أخي مأمون
إن المثقف العربي الملتزم , هو الوحيد الثابت الدخل بين المتغيرات الإقتصادية والسياسية في الدول العربية , فهو يعيش على أعتاب السجون والمعتقلات ويموت وهو في معمعة الحياة وذل الفقر , والساسة الجهلة يموتون وجيوبهم مليئة بأموال الشعوب وهي أسباب نكساتها , رغم أن الدول لا تنهض إلا بمثقفيها , والشعوب العربية بطبيعتها محبة للثقافة عموماً والأدب خصوصاً , ولو وجدت من هؤلاء النكرات الذين يتحكمون في الإعلام العربي دعماً للثقافة والأدب والرقي , لوجدتها ترتقي وتهتم , ولكن هناك أيدي خفية لا تريد لها سوى اللهث وراء الشهوة ولقمة العيش , حتى تظل تقتات من فتات الموائد , ولا تلتفت للموائد ذاتها ..
ولو عدت معي بالذاكرة لما قبل الحركة التصحيحية للنظام الشمولي في سورية , لوجدنا على سبيل المثال وليس الحصر أن المدرسين السوريين كانوا مكتفين مادياً , ويخرجون من مدارسهم ويذهبون إلى المقاهي التي كان لها دورٌ كبير في الثقافة والكتابة والنهوض بالهمم والإرتقاء بالإهتمامات , وكذا المثقفين الذين كان غالبهم في تلك الفترة من هذه الشريحة , ولكن لما وصل هذا النظام المشوه , والوليد الخديج لسدة الحكم , أشغل الناس بلقمة العيش , ونوادي الليل , فأصبح المثقف يبيع مكتبته ليطعم أطفاله , وتغيرت دمشق ..
المثقف في الوطن العربي هو في الحقيقة اليوم أصبح سلعة تستهلك لمصلحة تلميع إتجاهات معينة أو أنظمة معينة , ومن يعيش شريفاً يبقى فقيراً إلا من رحم ربي ..
لقد نثرت على جروح القلب ملح كلماتك , وسكبت عليه خل تذكيرك ..
شكراً لك