[مازن حجازي]

أما قصة دخولي السجن فتبدأ

من الكوفة، اتجهت خارجاً ليعمق تجربته في الحياة وليصبغ شِعره بلونها، أدركت بما يتملكني من طاقات وقابليات ذهنية أن مواجهة الحياة في آفاق أوسع من آفاق الكوفة تزيد من تجاربي ومعارفي، فرحلت إلى بغداد برفقة والدي، وأنا في الرابعة عشرة من عمري، قبل أن يتصلب عودي، وفيها تعرفت على الوسط الأدبي، وحضرت بعض حلقات اللغة والأدب، ثم احترفت الشعر ومدحت رجال الكوفة وبغداد. غير أني لم أمكث فيها إلا سنة، ورحلت بعدها برفقة والدي إلى بادية الشام لألتقي القبائل والأمراء هناك، أتصل بهم و أمدحهم، فتقاذفتني دمشق وطرابلس واللاذقية وحمص. دخلت البادية فخالطت الأعراب، وتنقلت فيها أطلب الأدب واللغة العربية وأيام الناس، وفي بادية الشام التقيت القبائل والأمراء، اتصلت بهم ومدحتهم، وتنقلت بين مدن الشام أمدح شيوخ البدو والأمراء والأدباء. كما أني تنبأت في بادية السماوة بين الكوفة والشام فتبعني كثيرون، وقبل أن يستفحل أمري خرج إلي لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد، فأسرني وسجنني سنة 323-324 هجرية، حتى تبت ورجعت عن دعواي. كان السجن علامة واضحة في حياتي وجداراً سميكاً اصطدمت به آمالي وطموحاتي، فأخذت بعد خروجي منه منهك القوى أبحث عن فارس قوى يتخذ مني مساعداً لتحقيق طموحاتي. عدت مرة أخرى أعيش حياة التشرد والقلق، فانتقلت من حلب إلى أنطاكية إلى طبرية.