.
في قريتنا
اذا أتى أحدهم من سفر بعيد كأوروبا او أمريكا وأردنا أن نعرف منه مستوى المعيشه في تلك البلد
أو هو أراد مفاجأتنا بخبر غريب لا يخطر على بال احد من الجالسين
والذين في الغالب ينتهي حدود العالم عندهم بنهاية شارع حراء شمال مدينة جده
يقول( البيبسي هذا ابو ريال.. عندهم بخمسة ريال!)
وكنا نتهامس (خمسه يقول خمسه سمعت ابو ريال بخمسه يا الله والله الحمدلله حنا في نعمه )
وتجد ممن يحمد الله على ان بيبسينا بريال من لم يتذوق طعم البيبسي يوما
لكنه المبدأ والارث الثقافي الذي من الصعب ان نستوعب تغيره
فنحن نعتبر البيبسي مقياس للغلاء وكأن مصطلح (بيبسي بريال ) كمقياس ريختر في رصد الزلازل
نعم الأسعار تتارجح فصديق طفولتي التويكس كنت أستمتع به بريال ونصف واشتري بالنصف الآخر (لبانه ابو طوق)
ثم اصبح بريالين فتخليت قصرا عن أبي طوق وعلكته ردحا من الزمن
ثم زاد الى ريالين ونصف!! فعدت لآبي طوق مره اخرى فاذا ابا طوق قد اصبح بريال
عموما هي حكايه طويله ربما مثل (حكاية الذبانه)
وحكاية الذبانه هي حكايه سامجه لا نهاية لها كأن يقول لك صاحب القصه هل سمعت عن حكاية الذبانه
فاذا قلت نعم قال (نعم والا مهو نعم) هل سمعت بحكاية الذبانة ان قلت لا قال( لا والا مهو لا) الخ..
وقريبا من هذه القصة وجدتها في ثنايا الرواية المجنونة مئة عام من العزلة لغابريل غرسيا ماركيز
واستغربت ان تكون هذه القصة التافهه هي موروث شعبي نتقاسمه مع اللاتينيين!!
أقول انه رغم تأرجح الاسعار بقي البيبسي في منأى عن كل هذا
محتفظا بقاعدة(بيبسي بريال) طبعا لو استثنينا الاماكن السياحية والفنادق والأربعين حرامي
لكن لأن دوام الحال من المحال ولأن الغلاء اصبح موضه أكثر منه تأثرا بالاقتصاد العالمي المتأرجح تأرجح دبي وأبراجها
والا كيف نفسر أن يزيد (عِزَيِّز_هكذا ينطق بكسر العين و تشديد الزاء الثانية) سعر الذبح في مسلخه ا الى 50 ريال اي بزيادة 100% عن العام الماضي
رغم ان السكين هي السكين من العالم الماضي ومحمد السوداني هو نفس العامل منذ عشرين سنة
والغرفة الضيقة مكان الذبح هي هي بضيقها وحقارتها وذبابها المنتفخ والذي يكاد ينافس الجراد بضخامته
اليوم نحن نفاجأ بأن البيبسي اصبح بريال ونصف!!
وأمام هذا التغيير الخطير أتوقع احد هذه السيناريوهات الثلاث
اولها أن تتغير حالة الشعب المزاجية و احتقارهم للعملة المعدنية فتعود لهذه العملة مكانتها
وتصبح الجيوب مليئة منتفخة ومثقلة بهذه الانصاص!!
وربما وجدنا محلات الخياطه تتفنن بوضع جيب داخلي للعملة المعدنية على غرار جيب الجوال وجيب القلم ..
وتسارع الشركات الصينية في صنع محافظ مزودة بجيب ذو سحاب ليحافظ على انصاصا من الضياع
والسيناريو الثااني
هو ان تضطر مؤسسة النقد ونظرا لتزايد الطلب على تلك العملة المعدنية ان تصدر عملة ورقية بنصف ريال كي تغطي هذا الطلب
وانا لا استطيع الجزم ان كان احدهم سيضع صورته على عملة كهذه ام تبقى هي العملة الورقية الوحيدة التي تخلو من الوجوه!!
أما السيناريو الاخير
فهو أن تعود قصتي مع التويكس و ابي طوق مرة أخرى
فتتبرع احد الشركات الحقيرة في انتاج نوع من العلك الحقير المسرطن بقيمة نصف ريال لتحل هذا الاشكال
وتتحول قاعدة (بيبسي بريال) الى بيبسي بريال ونصف ونصف ريال لبانه
عموما انا لا يعنيني كثيرا سعر البيبسي كوني لست من عشاقه لكن ما يؤلمني اكثر هو هذه القاعدة التي انكسرت
ولأنه ولم يعد لدينا ما نراهن عليه كدليل اثبات على ما نعيش فيه من رخاء ورغد .
.