المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كذبات أمي الثمانيه ..؟؟!!


الصفحات : [1] 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16

نفحات حساسة
21-12-2009, 11:22 AM
كذبات أمي الثمانيه ..؟؟!!





ليس دائما ً: تقول أمي الحقيقة !!..
ثماني مرات : كذبت أمي عليّ !!!...
تبدأ القصة عند ولادتي ، فكنت الابن الوحيد في أسرة شديدة الفقر
فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا ....
وإذا وجدنا في يوم من الأيام بعضا ًمن الأرز لنأكله ويسد جوعنا :
كانت أمي تعطيني نصيبها .. وبينما كانت تحوِّل الأرز من طبقها إلى
طبقي كانت تقول : يا ولدي تناول هذا الأرز ، فأنا لست جائعة ..

وكانت هذه كذبتها الأولى



وعندما كبرت أنا شيئا قليلا كانت أمي تنتهي من شئون المنزل
وتذهب للصيد في نهر صغير بجوار منزلنا ، وكان عندها أمل أن
أتناول سمكة قد تساعدني على أن أتغذى وأنمو ، وفي مرة من
المرات استطاعت بفضل الله أن تصطاد سمكتين ، أسرعت
إلى البيت وأعدت الغذاء ووضعت السمكتين أمامي فبدأت
أنا أتناول السمكة الأولى شيئا فشيئا ، وكانت أمي تتناول
ما يتبقى من اللحم حول العظام والشوك ، فاهتز قلبي لذلك ،
وضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها ، فأعادتها أمامي فورا وقالت
:يا ولدي تناول هذه السمكة أيضا ، ألا تعرف أني لا أحب السمك ..

وكانت هذه كذبتها الثانية



وعندما كبرت أنا كان لابد أن ألتحق بالمدرسة ،
ولم يكن معنا من المال ما يكفي مصروفات الدراسة ،
ذهبت أمي إلى السوق واتفقت مع موظف بأحد محال الملابس
أن تقوم هي بتسويق البضاعة بأن تدور على المنازل وتعرض
الملابس على السيدات ، وفي ليلة شتاء ممطرة ، تأخرت أمي
في العمل وكنت أنتظرها بالمنزل ، فخرجت أبحث عنها في الشوارع المجاورة ،
ووجدتها تحمل البضائع وتطرق أبواب البيوت ، فناديتها : أمي ،
هيا نعود إلى المنزل فالوقت متأخر والبرد شديد وبإمكانك
أن تواصلي العمل في الصباح ، فابتسمت أمي وقالت لي
: يا ولدي.. أنا لست مرهقة ..

وكانت هذه كذبتها الثالثة



وفي يوم كان اختبار آخر العام بالمدرسة ، أصرت أمي على الذهاب معي ،
ودخلت أنا ووقفت هي تنتظر خروجي في حرارة الشمس المحرقة ،
وعندما دق الجرس وانتهى الامتحان خرجت لها فاحتضنتني
بقوة ودفء وبشرتني بالتوفيق من الله تعالى ،
ووجدت معها كوبا فيه مشروب كانت قد اشترته لي كي أتناوله
عند خروجي ، فشربته من شدة العطش حتى ارتويت ،
بالرغم من أن احتضان أمي لي : كان أكثر بردا وسلاما ،
وفجأة نظرت إلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه ،
فأعطيتها الكوب على الفور وقلت لها : اشربي يا أمي ، فردت :
يا ولدي اشرب أنت ، أنا لست عطشانة ..


وكانت هذه كذبتها الرابعة



وبعد وفاة أبي كان على أمي أن تعيش حياة الأم الأرملة الوحيدة ،
وأصبحت مسئولية البيت تقع عليها وحدها ، ويجب عليها
أن توفر جميع الاحتياجات ، فأصبحت الحياة أكثر تعقيدا وصرنا نعاني الجوع ،
كان عمي رجلا طيبا وكان يسكن بجانبنا ويرسل لنا ما نسد به جوعنا ،
وعندما رأى الجيران حالتنا تتدهور من سيء إلى أسوأ ،
نصحوا أمي بأن تتزوج رجلا ينفق علينا فهي لازالت صغيرة ،
ولكن أمي رفضت الزواج قائلة : أنا لست بحاجة إلى الحب ..

وكانت هذه كذبتها الخامسة



وبعدما انتهيت من دراستي وتخرجت من الجامعة ،
حصلت على وظيفة إلى حد ما جيدة ، واعتقدت أن
هذا هو الوقت المناسب لكي تستريح أمي وتترك لي مسؤولية
الإنفاق على المنزل ، وكانت في ذلك الوقت لم يعد لديها من الصحة
ما يعينها على أن تطوف بالمنازل ، فكانت تفرش فرشا في السوق
وتبيع الخضروات كل صباح ، فلما رفضت أن تترك العمل خصصت لها جزءا من راتبي ، فرفضت أن تأخذه قائلة : يا ولدي احتفظ بمالك ، إن معي من المال ما يكفيني ..

وكانت هذه كذبتها السادسة



وبجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة الماجيستير ،
وبالفعل نجحت وارتفع راتبي ، ومنحتني الشركة الألمانية
التي أعمل بها الفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا ،
فشعرت بسعادة بالغة ، وبدأت أحلم ببداية جديدة وحياة سعيدة ،
وبعدما سافرت هيأت الظروف ، اتصلت بأمي أدعوها لكي تأتي للإقامة معي ،
ولكنها لم تحب أن تضايقني وقالت : يا ولدي ..
أنا لست معتادة على المعيشة المترفة ...

وكانت هذه كذبتها السابعة



كبرت أمي وأصبحت في سن الشيخوخة ، وأصابها مرض السرطان اللعين ،
وكان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها ، ولكن ماذا أفعل فبيني
وبين أمي الحبيبة بلاد ، تركت كل شيء وذهبت لزيارتها في منزلنا ،
فوجدتها طريحة الفراش بعد إجراء العملية ، عندما رأتني حاولت أمي
أن تبتسم لي ولكن قلبي كان يحترق لأنها كانت هزيلة جدا وضعيفة ،
ليست أمي التي أعرفها ، انهمرت الدموع من عيني ولكن أمي حاولت أن تواسيني فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر بالألم ...

وكانت هذه كذبتها الثامنة

وبعدما قالت لي ذلك ، أغلقت عينيها ، فلم تفتحهما بعدها أبدا ...

إلى كل من ينعم بوجود أمه في حياته :
حافظ على هذه النعمة قبل أن تحزن على فقدانها ...
وإلى كل من فقد أمه الحبيبة :
تذكر دائما كم تعبت من أجلك ، وادع الله تعالى لها بالرحمة والمغفرة