المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : روح حبيبتي تتحدث إلىّ


الصفحات : [1] 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33

الطائر المهاجر
19-01-2006, 01:57 PM
وهذه أيضا من القصص القصيرة التي كتبتها

روح حبيبتي تتحدث إليّ

كنت مستغرقا في النوم ، انتبهت على صوت داخل غرفة نومي ، لم يكن معي احد بها ، فتحت عيني ، الغرفة مظلمة ، حيث اعتدت اطفاء المصباح ، وإغلاق النوافذ والستائر ، فتحت اذني ، لعل ذلك الصوت يتكرر ، لم يتكرر ، تعوذت بالله من الشيطان الرجيم ، وحاولت العودة إلى النوم مرة اخرى ، ونمت ، تكرر
نفس الصوت ، إنه أشبه ما يكون بصوت باب دولاب يفتح ، قفزت من سريري ، أسرعت إلى مفتاح المصباح ، وأضأت النور ، لم أر شيئا . باب دولاب الملابس مغلق ، باب الغرفة مغلق ، وحتى النوافذ والستائر على الوضع الذي تركتها عليه. انتبهت إلى الساعة ، فإذا بها في حدود الثالثة صباحا ، تعوذت بالله من الشيطان الرجيم ، وقرأت المعوذات ، ونمت. وتكرر الصوت ،هذه المرة صوت درج يفتح ، ليس عندي سوى دولاب صغير ذو أربعة أدراج ، أحتفظ فيها ببعض الوثائق الهامة ، من بينها مجموعة من الصور لي ، ولأعز الناس عندي ، ومن بينها صورة لحبيبتي ، التي توفيت العام الماضي ، تجاهلت الصوت ، وتعوذت بالله من الشيطان الرجيم ، وعدت إلى النوم. وتكرر الصوت للمرة الثالثة ، قررت هذه المرة أن أفعل شيئا ، أضأت المصباح ، لكنه لم يضئ ، ربما انقطع التيار ، توجهت للنافذة للتأكد من أن إنقطاع الكهرباء شامل وليس خاص بمنزلي، تعثرت قدماي ، هناك شئ ما في طريقي ، سقطت على
الأرض ، الظلام حالك ، لم أرى شيئا ، تحسست بيدي ، لم أجد شيئا ، لكنني سمعتها:
"حبيبي ، منذ ساعة وأنا هنا أنتظر، ألم تشعر بي" ، بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا صوت حبيبتي ، قفزت إلى النافذة لأفتحها ، يا إلهي ، إنها ترفض أن تنفتح ، ويتكرر الصوت ،" حبيبي لماذا التجاهل؟"
تشجعت ، وقلت "ولكنك توفيت العام الماضي" ، قالت "نعم ، لكن روحي لم تتوفى ، هاهي معك ، ألم يسبق لك أن قلت لي "إن روحك تسكن مع روحي في جسم واحد ، هو جسمي ، وفي قلبي بالذات ، ها هي
روحي خرجت من جسدك ، لتأذن لها بزيارة جسدها " ، بدأت أتحسس جسمي ، هل درجة حرارتي مرتفعة وأنني لست في حلم ، كل شئ على مايرام وأنا في علم وليس في حلم ، لا أزال رابط الجأش ، ولكن كيف أسمع روح تقول إنها خرجت من جسدي ، وتستأذن في زيارة جسد صاحبتها ، لا .. أكيد جرى لعقلي شيئا ما..! فكرت أن أتصل بصديق متخصص في علم النفس ، لعله يوجهني بما يمكن لي اتخاذه ، تلمست الجوال ، أذكر إنه عند الوسادة ، اضاءته لا تعمل ، الجهاز لا يعمل ، أتحرك بسرعة لتلفون المنزل ، لكنه أيضاً لا يعمل. "حبيبي أتأذن لي؟" ، قلت لها "أذنت لك " ، "قالت ، ولكني لا أعرف المكان الذي دفن فيه جسدي ، فهلا تكرمت بإيصالي إليه" ، إيصالك؟ هو أنا شفتك حتى أوصلك ؟ "معليش ، أنت بس إذهب للمقبرة وسأكون برفقتك دون أن تحس" ، ولكن لماذا في هذه الساعة المتأخرة من الليل؟ "ما عليش حبيبي الأرواح ما يؤذن لها بالخروج إلا في هذا الوقت" ، لا.. أكيد أنتي جنيّة ، لست بروح كما تزعمين !!
كيف تثبتين لي أنك روح حبيبتي؟ " بسيطة ، تأخذني للمقبرة ، وأجلس هناك مع جسدي ، وأنت ترجع ، ورايح تشوف ماذا يحدث لك .
وبالفعل لبست ملابس الخروج ، وفتحت باب الغرفة ، لم يعاكس هذه المرة ، وإذا أمي عند الباب ، أخذتني إلى صدرها ، وبدأت تتحسس رأسي ، ووجهي ، ثم قالت: " مع من كنت تتكلم ، هذا الوقت من الليل" ، ياربي ، ماذا أقول! " كنت ارد على صديق ، أخبرني بأن زميل لنا تعرض للتو لحادث ، واتفقت معه على سرعة الذهاب إليه في موقع الحادث" ، نظرت إليّ بنظرة غريبة ، فهمت منها أنها لم تصدق كلامي . تركتها وخرجت مسرعا إلى السيارة ، ركبتها ، وقلت " أنتي معي " لكن لم تجبني، نزلت من السيارة ، وقلت "أين أنت ؟" ، فردت روح حبيبتي ، "يا أخي خل عندك ذوق ، كيف أركب وأنت لم تفتح لي باب السيارة ، ألم تعود حبيبتك على أنك من يفتح لها الباب ، ويطمئن على سلامة
ركوبها ؟" ، قلت حاضر ، وفتحت لها الباب ، وركبت مرة اخرى ، وانطلقنا إلى المقبرة . كانت تبعد عن بيتي بحوالي نصف ساعة . وفي أحد الشوارع ، استوقفتني دورية أمنية ، "الرخصة ، الإستمارة" كالعادة ، "معك أحد؟" ، قلت لا ! ، وإذا بي اسمعها تقول " ليش الكذب على رجال الأمن" ، التفت
إلى يميني حيث مصدر الصوت ، وأشرت إليها بالصمت ، في تلك اللحظة ، كان رجل الأمن ينظر إلي فقال: " فيك شئ؟" ، فقلت لماذا السؤال؟ واستمر في النظر إليّ ، "الظاهر إن فيك شئ ، انزل ، انزل" ونزلت من السيارة ، وبدأ في تفتيشها بشكل دقيق ، ثم قدم إليّ ، وبدأ يستنشق فمي ، ثم قال "امش
ثلاثة أمتار في خط مستقيم ، إلى الأمام ، ثم ارجع على الوراء" ، نفذت ما يريد ، ثم أذن لي بالذهاب. وصلنا إلى المقبرة ، كانت البوابة الرئيسية مغلقة ، ولا أحد من العمال عندها ، قلت لها "طيّب مالعمل الآن؟" . قالت "بسيطة ، تقرب السيارة عند البوابة ، ونتسلقها" ، قلت ، ولكن قبر حبيبتي في الطرف الآخر من المقبرة ، ولو تسلقنا فنحتاج إلى وقت طويل ، بل وسنرهق قبل الوصول إلى القبر ، قالت "خلاص نروح لأقرب مكان ، من الخارج ، اليه" ، وذهبنا إلى ما أعتقد أنه أقرب مكان ، وقربت السيارة بجانب السور ، وتسلقناه ، ونزلنا في المقبرة . كانت المقبرة مظلمة ، ماعدا نور خافت على بعد ما لايقل عن كيلا واحد ، في غرفة الحراس. اتجهت ، وروح حبيبتي إلى قبر حبيبتي ، كنت أعرفه جيدا ، حتى أنه من حرصي على الإستدلال عليه ، كنت قد وضعت عليه ، علبة فارغة ، ثبتها جيدا في الأرض . وصلنا القبر ، وبدأت بالسلام عليها ، والتفت إلى روح حبيبتي ، وقلت لها ، "ألا تسلمين أنت أيضا ؟!" لكنها لم ترد ، "أين أنت ؟ أين ذهبت؟ ، ولم ترد. وانتظرت ، وانتظرت ، بدأ التعب والسهر يأخذ مني مأخذه ، قلت ، لماذا لا أجلس ، قليلا لعلها ترجع ، أكيد أنها دخلت في الجسد ، أو لا أدري أين ذهبت، وجلست ، وشعرت برغبة شديدة في تسطيح ظهري ، قليلا ، ففعلت ، لكن النوم غلبني . كنت قبل أن أترك سيارتي ، قد وضعت فيها محفظتي ، وقريب منها أخفيت المفاتيح ، حتى أنني تركت الغترة والعقال
والكوفية ، حتى يسهل علي ، التحرك بحرية ، صعودا وزولا من السور. واستيقظت على أصوات من حولي ، أناس يتكلمون بغير لغتي ، نظرت في وجوههم ، ونهضت قائما ، فروا وهم يصرخون ، وسمعت أحدهم وهو يردد " سبحان محيي العظام وهي رميم " ، بدأ الخوف يساورني ، "طيب لو أن هؤلاء العمال ، قاموا بدفني ، على اعتقاد أنني خرجت من قبر ما !! ، إذا علي سرعة المغادرة ، فروح حبيبتي لم تعد ، وبالفعل اتجهت إلى السور حيث سيارتي في الخارج ، لكن العمال طاردوني ، كنت أركض مسرعا تجاه السور ، لكنهم كانوا أسرع مني ، وقبضوا على وأنا على بعد خطوات من السور ، وقلت لهم " ماذا يجري لماذا تطاردونني؟" لكنهم لم يجيبوا ، حملوني بين أيديهم عنوة وأحدهم يردد " أشهد أن لا لإله إلا الله ، سبحان محيي العظام وهي رميم " ، قلت له وأنا محمول ، " يا رفيق ، ما دام تعرف كلام ربنا ، وأنه قادر على إحياء العظام وهي رميم ، فماذا تنوون أن تفعلوا ؟ ورد علي " لا... هذا في يوم القيامة ، إنت
لازم فيه يرجع سيم سيم قبر" ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، يعني الجماعة مصممين على دفني وأنا لا زلت حيا. وحاولت معه مرة اخرى ، لكنه رفض ، وقال " بعدين فيه مشرف يجي يشوف هذا قبر ما فيه نفر، بعدين مسكل" ، قلت له يأخي اي مشكل تتحدث عنه ؟ قال " فيه نفر يجي يأخذ جثة على شان يبيع "
ورددت عليه " بس يا أخي ، أنا لست جثة ، يا أخي أنا لم أمت بعد ، أرجوك تسمع ليش أنا هنا " لكن لم يحاول أي من العمال الإصغاء إلي . مررنا من القبر الأول ، فإذا هو على وضعه منذ أن دفن فيه صاحبه ، ثم الثاني ، ثم الثالث ، وقلت الحمد لله ، خلاص الجماعة سيطلقون سراحي ، لكن ذلك لم يتم ، حيث أصروا على تسليمي للمشرف ، في الصباح . ونحن نتجه إلى الغرفة المخصصة لهم ، فإذا بقبر ، يبدو أنه تم نبشه مؤخرا . توقفنا ، بدأوا ينظرون داخل القبر
ثم التفتوا يحملق بعضهم في بعض ، وبدأ الخوف الشديد يسيطر علي ، يارب ماذا عملت حتى تخرجني مع روح حبيبتي في هذا الوقت المتأخر ، وإلى أين .. إلى المقبرة !! والمصير سيكون الدفن حيا ، يارب أخرجني من هذه المحنة !! وما هي إلا لحظات ، إلا والسماء ترسل عاصفة شديدة ، ورعد صاخب ، وبرق شديد ، ثم زخات برد كثيف أعقبها أمطار كثيرة ، لم أرها في حياتي من قبل ، تركني العمال ولاذوا بالفرار . بدأت أسحب نفسي ، متحملا كل شئ ، المهم أن أصل إلى السور ، ثم أصعد إلى سيارتي. ونجحت في ذلك ، بعد تعب شديد جدا . السيارة في محلها ، الحمد لله يارب ، كنت خير معين . ركبت السيارة ، لكن كيف أذهب وروح حبيبتي لا أدري مصيرها؟
أين الوفاء الذي كنت أكنه لحبيبتي ، هل أتخلى عنه ، وأترك روحها الطاهرة ؟ بدأت في صراع داخلي لا أدري كيف أتخلص منه ، وفكرت ، ماذا لو انتظرتها قليلا ، لعل وعسى أن ترجع ، ثم كيف أذهب بدونها وهي من قالت ، إذا ذهبت من دوني سترى ماذا يحدث لك؟؟ أسئلة كثيرة وصراعات شديدة وأنا أنتظرها ، لكنها لم تعد . سلمت أمري لله فقد عملت الواجب تجاهها وعلىّ العودة لأمي
فقد تكون قلقة علي. واتجهت للمنزل ، وتسللت إلى غرفتي بكل هدوء ، فأنا لا أريد أحدا أن يحس بعودتي. دخلت غرفتي ، خلعت ملابسي ، مستعدا لراحة طويلة ، بعد هذه الرحلة الشاقة والمخيفة، ولكن روح حبيبتي كانت بانتظاري. " أنا آسفة على التأخير ، فقد أخذني النوم في جسد حبيبتك ، ولم استيقظ إلا وأنت قد غادرت المقبرة؟ ، قلت لها حصل خير ، المهم ، الله يرحم والديك ، خليني الآن أنام . قالت ، "وأنا لمن تتركني" ، ياوالله النشبة ، وين الله جاب لي هذي !!! ، خلاص أقترح عليك تدخلين في قلبي ، كما كنت سابقا ، وبعد ما أرتاح ، تطلعين ، وأنا مستعد أنفذ كل ما تريدين. ونمت ، ولم أدري بنفسي إلا وأنا على سرير ، ليس بسريري ، ويدي مربوطتان إلى السرير ، رفعت رأسي ، فإذا أنا في غرفة صغيرة إضاءتها سيئة ، وجدرانها مبطنة بما يشبه الجلد ، صرخت "ياهوه .. ياللي هنا ، وما هي إلا لحظات وإذا برجل ضخم الجثمة تدل هيئة ملابسه على أنه طبيب أو ممرض ، قال لي "الحمد لله على السلامة!!، أي سلامة وانتم مربطيني كذا ، قال "مرحلة صعبة والحمد لله عدّت" ، وفك يدي ، وبدأ يقص علي ، كيف احضرت إليهم بواسطة الشرطة بعد مضاربة
مع عمال ، في السوق ، وكيف كنت متهيجا ، وبعد تحليل دمي ، تبين أن به آثار مادة مهلوسة ، وكيف أنه تم إعطائي الأدوية المناسبة ، لمنع آثارها ، ثم سألني " منذ متى وأنت تتعاطى تلك المادة؟" ،وصرخت فيه ، أي مادة ، تتكلم عن ماذا ؟ ابستم لي وأخذني إلى غرفة أخرى مرتبة ونظيفة ، وكان
دكتور بإنتظاري . وبعد عدة أسئلة وأجوبة ، قال : تذكر ، جميع الأدوية التي أخذتها الليلة الماضية. يا دكتور أنا ما أخذت إلا حبه واحدة أعطاني إياها واحد عند الصيدلة ونا رايح أشتري بندول ، وقال هذه تغنيك عن كل البندول لمدة اسبوع على الأقل ، وأيضا قال إنها تقوي الذاكرة ، وتهدي أعصابك.
قال الدكتور ، بس هي الحبة المهلوسة ، وهي محظورة دوليا ، لكن تجار المخدرات يروجونها بين الشباب ، سواءا بواسطة السباب أنفسهم أو بواسطة بعض المدعين بالتخصص في الأدوية ، قلت له نعم ، لقد كان شابا ظريفا ، وكلامه كان مقنعا ، والذي جعلني أصدقه أكثر إنه منا وفينا ، يعني من
نفس البلدة. قال الدكتور : " الحمد لله على السلامة ، هذه المرة أتت سليمة ، ولو كررت الجرعة بحبة اخرى لدخلت في هلوسة أبدية ، فانتبه لنفسك ، ولا تأخذ أية أدوية ، إلا ممن تثق به ، فمروج المخدرات يدفعها إليك في البداية مجانا ، أو بثمن بخس ، لعلمه أنك ستدمن عليها ، ثم يفرض عليك مستقبلا مايريده ولا تستطيع رفض طلباته ، لحاجتك الملحة والشديدة للمادة المخدرة" شكرت له وللمستشفى جهودهم وعدت إلى منزلي.