما ان خرج المأذون من بوابة البيت حتى انهال الحضور على فارس بالاسئلة واستطاع فارس ان يقنعهم ان كل ما قاله للمأذون هو مزح بمزح وانه قام بعد ذلك بتصحيح المعلومات للمأذون واعطائه الوثائق اللازمة ..وفي هذه الاثناء دخلت ياسمين الى الحضور فقالت لها ام فارس: شايفة يا ياسمين مزح الاستاذ فارس البايخ واللي عملو بالمأذون..!!؟ فقالت ياسمين: هذا فارس وبحب يمزح بس صعب تميزي مزحه من جده ..ومش بعيد يطلع فعلا اسم ابوه منير الدهري .. فضحكت ام فارس والحضور ظانين ان ياسمين تسخر من فارس فيما قالته.. انتهي ذلك اليوم الذي لن ينساه فارس ولا الحضور بسلام. وفي صباح يوم الزفاف لم تيقظ ياسمين فارس كعادتها كل يوم حتى استيقظ فارس لوحده وحين علم ان الساعة الحادية عشرة جن جنونه فهو بحاجة لكل دقيقة هذا اليوم... فاستغرب ان ياسمين لم تيقظه وحينما خرج وجد ياسمين وامه يتبادلان الحديث والمزاح مع احدى قريبات فارس ..نظر فارس اليهن...وقال في سره سبحان الله كيف تحولت ياسمين الى اغلى واهم شيء في حياة امه فكل ما تفعله ياسمين وتقوله هو الصحيح ولم تعد امه على استعداد لابداء اية ملاحظة حتى ولو كانت صغيرة ما دام الأمر يتعلق بياسمين. رأت ياسمين فارس واقفا فوقفت واقتربت منه وقالت له: شو يا حبيبي ليش فايق بكير طيب ما دمت صحيت خليني احضرلك الفطور..توجه فارس الى الحمام وهو يتمتم بصوت يكاد يكون مسموعا...هاي بدها تجنني ...هاي بدها تطير عقلي اليوم عرسنا ولا مش اليوم طيب ليش مش مهتمة يمكن بطلت ..يمكن غيرت رأيها ولا يمكن انا بفكر انو اليوم اليوم ..واليوم هو مبارح وبفكروا اليوم ويمكن الدنيا مش الصبح وانا بفكر الدنيا الصبح. وعاد الى ياسمين وقال لها:ياسمين بدي اسألك سؤال هلأ الدنيا نهار ولا ليل ..فقالت ياسمين: لا يا حبيبي الدنيا الصبح وانا عم بحضرلك الفطور..! فقال: طيب شكرا... وعاد فارس ليغير ملابسه وهو ما زال يحدث نفسه ومن ثم توجه لتناول الافطار ليس لانه يريد ان يتناول الافطار بل لان ياسمين تريده ان يتناول الأفطار وبعد ان انتهت قال لها: احكيلي اليوم عرسنا ولا مش اليوم. فقالت: شو هالحكي يا فارس في واحد في الدنيا بينسى يوم عرسه اكيد اليوم يا حبيبي .. فقال: طيب ليش انت مش باين عليك انك مهتمة وليش ما فيقتيني بكير مثل كل يوم.. فقالت بدلع:معقول يا حبيبي ازعجك وعلشان شو ..علشان عرسنا ..ولو انا عندي ذوق .. فقال: طيب ما ظل وقت وفي مية شغلة لازم نسويها... فقالت:طيب انا جاهزة يالله نطلع .. فسالها :على وين.. فقالت:نطلع نتجوز يا حبي ولا انت انسيت..!! فقال:طيب امبارح احنا اتجوزنا..وكتبنا الكتاب فقالت :صحيح امبارح كان على طريقتك وهلأ لازم نطلع نتجوز على طريقتي ..امبارح كان مأذون واليوم لازم نروح عند الخوري.. خرجت ياسمين وفارس وتوجها الى احدى الكنائس ولم يكن فارس يتوقع ان تسير الامور بهذه البساطة وهو يعلم انها غاية بالتعقيد ومليئة بالشكليات ولكن ياسمين تدبرت الامور بطريقة لا تصدق او انها اعدتها مسبقا بطرق غامضة وغريبة.. وتم الزواج ..وقاربت الساعة الرابعة بعد الظهر فقالت ياسمين: فارس حبيبي انت عريس اليوم ولا تزعج نفسك بأي اشي انت روح على الصالون .. وهيّ ملابسك بالسيارة ورا وما في داعي ترجع على البيت وانا حرتب كل شيء المواصلات والسيارات وكيف سيصل المدعوون الى القاعة وكيف اهلك كمان ييجوا بدون غلبة وحروح كمان اتفقد امور القاعة واستقبل المدعويين مع اني رتبت كل شيء بس لازم اتأكد مرة ثانية..فقال فارس محتجا: ان هذا الامر لا يجوز فانت العروس ..كيف ستستقبل المدعويين.. ومن العيب ان تقومي بهذه الاجراءات وخاصة انه لم يتبق على الحفل الا ساعات قليلة..فارادت ياسمين ان تحسم الموضوع فتحدثت بطريقة حازمة .. فارس الموضوع منتهي وما في مجال للنقاش انت بتروح ترتاح وبتغير اواعيك في أي مكان ولا تروح هون او هون والساعة سبعة بالضبط بتلاقيني على الباب الخلفي للقاعة اللي اتفقنا ندخل منه مع بعض ولا تخلي حد يشوفك وانت جاي علشان ندخل مع بعض انا حستناك الساعة سبعة بالضبط ولا تفكر تروح على البيت او تمر حتى من حارتكم.. وطلبت منه ياسمين ان يوقف السيارة وان يأخذ شنطة ملابسه التي اعدتها بنفسها ويستقل أي تكسي لتأخذ هي السيارة للتأكد من ان كافة الاستعدادات تسير كما رتبت لها.. اوقف فارس المغلوب على امره تاكسي واستقله وذهب ليفعل ما طلبته منه ياسمين .. اما ياسمين فقادت السيارة وتوجهت مباشرة الى القاعة لتجد مدير القاعة في انتظارها على احر من الجمر وما ان رأها حتى هرع لاستقبالها ومجاملتها وكان على استعداد لان يبذل المستحيل لينال رضاها وبعد جولة تفقدية قام بها معها في انحاء القاعة لتتأكد ان كل شيء على ما يرام ... ابدت ياسمين عدة ملاحظات ووعدها انه سيقوم فورا بتنفيذها واتفقت معه على عدة امور جديدة ومن ثم رافقها مدير القاعة حتى باب السيارة وبعد ان ودعها وسار عدة اقدام نادت عليه ياسمين من شباك السيارة ...فأقترب منها مهرولا وقالت له باللغة العبرية .. اسمع يا رافي بكره الصبح لما تطلع الشمس اذا كنت حاب تقدر تشوفها بعينيك طلع الفكرة الي برأسك ولا تفكر باشي ما بخصك واستقلت ياسمين السيارة ..وبقي رافي مدير القاعة متجمدا مكانه وقد اصفر وجهه واعتراه خوف شديد نفذ الى اعماقه واخذ يتلو مجموعة من الصلوات ويدعوا الله ان تمر هذه الليلة على خير..وخاصة ان ياسمين استطاعت ان تعرف ما يفكر به. وبعد ساعات وفي تمام الساعة السابعة مساءا وصل فارس الى الباب الخلفي للقاعة الذي تم اعداده وتزينه ليمر منه العروسين في طريقهم الى المكان المخصص بالقاعة..اقترب فارس من الستارة السوداء الاولى التي اعدت لتحجب النور المنبعث من خارج القاعة .. فازاحه بيده ووجد نفسه امام ستارة سوداء اخرى حيث وجد نفسه بين ستارتين وقف هناك بناء على طلب ياسمين حتى تحضر اليه وما هي الا دقائق حتى سمع صوت ياسمين تناديه بأن يمر عبر الستارة .. ازاح فارس الستارة السوداء لتنبعث عبر الممر روائح عطور وبخور ويرى نور الشموع المصطفة على جانبي المدخل وما كادت عيون فارس تتأقلم مع نور الشموع الباهت ويستطيع الرؤيا حتى راى..ياسمين واقفة في نهاية المدخل وقد ارتسمت على شفتاها ابتسامة .. وقف فارس مشدوها بما يرى وكأن عقله قد توقف عن التفكير ولم يعد قادرا على اصدار الاوامر لقدميه لتسيرا بإتجاه ياسمين التي فتحت ذراعيها لاستقباله ..وما بهت فارس هو رؤيته لياسمين بثوب الزفاف الابيض...كحورية من حوريات الجنة ..وقد ارتسمت على شفتاهها ابتسامة عريضة ناعمة ..... لم يتحرك فارس من مكانه خشية ان يرفع بصره عنها او انه يخشى ان يكون بحلم قد يصحو منه ..اخذ قلب فارس يدق بسرعة ولم يتحرك من مكانه برغم ان ياسمين اشارت اليه اكثر من مرة ان يتقدم نحوها .. الا انه لا حياة لمن تنادي فما كان من ياسمين الا ان اقتربت هي منه وهزته من ذراعه.. وقالت له: مالك ..لا تنجن هلأ ولا تسطل فنظر اليها وقال: ياسمين انا ما بحلم صحيح.. فقالت: لا انت ما بتحلم وهلأ لازم نتحرك ..لا تخربطلي النظام الّي انا "مجهزتو لهليوم ". فقال: طيب حندخل هلأ الناس كلهم حيشوفوا وجهك والعجوز حذرتك انو ما حد يشوفك الا بعد ما تخلفي بنت.. فقالت :فارس حبيبي هاي مشكلتي مش مشكلتك وهلأ يالله قبل ما الترتيب يخرب. امسك فارس بذراع ياسمين واستعد للدخول ..فمالت ياسمين برأسها على اذن فارس وهمست وكأنها لا تريد ان يسمعها احد وقالت :فارس خليك طبيعي ولا تهتم بوجود حد اراد فارس التقدم نحو القاعة ولكن ياسمين قالت له: استنى اشوي بعد دقيقة بندخل.. دقيقة مرت ودقت موسيقى ترحيبية بدخولهم مصاحبة لاغنية بكلمات جميلة متناسقة بالكاد تكون مفهومة...وسار فارس يتأبط ذراع ياسمين على دقات الموسيقى حتى وصلا الى المكان المخصص لهما في وسط القاعة المليئة بآلاف الشموع المضاءة بكل مكان ووسط جو من البخور والعطور والاف الورود التي ملأت القاعة واصطفت على طريق مرورهم ..وفي هذه الاجواء لم يكن فارس يستطيع ان يرى الا ياسمين الذي ما زال لا يستطيع ان يبعد عينيه عنها ولو للحظة مبهورا بجمالها ...تحولت الموسيقى من دقة الزفة الى موسيقى هادئة اعدت لرقصة العرسان مسبقا ووضع فارس يده على خصر ياسمين وامسك بالاخرى وضمها اليه واخذ يتمايلان على انغام الموسيقى ليشعر فارس كلما دارت ياسمين ان الدنيا كلها تدور فيه.. همست ياسمين في اذن فارس فقام فارس بتناول كأسين أعدا على الطاولة امامهم مسبقا فتناولاهما معا .. وبقي مشدوها مبهورا بياسمين... وبلفتة عين جاءت عفوية بأتجاه الموائد من فارس تبعتها تحديقات والتفاتات وبحث في القاعة الواسعة الكبيرة رأى فارس ان كل الموائد مضاءة بشموع ومليئة بالمشروبات والحلويات والأطعمة ولكنه تفاجىء بعدم وجود اي شخص في القاعة ، حتى ان فارس ولهول المفاجأة انحنى لينظر تحت الموائد لعل المدعويين اختبأوا وايقن انه لا يوجد في هذه القاعة الكبيرة الواسعة سوى هو وياسمين واجهزة موسيقية تعمل اتوماتيكيا ...ضحكت ياسمين وتردد صدى ضحكتها في انحاء القاعة المغلقة بإحكام والخالية من البشر ووقف فارس ينظر اليها ولا يدري ايضحك معها ام يبكي.. وقال :شو بصير يا ياسمين شو بصير يا ياسمين .. فقالت:شو يا حبيبي في اشي مش عاجبك ..!! فقال: وين الناس وين..? فقاطعته وقالت: شو يا حبي انت ما بتغار عليّ بدك حد غيرك يشوف وجهي معقول انت ما عندك دم ولا بدك البس خمار وعباي يوم عرسي علشان الناس يقولوا انه فارس متجوز قردة علشان هيك مخبيها...فقال فارس: وكل هالمصاريف وهالغلبة مش على شان يكون في ناس ومدعوين ..واهلي يحتفلوا معنا .. فقالت ياسمين: فارس اطلع على كل الطاولات وشوف اذا امي موجودة على واحدة منهن ...اخذ فارس يتلفت ويبحث بعيونه وكأنه يتوقع رؤية ام ياسمين وقال لها: مش شايف .. فقالت:طيب اطلع على كل الطاولات وشوف اذا كانت اختي وردة موجودة على واحدة منهن..!؟ فنظر فارس بسرعة وقال: لا مش شايفها . فقالت:طيب يا حبيبي بتعرف ليش علشان امي واختي ما بقدروا يحضروا عرسي واذا امي واختي...مش موجودين مين حيهمني يكون موجود اذا كان واحد ولا الف حيهمني اهلك ولا اصحابك ولا اقاربك كلهم يا حبيبي ما بيسوا عندي بسمة صغيرة من امي في يوم مثل هذا وامي مش عم تقدر تبتسم . فقال :طيب ليش كل هذا وليش داعينا الناس ..!؟ فقالت: ما حدا دعا حدا يا حبيبي ولا بتفكرني فاضية اشغل مخي بدعوة الناس ، واطمئن ما حد بعرف بهالحفلة الا اذا انت داعي حد من وراي فهاي مشكلتك..اما ليش هالغلبة ...يا حبي علشان اليوم عرسي ولا تقلبلي اياه نكد وخليني مبسوطة ومن حقي اشعر انك عملت لي اشي على مستوى بتحلم فيه أي بنت بتتجوز لاول مرة بعمرها وكمان علشان ما اشعر اني ناقصة عن الناس وبدك احلى من هيك عرس يا فارس والله ما حلمت فيه حتى بأحلامك وعمرك ما راح تنساه الا اذا قلبك وجعك على اللي دفعته وخسرتوا ..اطلع في حبيبي مليح وشوف اذا انا بستاهل ولا ما بستاهل.. نظر اليها فارس وابتسم وقال من كل قلبه: مجنونة والله العظيم مجنونة بس بحبك وبموت بجنونك.. اقتربت ياسمين وحضنت فارس وقبلته وهي تضحك سعيدة واستمر العناق لعدة دقائق وفجأة سالت عدة دمعات من عيني ياسمين وسارت عدة خطوات وحملت احدى الشموع بكلتا يديها ووضعتها في وسط القاعة وجلست على ركبتيها امام الشمعة واخرجت وثيقة الزواج ووضعتها بجانب الشمعة وبدا الحزن على وجهها وانهمرت الدموع من عينيها ..ولا مس شعرها الطويل الارض وكانت تمسح بكفيها الدموع وهي تنظر باتجاه الاف الشموع المضائة بارجاء القاعة .....وكان ما دفعها للبكاء انها لمحت عشرات الشموع قد اطفأت ..فقالت بصوت عالي تخاطب الشموع والدموع ما زالت تسيل من عيونها .. نورنا وعهدنا وطريقنا انت يا جورجيت ضويت كل هالشموع لألك ومش لألي كل شمعة بتحكيلك انو ما نسينا ولا راح ننسى عهدك كل شمعة بتذكرنا بدمعتك وبندري انو شموع الدنيا ما بتضوي عتمتك يا جورجيت وجهك ما شفناه وآلمك اعرفناه يا جورجيت انا حفيدتك وهذا حفيد عدوك والزمن رجع والوثيقة انكتبت باسمك واسم عدوك فيها .... والتاريخ نفس التاريخ واسمك فخر واسم عدوك عار ومشان اسمك الدهري دفع كل شيء وما عاد من نسلوا حدا بيملك شيء .. دموعك وحسرتك ذاقوها.. واسمك ظل وحيظل ..واسم عدوك ما ظل منو شيء ..عهدك لبنتي ححفظو..واسمك ححملو لبنتي .. واسمك الاول وعدوك الاخر ..وحفيد عدوك دخل عتمة القبر..وهرب من القبر لانك سمحتي ..كان بايدك تعتميه العمر كله ..بس انتي اللي تركتيه .. يا ستي وين ما كنت اذا كنت بتسمعيني ساعديني ..ابن الدهري حبني من غير ما يشوفني والنذر اكتمل والعهد انصان..واثناء حديث ياسمين بدأت الشموع تنطفىء الواحدة بعد الاخرى بطريقة غريبة..حتى انطفأت نصف الشموع ..ايقنت ياسمين ان الشموع تنطفىء واحدة تلو الاخرى ..فأمتقع لونها ووضعت كفيها على وجهها واجهشت بالبكاء ..وبصوت مسموع وبألم وحسرة وضعت رأسها على الارض ولم تعد تنطق بكلمة .. لم يحتمل فارس بكاء ياسمين بهذه الطريقة ولم يتمالك نفسه وأخذ يبكي معها واقترب منها وحاول ان يرفع رأسها عن الارض الا انها بقيت ملتصقة بالارض مجهشة بالبكاء بألم وحسرة ..حاول فارس وحاول وشعر ان ما يحدث لياسمين هو بسبب انطفاء الشموع الذي يشير بأن جورجيت غير راضية وقف فارس والدموع بعينيه متأثرا بشدة لما ألم بياسمين. واخذ ينادي باتجاه ما تبقى مشتعلا من الشموع: يا جورجيت انا ما عرفتك صغيرا ولا عرفتك كبيرا وانا ما عرفت انو انكتب علّي احمل ذنب ابو.. وجد.. وقريب وما صدقت انو دمي من دمهم..ما عرفتك بس بكيتك..وكرهت اصلي وحبيتك وحبيت بنت بنتك وحبيت اسمك ..الدنيا كلها ..كلها ظلمة ان ما كانت فيها .. حبيتها من غير ما اشوفها ورضيت اظل العمر اشعر فيها وما اشوفها ولو خيروني معها لاعيش بقبر وبدونها كل حياتي قبر..هي طلعت من العتمة وكانت الّي النور وان كان حكمت علي اعيش بعتمة وهي معي فأنت حكمت علي اعيش بالنور ..دموعها نار بتحرقني ..ارحم الي اعيش عمري كلوا في القبور ... وما اشوف دموعها... يا جورجيت القبور والخوف والألم حتى الموت ما كان ممكن يعذبني وهلأ بحكيلك ان كنت بتسمعيني وبحكيلها انو فراقها لحظة هو اليّ كان يحرقني وتفكيري كل لحظة اني ممكن افقدها كان يعذبني..يا جورجيت ان نكتب علّي احمل ذنب سيدي انا جاهز اعمل الي بدك اياه ..انا جاهز ادفع ثمن ذنب مجرم ما عرفتو .. كل شيء ممكن احتملو الا الدموع "بعيونها" بشوفها بالليل والنهار نار بتحرقني...بكل لحظة عرفتها حبيتها...انا حبيتها وهي بتكرهني ...انا حبيتها وهي بتعذبني ..انا حبيتهاوهي بتحبني..يا جورجيت ان كنت بتسمعيني ... وتعب فارس من مخاطبة الشموع وجلس بجانب ياسمين محاولا ان يهدئها..واستطاع ان يرفع رأسها عن الارض ويضمها الى صدره بقوة لتمتزج دموعهما معا وكأنها دموع شخص واحد... وعيونهما بأتجاه الشموع ...عادت الشموع تشتعل بطريقة غريبة الواحدة تلو الاخرى وبسرعة كبيرة حتى عادت واشتعلت جيعها...وقفت ياسمين محدقة بالشموع وما زالت اثار الدموع تملأ عينيها .. ووقف فارس الى جوارها ومن بعيد ومن خلف الشموع ظهرت فتاة ترتدي الأبيض ويشع من وجهها النور وشعرها مسترسل على كتفيها..حتى لحظة ظهورها كان فارس يظن ان ياسمين هي اجمل من خلق الله ولكن ما رآه لا يمكن لعقل وفكر ان يوصفه وما بهر فارس وحتى ياسمين ان الشبه كبير بينها وبين ياسمين... ياسمين لم تكن اقل مفاجأة من فارس ..الا ان الفرحة الممزوجة بالخوف قد بدت على وجهها ..لم تتحرك ياسمين من مكانها الا حينما ارتسمت على شفاه الفتاة ابتسامة كأنها دعوة لياسمين ان تقترب منها ..سارت ياسمين بسرعة باتجاهها وانحنت ولمست بيدها قدمها وقبلت يدها حيث لمست .. وهمت ان تحضنها في لحظة الا انها عادت الى الخلف من جديد وكان احدا طلب منها ذلك او انها فهمت ان ذلك ليس بأمكانها وشبكت يديها ببعض وضمتهم الى صدرها بقوة وعادت ووقفت بجانب فارس ولم تزح نظرها ولو للحظة واحدة عنها وقالت ياسمين والدموع تترقرق في عينيها: ستي جورجيت انا...لم تكمل كلمتها فقد اشارت جورجيت بيدها مع ابتسامة ففهمت ياسمين انها يجب ان تصمت ... خيم جو من الصمت لعدة دقائق لم يتكلم احد ولكن الابتسامة الممزوجة بدموع من طرف فارس وياسمين والابتسامة والنور المشع من وجه جورجيت اضاف الى الجو نوع من الدفيء ..ونظرت اليهم جورجيت نظرة مليئة بالمحبة والحنان مصحوبة بابتسامة دافئة وقالت لياسمين: مبروك يا جورجيت وسمي بنتك ياسمين والنار انطفت والوثيقة احفظوها والقديمة مع مولد ياسمين احرقوها واحكوا للناس انو لعنة المظلوم نار وقوة البشر ما بتطفيها وتحرق جيل بعد جيل لييجي جيل بالحب ينهيها واستدارت جورجيت الجدة وسارت بخطى واثقة مبتعدة من حيث اتت وبقيت عيون فارس وياسمين تتبعها حتى توارت عن الانظار.. وقفزت ياسمين باتجاه فارس وتعلقت به وهي تضحك وتبكي في نفس الوقت ..ومدت يدها الى وثيقة الزواج وحملتها وضمتها الى صدرها ... وامسكت بيد فارس كطفلة صغيرة وركضت باتجاه مدخل القاعة ثم توقفت للحظة وكأنها تتذكر شيء ثم ركضت باتجاه المدخل الخلفي وحملت بيدها حقيبة صغيرة وركضت مرة اخرى باتجاه فارس وامسكت بيده وركضت بسرعة باتجاه المدخل...خرجت منه عدة خطوات ونظرت للخارج فانهمرت الدموع من عيونها وعانقت فارس بقوة وسحبته بسرعة باتجاه السيارة ...لمحت بعينها مدير القاعة رافي ..يقف على بعد اكثر من ثلاثين مترا يحدق بها هو ومن حوله من العاملين في القاعة وكأنها ملاكا بثوب ابيض هبط من السماء ..ضحكت وتركت يد فارس واخرجت من الحقيبة مغلف وركضت باتجاه مدير القاعة وناولته اياه بسرعة وابتسمت له بخجل حينما شعرت انه يتسأل ...هي او ليست هي..وركضت وعادت الى فارس .. صعدا السيارة واوقعت ياسمين المفاتيح على الارض اكثر من مرة من شدة الارتباك التي هي فيه...واسرعت بالسيارة تنظر الى فارس وهي تضحك وتبكي وتمسح دموعها فتضحك وتعود الدموع تنهمر من عيناها من جديد. ساعة وهي مرتبكة والصمت يخيم على الاجواء فلا احد يكلم الاخر واوقفت السيارة بجانب هضبة وامسكت بيد فارس واخذت تصعده بسرعة وهي تجر فارس خلفها ووقفت واخذت تنادي بأعلى صوتها وردة ..وردة..وردة..ويتردد صدى صوتها وتنظر بكل الاتجاهات ...وبعد عشرة دقائق عادت وصعدت الى السيارة وقادتها لمسافة مئات الامتار واوقفتها وخرجت منها ووقفت بجانبها ... وبعد خمس دقائق ظهرت امرأة مقنعة بالخمار والعباءة واقتربت من السيارة وركضت باتجاه ياسمين ... وياسمين ركضت بأتجاهها وكل منهما تنادي بأسم الاخرى"ياسمين...وردة". فقالت ياسمين لوردة: شفت ستي جورجيت يا وردة شفتها..! فردت وردة :عرفت ...!! وقالت ياسمين وكأنها تود ان تحكي لوردة عن كل شيء بكلمة واحدة وبسرعة:انا اول ما شفتها فكرتها انت بس لما اقتربت شوي عرفت انها ستي جورجيت وهي مثل ما امي حكتلنا عنها ... لو انت شفتيها مش راح تصدقي كيف هي..بتجنن يا وردة بتجنن.. انا ما توقعت اشوفها او اسمعها..انا كنت احكي الي بقلبي علشان اليوم الذكرى وكنت بعرف انو كلامي حيوصلها بس ما توقعت تيجي او اني اشوفها وبعدين فكرتها زعلانة مني ما بعرف يمكن كانت زعلانة وبعدين بطلت زعلانة .. لا لا مش ممكن تكون زعلانة عارفة ليش يا وردة؟ فقالت وردة بسرعة وكأنها شعرت ان لم تقل ذلك فلن تتوقف ياسمين عن الحديث..:بعرف مبروك عليك اسم جورجيت.. فقالت ياسمين بأستغراب:كيف عرفت يا وردة...!! فقالت وردة:هو انت من اول ما شفتيني خلتيني احكي كلمة وحدة...! فضحكت ياسمين وحضنت وردة بقوة وقالت:طيب يالا احكي لي يا اختي يا حبيبتي ...احكي بسرعة .. فقالت وردة: وانا كمان اليوم شفتها مثلك لاول مرة...!!؟ فقاطعتها ياسمين مسرعة:مش زي ما حكيتلك ..(شفتيها تصورتني انها نكون هيك...) ضحكت وردة بصوت عالي:فضكحت ياسمين وقالت طيب خلص انا مش راح احكي ولا كلمة ...احكي انت. فقالت وردة: كنت مضوي الشموع علشان اليوم ذكراها ورحت احكيلها وانا عارفه انو كلامي حيوصلها ..وطلبت منها دير بالها عليك وتساعدك تتنجحي وصرت ابكي وما بعرف ليش شعرت انك حزينة كثير وما قدرت اتحمل ... شعرت اني لازم اطلع وادور عليك خفت كثير عليك يا ياسمين كنت راح اتجنن خفت كثير يكون صارلك شيء ما بتقدري ترديه وصرت احكي واترجى فيها انها تسمحلي اطلع واشوفك ونذرت على نفسي اني ما اطلع طول عمري بس اتأكد انك بخير وبعدين شفتها ... اول ما شفتها فكرت انها انت يا ياسمين ولما قربت اعرفت بسرعة انها ستي جورجيت قلتلها بسرعة ياسمين يا ستي..وقبل ما اكمل كلامي ضحكت وحكت لي انها كانت عندك ووافقت على زواجك ...وطلبت منك تسمي بنتك ياسمين واعرفت هيك انها اعطتك اسم جورجيت... حضنت ياسمين وردة بقوة وأنتاب الاثنتين نوبة قوية من البكاء الذي استمر لدقائق طويلة وفارس يراقب ما يحدث بين الفينة والاخرى تسقط من عينيه دمعة رغما عن ارادته تأثرا لما يراه امامه.. ومن وسط الظلام ظهرت مقنعة اخرى تسير بخطى مترددة ..بأتجاه فارس وياسمين ووردة ..وما كادت تقترب حتى اجهشت ياسمين بالبكاء.... |
||
02-05-2009, 02:51 PM | رقم المشاركة : 16 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
الجزء السادس عــشر |
||
02-05-2009, 02:53 PM | رقم المشاركة : 17 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
الجــــزء الأخيــــــر </b> النــهـــــايـــــــة ولكم جزيل الشكر والاحترام عساها نالت على رضاكم</b> |
||
02-05-2009, 02:59 PM | رقم المشاركة : 18 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
مشكور ولا قصرت بس لو خليتها على أجزاء |
||
03-05-2009, 08:37 AM | رقم المشاركة : 19 | |||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
اقتباس:
ترانيم المطر /
شكرا لك على حظورك انتي ولكني وضععتها كل جزء برد مستقـل لكي يسهل ايضا القراءهـ .. تحيتي |
|||
11-05-2009, 07:39 PM | رقم المشاركة : 20 | ||
|
رد: أم الجمـاجم ,, وحـــب المقـــابر
مشكوووووووووووووور اخي الفاضل |
||
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4) | |
|
|