القول ما قالت هارفرد!!
د. صنهات بدر العتيبي
لو كانت المسألة في الإدارة أو الاقتصاد لكان الاستشهاد بهارفرد، الجامعة الأشهر في العالم، مدعاة للفخر الأكاديمي وربما قبول النظرية بدون كثير من النقاش والجدلية، ولكن عندما يتعلق الأمر بوضع النساء في المجتمع يتغير الحال وتنتفخ الأوداج وقد يُدخل كلام هارفرد ضمن فكرة المؤامرة الذكورية في مجتمع شرقي!! في كلمة ألقاها في مؤتمر بعنوان "النساء والعلم"، قال رئيس جامعة هارفارد (ما غيرها!!) بالحرف الواحد "ان هناك فروقاً طبيعية بين الرجال والنساء فلا تستطيع امرأة العمل أو الدراسة لمدة ثمانين ساعة اسبوعياً لأسباب تتعلق بالواجبات العائلية" وأكمل بالمقطع الخطير هذا "كما أظهرت دراسات في المدارس الثانوية،أن النساء قد يكن في طبيعتهن اقل قدرة على استيعاب الرياضيات والعلوم"!!.
لدينا علم مؤكد من القرآن الكريم بهذه الحقائق التي يتحدث عنها رئيس اشهر جامعة في العالم ولا نحتاج لمثل هذه المقولات لتدعيم ما هو معروف من الفطرة التي فطر الله الخلق عليها ولكن بعض ممن يعيش بين ظهرانينا لا يقتنع إلا بما يقوله الخواجة وعندما لا تعجبه هذه الاستشهادات الفريدة فقد يحول دفة النقاش نحو "تكييف" كلام رئيس الجامعة ليقول انه يقصد "حالات خاصة" وان كلامه غير قابل للتعميم على بلاد العمائم والعبايات!! هنا يحق لنا ان نتساءل ببراءة متناهية: إذا كانت النساء في الغرب لا يستطعن العمل لمدة ثمانين ساعة بسبب الواجبات العائلية فكيف هو الحال في البيئة الإسلامية عندما يكون البيت أهم لبنة في المجتمع الكبير؟! بالنسبة لأجيالنا ومستقبل مجتمعنا، ماهو الأصلح: امرأة عاملة أم ربة منزل خاملة؟ الجواب نشاهده عياناً بياناً في الشارع حيث يزداد (تخلف) الشباب/ الأبناء ومشاكلهم كلما زادت نسبة خروج الأم من مملكتها (منزلها)!! ألم يقل شاعرنا المفوه:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق!!
النساء في الغرب يعدن مسرورات راضيات إلى "قاعدة" البناء الحضاري (المنزل) ولسان حالهن يقول: تربية الأبناء أهم من بضع دولارات مغموسات في التعب والنصب (بفتح الصاد) والنصب (بدون فتح الصاد) والتحرش والانتهاكات وضغوط العمل وضغوط غير العمل!! والنساء في الشرق أو بعضهن يعتقدن أن العمل خارج المنزل (مكسب) أو طريقة لإثبات التفوق وللتخفيف من الفوقية الذكورية، ولكن هيهات!! التفوق الحقيقي للنساء يكون في المنزل حيث هي التي تنشئ وتربي "الذكور" وتربي المجتمع فتكون الجنة تحت اقدامها وليس في جيبها أو حسابها البنكي!!
النساء في الشرق أو بعضهن يتخيلن وجود (صراع أنثوي - ذكوري)، وهذا معاكس للفطرة الاجتماعية، فليس هناك صراع ولا ما يحزنون!! إنها بارانويا اجتماعية سقيمة لا يوجد ما يدعمها على أرض الواقع. سؤال: هل يعقل أن يتصارع الرجل مع أمه وأخته وزوجته لإثبات شيء ما؟! من الواضح أن مجتمعنا يشهد حالة عامة من التوافق بين الرجل وشقائقه (النساء شقائق الرجال) ولا يوجد حاجة لاستيراد بعض الأفكار الغربية التي بدأ الغرب نفسه في الانسحاب منها وفق كلام رئيس أشهر جامعة في العالم وغيره من المنصفين والمنصفات!! الحركة النسوية في الغرب تتراجع بسبب فهم اجتماعي مستمر بأنه لا يوجد بالضرورة صراع بين الرجال والنساء لإثبات الوجود!! وبسبب الحاجة لاستعادة الدور المفقود للأم في دهاليز العمل المر وكذلك الحاجة لإعادة الحياة والدفء والحنان إلى (البيت) إضافة إلى رغبة كبيرة لديهم لبناء مفهوم الأسرة المتكاملة بعد معاناتهم من ظاهرة الأسرة الناقصة.. كل ذلك أقنعهم بعدم الحاجة لزعزعة العلاقة الودية والتكاملية المفترضة بين الرجال والنساء تحت أية ذريعة، فهل نتعلم دروساً في الاجتماع وفي أهمية دور الأم من الغرب كما نتعلم الكيمياء والفيزياء وديكور المنزل الداخلي؟!
جريدة الرياض لعدد سابق
تحيتي لكم انا المحامي
ودمتم سالمين