|
إذا الشَّعْـبُ يومـاً أرادَ الحيـاةَفـلا بُـدَّ أنْ يَسْتَجيـبَ الـقـدرْ |
ولا بُــدَّ للَّـيْـلِ أنْ ينجـلـيولا بُــدَّ للقـيـدِ أن يَنْكَـسِـرْ |
وَمَنْ لم يعانقْـهُ شَـوْقُ الحيـاةِتَبَخَّـرَ فِـي جَوِّهـا، وانـدَثَـرْ |
فويـلٌ لِمَـنْ لَـمْ تَشُقْـهُ الحيـاةُمـن صَفْعَـةِ العَـدَمِ المنتصـرْ |
كذلـك قالـتْ لـيَ الكائـنـاتُوحدَّثَنِـي رُوحُـهَـا المُستَـتِـرْ |
وَدَمْدَمَتِ الرِّيـحُ بيـن الفِجـاجِوفوقَ الجبـالِ وَتَحْـتَ الشَّجـرْ |
إذا مـاط¸â‚¬َمحْـتُ إلـى غَـايـةٍرَكبِتُ المنى ، وَنَسِيـتُ الحَـذرْ |
ولـم أتجنَّـبْ وُعُـورَ الشِّعـابِولا كُبَّـةَ اللّـهَـبِ المُستَـعِـرْ |
وَمَنْ لا يحـبُّ صُعُـودَ الجبـالِيَعِشْ أبَـدَ الدَّهْـرِ بيـنَ الحُفَـرْ |
فَعَجَّـتْ بقلبـي دمـاءُ الشَّبـابِوضجَّت بصدري ريـاحٌ أُخَـرْ |
وأطرقتُ ، أُصغي لقصفِ الرُّعودِوعزفِ الرّياحِ ، وَوَقْـعِ المَطَـرْ |
وَقَالتْ ليَ الأرضُ ، لما سألـتُأيا أمُّ هـل تكرهيـنَ البَشَـرْ ؟ |
أُباركُ في النَّاسِ أهـلَ الطُّمـوحِومَـنْ يَسْتَلِـذُّ ركـوبَ الخطـرْ |
وألْعنُ مَـنْ لا يماشـي الزَّمـانَويقنعُ بالعيْـشِ عيـشِ الحجـرْ |
هو الكونُ حيٌّ ، يحـبُّ الحيـاةَويحتقـرُ الميْـتَ ، مَهْمَـا كَبُـرْ |
فلا الأفْقُ يحضُنُ ميْتَ الطُّيـورِولا النَّحْلُ يلثِـم ميْـتَ الزَّهَـرْ |
ولولا أمُومةُ قلبي الـرّؤومُ لَمَـاضمَّـتِ الميْـتَ تلـكَ الحُـفـرْ |
فويـلٌ لِمَـنْ لـم تَشُقْـهُ الحَيـاةُمـنْ لعنـةِ العَـدَمِ المنتـصـرْ |
وفي ليلةٍ مـن ليالـي الخريـفِمثقَّلـةٍ بـالأسـى والضَّـجَـرْ |
سَكرتُ بها من ضيـاءِ النُّجـومِوغنَّيْـتُ للحُـزْن حتَّـى سَكِـرْ |
سألت الدُّجى: هل تُعيـدُ الحيـاةُلمـا أذبلتـه ربيـعَ العُـمُـرْ ؟ |
فلـم تَتَكَلّـمْ شِـفَـاهُ الـظَّـلامِولـم تترنَّـمْ عَـذَارى السَّحَـرْ |
وقـال لـيَ الغـابُ فِـي رقَّـةٍمحبَّبَـةٍ مِثْـلَ خـفْـقِ الـوتـرْ |
يجيءُ الشِّتاءُ ، شتـاءُ الضّبـابِشتاءُ الثّلـوجِ ، شتـاءُ المطـرْ |
فينطفىءُ السِّحْرُ ، سحْرُ الغُصونِوسحرُ الزُّهورِ ، وسحـرُ الثَّمَـرْ |
وسِحْرُ السَّمـاءِ الشَّجـيُّ الوديـعُوسِحْرُ المروجِ ، الشهيُّ العَطِـرْ |
وَتَهـوِي الغُصـونُ، وأوراقُهَـاوأزهـارُ عهـدٍ حبيـبٍ نَضِـرْ |
وتلهو بها الرّيـح فِـي كُـلِّ وادٍويدفنهـا السيّـلُ، أنَّـى عَـبَـرْ |
ويفنـى الجميـعُ كحلْـمٍ بـديـعٍتألّـقَ فِـي مهـجـةٍ وانـدَثَـرْ |
وتبقَى البُـذُورُ ، التـي حُمِّلَـتْذخيـرةَ عُمْـرٍ جميـلٍ ، غَبَـرْ |
وذكرى فصولٍ، ورؤيـا حَيـاةٍوأشباحَ دنيـا ، تلاشـتْ زُمَـرْ |
معانِقَةً ، وَهْي تحـت الضَّبـابِوتحْتَ الثُّلوجِ ، وتحـتَ المَـدَرْ |
لَطِيـفِ الحيـاة الـذي لا يُمـلُّوقلبِ الرّبيـعِ الشـذيِّ الخضِـرْ |
وَحَالِمـةً بأغـانـي الطّـيـورِوعِطْرِ الزُّهور ، وَطَعْـمِ الثَّمَـرْ |
ويمشي الزَّمانُ ، فتنمو صروفٌوتذوي صروفٌ ، وتحيـا أُخـرْ |
وتُصـبِـحُ أحلامُـهَـا يقْـظـةًموَّشَّحـةً بغـمـوضِ السَّـحَـرْ |
تُسَائِل: أيـنَ ضَبـابُ الصَّبـاحِوسِحْرُ المَساءِ ؟ وضوءُ القَمَرْ ؟ |
وأسرابُ ذاكَ الفَـراشِ الأنيـقِ ؟وَنَحْلٌ يغنِّـي ، وغيـمٌ يَمُـرْ ؟ |
وأيـنَ الأشعَّـةُ والكائـنـاتُ ؟وأيـنَ الحيـاةُ التـي أَنْتَظِـرْ ؟ |
ظمئتُ إلى النُّور، فوق الغصـونِظمِئتُ إلى الظِّلِّ تحـت الشَّجَـرْ |
ظمِئتُ إلى النبع بيـن المـروجيغني مر يرقص فـوق الزّهَـر |
ظمئـتُ إلـى نَغَمـاتِ الطُّيـورِوهَمْسِ النّسيمِ ، ولحـنِ المَطَـرْ |
ظمئتُ إلى الكون! أيـن الوجـودُوأنَّـى أرى العالَـمَ المنتظَـرْ ؟ |
هُو الكونُ ، خلف سُبَاتِ الجُمـودِوفِـي أفُـقِ اليَقظـاتِ الكُـبَـرْ |
ومـا هـو إلاّ كَخَفْـقِ الجنـاحِحتّـى نمـا شوقُهـا وانتصَـرْ |
فصدَّعَـتِ الأرضُ مـن فوقهـاوأبْصرتِ الكَوْنَ عذبَ الصُّـوَرْ |
وجـاء الرَّبـيـعُ ، بأنغـامِـهِوأحلامِـه، وصِبـاهُ العَـطِـرْ |
وقبَّلهـا قُبَـلاً فِــي الشِّـفـاهتُعيدُ الشَّبـابَ الـذي قـد غَبَـرْ |
وقال لها : قـد مُنِحْـتِ الحيـاةَوخُلِّـدْتِ فِـي نَسْلِـكِ المدّخَـرْ |
وباركَـكِ النُّـورُ، فاستقبـلـيشَبَابَ الحيـاةِ وخصْـبَ العُمُـرْ |
ومـن تَعْبُـدُ النُّـورَ أحـلامُـهيُبَارِكُـهُ النُّـورُ أنَّـى ظَـهَـرْ |
إليكِ الفَضـاءَ ، إليـكِ الضيـاءَإليكِ الثَّرى ، الحالمَ ، المزدهـرْ |
إليـكِ الجمـالَ الـذي لا يَبيـدُإليكِ الوجودَ ، الرَّحيبَ ، النَّضِـرْ |
فميـدي ، كمـا شئـتِ ، فـوقالحقولِ بِحُلْوِ الثِّمارِ وغضِّ الزّهَرْ |
وناجي النَّسيمَ ، وناجـي الغيـومَوناجي النجومَ ، وناجـي القمـرْ |
وناجـي الحـيـاةَ وأشواقّـهـاوفتنـةَ هـذا الوجـودِ الأغَــرْ |
وشفَّ الدُّجى عن جمـالٍ عميـقٍيُشِبُّ الخيـالَ ، ويُذكـي الفِكَـرْ |
ومُدَّ على الكون سِحْـرٌ غريـبٌيصـرّفُـهُ سـاحـرٌ مقـتـدِرْ |
وضاءَتْ شموعُ النُّجومِ الوِضَـاءِوضَاعَ البَخُورُ، بَخُـورُ الزّهَـرْ |
وَرَفْرَفَ روحٌ ، غريبُ الجمـالبأجنحـةٍ مـن ضيـاءِ القَـمَـرْ |
وَرَنَّ نشيـدُ الحيـاةِ المـقـدّسُفِي هيكـلٍ، حالِـمٍ ، قَـدْ سُحِـرْ |
وأُعْلِنَ فِي الكـونِ: أنّ الطمـوحَلهيـبُ الحيـاةِ ، ورُوحُ الظَّفَـرْ |
إذاط¸â‚¬َمَحَـتْ للحيـاةِ النُّـفـوسُفـلا بُـدَّ أنْ يستجيـبَ الـقَـدَرْ |
|