محاورة مع الشعر
أيها الشعر الذي
قد جئتني من السماء
كالغيث ينزل في العراء
فاخضوضر العشب بها
بل أصبحت وردا وماء.
لِمْ تركتني دفعة واحدة ؟
أين المحبة والحنان ؟
هل شاخ مني الوجدان ؟
قد كنت تأتيني عفويا ومطواعا ، و تأتيني الكلمات لتفرض نفسها في القصيدة، بدون اصطياد .
بل كنت أتعجب ، كيف جاءت هذه الكلمة، الغريبة العجيبة . كنت أتعجب في أول أمري كيف جاءني الشعر مرة واحدة ، وبدون سابق إنذار . كنت تأتيني أيها الشعر ليلا فتقض مضجعي ولكن بلذة.
كنت تأتيني بمناسبة وبدون مناسبة! قد ترتفع روحي إلى العلياء ، لتناجي الرب سبحانه . وقد تبكي بدل الدموع دما ، حزنا على ذنوبها .
أو على ما يجري في البلدان
من الظلم و العدوان
أو تطير فرحا إلى جنان الخلود
أو بيوم مبارك سعيد ، وشعر جديد
صحيح إنك جئتني متأخرا ، ولكن..
جئتني كالسيل الهادر
أو كالبركان الثائر
هل تريد أن تقول : " إنه كان عليك أن تقول هذا الشعر من أول شبابك من إلى الآن هذا الشعر وبعدها ستكون طبيعيا مثل باقي الشعراء العاديين الغير محترفي الشعر ؟
فقد جئتني بختلف انواع الشعر المعروفة دفعة واحدة ، في مدة وجيزة .
شعرا مقفا ومفعّلا ، وشعرا حرا ، بالفصحى والعامي وبجميع الأوزان ، ومختلف البحور ، وأوزانا تأتيني بها حديثة جديدة .
وفتحت لي منه أبواباعديدة
كأنني من فطاحل الشعراء
فبالله الذي أرسلك إليّ
عد عليّ
فلقد أحببتك في السراء والضراء
قد كنت تفرحني وتبكيني .. قد كنت تشحذ ذهني ذكاءا ، وتسمو النفس إلى بارئها أحيانا .
قد كنت تجعلني في عالم تصعد فيه الروح إلى الجنان
وتعانق الحسان
او تسير بين المياه والأشجاروالوديان
أو تغرد مع الطيور
أو تبكي من الظلم والجور
وترثي الأحرار
وتمدح الأخيار
فأحيانا ترجع بي إلى عشرات السنين
وحينا تسبق الزمن ولمّا يحين
أيها الشعر الحبيب ....
ما الذي أغضبك فيّ ؟
ألستَ تأتيني في فراغي وآتيك وقت أشاء ؟
قد كنا سميرين ، من خلالك تهت إلى العلياء
إن كنت تبغي الهدوء و الفراغ
سأوفر لك الهدوء و الفراغ
كنت السلوة لي حين يرحل الأحباب
وا ليوم تتركني بدون وداع و عتاب!
لا أقصد أنك تركتني بالمرة . ولكن زياراتك لي قلّت ، وإن كنت تمكث معي مدة أطول عندما تأتي ...
" فزرني غبا ، كي نزدد حبا "
و إن كنت لن أملك يوما ما .
أيها الشعر أجبني = هل مضى عمري الثمين
هل غدوت اليوم كهلا = بين جمع السائرين
إنني ما زلت ليثا = رغم هاتيك السنين
إنني أهواك دوما = يا حبيب العاشقين
فاترك الإدبار عنّي = و اهجر اللحن الحزين
واعزف الناي بلحن = يفرح القلب الرزين
واملأ الكاس شرابا = صافيا مثل اللجين
كي يعود الدهر يوما = وتعد تلك السنين
وتعد لي ذكرياتي = فيها شوق وحنين
واجعل الطير يغرّد = بين رمّان وتين
أيها الشعر إليّ = كي نبزّ الآخرين
* * * * *
فحينا نغوص بعمق البحارْ = ونخرج منها جميل الدررْ
وحينا نعود إلى أرضنا = ونأخذ منها جليل العبر
وحينا نحلق فوق السماء = نناجي الإله بقلب كسر
وحينا نعيش بلب الجنان = وفيها الرضاء من السيدِ
وطورا نظل بجنب المياهْ = وظل النخيل وظل الشجرْ
وصوت المياه وصوت الطيور =يشكل لحنا يفوق الوتر
وإن جلت عينيك عمق البحار = رأيت جمالا يريح البصر
فطورا نحلق فوق السحاب = وسحب السماء بجنب اليدِ
وطورا نحطّ بارض البلاءْ = ونبكي ذنوبا لنا كالمطرْ
ونرجو من الرب وهو الكريم = ودمع على الخد مثل الدرر
نناجي الإله بقلب كسير = ليرحم عبدا له في الحفر
ويعتقه من دخول السعير = وتسمو به في الغد الأمجدِ
جواب الشعر
ألم تر أني أتيت إليكْ
فلم لا تحس بقربي لديك
فمنذ دعوت برب العباد
أتيت سريعا وكلي انقياد
و إنيَ ـ حبيبي ـ بلمح البصر
صحوت وجئت كغيث المطر
فإنيَ عبد لرب البشر
وإني خدوم لخير وشر
وإني أحلّق في الكائنات
وإني أهيم مع الهائمات
وإني أساير أهل الضلال
وإني َأطاوع أهل الكمال
وإنيَ أطرب عبدا حقير
وإنيَ أشدو بقصر الأمير
تراني حزينا مع الصالحين
تراني طروبا مع الغافلين
فإن كنت تبغي – حبيبي – الهناء
فحلّق – حبيبي – بنا في السماء
وناج الإله بدمع سكوب
بصبح وليل وعند الغروب
وظهر وعصر وعند السحر
وعند – حبيبي – نزول المطر
فإني سعيد بدمع الحزين
يناجي الإله مع المتقين
ولا يطربنّك دق الطبول
فإنك آبٍ ليوم مهول
فبالأمس أأتيك حين أشاء
وذا اليوم آتيك حين تشاء
فبالأمس أفرض نفسي عليك
وذا الوقت رهن - عزيزي – لديك
فهلاّ شكرت الإله الكريم
بقول جميل وقلب سليم
شكرت الله من قلبي = فدوما فضله جاري
فلا والله لا أنسى = عطايا الخالق الباري
بتطويقي عطاياكا = فهل أنسى عطاياكا
وهل أنت أيا ربي = ستدعوني لآتيـــــكا
وهل تشفعني دمعاتي = إذا صرت أناجيكا
وهل تزداد لي قربا = إذا رحت أناديـــكا
"أيا رباهُ ارحمني = وقربني لناديـــــكا
وزدني نعمة القربى = وأفضال أيا ديكا
ومن أحلامي الصغرى = إلى أحلامي الكبرى
وخذني من هوى الدنيا = إلى نعماك في الأخرى
وخذني من عذاباتي = وآهاتي و حسراتــــــــــي
فيا رباه لا تنسى = "عليّا" في المهمات
فدمع العين يا ربي = سكوبا فوق وجناتي
وخذني من لظى النيران = إلى روضات جنّات
وأسبغ من رضاك عليّ = فأنته كل غاياتــــــــي
فحسبي سيدي الرضوان = ليطغي كل لذاتــــــي
وجاورني لأقوامٍ = أناروا الكون بالحقِ
وعاشوا طول محياهم = بقول الحق والصدقِ
رد الشعر بالعامي
شفت يا صاحبي إنّي = إجيتك والنظم فنّي
إجيتك كالبحر هدّار = وكلّي ممتلي أسرار
دخذ مني مرجاني = و داناتي بألوانِ
وخل العقد يتزاهى = بجيد الغيد يتباهى
وبيه الماس يتشعشع = على صدر الحلو يلمع
وخل الناس تسمعني = بصوت الناي وتغنّي
ردّي
أريدك يا شعر وياي
نروح اهناك للجنة
معاي الحور
وسط لقصور
وبالأشعار نتغنّى
أريدك يا شعر وياي
تجيني اهناك تتعنّى
تحت لشجار
مليّة اثمار
وكل ما نبغي نتمنّى
أريدك يا شعر وياي
وحور العين ويايه
تغنّي الحان
تهز لجنان
وكنها البان تتثنّى
أريدك يا شعر وياي
وكاسات الخمر عندي
حبايبنا و هالينا
وكل اخواني او جدّي
معاي اهناك بالجنة
رد الشعر
أجي لك يا علي اهناك
دقلي بالله وين القاك؟
ردي
قلت له : هاك عنواني
تجي لـقصور بالجنة
تنادي وين خلاني
يجيكم صوتنا حياك
تجي بالحال غلماني
يقولوا يا عزيز اقبل
عزيزك يرتجي محيّاك