انا اخيل ياحمزه
ربطته سنوات السجن هذه وذلك السجان (حمزة) بصلة شبه وثيقة! وفي احدى الليالي رأى الشيخ راكان برقاً يلوح بعيداً من خلف نوافذ سجنه فترنح بقصيدة شعبية يظهر بها مواجع ألمه على وطنه المستباح، وأكد في قصيدته (أن ذلك البارق قد يمطر على مراعي بلاده ليسقي ربوعها، وتفاءل راكان بن حثلين بذلك البارق خيراً ـ
أنا أخيل يا حمزة سنا نوض بارق= يجلى من الظلما حنازيب سودها
على ديرتي رفرف مرهش النشا =تقفاه من دهم السحايب حشودها
ياالله ياالمطلوب يا قايدالرجا =يا عالم نفسي ردها وجودها
إنك تثبتها على الخير والهدى= ما دامها خضرا ما بعد هاف عودها
لك الحمد يا معبود والشكر والثنا =وجيه على البيدا نساوي سجودها
تفرج لعين لا ضوا الليل كنها رمدا =وذارفها تعدى خدودها
وكبد من أفعال الليالي سقيمه =عليها من حامي اللهايب وقودها
تقطعت الارماس عنا ولا بقى= إلا وجود باقي في وجودها
فياحض من ذعذع على خشمه الهوى= وتنشق من ريح الخزامى افنودها
بالجفن من الصمان لا نشف الثرى= في الصلب وألا حادر من نفودها
يبرا له سلفان اليا ناض بارق =ونحت له ولو هو نازح من حدودها
ياميه هم مشعل الحرب اليا دنا =فرسان لا لحق الملاقا ابنودها
تجمعـوا بـدوان نـجـد وحضــره= على اعدمنا قامت أتحلل اعقودها
تجمع علينا الذيب والنمر والفهد= أسباع علينا جمعتها أسودها
كفانا بهم رب له المدح والثنا =علينا نعمته ما خصينا اعدودها
لا زبرت اجموع المعادين تونا= خطرنا على زيزومها اللي يقودها
لينه يبدل زجرة الهدر بالرغا =وقومه تكثر لطمها في خدودها
هذي عوايدنا الهاذي ومثلها= ونفس الفتى لا بدها من الحودها
وان جـر جـربـي جـريـره =صبرنا عليها لين نقوي ردودها
صبرنا عليها لين نعطيه مثلها= بإفرنجي يتزلزل مثاني رعودها
رعدها القهر ومصيب الدرج وبلها= وحدب مقابيس البلا في احدودها
زعجناه بارقاب المطارق ورادته= عرج الدوامي والنشامى انذودها
زعجناه بشلف بالوصايف كنها= السن سلقان متعبتها اطرودها
وتغشى اقطى الخيل دم لا كنه= صفق الدلي اللي اعطاش ورودها
وان زارنا سبع يدور الغره= ذرعناه درع من مفاجي اصيودها
حريبنا نسقيه كاس من الصدى= والحبة الزرقا الكبده برودها
ونعبي للعقال اعقول مثلها =ونعبي العيلات المقرد قرودها
وليا زبنا مجرم ضده النيا =كنه ابعوصا نابيات ارجودها
وعسى جواد ما تفرج التالي= شبا مطرق يبتر مثاني اعضودها
وأنا ذخيرتهم اليا دبرت ابهم =شعث النواصي والنشامى اشهودها
نرخص اليا شفنا عليهم هزيعه= من دونهم حمرا المنايا انذودها
ومر يكفوني مذاريب ربعي= وأتاجر بنفسي واتنومس ابزودها
ملفا مسايير اليا جاو عينوا =اقريشة يكسر مع الهيل عودها
مع منسف وحايل اليا اقبلوا =لا علقت ما يحتملها عمودها
نزعج عليها السمن زود وتعمد =الشوارب من تروي القنافي هدودها
وألا ردوم من ورا الحجز نيها =تداوي بها الربع النشامى كبودها
أفعالهم ما هي عليهم بديعه =سوالف ارجال متبعتها اجدودها
وصلوا على خير البرايا محمد= ما لعلع القمري وما هب نودها
رواية اخرى للقصيدة
رأيت ـ يا حمزة ـ سنأ: نور بارق= يفري من الظمأ حناديس سودها
على ديرتي رفرف وأمطر وقد سقأ= بلادي وطهّر أرضنا من سعودها
فيارب يا معبود يا قائد الرجأ =يا عالم بالنفس قاسي لهودها
انك توفقنا على رد عزنا =ما دام باق الروح مامات عودها
يا سعد من يشتم في أنفه الهواء =ويدرج بريضان تنافس ورودها
لنا عادة في أرضنا أن نصونها= ولا نترك الظالم يقّرب حدودها
وإن ضامنا الاعداء في كثر عدّهم =صبرنا.. ولكن.. لين نقوي ردودها
أرعودها البارد والموت ووبلها =وحدب مقاييس البلأ في حدودها
وأنا ذخيرتهم إذ شعّلت بهم= شهب النواصي والنشامى شهودها
عسى جواد ما تعرّج بخلفهم= السيف يبتر في ملاوي عضودها
أنا أرجوك (يا حمزة) توصّل رسالتي= لشخص فهيم في معاني بنودها
ماذا يفيد (التُرك) من سجن عاشق= لأرض… تغنّى في محاسن انجودها
قنصتوا با آل سعود فيها، وفاتكم= بأنّ قنّاص البُؤم خاب فودها
لابد ما ينكر عليكم عميلكم =ولن تشوفون السّعد من سعودها
وما أن استمع ـ حمزة ـ ضابط السجن التركي في استنبول إلى قصيدة البطل الشيخ راكان بن حثلين، وأدرك معانيها، حتّى أخذها منه وتعهد له بايصالها إلى "الباب العالي"!.
ووعد الضابط السجان، الشيخ راكان بن حثلين: (أنه سيطلب الافراج عنه للاستفادة من قدراته البطولية)
وهكذا صدق ضابط السجن (حمزة) بما وعد به راكان إذ طلب من المسؤولين الاتراك (أن لا يهملوا أمثال هذا القائد العظيم راكان بن حثلين في السجن لأن له مقدرة خارقة في القتال يجب الاستفادة منها في الحروب بعيدا عن بلاد راكان) هكذا قال السجان الضابط حمزة للمسؤولين الاتراك، وكان قصد السجان: ضرب هدفين بسهم واحد، الهدف الأول هو إلباس الشيخ راكان بن حثلين "معروفهم" بالافراج عنه، أما الهدف الثاني فهو: استخدام الشيخ راكان كسلاح قوي يقاتل الحكم العثماني به خصومه، ولا خسارة في ذلك، فامّا أن يُفنى راكان وإما أن يُفني العديد من خصوم الحكم العثماني!…
وعاد الضابط حمزة (بالبشرى) إلى البطل راكان بن حثلين في سجنه بموافقة (الباب العالي) للإفراج عنه على أن يعمل في صفوف الجيوش العثمانية!… لكن الضابط حمزة فوجئ كما فوجئ "بابه العالي" برفض راكان بن حثلين لفكرة الخروج من السجن والقتال في صفوف الجيوش العثمانية قائلا: (أما أن أخرج من السجن لأنني لا أستحق السجن وهذا هو الصحيح واما أن أبقى في السجن بدون وجه حق)