بسم الله الرحمن الرحيم ... والصلاة والسلام على رسول الأمة الأمين محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه .. وبعد :
حديثي اليوم عن خليط بين عدة مواضيع وسأبدأ بالوهابية (وإن كنت أختلف مع هذا المسمى حيث أن من سمى الدعوة الإصلاحية في الجزيرة بهذا الإسم هم أعدائها نسبة لإمامها وللتخويف منها وإبرازها على أنها متخلفة ومخطئة ) والموضوع هو نتيجة كلام بعض الناس في أكثر من مرة في خارج المملكة وداخلها معي حيث وجدت أن فيه من يتكلم في منهجها وهو منهج لم يخرج عن الدين ولم يفارق السلفية التي هي الأخرى امتدت لها يد التشويه من الأعداء وتكلمو ا فيها بلا علم ولا دراية وبجهل عميق في التاريخ والدين .... وسأتكلم عنها وعن السلفية لأن كلا الأمرين متلازمين ومتداخلين إن لم يكونا هم عين الأمر نفسه ...
الوهابية : هي الدعوة الإصلاحية في الجزيرة العربية للشيخ محمد بن عبدالوهاب بن سليمان التميمي .. وقد خرجت هذه الدعوة على منهج السلف الصالح من نبذ المعتقدات الشركية ... والخرافات والعادات والتقاليد الفاسدة البالية وحاربتها أيما حرب بالسلاح وبالبيان وعلى منهج نقي صافي هو منهج السلف ...
لهذا هي دعوة سلفية نقية صافيه تعمل بالدليل والحجة تبتعد عن التكفير إلا بمن يكفر كفراً بواحاً فإنها تبين كفره ولكنها لا تكفر مسلماً لا يرتكب المكفرات من الشركيات والإعتقادات الباطلة والفاسدة عن علم ودراية وبعد إقامة الحجة عليه من الكتاب والسنة الصحيحة ....وأكثر من يعاديها ويشوه صورتها هم أما الرافضة أو المتصوفة أو الفرق الباطنية الفاسدة التي تبطن الكفر وتظهر الإسلام لأنها تخالفهم في إبانة الحق وفي هدم القبور ونبذ التوسل والتعبد إلا لله وتحارب الخرافات والباطل .... ثم ركب الموجه بعد ذلك بعض العلمانيين والليبراليين في عصرنا الحاضر وبدأو يستغلون تشوه الصورة عند أولئك ورمي كل بلاء عليها وعلى دعوتها ...
حتى تجد العلماني بمجرد خلافك معه في الرأي (وهذا حصل معي في مصر مع شخص سعودي أحتفظ بإسمه) يقول لك ياوهابي وماعلم ذلك العلماني أو الليبرالي أنه مدحني لأن هذه الدعوة لولا الله ثم قيامها لما كان تعلم وتطور ولما كانت ظهرت هذه الدولة الفتيه القوية والتي جمعت الكلمة وطورت البلد ورفعته لمصاف الدول القوية في منطقتها .. وماعلم هذا أننا كلنا نعلم أن أتباع هذه الدعوة هم المؤتمنون على البلد فهذه البلد حماها الله سبحانه بحفظه ثم بقوة هؤلاء وجلدهم وصبرهم وأنا أجزم أن لو جاء إحتلال أن أمثال أولئك العلمانيين والمتغربين هم أول شوكة في خاصرة الدولة لانعدام السند والمرجع الفكري الذي يستندون عليه وعدم إيمانهم بما يؤمن هؤلاء به والناظر للدول حولنا يعرف أن هذا حقيقة واقعة ومشاهدة ...خصوصاً في الدول المحتلة ... والتي كان العلمانيين والليبراليين والظالين من الأمة هم أذناب الإحتلال وترسيخ قواعده ونفوذه بل واستعدائه عليه والسلفيين الذين يسبون ويذمون كان لهم السبق في المقاومة وحرب الإحتلال وقض مضاجعه...
فهذه الدعوة حملت معها زيادة على الإصلاح العقدي وتنقية الدين مما علق به من خرافات حملت معها القوة السياسية والقوة الإجتماعية والإقتصادية ...والتحضر لرأس السلفية ومنبع الوهابية المملكة العربية السعودية بعكس مانشاهد في الدول العلمانية والتي حملت لواء العلمانية فمنذ سقوط الدولة العثمانية وهي تعيث فيما تحت يدها بالفساد ولم تحمل لشعوبها سوى التخلف والتردي الإقتصادي والإجتماعي والسياسي وهي التي تقمع الشعوب وتقصيها وتحارب الإختلاف في الرأي هذا وهم يناقضون أنفسهم ويقولون إن السلفيين أو الوهابيين أو الإسلاميين عموماً هم من يقصي الآخر وهذه كذبة وإفتراء يكذبه الواقع المعاش في تلك الدول التي تسيطر عليها العلمانية ...فلو كانوا صادقين فليتركوا المجال لهم ليتكلموا أو على الأقل ليتركوهم يمارسوا ولو كلمة الحق ولو عبر الصحافة..
وحتى السلفية يرونها تخلفاً وتعقيداً مع أن السلفية هي من حملت هذه الدولة للتطور والتحضر وهي التي كان لها السبق في بناء هذه الدولة السعودية وهي لها كان السبق في الحفاظ على المجتمع متماسكاً محافظاً وهي التي بفضل الله ثم بفضل تعاليمها حافظت على أخلاق المجتمع من الإنحلال ...وهي منبع دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الإصلاحية فالسلفية هي منهج من انتهجه من المسلمين هو سلفي أي سائر على منهج السلف في النقاء الديني والعقدي والأخلاقي وليس معنى هذا التخلف أو التعقيد كما يقول كثير ممن يعادي هذا المنهج ... فهذا المنهج هو قمة التحضر والأصالة فهو أصيل في جذوره متقدمٌ في أدواته وأسلوبه فهو يدعم العلم ويقويه ولايحاربه كما يقول أولئك المبطلون ... فهم تعلموا في ثقافة كان الدين فيها معوقاً للتقدم حيث أن الدين النصراني في تلك الثقافة كان محارباً قوياً للعلم وهذا مما أثار الثورة ضده وضد تعاليمه فظهرت العلمانية في فرنسا أم العلمانية في العالم ومن هنا رجعوا لبلادهم وهم ينظرون للأديان سواءً بسواء وما علم الجهلة أن الإسلام بصفائه من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عهد الصحابه إلى عهد السلف الصالح ومن سار على نهج السلف هم أكثر الناس عمقاً وفهماً للدين ويعلمون علم اليقين أن الدين يدعم العلم والتعلم والفكر والتفكر وهذا مايسير عليه أئمة السلفية في السعودية وفي العالم من أمثال الشيخ // عبدالعزيز بن باز والشيخ // محمد بن عثيمين رحم الله الجميع ...
ثم بعد هذا يخرج آخر إذا وجد أن هذا ليس له فيه حجة فيقول أنت متحنبلون ولاترضون بغير الحنبلية مذهباً والإسلام كله دين الله سواءً أخذت بأقوال المالكية أو أقوال الحنفية أو أقوال الشافعية ... وأنتم تجبرونا على الحنبلية أي مذهب الإمام أحمد بن حنبل ... وأنا أعرف أن من يقول هذا هو أنه وجد قولاً أسهل في غير مذهب الإمام أحمد بن حنبل فيريد إعماله أو غير ذلك من الأسباب ولكنه يعتقد أن السلفيه أو الوهابية -وهما سواء- يحتكرون الدليل ويصححون مالديهم وغيرهم مخطيء وأنهم يخفون الدين ويتاجرون به .. وهذا كذب وإفتراء .. لأنه من البديهي لكل مطلع على تاريخ الفقه والمذاهب وتطوره ونشأته يعلم أننا في السعودية الآن ظهر لدينا مذهب جديد وهو ليس مذهب فقهي بقدر ماهو مسلك فقهي جديد(ليس جديد عمراً بل تاريخاً في ظهوره) يعمل به غالبية إن لم يكن كل العلماء والأئمة في السعودية وهو مذهب يحلو للكثير وأنا منهم تسميته (مذهب الفقه الحديثي) <<- وهذا المذهب هو قمة الديمقراطية وقمة البحث عن الحق حيث أن طريقته هي : أخذ الأقوال من المذاهب كلها والمراجحة فيما بينها ورؤية ماهو أقربها للدليل الصحيح وماهو أصح الأدلة فيها وأقواها فيرجحونه بلا تمذهب لمذهب معين أو تمنطق لمنطقة معينة وهذا يجب أن يشهد به للأئمة السلفية في المملكة العربية السعودية وهم من يقعون في دائرة علمي فقط ولا أعلم عن من هم أبعد من ذلك ...ومع هذا لو أننا كنا حنابلة أقحاح فهذا يشرفنا لأنه أقرب المذاهب للدليل الشرعي وأبعده من القياس العقلي وإن كنا لا نخالفه إذا كان صحيحاً ...
ثم لننظر لمذهب كثير من الأمة من العلمانيين أو الليبراليين والذين أصبحوا يظهرون علينا في الفضائيات ويفتون من عند أنفسهم وكأنهم يعلمون في كل شيء وهؤلاء مما أسميهم إذاعات أمريكا المتنقله حيث ثبت لدى كثيرٍ ممن هم يعلمون بواطن الأمور في الصحافه أن كثير منهم يقبض ثمن المقالات من السفارات الأمريكية وعندنا في السعوديه بالذات نسبة الرواتب عالية فهم يقبضون 20,000دولار شهرياً مقابل تلميع صورة الأمريكان وتشويه صورة أهل الدين والإسلاميين وتصوير أهل الدين والعلماء بمظهر المتخلف والجاهل وهذا لايستغرب لمن يتخذ إلهه هواه بلا وازع ولامستند ... فكثير منهم تجده يأخذ مايحلو له من الدين ويوافق هواه ويرفض مالا يوافق هواه فتجده في قضيه مثلاً يأخذ الدليل الشرعي وحينما يأتي أمر آخر يرفضه ويدعي أي حجة لكي لايعمل به ...
وهم لا يستغرب منهم حيث أنهم يريدون تطبيق مايرونه في ثقافات أخرى في مجتمعنا ... ففي الثقافات الأخرى مثلاً ولننظر للنصارى مثلاً تجدهم يلون عنق أدلتهم من أجل أنها تخالف طبيعتهم وحياتهم بل ويصلون لحذف جمل من الإنجيل لأنها لاتوافق حياتهم وهنا طوعوا الدين لحياتهم الخاصه (وهذا الكلام عن النصارى كان نتيجة دراسة أحد الدكاترة الذين أعرفهم وكنت بالأمس القريب في حلقة نقاش معه حول هذا الأمر )... وهؤلاء الليبراليين والعلمانيين يريدون نفس الشيء مع الإسلام أرادوا إبعاده في البداية فلم يستطيعوا فقاموا بسياسة جديدة وهي إقرار الدين وإظهار أن الدين يحرفه العلماء ويكذبون فيه وبدأو بلي أعناق الأدلة لتتوافق مع هواهم وهذا غير ممكن في الإسلام لأنه دين مسيطر ومهيمن وهو أسلوب حياة بل حياة كاملة متكاملة وفي نفس الوقت دين يجب على الإنسان أن يخضع له وليس أن يخضع الدين لنفسه ...
ولا أدري حينما يكذبون هؤلاء ..المفسرين والمحدثين والعلماء ولم يروا إلا أنفسهم هم من يفسر الدين بلا ضوابط التفسير ويجتهدون بلا تحقق شروط الإجتهاد فيهم ماذا يريدون سوى إضاعة الدين عن قصد أو غير قصد أو عن جهل عميق وربما غباء وتبيين أنهم أعلم ممن سبق من العلماء وممن هو حاضر وأنهم يستطيعون أن يأتوا بما لم تأتي به الأوائل ... فما ذا يبقى بعد إهمال تفسيرات المفسرين المعتمدين من الأمة وتكذيب صحة مانقل من الحديث كبار المحدثين أصحاب الصنعة الحديثية المطلعين على صنعة الحديث وتوثيقها وتدوينها منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم .. بل والتجريح في العلماء ورد إجتهادهم وهم أعلم الناس بالشرع لأنهم قضوا أعمارهم وأفنوها في تعلمه وجمعه ومعرفته لا أعتقد أنه يبقى بعد ذلك سوى مايريدون وهو أن يقول كل قائل من عند نفسه هذا حلال وهذا حرام ويعتمد على نفسه في ذلك بلا علم فيظل كما ظل من قبله من الجهال بعلم الشريعة ....أ.هـ
فلهذا لو سألني شخص وقال لي هل أنت وهابي؟؟
فاني سأجيبه بفخر واعتزاز : نعم أنا وهابي سلفي .
============================== ============================== ===
كتبه
ذيب السنافي
يوم الثلاثاء الموافق
12/8/1427هـ