السلام عليكم إخوتي وأحبتي الفطاحلة
فترة طويلة مرت منذ آخر لقاء لي معكم
واليوم بعد أن عدت من سفري في ذاتي الذي اعتزلت فيه العالم
أجدني مشدوداً برائع تقديركم وكلماتكم الطيبة
وراجعاً إلى بيتي الذي هو منتداكم الكريم
ومهدياً إليكم إحدى محاولاتي مع الشعر، وهي قصيدة بعنوان" "تاج الأساطير"
[overline]تاج الأساطير[/overline]
عَنْ حَقْلِ عِشْقِكِ ..
مَا طَارَتْ عَصافِيري
وَلا انْحَنَتْ رُوسُ خَيْلِي لِلأَعاصِيرِ
وَلا سَلَوْتُ عَنِ الْعَهْدِ الْقَدِيمِ ..
وَلا أَذَعْــتُ سِرَّ هَوَانَـا لِلْنَوَاعِيرِ
وَلا كَفَفْتُ يَدِي عَنْ خَطِّ أَحْرُفِهَا إِلَيْكِ ..
مَغْمُوسَةً فِي أَدْمُعِ الْحُورِ
مَا زِلْتِ أَرْوَعَ حَوْرَاءٍ بِقَافِيَتِي
يَا رَنَّةَ الْحُزْنِ فِي صَمْتِ التَّصَاوِيرِ
مَا زَالَ وَجْهُكِ
- مِثْلَ الأَمْسِ -
مُنْتَمِياً - رَغْمَ الْهَوَانِ –
إِلَى عِزِّ الْمَقَاصِيرِ
مَا زِلْتُ فِي عِشْقِكِ "الْمَجنُونَ"..
تَرْحَلُ بِي أَصَابِعُ الْوَجْدِ
مِـنْ قَفْــرٍ لِدَيْجُـورِ
أُلَمْلِمُ الزَّهَرَاتِ الْحُمْرَ مُنْتَشِياً
وَالْجُنْدُ كَالنَّمْلِ
مُسْتَشْرُونَ فِي الدُّورِ
يُفَتِّشُونَ عَنِ الْمَجْنُونِ أَسْطُحَهَا
وَيَنْقُبُونَ بِعُنْفٍ أَسْفَلَ السُّورِ
وَيَنْشُرُونَ جُذُوعَ النَّخْلِ فِي غَضَبٍ
وَالنَّخْلُ يَضْحَكُ:
"طُوبَى لِلْمَنَاشِيرِ!!"
***
أَنَا هُنَا ..
كَدُمُوعِ الْحَقْلِ ..
مُلْتَصِقٌ عَلَى الْمَحَارِيثِ..
فِي جَوْفِ الْمَطَامِيرِ
فِي كُلِّ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ الَّتِي حُرِثَتْ
فِي كُلِّ سِفْــرٍ عَلَى الْقُــرَّاءِ مَحْظُـورِ
أَهْوَاكِ ..
يَا طِفْلَةً بِيعَتْ خَوَاتِمُهَا بِحِجَّتَيْـنِ
"لِبَيْتٍ" غَيْرِ مَعْمُورِ
أَهْوَاكِ ..
مِلْءَ حُرُوفِ الْجَهْرِ فِي لُغَتِي
وَمِلْءَ نَفْخَةِ إِسْرَافِيلَ فِي الصُّورِ
أَهْوَاكِ..
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ..
فَاحْتَضِنِي رَسَائِلَ الشَّوْقِ ..
فِي صَمْتِي وَتَعْبِيرِي
أَنَا الْهَوَى..
وَالطَّوَى ..
وَاللَّيلُ مُحْتَشِداً
وَالصُّبْحُ مُرْتَسِماً خَلْفَ الدَّيَاجِيرِ
أَنَا "الْفُرَاتُ"
أَنَا "النِّيلُ"..
"الْحُسَيْنُ"..
أَنَا حِجَارَةُ الطِّفْلِ .. فِي وَجْهِ الْمَحَاذِيرِ
أَهْوَاكِ ..
لا تَمْنَحِينِي صَكَّ مَغْفِرَةٍ
لَمْ آتِ مُعْتَرِفاً أُلْقِي مَعَاذِيرِي
فَلا الْوُقُوفُ بِبَابِ الْقَصْرِ لَوَّثَنِي
وَلا الْغِنَاءُ عَلَى صَوْتِ الدَّنَانِير
وَلا رَكَنْتُ إِلَى قَيْدِ الطُّغَاةِ ..
وَلا عَنْ ظُلْمِهِمْ سَاعَةً نَامَتْ نَوَاطِيرِي
لَكِنَّ فَخَّ مَقَادِيرِي يُحَاصِرُنِي
هَلْ لِي يَدَانِ بِتَغْيِيرِ الْمَقَادِيرِ؟!
***
يَا أُمُّ ..
عَصْرِي عَذَابَاتٌ تُلاحِقُنِي
وَعُشْبُ رَأْسِي مُبَاحٌ لِلْمَنَاقِيرِ
سِكِّينُ "فِرْعَوْنَ" .. عِنْدَ النَّهْرِ
تَرْصُدُنِي
"وَالنَّارُ وَالتَّمْرُ" ..
قَوْلٌ غَيْرُ مَأْثُورِ
وَرَأْسُ ثُعْبَانِ "مُوسَى" ..
شَقَّ رَأْسَ أَبِي
وَفَرَّقَ الدَّمَ بَيْنَ الْبَحْرِ وَالطُّورِ
وَصَوْتُ "عِيسَى" ..
صَلِيبٌ ..
يَسْتَبِيحُ دَمِي
حَتَّى يُعَلِّمَنِي رَعْيَ الْخَنَازِيرِ
تَجَمَّعَ الْقَوْمُ أَحْلافاً ..
عَلَى وَجَعِي
وَأَثْقَلُوا ظَهْرَ نَعْشي بِالْمَسَامِيرِ
هُمْ أَنْبِيَاءُ الزَّمَانِ ..
الْمُعْجِزَاتُ لَهُم
وَلَيْسَ لِي غَيْرُ أَنَّاتِ النَّوَاعِيرِ
لا تَتْرُكِينِي عَلَى أَبْوَابِ عِصْمَتِهِمْ
فَكُلُّهُمْ يَشْتَهِي
ـ يَا أُمُّ ـ
تَدْمِيرِي
قَوَاعِدُ اللِّعْبِ يَا أُمَّاه ..
تَحْصُرُنِي
بَيْنَ التُّرُوسِ ..
وَطَيَّاتِ الْجَنَازِيرِ
احْرِصْ..
هُنَا حُفْرَةٌ..
حَاذِرْ..
هُنَا لَغَمٌ
سِرْ..
لا..
هُنَا قِفْ..
تَمَهَّلْ..
فِرَّ للنُّورِ
لا فِي الأَمَامِ ..
وَلا فِي الْخَلْفِ لِي أَمَلٌ
يَا أُمُّ ..
يَا أُمُّ ..
طُوبَى لِلْجَمَاهِيرِ
طُوبَى لَهُمْ ..
صَفْقَةُ الْجُمْهُورِ رَابِحَةٌ
فَجُـلُّ أَعْمَالِهِمْ ..
رَفْعُ الْمَنَاظِيرِ
يَسْتَمْتِعُونَ بِمَا يَجْرِي عَلَى شَفَتِي مِنَ الدِّمَاءِ ..
وَمَـا غَطَّـى أَسَارِيرِي
طُوبَى لَهُمْ ..
ضَرَبَاتُ الْجُنْدِ تَسْحَقُنِي
مَا خَطْبُ تَعْوِيذَتِي يَا أَجْمَلَ الْحُورِ؟!
هَلَّلْتُ ..
مَا سَقَطُوا ..
كَبَّرْتُ مَا رَجَعُوا
صَوْتُ الدَّنَانِيرِ ..
غَطَّى صَوْتَ تَكْبِيرِي
فَجَّرْتُ نَفْسِي ..
عَلَى إِيقَاعِ أُغْنِيَةٍ
وَجَذْوَةٍ ..
سَطَعَتْ مِنْ "سُورَةِ الطُّورِ"
وَعِنْدَمَا اسْتَنْكَرَ الْقَانُونُ تَضْحِيَتِي
وَاسْتَعْذَبَتْ فُقَهَاءُ الْقَصْرِ تَكْفِيرِي
لَمْ يَبْقَ لِي ..
غَيْرَُ أَنْ أَسْتَلَّ أَوْرِدَتِي
وَأَسْتَظِلَّ بِهَـا..
فِي جَانِبِ السُّورِ
***
الرَّمْلُ يَمْلأُ أَحْدَاقِي ..
يَسُدُّ فَمِي
وَالْخَيْلُ ..
أَنْهَكَهَا بُعْدُ الْمَشَاوِيرِ
قَوَاعِدُ اللِّعْبِ يَا أُمَّاهُ ..
جَائِرَةٌ.. فَغَيِّرِيهَا ..
أُغَيِّرْ وَجْهَ مَقْدُورِي
يَا شَهْرَ زَادُ ..
وَمَنْ إِلاكِ يَقْذِفُ بِي فِي الْيَمِّ
طِفْلاً مُحَاطاً بِالتَّبَاشِيرِ
مَنْ غَيْرُ عَالَمِكِ الْعُلْوِيِّ ..
يَأْخُذُنِي عَلَى جَنَاحِ الْهُدَى
مِنْ عَالَمِ الزُّورِ
يَا أَلْفَ لَيْلَةِ عِشْقٍ تَحْتَ خَاصِرَتِي
طِيرِي بِنَا..
عَـنْ فَضَاءَاتِ الأَسَى طِيرِي
"تَاجُ الْحَقِيقَةِ" يُدْمِي الْحَرْفَ ..
يَخْنُقُهُ
فَلْتُلْبِسِي أَحْرُفِي "تَاجَ الأَسَاطِيرِ"