سَيِّدِي الفَاضِل
الزِلْزَالُ
مَا وَرَدَ هُنَا لَمْ تَثْبُتْ صِحْتُهُ مِنَ السُنَّةِ
وَ لَكَ الفَتْوَى بِخُصُوصِ الطَرْحِ المَذْكُورِ
الفَتْوَى
فإنا لم نعثر على ما يفيد صحة هذا الكلام بالصيغة التي ذكر بها في السؤال، إلا أنه ثبت
في الحديث أن العمل الصالح يأتي صاحبه في قبره بشكل رجل في صورة حسنه، كما
ثبت أن القرآن يشفع لصاحبه، وراجع في هذا الفتاوى ذات الأرقام التالية: 69957، 56153
، 35857، 71977.
وعلى المسلمين أن يعتنوا بتعليم القرآن للناس وتحريضهم على حفظه والإكثار من
تلاوته، وعلى تعلم السنة والإكثار من مطالعتها والعمل بها وحضهم على التقرب من الله
بما ثبت من نصوص الوحي، فذلك أولى وأهم من نشر المقالات التي تحوي ما لا يثبت،
وهو التطبيق الفعلي لحديث البخاري: بلغوا عني ولو آية.
وَ هُنَاكَ أَيْضَاً فَتْوَى أُخْرَى وَرَدَتْ فِي الإسْلامِ سُؤَالٌ وَ جَوَاب
الذي جاء في السنة النبوية الصحيحة من تمثل العمل الصالح ، ومنه قيام العبد بالقرآن
الكريم ، بالرجل الحسن في القبر ما يلي :
1- عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ :
( إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنْ
السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ ، وَحَنُوطٌ مِنْ
حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ...إلى أن قال – في وصف حال المؤمن في
القبر - :
فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ ،
وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ ، قَالَ : فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ .
قَالَ : وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ ، حَسَنُ الثِّيَابِ ، طَيِّبُ الرِّيحِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ ،
هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ . فَيَقُولُ لَهُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ . فَيَقُولُ : أَنَا
عَمَلُكَ الصَّالِحُ . فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي )
رواه أحمد (4/362) وصححه الألباني في "أحكام الجنائز" (156)
2- عن بريدة رضي الله عنه قال : سمعت النبي- صلى الله عليه وسلم - يقول :
( َإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ . فَيَقُولُ
لَهُ : هَلْ تَعْرِفُنِي ؟ فَيَقُولُ : مَا أَعْرِفُكَ . فَيَقُولُ لَهُ : أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي
الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ ،
فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ
لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا . فَيَقُولَانِ : بِمَ كُسِينَا هَذِهِ ؟ فَيُقَالُ : بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ
اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا )
رواه أحمد في "المسند" (394) وابن ماجه في "السنن" (3781) وحسنه البوصيري في
الزوائد والألباني في "السلسلة الصحيحة" (2829)
يقول السيوطي في شرح الحديث (2/1242) :
" ( كالرجل الشاحب ) قال السيوطي : هو المتغير اللون ، وكأنه يجيء على هذه الهيئة
ليكون أشبه بصاحبه في الدنيا ، أو للتنبيه له على أنه كما تغير لونه في الدنيا لأجل
القيام بالقرآن كذلك القرآن لأجله في السعي يوم القيامة حتى ينال صاحبه الغاية
القصوى في الآخرة ." انتهى .
ولم أقف على شيء من السنة الصحيحة في تمثل العمل الصالح رجلا في القبر إلا
هذين الحديثين .
أما الحديث الذي ذكرته – أخي السائل الكريم – فلم يرد في كتب السنة المعتمدة ، ولم
نقف له على إسناد صحيح ولا ضعيف ، بل هو مما ينتشر في بعض المنتديات والمواقع
من غير تحرٍّ ولا تثبت ، ولعل بعض الجهلة من الناس كتبه من قبل نفسه ثم عزاه إلى
النبي صلى الله عليه وسلم ليحث الناس على الاهتمام بالقرآن والعناية به ، ولم يدر
هؤلاء أن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الذنوب التي توبق صاحبها
في نار جهنم ، وأن النية الحسنة لا ترفع الإثم عن هؤلاء الذين يكذبون ويضعون الحديث
على لسان النبي صلى الله عليه وسلم .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ
مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) رواه البخاري (1291) ومسلم (4)
سَيِّدِي العَذْبُ
الزِلْزَالُ
بُورِكْتَ يَا فَاضِلِّي عَلَى سَعْيكَ الحَثِيثُ لِنَشْرِ الخَيْر
فَإنْ أَصَبْتُ فَمِنَ الله وَ إِنْ أَخَطَأتُ فَمِنْ نَفْسِي وَ الشَّيْطَانِ
لَكَ دُنْيَا مِنَ البَنَفْسَجِ وَ عَالَمٌ مِنَ القُرُنْفُلِ
احْتِرَامي